أما آن للجيش السوداني أن يتعلم من التجارب السابقة ويعترف بأخطاء الماضي؟ (2- 2)
تاريخ النشر: 13th, February 2025 GMT
في المقال السابق، قمت بتسليط الضوء على الأخطاء التي ارتكبها الجيش السوداني وتجربته خلال الفترة التي تلت تأسيس الدولة السودانية الحديثة، حيث اعتبرت هذه الأخطاء من العوامل التي ساهمت في الفشل وعرقلت تطور الدولة السودانية . وسأستمر في سرد هذه القصة المؤلمة.
لم يتمكن الجيش من القضاء على التمرد في دارفور، فقام بخطوة محفوفة بالمخاطر، غير مكترث بتداعيات ذلك على الأمن القومي للسودان أو على وضعه الدستوري، حيث كان من المفترض أن يقتصر دوره على احتكار العنف والسلاح وحماية الشعب.
لم تستقر الأوضاع في البلاد، ولم ينعم الشعب السوداني بالسلام، إذ سرعان ما اندلعت حرب جديدة بين الجيش والقبائل العربية التي قام بتقنين وضعها من خلال تشكيل ما يُعرف بقوات الدعم السريع، وجعلها جزءًا من قيادته العسكرية. لا تزال الحرب مستمرة حتى الآن، ولم يجد الجيش خيارًا آخر سوى استخدام القوة العسكرية لحسم التمرد، فالوضع هذه المرة مختلف تمامًا، حيث نشب الصراع في قلب معسكره وهدد وجوده.
من يتأمل في التاريخ الحربي للجيش السوداني يلاحظ أن القاسم المشترك الأكبر بين تلك الحروب هو اعتماد الجيش على الحلول العسكرية، ويُقصد بالجيش هنا قيادته العليا التي استمرت في التدخل في الشأن السياسي – رغم أنه ليس من اختصاصها وفقًا لقوانينها – على مدى ستين عامًا من تاريخ الدولة السودانية. ولم تفكر هذه القيادة ولو لمرة واحدة في أن سبب المشكلة هو تدخل الجيش باستخدام الحلول العسكرية لمشكلة سياسية، وأن إصرار الجيش على الحلول العسكرية ناتج عن عدم امتلاكه للأدوات اللازمة، ففاقد الشيء لا يعطيه.
ان العقل الذي قضى 60 عامًا في الإطار العسكري، و هو يرى الكمال في أسلوب تفكيره وحلوله المطروحة ، يجعلنا نتفهم تمامًا إصراره على اعتماد المقاربة العسكرية كخيار أول يتبادر إلى ذهنه عند مواجهة أي مشكلة.
وبعد التصريحات التي أدلى بها الفريق ياسر العطا مؤخرًا، و الخطاب الذي القاه الفريق البرهان . و المؤشرات التي توحي برغبة الجيش بالبقاء في المشهد السياسي و ربما لسنوات مقبلة ليست بالقصيرة يحق لنا أن نتساءل: أما آن الوقت للجيش السوداني أن يتعلم من أخطاء الماضي، ويتجنب تطبيق نفس الوصفة الفاشلة التي استخدمت لمعالجة التمرد على الدولة السودانية على مدى 60 عامًا السابقة ، متوقعا تحقيق نتائج مختلفة؟
ونضيف إلى هذا السؤال سؤالًا آخر بالغ الأهمية:
هل آن الأوان للجيش السوداني أن يدرك أن سبعين عامًا من فشل الدولة السودانية الحديثة بعد الاستقلال، والتي قضى منها 60 عامًا في سدة الحكم، تكفي لتوضيح أنه يتحمل الجزء الأكبر من مسؤولية هذا الفشل، وأنه يجب عليه الانسحاب من المشهد السياسي و الاكتفاء بأداء واجبه المنوط به والذي يبدوا أن الواقع أثبت و للأسف فشله أيضا في إنجازه .
yousufeissa79@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الدولة السودانیة للجیش السودانی
إقرأ أيضاً:
الحكومة السورية تفتتح مركز انتساب للجيش بالسويداء بعد تفاهم مع ممثلي محافظة
افتتحت وزارة الدفاع السورية، الخميس، مركزا للانتساب للجيش والقوات المسلحة في السويداء جنوبي سوريا، وذلك بعد يوم من توقيع وثيقة تفاهم بين دمشق وممثلي المحافظة ذات الغالبية الدرزية.
وأفادت وكالة الأنباء السورية "سانا" بأن المركز يشهد "إقبالا كبيرا من أبناء المحافظة والمنتسبين للفصائل العسكرية سابقاً والمنشقين عن جيش النظام البائد".
وأظهرت لقطات مصورة نشرتها الوكالة عبر منصة "إكس" ازدحاما من قبل الأهالي أمام مركز الانتساب.
كما أظهر مقطع مصور نشره ناشطون سوريون عبر منصات التواصل الاجتماعي وقوف المتحدث باسم حركة رجال الكرامة باسم أبو فخر أمام المركز من أجل متابعة انضمام وتطوع مواطنين في السويداء في وزارة الدفاع السوري.
قائد حركة رجال الكرامة باسم أبو فخر يتابع تنظيم انضمام وتطوع أبناء محافظة السويداء في وزارة الدفاع السوري #السويداء pic.twitter.com/Wc8K2ilhyK — Omar Alhariri (@omar_alharir) March 13, 2025
والأربعاء، شهدت السويداء توقيع وثيقة تفاهم بين ممثلي المجتمع المحلي والإدارة السورية، وذلك في إطار الجهود الرامية إلى معالجة الأوضاع الأمنية والاقتصادية في المحافظة ودمجها بمؤسسات الحكومة الجديدة.
جاء التوقيع على الوثيقة، التي صدرت عن دارة قنوات (دارة الشيخ حكمت الهجري)، بين ممثلي المجموعة السياسية الممثلة لدارة قنوات من نشطاء السويداء الذين شاركوا في مؤتمر الحوار الوطني، وبين الدكتور مصطفى البكور، الموفد من دمشق إلى السويداء.
وتضمنت الوثيقة سلسلة من المطالب التي تعهد ممثل الإدارة السورية بتنفيذها، وذلك بعد أشهر من التوترات الأمنية في المحافظة، التي شهدت اختلافات في الرؤى حول عدة قضايا رغم التوافق العام على ضرورة تحقيق الاستقرار.
ومن أبرز بنود الوثيقة تعهد الدولة بتفعيل الضابطة العدلية، وتعزيز الملف الأمني عبر وزارة الداخلية، وتنظيم الفصائل المسلحة والعسكريين المنشقين تحت إشراف وزارة الدفاع.
وتأتي وثيقة التفاهم بعد توقيع الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية "قسد" على اتفاق دمج الأخير في مؤسسات الدولة، وذلك ضمن مساعي دمشق لحل كافة الفصائل المسلحة وبسط سيطرتها على كافة التراب الوطني.
ونص الاتفاق المكون من 8 بنود، على "دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز".