عربي21:
2025-05-02@03:22:37 GMT

الحزب الخفي.. كوابح السلطة وصراع المصالح في عهد ترامب

تاريخ النشر: 13th, February 2025 GMT

يبدو أن العاصفة السياسية التي أحدثها دونالد ترامب في بداية ولايته ليست إلا موجة مؤقتة في محيط من التوازنات العميقة التي تحكم السياسة الأمريكية. فبينما يستغل القادة الجدد لحظة الاندفاع الأولى لترسيخ نفوذهم، تبقى البيروقراطية أحد أهم العوامل التي تكبح جماح هذا الحماس المتفجر. إنها ليست مجرد جهاز إداري، بل منظومة متشابكة من المصالح والهياكل العتيقة التي تملك من النفوذ ما يكفي لاحتواء أي زعيم مهما بلغ طموحه أو جموحه.



البيروقراطية كخط الدفاع الأول

يحاول ترامب أن يستثمر حالة الإبهار الأولي قبل أن تتلاشى، سواء داخل الولايات المتحدة أو على المستوى الدولي. لكن سرعان ما تتحرك قوى غير مرئية، غالبًا ما تشكلها النخب الاقتصادية الفوق وطنية، لفرض توازن جديد عبر أدواتها المتغلغلة في مفاصل الدولة. هذا "الحزب الخفي"، المتمثل في تحالف المصالح الاقتصادية والسياسية العميقة، بتحريك أدواته النافذة لحماية مصالحه ف“توجيه السهام في كل اتجاه سيُتعب الرماة الجدد”،  فالمواجهة المفتوحة مع مراكز القوى المختلفة قد تؤدي إلى استنزاف الإدارة الجديدة بدلًا من تحقيق أهدافها.

لم تعد الهيمنة العسكرية التقليدية الوسيلة الوحيدة لترسيخ النفوذ، فالصين قدمت لترامب وإدارته الجديدة درسًا قاسيًا حول طبيعة السلطة في “عصر ما بعد الرقمية”. لم تعد المعارك تُحسم بالقوة العسكرية فقط، بل عبر الاقتصاد والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. فحادثة تطبيق “Deekseek”، التي تسببت بخسائر اقتصادية هائلة تقدر بالتريليونات، كانت رسالة واضحة بأن هناك أدوات جديدة يمكنها ضرب قلب الاقتصاد الأمريكي دون الحاجة إلى المدافع والطائرات.وليست هذه الظاهرة جديدة في السياسة الأمريكية؛ فعندما تولى رونالد ريغان السلطة، بشّر بثورة  ريغان، لكنها سرعان ما تآكلت تحت وطأة المصالح المتجذرة التي أعادت التوازن لصالح القوى التقليدية. وبالمثل، يبدو أن إدارة ترامب ستواجه المصير ذاته، حيث يزداد تصاعد المواجهة بين حماسته الأولية والحقائق الصلبة التي تفرضها البيروقراطية وصراع المصالح.

ساحات القضاء والمعركة الكبرى

ما بدا كاضطراب سياسي بدأ يترجم إلى حراك قانوني واسع، حيث بدأ العديد من المتضررين من هذه القرارات التعبير عن رفضهم في الشوارع من خلال الإحتجاجات كموظفي وكالة التنمية الأمريكية ، وهذا الحراك بلا شك سوف ينتقل إلى المحاكم لتكون ساحات المحاكم واحدة من أقوى أدوات الكبح التي ستواجه ترامب وإدارته، كما حدث في قرارات ترامب بمنع دخول مواطني بعض الدول في ولا يته السابقة، وبينما تتحرك الشوارع الأمريكية ضد سياساته، تبدو المواجهة القانونية أشبه بحرب استنزاف طويلة الأمد، حيث ستستخدم المؤسسة القضائية لفرملة أي انحراف عن التقاليد السياسية الراسخة.

القوى التقليدية

يعد الصراع بين قوى السوق الصاعدة وأصحاب المصالح التقليديين أحد العوامل التي يمكن أن تفرمل قرارات ترامب، حتى عندما تبدو جريئة وحاسمة. يتجلى هذا الصراع في تعيين شخصيات مثل إيلون ماسك، الذي يمثل نموذجًا جديدًا للنخبة الاقتصادية الساعية لتجاوز الأطر التقليدية. لكن هذا التحول أثار قلق مراكز النفوذ الراسخة، التي رأت فيه تهديدًا للاستقرار القائم. ورغم أن ترامب دعم الرأسماليين الجدد، إلا أن النخب التقليدية—المتمثلة في اللوبيات، والمؤسسات المالية، والبيروقراطية العميقة—تمتلك أدوات ضغط هائلة، مثل الكونغرس والإعلام والقضاء، تمكنها من عرقلة أو تعديل سياساته بما يحفظ مصالحها. وهكذا، فإن التغيير في المشهد السياسي والاقتصادي الأمريكي ليس مجرد قرار فردي، بل معركة نفوذ تخضع لحسابات معقدة.

ما بعد القوة.. عصر التوازنات الجديدة

لم تعد الهيمنة العسكرية التقليدية الوسيلة الوحيدة لترسيخ النفوذ، فالصين قدمت لترامب وإدارته الجديدة درسًا قاسيًا حول طبيعة السلطة في “عصر ما بعد الرقمية”. لم تعد المعارك تُحسم بالقوة العسكرية فقط، بل عبر الاقتصاد والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. فحادثة تطبيق “Deekseek”، التي تسببت بخسائر اقتصادية هائلة تقدر بالتريليونات، كانت رسالة واضحة بأن هناك أدوات جديدة يمكنها ضرب قلب الاقتصاد الأمريكي دون الحاجة إلى المدافع والطائرات.

لقد دخل العالم عصرًا مختلفًا، حيث من يملك أدوات الاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي هو من يمتلك زمام المبادرة، بغض النظر عن القوة العسكرية التقليدية. ترامب قد يكون عابرًا، لكن التغيرات التي كشف عنها ستظل قائمة، لتعيد تشكيل النظام العالمي وفق قواعد جديدة، ليس للبيت الأبيض وحده القدرة على صياغتها.أما القضايا الدولية التقليدية، مثل فلسطين (غزة والضفة الغربية)، وخليج المكسيك، وبنما، وجرينلاند، فقد أصبحت مواجهات خارج منطق العصر. فترامب، الذي يفتقر إلى غطاء قانوني وأخلاقي في العديد من سياساته، يواجه عالماً بات أكثر وعيًا، حيث لم تعد الدعاية وحدها كافية لحشد التأييد الشعبي للقرارات المثيرة للجدل ، فإسرائيل فقدت صورتها التى  رسمتها منذ نشأتها في حرب غزة ، بسبب فاعلية وسائل التواصل الاجتماعي ، وقوتها وسلطتها الجديدة ، كم فقدت جزء كبير من قوتها العسكرية والإقتصادية ، فلم تعد القوة التقليدية والحرب نزهه ، دون مخاطر كبيرة ، خاصة في القوة المعنوية والقيمية ،ولذا يدرك الكثيرون من المحيطين بـ "ترامب " مخاطر ما برز به ترامب  في ايامة الاولي، أمام العالم. 

النظام العالمي أمام اختبار جديد

يبدو أن عهد ترامب يمثل مفترق طرق للولايات المتحدة والعالم بأسره. لم تعد واشنطن قادرة على فرض رؤيتها بالقوة وحدها، فقد تآكلت هيمنتها نتيجة التغيرات الهيكلية في الاقتصاد العالمي وصعود قوى جديدة قادرة على توجيه ضربات مؤلمة بوسائل غير تقليدية. في أفغانستان، وغزة، والعراق، أثبتت الشعوب أن الأدوات المتاحة اليوم لم تعد حكرًا على القوى العظمى، بل أصبحت في متناول الجميع.

لم تعد أمريكا قادرة على الاستمرار في القمة بالاعتماد على الشعارات القديمة حول الليبرالية والحداثة وحقوق الإنسان. لقد دخل العالم عصرًا مختلفًا، حيث من يملك أدوات الاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي هو من يمتلك زمام المبادرة، بغض النظر عن القوة العسكرية التقليدية. ترامب قد يكون عابرًا، لكن التغيرات التي كشف عنها ستظل قائمة، لتعيد تشكيل النظام العالمي وفق قواعد جديدة، ليس للبيت الأبيض وحده القدرة على صياغتها.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ترامب سياساته امريكا رأي سياسات ترامب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة رياضة رياضة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العسکریة التقلیدیة والذکاء الاصطناعی القوة العسکریة لم تعد

إقرأ أيضاً:

كارني يعلن فوزه بانتخابات كندا ويعد بالجلوس مع ترامب على مبدأ دولتين

أعلن زعيم الحزب الليبرالي الكندي، رئيس الوزراء مارك كارني فوزه في الانتخابات العامة، موجها رسائل لأنصاره من بينها نيته الجلوس مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، دونالد ترامب لمناقشة العلاقات الاقتصادية والأمنية "وفقا لمبدأ دولتين ذواتي سيادة".

وأضاف كارني أنه يتطلع إلى العمل "بشكل بناء" مع جميع الأحزاب في بلاده، في حين أقر زعيم حزب المحافظين في كندا بيار بوالييفر، بهزيمته وهنأ الحزب الليبرالي على فوزه في الانتخابات الفدرالية.

ومارك كارني (60 عاما) هو رئيس وزراء كندا منذ مارس/آذار الماضي، وتصفه تقارير بحديث العهد في السياسة، لكن لديه خبرته الاقتصادية، إلى جانب تحديه للرئيس ترامب، متعهدا بالرد على الرسوم الجمركية ورفض ضم كندا.

وكانت هيئة الإذاعة الكندية توقعت فوز الحزب الليبرالي بأغلبية مقاعد مجلس العموم، على أن يشكل زعيمه ورئيس الوزراء الحالي مارك كارني الحكومة المقبلة.

وقد شغل الرئيس الأميركي دونالد ترامب المرشحين والناخبين الكنديين بعد إعلان عزمه ضم كندا إلى الولايات المتحدة، وفرض رسوم جمركية على أهم صادراتها.

ورأت تقارير أن مواقف ترامب حيال كندا دفعت بملف السيادة والاستقلال الاقتصادي إلى الواجهة في الانتخابات الجديدة، فارتفعت فرص الليبراليين لقيادة الحكومة، حسب أحدث استطلاعات الرأي، بعدما ظن المحافظون أنهم على بعد انتخابات من السيطرة على مجلس العموم.

إعلان

وقد انطلقت الانتخابات الفدرالية المبكرة في ظل أجواء مشحونة عكست فيها الحملات الانتخابية خلافات حادة بين الحزب الليبرالي الحاكم وحزب المحافظين المعارض.

وتمثلت أبزر الخلافات في 3 قضايا أسياسية، هي تدهور الاقتصاد بالدرجة الأولى خلال السنوات الأخيرة، والسياسات الخارجية، لا سيما العلاقات المتوترة وغير المسبوقة مع الجارة الأميركية وآليات التعامل معها، فضلا عن موقف الأحزاب من حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، الذي يشكل المعيار الأهم لأصوات المسلمين.

وسبق أن تعهد زعيم حزب المحافظين في كندا بيار بوالييفر خلال حملته الانتخابية بترحيل الأجانب الذين يثيرون "الكراهية"، معتبرا أن المسيرات التي ينظمها المتظاهرون المؤيدون للفلسطينيين تسهم في زيادة "معاداة السامية".

مقالات مشابهة

  • هاريس تهاجم سياسات ترامب وقد تصبح مرشحة رئاسية في الانتخابات المقبلة
  • هاريس تعود للساحة السياسية وتهاجم ترامب
  • الوزير الشيباني: إن أي دعوة للتدخل الخارجي، تحت أي ذريعة أو شعار، لا تؤدي إلا إلى مزيد من التدهور والانقسام، وتجارب المنطقة والعالم شاهدة على الكلفة الباهظة التي دفعتها الشعوب جراء التدخلات الخارجية، والتي غالباً ما تُبنى على حساب المصالح الوطنية، وتخدم أ
  • كندا.. الليبراليون يحتفظون بالسلطة وسط تصاعد التوترات مع ترامب
  • ماذا يريد مسلمو كندا من رئيس الوزراء كارني؟
  • هذه هي عصا الاقتصاد السحرية التي أخضعوا بها الشعوب
  • الكونغرس الأمريكي: من مؤسسة رقابية إلى شاهد زور على تغول السلطة
  • كارني يعلن فوزه بانتخابات كندا ويعد بالجلوس مع ترامب على مبدأ دولتين
  • الحزب الليبرالي يفوز بالانتخابات التشريعية في كندا.. يتزعمه رئيس الوزراء
  • كندا.. رئيس الوزراء يعلن فوز حزبه في الانتخابات التشريعية