#الاحتقان يتعاظم !
المهندس: عبد الكريم أبو #زنيمة
بات مؤكداً أن كل ما قيل عن #الاصلاحات هو مجرد استثمار للوقت لإقرار المزيد من التشريعات المكممة لأفواه المطالبين بها، وتتويجًا لتلك التشريعات أُقر #قانون_الجرائم #الالكترونية الذي يلقى سخطا شعبيًا وتنديدًا دوليًا واسعًا، هذا القانون هو النقيض الواضح والجلي لكل ما هو ديمقراطي ، فبدلاً من تشديد التشريعات التي تقطع دابر الفاسدين واللصوص والمتآمرين على الوطن وشعبه وتجار المخدرات والمهربين، نجد أن السلطة الحاكمة لا تتصدى إلا للذين يتشبثون بوطنهم وكرامتهم وسيادتهم ، لذلك تُغلَظ العقوبات على كل من ينتقد ويعارض نهج الفساد ، لقد أوصل نهج الفساد المالي والإداري والمحسوبية وغياب الشفافية والمحاسبة والتفرد بالسلطة الى سلب الارادة الوطنية وتفشي الجوع والفقر والمخدرات وغيرها، وحوّل الأردن الى ما يشبه شركة خاصة يشرف على إدارتها هيئة مديرين من مجموعة من الدول الاجنبية ، للأسف فان مواردنا ومقدرات وطننا لم تعد بايدينا .
طال انتظارنا لوعود بإصلاحاتٍ ستنتشلنا من قعر مستنقع العوز والفقر والاستجداء لنكتشف ونتيقن بأنها لن تأتي وأن كل التعديلات الدستورية وقوانين الإصلاحات السياسية لا معنى ولا قيمة لها في ظل غياب القرار الوطني بل أن هناك تكريس لنهج الفساد الذي بات يصعب إصلاحه طوعيًا خاصةً وفي ظل تعزيز حمايته ، وبذلك أُفرغت الدولة من مفهومها ومضمونها كدولة مؤسسات ولجأت الى الخيارات الامنية التي قد تؤجل الازمة لكنها لن تحلها؛ فهناك احتقان شعبي يتعاظم كل يوم،
فالتغني بالديمقراطية ودولة المؤسسات والشفافية يفتقر للموضوعية في ظل قوانين تكميم الأفواه التي تفضح هذه الادعاءات وتعري صدقيتها ، فعقل السلطة الحاكمة لم يخرج من نمطيته الامنية وسلوكه وممارساته فهو لا يستوعب ولا يستمع للرأي الوطني المعارض لنهجه بل يُمعن في نعته بأوصاف أقلها السوداوية ! هذه المعارضة التي تعبر عن الغيرة على السيادة والمصالح الوطنية وتجاهر بعدائها للاتفاقيات الاقتصادية والسياسية والعسكرية والامنية الغامضة التي اُبرمت بغياب الارادة الشعبية وعلمها وأرادتها !
ان ادارة الدولة من قبل فئة محدودة وتوارثها الحكم وتوريثه واستقطابها الفاسدين في أجهزة الدولة المختلفة ورعايتها لفئة المتسولين والمتسلقين ” السحيجة” وتورط معظم كبار المسؤولين في الفساد بأشكاله المختلفة قد سهّل السطو على المال العام الذي أصبح مستباحًا، مما ادى الى انهيار كافة القطاعات وخاصة الانتاجية منها وبذلك أصبحت الدولة غير قادرة على حماية مصالحها الوطنية وضعفت قدرتها بشكل واضح على رعاية شعبها، هذا الانحطاط وكل ما يرافقه من فشل في تحقيق اية انجازات تذكر أصبح حديث الشارع الاردني وسخطه ، لذلك تلجأ السلطة الحاكمة “مؤسسة الفساد” الى التشبث بنهجها وتعمل على حمايته من خلال سن التشريعات العرفية وتغليظ العقوبات على كل من يعارضها وينتقدها ويتصدى لها ! ومن هنا تتسع الفجوة يوماً بعد يوم بين الشعب ومؤسسة العرش التي يحرص الشعب الأردني على ديمومتها .
اليوم نحن أحوج ما يكون لاعادة النظر بكل السياسات الفاشلة المبرمجة والممنهجة التي اوصلتنا الى هذه التهلكة ، علينا العمل بكل جدية للمحافظة على وطننا وعلى استقلاله وسيادة إرادته وأن نعمل على وقف انهيار الدولة و مؤسساتها وبناء دولة القانون و المؤسسات وهذا يتطلب بتر الفساد والمفسدين ، فالتغيير الايجابي الذي ينشده الاردنيون يتطلب استجابة مؤسسة العرش لمطالب الشعب المحقة، لا سيما وأن طابعها سلمي بحت، اعادة بناء دولة القانون والمؤسسات ودولة النماء والانتماء يلزمه بيئة سياسية ديمقراطية أساسها الشعب مصدر السلطات ، ما ينقذ البلاد والعباد هو تبني اصلاحات حقيقية لا الالتفاف عليها ، الولاء للوطن لا للأفراد ، الكفاءة والنزاهة والرجل المناسب في المكان المناسب لا شراء الذمم والتزييف والتزوير والمحسوبية ! تبني السياسات الوطنية لا السياسات المفروضة وللاسف نحن بعيدون جداً عنها!
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: الاصلاحات قانون الجرائم الالكترونية
إقرأ أيضاً:
عفة القائد وفساد الزبانية ..!
بقلم : حسين الذكر ..
إن ( التقوى أصل الفضيلة وأساس الايديولوجيا للمجتمع الصيني قديما وحديثا ).. لم تقم النهضة والحضارة الصينية الا على هذا الوجدان من خلال احترام القيم الاسرية … فلا تقوى للمجتمع الذي لا احترام للوالدين فيه .. هكذا قال المعلم كونفوشيوس الذي علم طلابه ورسله الى جميع المدن الصينية يعلمون التقوى كفلسفة لا بد منها .. والوالدان هما المثل والقيمة العليا التي بمجملها تمثل الفضيلة .. ومن طريف ما يذكر هنا : ( حتى الان ينظر في المحاكم الصينية الى انزال عقوبة الطلاق بالمرأة لاسباب عدة منها عدم طاعة والدي الزوج او ان تكون الزوجة ثرثارة ) .
خلال فترة حكم المامون حدثت مشكلة مع انها لونية او رمزية لكن دلالاتها وصنع ما يحاك من خلالها له أهمية تذكر وما زال فعلها مؤثراً حتى اليوم .. اذ شكا الخليفة المامون لدى وزيره بان محبي الامام الرضا اخذوا يلبسون اللون الأخضر المخالف للون الدولة العباسية المعروف بالاسود .. فما كان من الوزير فضل بن سهل الا ان اقترح ان يكون لون القصر واللباس الرسمي اخضرا .. فوافق الخليفة وانتشر الخبر وطغى اللون على جميع المؤسسات ورجال الدولة في واقعة لا يمكن ان تمر وتعبر دون تدقيق فيما يعني اللون العاكس للسلطة والقوة .. اذ ان الكثير من الألوان يستخدمها البعض بصورة غير شرعية مما يعكس مدى تسلط اللون الطاغي اكثر من جميع شعارات السلطات الأخرى .
(إذا صلح القائد فمن يجرؤ على الفساد ؟ ) هكذا قال كونفوشيوس قبل الاف السنين .. كذا قال فيلسوف الاسلام ترجمانه النظري والعملي علي بن ابي طالب (عفة الجنود من عفة قائدهم ) ..
ان المؤسسات لا تفسد الا عبر مسؤول افسد .. لذا فان كثيراً من مفاصل الدولة في زمن بعض الدكتاتوريات الدخيلة على الأمم تبقى سالمة برغم فساد راس السلطة … السبب يكمن في ان على راس ادارتها موظفين عرفوا بالنزاهة بعيدا عن التلوث بالوان السلطة وشعاراتها الزائفة واستغلالها للرمزية بشكل مُخز ..
في الدساتير الخاصة بالدولة الحضارية التي تاسست بعد ثورات كبرى وما زالت دولاً عظمى او تدور بهذا الفلك .. سيما في سياساتها الداخلية .. نجد ان الضرائب هي اول واهم بنود الدستور واخطرها مهمة اذ تعتمد أسس الدولة والشعب على إدارة ملف الضرائب الذي يبحثون له في كل المؤسسات ومفاصل الدولة عن موظفين على مستوى عالٍ من النزاهة والمعرفة والوطنية والولاء … كي يحافظوا على أموال الدولة وشرف السلطة الحاكمة وحقوق الشعب وهذا هو الأهم ..
في التاريخ الصيني يقال ان هناك اغنية انتشرت في حقبة زمنية ما على لسان الفقراء و الفلاحين مطلعها : ( فار ضخم … فار ضخم … ) اريد بها أولئك الموظفون الذين يرسلهم الملك لجباية الضرائب من الفلاحين وفقراء الشعب .. ممن اخذوا يستغلون ويستخدمون السلطة لانتزاع الأموال لمصالحهم الشخصية وبطونهم المتكرشة ونزواتهم العاهرة .. ولا يذهب لميزانية الدولة الا رسوم شحيحة زادت من بؤس الشعب واضعفت أجهزة الحكومة وضاعفت من نقمة الشعب وادت الى ثورة كبرى اقتلعت السلطان وزبانيته .