سودانايل:
2025-05-01@15:33:41 GMT

تلاشي الأمل

تاريخ النشر: 22nd, August 2023 GMT

كيف اندثرت أحلامنا البسيطة وتلاشت مع مرور الزمن. كان لدينا طموحات صغيرة، آمال ترتسم في أفق أفكارنا، ولكن الواقع للأسف لم يكن كما توقعنا. حُلمنا بوطن حر ومزدهر، حيث يعم العدالة والازدهار على الجميع، ولكن التحديات والصعوبات طغت على تلك الأماني.
قد نشعر بخيبة أمل حين ننظر إلى الوراء، ولكن لا يمكننا أن نفقد الأمل تمامًا.

فالأحلام لا تموت، بل تتحول وتتغير شكلها. فلنتعلم من تجاربنا ولنستمر في السعي نحو بناء وطن يحقق تطلعاتنا، حيث يكون الحرية والعدالة هما الأساس. على الرغم من التحديات، يبقى الأمل مشعًا في قلوبنا، فقد يأتي يومًا تتحقق فيه أحلامنا وترتسم آفاق جديدة لوطننا المنشود.
تعد الحروب من أكثر الأحداث المدمرة والمفجعة في تأثيرها على الشعوب والمجتمعات. واحدة من هذه الحروب هي الصراع الذي اجتاح السودان منذ الخامس عشر من أبريل 2023 مما أسفر عن تدهور الحياة وانهيار الأحلام للكثير من السكان. يتسبب استمرار الحرب لمدة تقترب من خمسة أشهر دون أي أفق للحل في تضعيف آمال السودانيين وترك بصمات عميقة على نفوسهم ومستقبلهم.
إذ تتراكم تداعيات الحرب الطويلة على النفوس السودانية، حيث يعيش الناس في حالة من الخوف المستمر وعدم اليقين. يصاحب ذلك انعدام الأمان والقلق على الأحباء والممتلكات، مما يؤدي إلى تدهور الصحة النفسية وزيادة حالات الاكتئاب والقلق. وعلى الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي، تتأثر الحياة اليومية للسكان بشكل سلبي. حيث تعطلت الأعمال وتوقفت الفرص الاقتصادية، مما أثر على قدرتهم على تلبية احتياجاتهم الأساسية وتحقيق أحلامهم. تزايدت حالات الفقر وانعدام الوسائل المعيشية، مما أثر بشكل كبير على جودة الحياة وآمال المستقبل. تعدُّ التعليم والثقافة ركائز أساسية لبناء المجتمعات وتطورها. كما أن الحرب واستمرارها تسببا في تدهور الوضع التعليمي والثقافي في السودان. تعرضت المدارس والجامعات للتدمير والإغلاق، مما أدى إلى انقطاع مسارات تعليم الشباب وحرمانهم من فرص التعلم والتطوير الشخصي.
إن الحرب الطويلة وعدم وجود أمل قريب في نهايتها يؤثر بشكل كبير على أحلام وطموحات السودانيين. يصبح من الصعب بناء مستقبل مشرق عندما يكون هناك تهديد مستمر للأمن وعدم استقرار في البلاد. تتلاشى الطموحات المهنية والشخصية تدريجياً، ويتحول الاهتمام إلى البقاء على قيد الحياة وتأمين الاحتياجات الأساسية فقط. يواجه السودان تحديات جسيمة نتيجة للاستمرارية الطويلة للحرب وعدم وجود حلاً قريبًا.
د. سامر عوض حسين
22 أغسطس 2023

samir.alawad@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

العبث واللامعقول في حرب السودان.. المسرح يمرض لكنه لا يموت

خيبة الأمل التي اجتاحت العالم الأوروبي بعد الحرب الثانية وأهوالها، تمخض عنها تيار في الأدب والمسرح في فرنسا وألمانيا يسمى مسرح اللامعقول أو العبث، والذي نشأ على خلفية أحداث سياسية وعالمية كبرى قادت الفلاسفة المحدثين إلى إعادة التفكير في عديد من المفاهيم، وهو تيار يجسد داخل نصوصه حالة فقدان الشغف والهدف لدى الإنسان الأوروبي في عالم ما بعد الحرب لأن الحياة بالمجمل غير ذات جدوى أو هدف أو غاية، لذلك أتت شخوص هذا التيار على خشبة المسرح شخوصا عبثية بخيال ورؤى فلسفية عدمية عن جدوى الوجود والحياة.

