حكم إخراج زكاة المال في صورة ذبيحة للفقراء
تاريخ النشر: 22nd, August 2023 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية، إنه لا يجوز إخراج زكاة الذهب في صورة ذبيحةٍ يشتريها بمال الزكاة ليذبحها ويوزع لحمها على الفقراء؛ لأن الأصل في الزكاة أن تخرج مِن جنس المال الذي وجَبَت فيه، ويجوز إخراجها بالقيمة بشرط مراعاة سد حاجة الفقراء والمحتاجين وتحقيق مصلحتهم، وهو ما يمكن أن يتحقق في شراء اللحم وتوزيعه، ولا نراه متحقِّقًا في شراء بهيمة من الأنعام وذبحها.
أضافت الإفتاء، أن إخراج الزكاة في صورة ذبيحة يوزع لحمها على الفقراء، مع ما فيه مِن الإحسان والبر، إلا أنَّ تقييدَ مشروعية إخراج الزكاة بالقيمة بِكَوْنِها أنفع للفقراء، يُخْرِجُ الصورة المسؤول عنها في الغالب من هذه المشروعية، وذلك لعدَّة معانٍ، منها:
أولًا: أنَّ الفقراء لا يحتاجون ضِمن حاجتهم الأصلية عادةً إلى ذبيحة، وليست مِن الحاجات الضرورية لهم؛ لاشتمالها على أجزاءٍ لا حاجة لهم فيها غالبًا كالجِلد، والعَظم، والأحشاء، والدماء وغيرها، وتقويمُ ثَمَنِ الذبائح يكون تبَعًا لوَزْنِهَا الفِعلِي قبل الذَّبح، ويُهدر بعد الذبح منها قَدْرٌ لا يُستهان به منها يَصِلُ إلى نِصفِ وَزْنِهَا أو قد يَزيدُ، وذلك على حسب نوعها، وحالتها، ومِن ثَمَّ تنقص القيمة التي ينتفع بها الفقير مِن الذبيحة، فلا تتحقق مصلحتُه التي تُسَوِّغ العُدُولَ عن جنس مال الزكاة إلى القيمة.
ثانيًا: أنَّ "دَفْع الزكاة يُراد للاقتيات في جميع العام، فيحتاج إلى ادِّخاره، فاعتُبِر أن يكون على صفةٍ تُمَكِّن مِن ادِّخاره عامًا"؛ كما قال الإمام ابن قُدَامة في "المغني" (10/ 5)، والحيوان من شأنه التَّغيُّر والهلاك، ولذا منَع المالكية في قولٍ رَهنَ المبيع في ثمنه إذا كان حيوانًا؛ كما في "الشامل" لتاج الدين بهرام الدميري.
ثالثًا: أنَّ حاجاتِ الفقراء متفاوتةٌ، تختلف مِن إنسانٍ لآخر، فيكون في تحويل زكاة المال إلى ذبيحةٍ تفويتٌ لمصلحة الفقير وأولوياته في الغالب؛ إذ الفقير في حاجةٍ إلى شراء دواءٍ، أو ثيابٍ، أو قضاء دينٍ، أو غيرها مِن الأولويات التي يقدمها على شراء الذبيحة على فَرْض احتياجه لها.
رابعًا: أنَّ من شروط إخراج الزكاة إلى الفقير عند الفقهاء أن تُدفَع إليه على جهة التمليك، ولا تتأتَّى بمجرد الإباحة.
قال فخر الدين الزَّيْلَعِي الحنفي في "تبيين الحقائق": [الزكاة يجب فيها تمليك المال؛ لأنَّ الإيتاء في قوله تعالى: ﴿وَآتُوا الزَّكَاة﴾ يقتضي التمليك، ولا تتأدى بالإباحة حتى لو كَفَلَ يتيمًا فأنفَقَ عليه نَاوِيًا للزكاة، لا يجزيه] اهـ.
وقال الإمام اللَّخْمِي المالكي في "التبصرة": [ومَن أخذ الزكاة لِفَقْرِهِ لم يَرُدَّهَا إن استغنى قبل إنفاقها]، فأفاد أنَّ الزكاة تُدفع إلى الفقير على جهة التمليك.
وقال الإمام النووي الشافعي في "روضة الطالبين": [قال الإمام: الذي ينقدح عندي: إذا أوجبنا التصدُّق بشيءٍ أنه لا بد من التمليك كما في الكفارات، وكذا صرح به الروياني فقال: لا يجوز أن يدعو الفقراء ليأكلوه مطبوخًا؛ لأنَّ حقهم في تملكه، فإن دفع مطبوخًا، لم يجز، بل يفرقه نيئًا].
وقال أبو السعادات البُهُوتِي الحنبلي في "كشاف القناع": [(ويعتبر تمليك الفقير) كالزكاة والكفارة (فلا يكفي إطعامه)؛ لأنه إباحة].
وتابعت الإفتاء: وتصور تحقيق هذا الشرط عند إخراج الذبيحة بدلًا عن زكاة المال متعذرٌ؛ حيث لا يخلو مِن حالتين:
الأولى: أن يجعل الذبيحة ملكًا للفقراء وهي حيَّة قبل ذبحها، وفي هذه الحالة يجب عليه أن يسلمها إليهم ولا يذبحها؛ لأنَّه بتمليكها للفقراء لم يَعُد له أنْ يتصرف فيها بالذبح أو غيره، كما هو الشأن في إخراج زكاة الأنعام؛ حيث "تُسَلَّم الشاة إلى المساكين حيَّةً، ولا تجزئ مذبوحةً"؛ كما قال الإمام ابن عبد البَرِّ في "الكافي".
والثانية: أن يُملِّك الفقراء لحم الذبيحة بعد الذبح، وفي هذه الحالة يكون قد أخرج لحمًا لا ذبيحة، فليست هي الصورة المسؤول عنها، وإنما هي مسألة أخرى.
فتحصَّل مما سبق: أن مصلحة الفقراء والمحتاجين لا تتحقق بإخراج قيمة الزكاة إليهم في صورة ذبيحة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: زكاة المال دار الافتاء زكاة الذهب الزكاة إخراج الزکاة قال الإمام
إقرأ أيضاً: