لماذا لا تهتم الدولة السودانية بثرواتها القومية البشرية .. د. معاذ تنقو مثالا؟
تاريخ النشر: 22nd, August 2023 GMT
في مناسبة عزاء مأساوي، من مآسي الحرب العبثيةـ المصيرية، حيث استشهد الفقيد بقذيفة غاشمة، سلمت روحه الطاهرة إلى بارئها إمام منزله بأبو سعد ــ مربع 18 قبل ثلاثة أسابيع، خلال تلك المناسبة المحضورة، لمحنا شبح خبير الحدود السودانية الفذ د. معاذ تنقو، دون سابق معرفة أنه معنا هنا في المملكة المتحدة، فحصنا المشهد المزدحم بالحضور، باحثين عن حرس شخصي يحيط بالرجل "الرمز"، ولما لم نجد ما توقعناه، استبعدنا تخيلاتنا، إلاّ أننا سألنا أحد الأخوة المقيمين في المدينة محل العزاء، فأكد لنا أنه هو بشحمه ولحمه.
هرولنا خلفه مع من كان معنا، قبل أن يختفي وسط الزحام، تعرفنا عليه، وعرفناه بأنفسنا، رويدا رويدا، كبر العدد الملتف حوله، وأبلغناه عن دهشتنا بحضوره، فابتسم قائلا: هذه مدينتي منذ زمن! استقطعنا زمنا من وقته الثمين، لتدوين أرقام هواتفه، فاستجاب على مضض، بادياً الرحابة على محياه. يبدو الرجل أكثر شباباً مما يظهر مهيبا على الشاشات البلورية.
ظننا أن أمثال الخبير د. معاذ تنقو، والذين يصنفون بكل المعاير، على أنهم ثروات قومية لشعوبهم، يتمتعون بحراسات مشددة، ويخضعون لبروتكولات صارمة، تحسبا للخطورة البالغة المحّدقة بهم، من قبل الأعداء الدوليين، المتربصين بحدودنا المغتصبة، ذلك أن الخبير الدكتور معاذ تنقو، يعتبر رأس الرمح، في ميادين المعارك المفتوحة مع الدول المحتلة لأراضينا، والمهددين لأمننا القومي، وهم أكثر من دولة، عاتية، وغادرة.
بالإضافة إلى علمه الدقيق والموسوعي في مجال الحدود، والقانون الدولي، وامتلاكه المعلومة الصحيحة، واطلاعه الواسع على الوثائق التاريخية الخاصة بحدودنا، فالرجل يتمتع، بقوة شخصية، وثقة منقطعة النظير في معلوماته، ويمتاز بمهارة ربط الأحداث المتسلسلة، بصورة ليست لها مثيل وسط المؤرخين السودانيين.
لولا "سبهللية" الدولة السودانية، دولةــ56 لفُرض على رئيس مفوضية الحدود، الخبير والعالم معاذ تنقو بروتكولات رجالات الدولة الدستوريين، بل نعتقد أنه أهم من رأس الدولة ذات نفسه، لما يحفظه في دماغه الكبير من معلومات وحقائق، غاية الأهمية لأمننا القومي، ومصير أراضينا المحتلة شرقا وشمال، والمتنازع عليها جنوباً.
ما توقعنا أن مثله، يغشى العزاءات، ويمشي بين الناس، هكذا على السجية، بدون حراسة مشددة! وبدون بروتكولات حذرة، في مطعمه، وتواصله مع العامة، وتحجيم الفترات القياسية لظهوره مكشوفا. حدثنا أحد الزملاء الأفاضل، عن إهمال الدولة السودانية، للخبير د.معاذ تنقو، فأكد لي أن أحد الناشطين "اللايفاتية" نبه إلى هذه النقطة، فتأكدنا، أن مخاوفنا في محلها، وأن تقديراتنا سليمة.
ليس كل من يمتلك معلومة قيّمة، ويدخر معارف نادرة، باستطاعة توظفيها، واستخدامها بالشكل الصحيح والطريقة المثلي، ولكن كل من استمع للخبر معاذ تنقو، وهو يبارز الخصوم عبر المناظرات المفتوحة، بلا شك اكتظت الدهشة في محاجر عيونهم، وصفقوا له لا شعورياً، للحضور الأنيق، والثقة المطلقة، وذرابة اللسان، وهو دائماً يفاجئ خصومه بما لا يعرفونه، وعلى الدوام، لديه بيت شعر يضيفه لمعارفهم، وفي كافة المواقف، لا تستغرب أن يكون للخبير معاذ حَجَره الصلد جاهزا، ليلقمه من يتنطّع، ولمن يحاول الحذلقة أو الفذلكة. لا نبالغ إن قلنا أن الخبير معاذ تنقو يمتلك ناصية السلطة المعرفية، ومهارة على الإقناع بصورة غير مسبوقة.
في تقديرنا، أن موقف الدولة السودانية، من العلماء والخبراء الاستراتيجيين، الحقيقين وليس الأدعياء، ينبغي أن يكون موقفا ثابتا، لا يتأرجح بتأرجح الحكومات، ولا تقلبات الأنظمة، ذلك أن العلاقة بين السلطة والمعرفة ينبغي أن تظل موضوعًا مركزيًا في العلوم الاجتماعية، حسبما يرى الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو. وهو يرى أن المعرفة يمكن أن تمنح الشخص سيطرة أكبر على الناس والأشياء في هذا العالم.
على القنصلية السودانية بلندن، أن توفر الحماية اللصيقة للخبير د. معاذ تنقو، رئيس مفوضية الحدود السودانية، وعليه، أن يضع "ماسك" على وجهه، حتى من دون بأس، عند اللزوم، من باب الحيطة والحذر.
والله يحفظكم د. معاذ تنقو، ويرعاكم ذخراً للبلد، ورمحاً فاتكاً للأعداء المتربصين بحدودنا المبذولة لدول الجوار دون حراسة أمنية.
ebraheemsu@gmail.com
//أقلام متّحدة ــ العدد ــ 112//
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الدولة السودانیة
إقرأ أيضاً:
شيخ الأزهر: الحوار بين الأديان لم يعد ترفاً بل ضرورة وجودية لإنقاذ البشرية من براثن الجهل
أكد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، أن الحوار بين الأديان والثقافات لم يعد اليوم ترفاً بل ضرورة وجودية لإنقاذ البشرية من براثن الجهل وسوء الفهم، مشددا على ضرورة توحيد الصفوف لبناء جسور التفاهم علي أنقاض الجهل والغطرسة والكراهية.
جاء ذلك في بيان ألقاه السفير أسامة عبد الخالق مندوب مصر الدائم لدي الأمم المتحدة بنيويورك، نيابة عن فضيلة الإمام الأكبر أمام جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة للاحتفال باليوم العالمي لمكافحة الإسلاموفوبيا.
وقال شيخ الأزهر: إن عقد الاجتماع جاء تتويجاً لجهود مشكورة تحملت عبئها مجموعة الدول الإسلامية لدي الأمم المتحدة لمواجهة هذه الظاهرة اللامعقولة واللامنطقية والتي باتت تمثل تهديداً حقيقياً للسلم العالمي.. مشيرا إلى أن ظاهرة الخوف المرضي من الإسلام ما هي إلا نتاج لجهل بحقيقة هذا الدين العظيم وسماحته ومحاولات متعمدة لتشويه مبادئه التي قوامها السلام والعيش المشترك في كذبه هي الأكبر في التاريخ المعاصر استناداً لتفسيرات خاطئة واستغلال ماكر خبيث لعمليات عسكرية بشعة اقترفتها جماعات بعيدة كل البعد عن الإسلام.
وسلط البيان الضوء علي إنشاء مرصد الأزهر الشريف لمكافحة التطرف لتوضيح مفاهيم الدين الصحيحة للمسلمين ولغير المسلمين في شتي بقاع العالم وأيضاً لمواجهة الفكر المتطرف وجماعات الإرهاب وحركات العنف، ورصد أعمال العنف ضد المسلمين.. مطالبا بوضع تعريف دولي لظاهرة الاسلاموفوبيا وإنشاء قواعد بيانات شاملة ومحدثة لتوثيق الجرائم والممارسات العرقية والعنصرية ضد المسلمين، واستحداث آلية للمراقبة والتقييم لفعالية التدخلات والمبادرات الهادفة إلي مكافحة الإسلاموفوبيا.
وأشار البيان إلى إطلاق وثيقة الأخوة الإنسانية التاريخية والتي وقعها فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر مع قداسة البابا فرانسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية في أبوظبي عام 2019 وإلى ضرورة مكافحة خطاب الكراهية الذي يتسلل عبر الخطابات والممارسات اليومية في منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، وإعلاء مفاهيم الحوار والتسامح والتعايش المشترك، وإصدار تشريعات ملزمة، وإطلاق حملات توعوية تزرع بذور التسامح، وتعزز ثقافة الاحترام المتبادل مما يتيح التعاون علي صناعة خطاب قادر علي إعادة روابط التفاهم والتضامن والإخاء بين الشعوب.
وأعرب شيخ الأزهر عن التقدير للمواقف النزيهة والشجاعة لأنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة ولكلماته التي تحدث فيها عن الإسلام حديثاً منصفاً ينم عن معرفة حقيقية بهذا الدين وبتعاليمه السمحة التي تقف في مواجهة هذه الظاهرة، وتقطع الطريق على فلسفة الانجرار خلف الأحكام الجاهزة، والخضوع المهين للصور النمطية التي يحاول البعض الصاقها بالإسلام، والتي غالباً ما توظف بشكل شعبوى من قبل بعض جماعات اليمين المتطرف لتحقيق مكاسب سياسية ضيقة.
اقرأ أيضاًشيخ الأزهر يهنئ الرئيس السيسي والقوَّات المسلحة والشعب المصري بذكرى انتصار العاشر من رمضان
شيخ الأزهر: المرأة الفلسطينية ضربت المثل في الصمود والشجاعة والتمسك بالوطن
شيخ الأزهر: التاريخ سيقف طويلًا وهو يحني الرأس للمرأة الفلسطينية التي تشبثت بوطنها