علم الحرف القرآني- بين التفسير الروحاني والاستغلال
تاريخ النشر: 13th, February 2025 GMT
علم الحرف القرآني هو مزيج من التفسير الروحاني للحروف والأرقام المستمدة من النصوص المقدسة، خاصة القرآن الكريم. يُقال إن جذوره تعود إلى الحضارات القديمة مثل البابلية والفينيقية، لكنه اكتسب طابعه الإسلامي مع تطور التصوف والعلوم الباطنية في القرون الهجرية الأولى.
العلوم الباطنية هي مجموعة من المعارف والتقاليد الروحانية التي تهدف إلى استكشاف الجوانب الخفية من الوجود والإنسان، وتُعرف أيضًا باسم العلوم الروحانية أو الخفية.
تهتم العلوم الباطنية بالمعاني العميقة والمستترة خلف النصوص الدينية، الرموز، الأحرف، والطاقة الروحية للإنسان والعالم. وتُعتبر وسيلة للوصول إلى الحقيقة العليا، والتي لا يمكن إدراكها بالعقل الظاهري فقط، بل تحتاج إلى رياضات روحية وتأملات عميقة. وتنقسم إلى عدة فروع، منها ما هو ديني وصوفي، ومنها ما هو مرتبط بالسحر والتنجيم.
في التصوف الإسلامي، نجد علم الحروف والأرقام (علم الجُمَّل) الذي يقوم على إعطاء قيم عددية للحروف العربية وتفسير النصوص بناءً عليها، وقد استُخدم لفهم معاني الحروف المقطعة في القرآن. هناك أيضًا علم أسرار الأسماء الإلهية الذي يدرس تأثير أسماء الله الحسنى على الروح والطاقة الكونية، وعلم الكشف والحدس الذي يعتمد على الرياضات الروحية للوصول إلى المعرفة اللدنية أو الكشف الإلهي، بالإضافة إلى علم التوحيد الباطني الذي يركز على وحدة الوجود كما في فكر ابن عربي.
أما في الفلسفات الشرقية والغربية، فنجد التصوف الهندوسي والبوذي الذي يرتبط بفكرة "النيرفانا" والخلاص الروحي عبر التأمل واليوغا، والكابالا اليهودية التي تدرس المعاني الخفية في التوراة من خلال الأرقام والحروف العبرية، والغنوصية المسيحية التي تستخدم الرموز والتأملات للوصول إلى "النور الإلهي". وهناك أيضًا جوانب باطنية تُستخدم في السحر والتنجيم، مثل علم الطلاسم والأحجبة الذي يعتمد على كتابة رموز غامضة يُعتقد أنها تستدعي قوى غيبية، وعلم التنجيم والأبراج الذي يزعم تأثير الكواكب والنجوم على حياة البشر، وعلم تحضير الأرواح والسيمياء الذي يشمل محاولات التواصل مع الأرواح أو الجن عبر طقوس خاصة.
نشأت هذه العلوم في الحضارات القديمة، مثل بلاد الرافدين ومصر القديمة، حيث استخدم الكهنة السحر والفلك في طقوسهم. ثم ازدهرت بعض جوانبها في التصوف الإسلامي، حيث استخدمها ابن عربي، الإمام الغزالي، والبوني. وفي العصور الحديثة، تحولت بعض هذه العلوم إلى "التنمية البشرية" مثل قوانين الجذب والطاقة.
لهذه العلوم وجهان؛ فمن ناحية، تعزز التأمل الروحي والتقرب إلى الله، وتساعد في تحقيق صفاء نفسي وفهم أعمق للنصوص الدينية، لكنها من ناحية أخرى قد تؤدي إلى الشعوذة والخرافات، ويمكن استغلالها في السحر والتنجيم لخداع الناس، وبعض الممارسات مثل استحضار الأرواح قد تؤدي إلى ضرر نفسي وروحي.
هناك مدرستان في التعامل مع علم الحرف القرآني؛ المدرسة الصوفية الشرعية ترى أن هذا العلم يمكن استخدامه في الخير، مثل العلاج بالقرآن والرقى المشروعة، بينما المدرسة الشعوذية تستخدمه في السحر والشعوذة، حيث يُستغل في الطلاسم، الأحجبة، والتنجيم. فالطلاسم هي رموز وأرقام تُستخدم بزعم استحضار قوى روحانية، والأحجبة أوراق تحتوي على آيات قرآنية أو أسماء مقدسة مع رموز غير مفهومة، ويُزعم أن لكل كوكب تأثيرًا على الحروف والطلاسم، حيث يتم اختيار أوقات معينة لكتابة الأحجبة بناءً على مواقع الكواكب.
أن علم الحرف القرآني كان في الأصل علمًا باطنيًا يُستخدم لفهم النصوص الدينية بشكل أعمق، وقد ركّز التصوف الإسلامي على جوانبها الإيجابية مثل علم الحروف والكشف الروحي، إلا أن بعض الممارسات تحولت إلى الشعوذة والتنجيم، مما يستوجب الحذر عند التعامل معها.
zuhair.osman@aol.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
ركن الحرفيين يبهر الزوار بإبداعاته التقليدية في معرض الكتاب بجازان 2025
المناطق_جازان
شهد ركن الحرفيين بمعرض الكتاب بجازان 2025 ، الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة، إقبالًا كبيرًا من الزوار الذين توافدوا للاستمتاع بالفنون التقليدية والمنتجات اليدوية المتميزة ، وقد جمع الركن نخبة من الحرفيين المهرة الذين عرضوا إبداعاتهم في مجالات متعددة، حيث يشتمل الركن على عدد من الحرف اليدوية لإتاحة الفرصة أمام الزوار للتعرف على موروثات المنطقة وحرفها اليدوية التقليدية والفنية ، وتضمنت حرفة النقش والحفر على القطع التراثية والأدوات الخشبية والخوص والورق ، وحرفة صناعة الخوص والخرزيات ، إضافة إلى حرفة صناعة الفخار والخزفيات.
وتأتي مشاركة الحرفيين في المعرض مواكبة مع مبادرة عام “الحرف اليدوية 2025” وتحقيقاً لرؤية العام الثقافي المتمثلة في «ترسيخ مكانة الحِرف اليدوية محلياً وعالمياً بوصفها تراثاً ثقافياً وركيزة من ركائز الهوية السعودية»، وتحقيق رسالته التي نصّت على «مزاولة الحِرف اليدوية، وصوْنها، واقتنائها، وتوثيق قصصها، وتعزيز حضورها في الحياة المعاصرة»، ودعم وتشجيع الأفراد والجهات العاملة في مجال الحرف والصناعات اليدوية ونقل خبراتهم ومهاراتهم للأجيال الناشئة، إضافة إلى توعية المجتمع بأهمية قطاع الحرف ثقافيًا واقتصاديًا ، مما يسهم في تعزيز الصناعات الوطنية، وتنويع الاقتصاد الثقافي، إضافةً إلى التوعية بأهمية وقيمة المهن والمنتجات التي تعتمد على الحِرف اليدوية، وما تُجسّده من عمقٍ تاريخي يُمثّل الهوية الثقافية السعودية.
يُذكر أن معرض جازان للكتاب 2025 يأتي ضمن فعاليات موسم “شتاء جازان 25” ،حيث يفتح أبوابه للزوار يوميًّا من الساعة 11 صباحًا وحتى 12 مساءً، ما عدا يوم الجمعة من الساعة 2 ظهرًا إلى 12 مساءً.