محمد غنيم يكتب: منيو المشاهير في بورصة المقرئين
تاريخ النشر: 13th, February 2025 GMT
انتشر على صفحات السوشيال ميديا مؤخرًا الحديث عن أسعار مشاهير قراء القرآن الكريم، وتحديد سعر كل اسم قارئ، أمثال الشيخ محمود الشحات أنور والشيخ محمود القزاز والشيخ ممدوح عامر والشيخ محمد يحيى الشرقاوي والشيخ عبدالناصر حرك والشيخ الطاروطي والشيخ نعينع وغيرهم.
وأثار المنشور حفيظة بعض المحبين للمشايخ والجمهور العادي ممن يعرف هؤلاء القراء أو لا يعرفهم بين مدافع ومعارض، فأردت أن أطرح في هذا المقال وجهة نظر في المسألة ليست من مدخل الشرع أو مناقشة لحكم تقاضي الأجر على التلاوة في المحافل والسرادقات، وليست من باب الحلال والحرام.
في رأيي، إن المسألة هي عرض وطلب، تجمع بين شخص مقتدر ماديًّا صاحب مال وجاه يتمتع بوجاهة اجتماعية في قريته أو محافظته، وقارئ للقرآن يتمتع بصيت وشهرة يعرفه القاصي والداني وأينما وضع قدمه كان لوجوده تأثير وضجة.
الثمن المدفوع هنا ليس ثمنًا للتلاوة، والسعر المعروض ليس مقابل كلام الله، وإنما الثمن للوجاهة والتميز عن الآخرين، والسعر مقابل الاسم المعروف والشهرة، تمامًا مثل الآيفون أعلى فئة، فالجميع يمسك الموبايل ولا يوجد شخص الآن كبير أو صغير لا يحمل الموبايل، ولكن فئة قليلة فقط هي من تملك الآيفون إصدار العام والأعلى فئة، فعادةً ما تجده في يد مشاهير الممثلين والمطربين والفئة الاجتماعية العليا لصفوة المجتمع، فالثمن هنا ليس قيمة الموبايل لإجراء المكالمات وتصفح التطبيقات، فهذا ما يفعله أي موبايل، ولكن الثمن للعلامة التجارية وقيمة التفاحة والتميز الاجتماعي.
الشهرة لها ثمن، سواء أعجبك صوت القارئ وأداؤه أم لم يعجبك، فالشهرة لا تعبر بأي حال عن الجودة والإتقان واستحقاق الصيت، ولكنها نصيب ورزق يسوقه الله إلى من يشاء من عباده مثل باقي الأرزاق، وبعض الناس جعل الله رزقهم في شهرتهم، فهي رأس مالهم وسبب أقواتهم، قد يكون سبب هذه الشهرة فيديوهات على صفحات السوشيال أو لايفات على التيك التوك أو تمثيل أو غناء أو لعب كرة قدم، أو تلاوة للقرآن.
كثير من الناس يدفعون بكل راحة ضمير ثمن تذكرة حضور مباراة كرة قدم أو حضور حفلة، أو يفتخرون بغناء المطرب المعروف في أفراحهم نظير مبالغ ضخمة، ولكن عندما تُسلَّط الأضواء على قارئ القرآن الذي يتقاضى مبلغًا كبيرًا تبدأ الأصوات الرافضة في الظهور، ويلومون المشايخ ويتهمونهم في إخلاصهم للقرآن وصدقهم مع تلاوته.
وفي النهاية أرى أن المنشور المتداول عن أسعار القراء لا يليق، وهو منشور خبيث غرضه معلوم لينال الناس من سمعة القراء ويشككون في ذممهم، خاصةً بعد انتشار المنشور الذي ادَّعى وجود أخطاء في تلاوة الشيخ عبدالفتاح الطاروطي وردت عليه نقابة القراء وفندته، هذه الهجمة على القراء تنشط بين حين وآخر للإساءة إلى قراء القرآن الكريم، حملة كتاب الله والحاصلين على إجازات بسند متصل إلى وحي السماء جبريل عن رب العالمين، والذين يفرض علينا القرآن احترامهم وتوقيرهم والسكوت عن مساوئهم وزلاتهم، والله أعلم.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: محمود الشحات أنور قراء القرآن الكريم الشيخ الطاروطي المزيد
إقرأ أيضاً:
إبراهيم نصر يكتب: تحويل القبلة والمؤامرة على الأقصى
تحويل القبلة من المسجد الأقصى فى فلسطين، إلى بيت الله الحرام فى مكة المكرمة، من الأحداث العظيمة التى وقعت فى النصف من شهر شعبان، وهذه الذكرى تجعلنا دائما وأبدا نتذكر المؤامرة على هذه الأراضي المقدسة وعلى المسجد الأقصى الأسير، هذا المسجد الذي حكم عليه بالأسر على أيدي أعداء الله على مر التاريخ.
وفى يقينى أن الله تعالى حين أمر رسوله بالتوجه إلى بيت المقدس، فإنما أراد سبحانه وتعالى أن يلفت المسلمين جميعا إلى أهمية هذا البيت، باعتباره أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين، ومن يفرط فيه، فهو يوشك أن يفرط فى الكعبة المشرفة بيت الله الحرام، ومن هنا فإن قضية تحرير القدس ليست مسؤولية الفلسطينيين، ولا المصريين، ولا الأردنيين وحدهم، بل هى قضية المسلمين أجمعين فى مشارق الأرض ومغاربها، وهذا ما ظهر جليا فى الموقف العربى والإسلامى الموحد، الذى تقوده مصر، الرافض لتصفية القضية الفلسطينية بتهجير الفلسطينيين من أرضهم، والتمسك بضرورة إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧وعاصمتها القدس الشرقية.
ولعله من المناسب أن نتذكر الآن احتلال القدس من قبل الصليبيين الذين انطلقوا من جميع دول أوروبا في أشرس حملة ضد الإسلام والمسلمين، فاستولى الصليبيون عليه سنة 1099م، وقتلوا في جوار البيت المقدس أكثر من سبعين ألفا من المسلمين، ثم قيض الله المجاهد صلاح الدين الأيوبي الذي حرره من أيدي الصليبيين في السابع والعشرين من رجب سنة 583هـ، يوم الجمعة من شهر أكتوبر 1187م بعد 88 عامًا من الاحتلال، فكان يومًا مشهودًا.
إن قبلتنا الأولى تذكرنا بحقيقة الصراع، وأن اليهود قوم بُهت: قال تعالى في معرض حديث الآيات عن القبلة: "وَلَئِنْ أَتَيْتَ الذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُل آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ"، ومن هنا ندرك مدى عداوة هؤلاء للإسلام والمسلمين، فقد شنوا حربا إعلامية ضارية في أمر القبلة، قبل وبعد التحويل، ولقد فُتن ضعاف الإيمان بقولهم: "يجحد ديننا ويتبع قبلتنا"، وقول المشركين: "يدعي ملة إبراهيم ويخالف قبلته"، وقولهم: "رجع إلى قبلتكم فيوشك أن يرجع إلى دينكم".
وكان مما انطلقت به أبواق أعداء الله قولهم: "إن كان التوجه أولًا إلى المسجد الأقصى باطلًا، فقد ضاعت صلاتكم إليه طوال هذه الفترة، وإن كان حقًّا فالتوجه الجديد إلى البيت الحرام باطل وضائعة صلاتكم إليه".
وفي سيرة ابن هشام عن ابن عباس، قال: ولما استقبل النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة أتى رفاعة بن قيس، وكعب بن الأشرف، وابن أبي الحقيق، وهم زعماء اليهود، فقالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ما ولاك عن قبلتك التي كنت عليها وأنت تزعم أنك على ملة إبراهيم، عليه السلام، ودينه، ارجع إلى قبلتك التي كنت عليها نتبعك ونصدقك، وإنما يريدون فتنته عن دينه، فأنزل الله تعالى: "سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ" [البقرة: 142]، ثم قال المسلمون: يا رسول الله، كيف بمن مات من إخواننا قبل استقبال الكعبة. فأنزل الله تعالى: ".. وما كان الله ليضيع إيمانكم.. "، يعني: صلاتكم إلى بيت المقدس.
وإن المتأمل لآيات تحويل القبلة - وهي ترد شبهات اليهود - يتبين له مدى ضراوة الحرب الإعلامية والفكرية التي شنها اليهود، وما زالوا، وكل همهم هو تشويه صورة المسلمين وتشتيت شملهم، وحالهم كما قال الله تعالى: "وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا" [المائدة: 33].
اللهم فى هذا الشهر الفضيل، وببركة ليلة النصف منه التى ترفع فيها الأعمال، نسألك سبحانك أن ترفع عنا الغمة، وتجمع شتات الأمة، وتنصرنا على القوم الظالمين الكافرين، أعدائك أعداء الدين.
[email protected]