يقول يوجين يونسكو (1909-1994) أحد أهم كُتاب مسرح العبث في مسرحيته "الرجل ذو الحقائب.. رحلة إلى عالم الموتى"، إن "السببين الأساسيين فقط لبقائنا صغارا هذه الأيام هما القتل والانتحار".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2فارس الخوري.. المسيحي خطيب الأموي ووزير الأوقاف الإسلاميةlist 2 of 2سفيرة الأناقة والتراث.. الدار العراقية للأزياء رحلة عبر التاريخ وهوية وطنend of list

صمويل بيكيت (1906-1989) رائد مسرح اللامعقول يقول في تأمل لإذاعة بي بي سي "من عملٍ مهجور" بث في عام 1957 "لا، لا أندم على شيء، كل ما أندم عليه هو ولادتي، لأني دائما أجد الموت عملا طويلاً ومملا".

آثار قصف أمام المسرح القومي بأم درمان (الجزيرة) إحباط قبيلة المسرحيين

المتأمل في مشهد حرب السودان الحالية وحال المشتغلين بـ"فنون التمثيل" سيجد تماثل واقع الفنان في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية مع واقع الممثل السوداني اليوم. حالة الإحباط وانسداد الأفق أمام قبيلة المسرحيين السودانيين دفعتهم مثلهم مثل كل أهل السودان للنزوح إلى الولايات الآمنة أو لخارج البلاد بعد أن هدمت المسارح وبيوت الفنون ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا.

خارطة توزيع النزوح في إحصائيات اتحاد الممثلين تقول إن النسبة الكبرى من المشتغلين بفنون التمثيل نزحوا في البداية من الخرطوم إلى بورتسودان، ونسب أخرى متفاوتة نزحوا إلى بقية مدن السودان، وخارجيا حصلت القاهرة على النسبة الكبرى من النزوح تليها كمبالا.

إعلان

يقول نقيب الدراميين السودانيين الرشيد أحمد عيسى، في كلمته ليوم المسرح العالمي في 27 مارس/آذار الماضي، "لم يشهد العالم في تاريخه القريب والبعيد مثل ما جرى في حرب السودان من انتهاكات كالقتل والتمثيل بالجثث والاغتصابات المريعة، انتهاكات دمرت حياة الكثير من القاصرات وطالت حتى النساء المسنات في وطني".

وأضاف "المسرح كان حاضرا منذ انطلاقة الحرب، مقاوما منذ الطلقة الأولى، يمتص الصدمات، يعيد تأهيل الأطفال ويزرع الأمل في تلك الأرواح التي تشظت في فوضى وعتمة ضاقت بها الأماكن كأنما الحرب تحفر قبورها حتى للأحياء. سيظل المسرح حصنا منيعا يحقق للإنسان وجوده وأحلامه بمقاومته لكل أشكال القبح من قتل واغتصاب وانتهاكات، ويسعى أن يكون فن الجميع وللجميع باعتبار المسرح المكان الوحيد الذي يحقق فيه الفرد ذاته ويجابهها".

آثار قصف في المسرح القومي بأم درمان (الجزيرة)

وتتشابه وضعية مسرح العبث والحرب في السودان وحال الإنسان السوداني مع الدمار الكامل في البنية التحتية للدولة والنفسية للإنسان الأوروبي بعد نهاية الحرب العالمية الثانية. وقد عَبّر مسرح اللامعقول عن الإنسان بعد الحرب وحالة اللاجدوى والعبثية مستخدما لغة محورها الهواجس والكوابيس وحالة التيه والانعزال وتباعد الشخصيات وانحباس الإنسان داخل جلده وتباعد المسافات بين الذات والآخر، وهذا ما يحدث في السودان الآن.

الناقد السوداني المعروف السر السيد تحدث للجزيرة نت عن هذا المشهد القاتم قائلا "منذ بدايات الحرب وسيطرة قوات الدعم السريع على مدينة أم درمان، حيث الإذاعة والتلفزيون والمسرح، توقفت الحياة تماما، أثّر ذلك على قطاع "فنون التمثيل" خاصة الذي لا يشمل الممثلين والمخرجين فقط، وإنما يشمل الكتاب والفنيين والشركات المشتغلة بالفنون".

يستطر السر "أوقفت الحرب أذرع الفنون الحيوية المتمثلة في الدراما الإذاعية والتلفزيونية والمسرحية، بالإضافة إلى أنشطة منظمات العمل المدني، والتي كانت تستعين بالتمثيل والممثل لتنفيذ برامجها التوعوية والإرشادية، وعطفا على ذلك فقد كثير من الممثلين مصدر رزقهم المباشر".

إعلان المسرح القومي بأم درمان

عن حال المسرح القومي السوداني، يقول الكاتب المسرحي والممثل القدير مصطفى أحمد الخليفة "رغم الدمار الحالي البادئ للعيان، سيبقى هذا المبنى شاهدا على حضارية ووطنية ورقي السودان بتاريخه العريق، فالمسرح يمرض لكنه لا يموت".

يقول الخليفة إن "المسرح القومي تأسس في 1959 وشهد أول موسم مسرحي في 1967. قبل الحرب كان المسرح شبه مدمر، وأتت الحرب وقضت على ما تبقى منه. المسرح القومي يعتبر من أول المسارح في المنطقة العربية والأفريقية، لم يكن مجرد مبنى تاريخي شهدت خشبته حركة فنية عظيمة ومهرجانات وعي وتنوير في مواسم مسرحية فقط، بل كان حالة فنية وثقافية لها ارتباط وجداني عميق عند السودانيين، اعتلى خشبته العديد من المبدعين من غير الفنانين السودانيين مثل مريم ماكيبا المغنية الجنوب أفريقية، وكوكب الشرق أم كلثوم، وهاري بيلافونت مغني الجاز الأميركي الشهير. أيضا عُرضت به مسرحية مدرسة المشاغبين".

أعمال تخريب مكاتب بالمسرح القومي بأم درمان (الجزيرة)

يقول المخرج والممثل الدكتور أبو بكر الشيخ أيضا عن الحرب على المسارح "مرّ المسرح السوداني بظروف قاهرة منذ أكثر من خمسة أعوام، وجاءت الحرب وبالا إضافيا عليه، حيث توقفت العروض المسرحية والمهرجانات التي كان يضج بها المسرح القومي وبقية المسارح، فقد دمرت مليشيا الدعم السريع المسرح القومي تماما ومسرح قاعة الصداقة وبقية المسارح، في استهداف ممنهج للبنية التحتية ودور العرض والتنوير، بالإضافة إلى تدميرهم مسارح مراكز الشباب، مما اضطر عددا كبيرا من المبدعين للانشغال بالعمل في مجالات أخرى غير إبداعية لتوفير لقمة العيش لأسرهم".

يسترسل أبو بكر الشيخ متحدثا للجزيرة نت عن إنجازاته الشخصية "قدمت في العام الأول من الحرب تجربة درامية بعنوان "جنقو كايرو" وهي عدد من الحلقات الدرامية التي تتناول حال النازحين في زمن الحرب والظروف التي تعرضوا لها. وقدمت هذا العام مسلسلا من 20 حلقة بعنوان "أقنعة الموت.. سمفونية الحريق والنزوح" صُوِّر بين القاهرة وأم درمان، وهذه التجربة وجدت صدى واسعا جدا لجرأة التناول والطرح لموضوعاتها التي تلخصت في انتهاكات المليشيا المتمردة للإنسان السوداني من تعذيب وتهجير واغتصاب وقتل. وفي نهايتها قدم المسلسل دعوة إلى العودة للسودان وإعمار ما دمرته الحرب وإعادة التفكير في سودان ما بعد الحرب على نحو إيجابي".

(الجزيرة) إنجازات رغم الحرب

حول إنجازات الممثلين في مناطق نزوحهم، يقول الناقد السوداني السر السيد "حالة التشتت في ظل الحرب الحالية وعجز الجهات الرسمية عن فتح المسارح أو إنتاج دراما جعلت الممثل يمتهن مهنا أخرى، أما المحظوظون الذين وجدوا فرصا مع منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال المرأة والبيئة وحقوق الإنسان والإغاثة، فاستطاعوا في مارس/آذرا الماضي أن ينظموا مهرجان "برؤوت للمسرحيات القصيرة" في مدينة بورتسودان الذي استمر لأربعة أيام".

إعلان

أيضا في كمبالا، والحديث لا يزال للسر السيد، "ورغم أننا مجموعة صغيرة لا تتجاوز 15 ممثلا، استطعنا أن نحتفل ولعامين على التوالي بيوم المسرح العالمي، وقدمنا مسرحيات أشهرها مسرحية ثورة 24 للكاتب الكبير عبد الله بشير وإخراج معمر القذافي".

مجموعة الممثل فضيل قبل نزوحهم من السودان أيضا قدموا عددا من المسرحيات وكذلك مجموعات أخرى في عطبرة وشندي وكسلا وبورتسودان. وبشكل عام، قدم الممثلون المشتغلون بالمهنة في أقاليم السودان عروضا في مناطق نزوحهم، رغم صعوبة الأجواء.

في مصر نجحوا في تكوين اتحاد ممثلين وموسيقيين، وقدموا عددا من العروض المسرحية، على سبيل المثال مسرحية "دار آمنة ذاكرة الفجيعة" من إخراج ماجدة نصر الدين. أيضا شارك بعض الممثلين في لجان تحكيم وندوات مثل البروفسير سعد يوسف. وقد كان وضع نازحي القاهرة وكمبالا أفضل حالا من وضع الممثلين في بقية المنافي ومناطق اللجوء.

آثار قصف في المسرح القومي بأم درمان (الجزيرة)

قالت الممثلة تهاني الباشا للجزيرة نت "بعد أن خفت صوت الحرب بدحر الدعم السريع وتحرير منطقة الإذاعة السودانية والتلفزيون والمسرح القومي بأم درمان، قام نفر كريم من الزملاء الممثلين بمبادرة لإعادة تأهيل المسرح القومي وإعادة الاعتبار لشيخ المسارح السودانية. المبادرة تمت بعفوية وتنادى لها الممثلون من مناطق النزوح، فحضر للمشاركة في هذه المبادرة الرمزية من بورتسودان الزملاء عبد السلام جلود والطيب صديق وإبراهيم خضر. كما أعلنت وزارة الثقافة والإعلام عن دعمها الكامل لهذه المبادرة.

الذين ظلوا داخل الخرطوم حتى الآن تجاوز عددهم 30 فنانا وفنانة، نذكر منهم نجوم كبار مثل الأستاذة القديرة فايزة عمسيب التي لم تغادر الخرطوم رغم معاناتها مع المرض، والرائد المسرحي المعروف محمد خلف الله الكاتب، والممثل محمد رضا دهبي والنجم الطيب شعراوي، وعبد الرافع حسن بخيت، والنجم حسين يوسف سيد جرسة، والمخرج الإذاعي المعروف الدكتور طارق البحر وغيرهم ما زالوا صامدين ولم يخرجوا من العاصمة.

أعمال تخريب مكاتب بالمسرح القومي بأم درمان (الجزيرة)

مشهد عبثي قاتم وحزين يسود الوسط المسرحي السوداني منذ اندلاع الحرب الحالية. يكفي شاهدا على ذلك أن الممثلة القديرة فائزة عمسيب التي كرمتها الهيئة العربية للمسرح في الشارقة عام 2013 وملأت صفحات الصحف المحلية والعربية شائعات وفاتها مرات عديدة، لكنها إلى الآن لم تستطع مغادرة الخرطوم بسبب المرض وأصوات المدافع تدوي في سماء الخرطوم وشهدت بعينها كل مآسي الحرب منذ انطلاق أول رصاصة وحتى الآن.

إعلان

مقالات مشابهة

  • من أين نبدأ؟ الحرب والخسائر وإعادة الإعمار في السودان
  • ???? من أشعل الحرب في السودان ؟ الجيش السوداني أم الدعم السريع؟
  • البرهان يعين "الحاج" رئيسًا جديدًا للحكومة في السودان
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (تحت أرض الخرطوم) 4
  • “السودان والإسراف في الإحسان”
  • هل تجلب المسيرات السلام الى السودان؟
  • كيف أدت الحرب إلى تغيرات تركيب الطبقة العاملة السودانية؟ (١/٢)
  • العبث واللامعقول في حرب السودان.. المسرح يمرض لكنه لا يموت
  • الحرب في السودان .. خسائر بمليارات الدولارات
  • سجون اليونان تغص بلاجئي الحرب من السودان.. هذا هو السبب