صحيفة المرصد الليبية:
2025-05-03@03:46:56 GMT

بغداد بين المغول ولعنة الدم الملكي!

تاريخ النشر: 13th, February 2025 GMT

بغداد بين المغول ولعنة الدم الملكي!

بغداد – تعرضت بغداد بعد سقوطها في يد المغول في 13 فبراير 1258 إلى دمار هائل إلى درجة أن آثاره ومضاعفاته كانت ملحوظة بعد مرور قرن تقريبا حين زارها الرحالة ابن بطوطة.

حتى المؤرخ عطاء ملك الجويني الذي انضم إلى المغول وخدمهم ورافق هولاكو في بعض حملاته وكان متحيزا لهم في آرائه، كتب في وصف المشهد المرعب يقول: ” ثم أُحرقت المكتبات وقُتل العلماء… ودُمرت بغداد حتى لم يبق حجر على حجر”.

مؤرخ ثان متعاطف مع المغول هو غريغوريوس أبو الفرج بن هارون الملطي أفاد بأن “المغول قتلوا كل من في المدينة حتى الأطفال، ولم ينج إلا من اختبأ في الأنقاض… أما المسيحيون، فقد أُعطوا أعلاما بيضاء لحمايتهم”.

مؤرخ ثالث هو ابن الطقطقي كان أكثر صراحة من السابقين الاثنين، وكتب في وصف نفس المشهد قائلا: “ألقى المغول بالكتب في نهر دجلة حتى اسود الماء من حبرها، وسالت دماء القتلى في الشوارع كالأنهار… وصار الناس كالغنم يُذبحون بلا رحمة”.

مؤرخ رابع هو تقي الدين المقريزي نقل عن مصادر عاصرت الكارثة قولها إن “القتل والنهب ظلا مستمرين 40 يوما.. ودفن الخليفة تحت أنقاض قصره بعد أن سُحل جسده في الشوارع”.

الخليفة العباسي المستعصم بالله وكان الأخير، أجبر على رؤية المصائب التي تعرضت لها بغداد قبل إعدامه. تختلف الروايات حول الطريقة التي أعدمه بها هولاكو، إلا أن أشهرها أن سنابك خيول المغول داسته في 20 فبراير 1258، بعد أن لُف في بساط كي لا يسفك دمه مباشرة، لأن المغول اعتقدوا أن الدم الملكي يجلب النحس.

الرحالة رشيد الدين فضل الله الهمذاني ترك شهادة عن تلك الكارثة الكبرى فحواها أن “هولاكو أمر بقتل كل من يحمل سلاحا، وأُحرقت المكتبات لأن كتبها كانت تتعارض مع الياسا (قانون المغول).. وتحولت بغداد إلى مدينة أشباح”.

أحرق المغول المكتبات في بغداد بما في ذلك مركز المعرفة الرئيس “بيت الحكمة” الذي كان أسسه الخليفة المأمون في عام 820، إضافة إلى ستة وثلاثين مكتبة عامة أخرى كانت تحتوي على أعداد ضحمة من الكتب والمخطوطات الفريدة.

مصادر تاريخية ذكرت أن مياه نهر دجلة استحالت إلى اللون الأسود من حبر الكتب الممزقة التي رميت فيها، وإلى الأحمر من كثرة دماء الضحايا.

المغول دمروا بشكل واسع عاصمة الخلافة العباسية بغداد، وجرى إحراق العديد من المساجد والقصور والمشافي.

رافق سقوط بغداد واقتحامها بعد حصارها 12 يوما مذابح واسعة النطاق. دمرت المدينة وتمت إبادة معظم سكانها. تتراوح تقديرات أعداد القتلى بين 200000 إلى مليون شخص.

الخراب الذي بقيت مضاعفاته لقرون تمثل في تدمير منظومة الري في بغداد بشكل كامل تقريبا. أدى ذلك إلى تدهور الزراعة في جميع أرجاء المنطقة.

قنوات الري في بغداد كان عمرها وقتها ألف عام، زالت ولم يتم ترميمها مطلقا. هذا الأمر حكم على بغداد والمناطق المحيطة بها أن تبقى فارغة لأجيال وأن تتحول صروحها الحضارية إلى أطلال لعدة قرون.

أما الحرائق التي اشعلها المغول في عاصمة الحضارة العالمية في تلك الحقبة، فكان من شدتها أن هولاكو نقل مقره إلى منطقة مجاورة لأن هواء المدينة تسمم بالسخام.

هذه الأحداث الرهيبة تركت ندوبا عميقة في الذاكرة الجمعية للعالم الإسلامي، وأصبحت نقطة تحول وانقلاب حاسمة. هذا الموقف المصيري عبّر عنه المؤرخ ديفيد مورغان في كتابه “المغول” بقوله إنه: ” نهاية حقبة وحضارة، وبداية عصر جديد من الفوضى وإعادة التشكيل السياسي”.

المصدر: RT

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

إقرأ أيضاً:

الدُّب … الذي بكته السماء !

مناظير الخميس 1 مايو، 2025

زهير السراج

manazzeer@yahoo.com

* في مساء حزين غابت فيه شمس العام الماضي، صعدت روح صديقي العزيز (عزالدين علي عبدالله)، المعروف بين أصدقائه بـ"عزالدين الدب"، إلى بارئها، وعلى وجهه نفس الابتسامة التي رافقته في الحياة، كأنما كانت تعانق الموت وترحب به، فبكته السماء قبل أن يبكيه البشر، وسالت دموعها فوق مقابر عين شمس في القاهرة، حيث وُري جثمانه الثرى بعد رحلة صمود طويلة، لا يملك من يعرفها إلا أن ينحني احتراماً أمام عظمة هذا الإنسان الفريد.

* لم يكن "الدب" مجرد لقب طريف أطلقه عليه الأصدقاء في صباه بسبب امتلاء جسمه، بل صار مع الأيام رمزاً لقلب كبير يسع الدنيا، وروح مرحة، وجَنان صلب لا تهزه العواصف. ورغم إصابته بالفشل الكلوي لأكثر من عشر سنوات واعتماده على الغسيل المنتظم، لم يكن أحد يصدق أنه مريض، فقد كان صحيح البدن، قوي النفس، عالي الضحكة، حاضر النكتة، سيّال الفكرة، متوقد الذهن.

* عرفته كما عرفه غيري إنسانا مثقفا ومحدثا لبقاً، مجلسه لا يُمل، وحديثه لا يُنسى، وتحليله السياسي والاجتماعي لا يشق له غبار. كان موسوعة متحركة، لا تسأله عن شأن في السودان أو في العالم إلا وتنهال عليك منه الدهشة والإفادة. ولم يكن هذا لشغفه بالسياسة فقط، بل كان عاشقاً للفن والشعر والغناء، يحفظ القصائد والأبيات والأغاني ومَن قالها ولحّنها وغنّاها وتاريخها، وكأنما خُلق ليكون ذاكرة حية لكل شيء جميل.

* عشق الفروسية ونادي الفروسية وسبق الخيل، وكان يحفظ عن ظهر قلب اسماء الفرسان والخيل وصفاتهم وحركاتهم وسكناتهم، وظل طيلة الخمسين عاما الاخيرة من حياته التي لم يغب فيها يوما واحدا عن ميدان السبق مع رفيقه وصديقه (ماجد حجوج) من أعمدة النادي والمؤثرين والمستشارين الذين يؤخذ برأيهم، ومحبوبا من الجميع.

* كان بيت أسرته في حي بانت شرق بأم درمان ندوة يومية يقصدها الناس من كل فج، ينهلون من علمه ويضحكون من قلبهم لطرائفه التي لا تنتهي، وحكاياته التي تتفجر دفئاً وإنسانية، كما لو أنه خُلق من طينة خاصة لا تعرف غير البهجة، رغم معاناته الطويلة مع المرض.

* ثم جاء يوم 15 أبريل، يوم الفجيعة الكبرى، وانفجر جحيم الحرب اللعينة في السودان، وسقطت القذائف على المدن والناس، وأظلمت الحياة، وانعدم الأمان وانهارت المستشفيات، وانقطع الدواء، وتوقفت جلسات الغسيل، فصار عزالدين يخاطر بحياته بحثاً عن مركز يعمل، ينتقل على عربات الكارو بين الدانات والقذائق وزخات الرصاص، ورغم كل ذلك لم تغب ابتسامته، ولم يفقد شجاعته.

* نزح إلى كسلا، ثم بورتسودان، الى ان قادته الأقدار إلى القاهرة، حيث احتضنه أصدقاؤه الأوفياء الدكتور مجدي المرضي، وشقيقه ناصر المرضي، والدكتور صالح خلف الله، وفتحوا له قلوبهم وبيوتهم ووقفوا بجانبه حتى آخر لحظة من حياته، جزاهم الله خير الجزاء، وجعل ما فعلوه في ميزان حسناتهم.

* لكن القلب الذي صمد كثيراً، أنهكته أيام السودان، وضربات الحرب، وعدم انتظام الغسيل وصعوبة الحياة تحت نيران المدافع، فلم يحتمل، واختار الرحيل في صمت هادئ، بابتسامته البهية التي كانت عنواناً له في الحياة، كأنه يقول لنا وداعاً دون نحيب.

* نعزي أنفسنا وأسرته المكلومة، وشقيقاته العزيزات د. سامية، د. سلوى، وسميرة، وأصدقاءه الذين كانوا له عوناً وسنداً، ونبكيه بقدر ما أحببناه، ونترحم عليه بقدر ما أدهشنا بعظمة صبره وروعته وبهاء روحه. إنّا لله وإنّا إليه راجعون.

   

مقالات مشابهة

  • المجتمع المدني ينوه بجهود قائد سرية الدرك الملكي بتمصلوحت: سرعة الاستجابة ودوريات مكثفة وتواصل فعال ساهم في خفض الجريمة
  • مصدر أمني بالسويداء لـ سانا: إننا نحذر كل الأطراف التي تحاول المساس بالاتفاق الذي أكد على ضرورة ترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة، ومدينة السويداء على وجه الخصوص
  • هيئة الكتاب تصدر «تاريخ بلاد ما وراء النهر وحضارتها في زمن المغول» لـ إبراهيم عبد المقصود
  • الدُّب … الذي بكته السماء !
  • حادثة سير بين سيارة للدرك الملكي وأخرى نفعية بجانب الإدارة الجهوية للدرك بمراكش:
  • شقيق البليهي لجماهير الهلال: عليكم احترام الأهلي الملكي.. فيديو
  • الدرك الملكي يضرب بقوة بوادي الشراط: توقيف 20 مشتبهاً وحجز كميات من المخدرات
  • كلاسيكو الكرة المغربية يلعب بحضور جماهير الجيش الملكي والوداد البيضاوي
  • ما الذي تفعله الأطعمة فائقة المعالجة بجسمك؟.. تأثيرات صادمة لاستهلاكها من أول يوم حتى عدة أشهر
  • المجد للبندقية التي حرست المواطن ليعود الى بيته الذي كانت قحت تبرر للجنجويد احتلاله