في خطوة تاريخية تعزز مكانة موريتانيا كلاعب رئيسي في سوق الطاقة، أعلنت الحكومة بدء إنتاج الغاز الطبيعي المسال من حقل "السلحفاة الكبرى آحميم" (GTA)، مع استعداد لتصدير أول شحنة بنهاية فبراير الجاري. المشروع، الذي يقع على الحدود البحرية بين موريتانيا والسنغال، يشكّل حجر الأساس لطموحات البلاد في أن تصبح مركزًا إقليميًا للطاقة.

انطلاق الإنتاج والتصدير: بداية عهد جديد للطاقة في موريتانيا

أكد وزير النفط والطاقة الموريتاني، محمد ولد خالد، في تصريح خاص لسكاي نيوز عربية أن حقل "السلحفاة الكبرى آحميم" بدأ رسميًا إنتاج الغاز، وأن أول شحنة من الغاز الطبيعي المسال ستُصدَّر بحلول 21 أو 22 فبراير. ويمثل هذا الحدث نقطة تحول مهمة لاقتصاد موريتانيا، الذي يعتمد على موارد التعدين والصيد البحري، ويطمح الآن إلى الاستفادة من ثرواته الطاقوية.

ويتم تطوير المشروع بالشراكة مع شركتي "بي بي" البريطانية و" كوزموس انيرجي " الأميركية، إلى جانب الشركاء في السنغال، وهو جزء من استراتيجية أوسع لتحويل البلاد إلى مصدر رئيسي للغاز في المنطقة.

جاء ذلك على هامش فعاليات القمة العالمية للحكومات 2025،المنعقدة في دبي تحت شعار "استشراف حكومات المستقبل".

مراحل الإنتاج: خطة طموحة لتوسيع الطاقة الإنتاجية

يتم تنفيذ المشروع على ثلاث مراحل رئيسية، تهدف إلى رفع الإنتاج تدريجيًا:

المرحلة الأولى: بدأت بالفعل، وستوفر بين 2 و2.5 مليون طن سنويًا من الغاز الطبيعي المسال. المرحلة الثانية: قيد الدراسة والتفاوض مع الشركاء، ومن المقرر أن تضاعف الإنتاج ليصل إلى 5 ملايين طن سنويًا. المرحلة الثالثة: المرحلة النهائية، التي تستهدف الوصول إلى 10 ملايين طن سنويًا بحلول عام 2030. السوق المستهدف: أوروبا في الصدارة، وآسيا خيار محتمل

مع بدء تصدير الغاز، ستكون أوروبا السوق الأولى المستهدفة، نظرًا لقرب موريتانيا الجغرافي من القارة العجوز وحاجتها المتزايدة إلى مصادر بديلة للطاقة، لا سيما بعد الأزمة الروسية الأوكرانية. إسبانيا، على سبيل المثال، يمكنها استقبال الشحنات الموريتانية خلال ثلاثة أيام فقط.

لكن رغم أولوية السوق الأوروبي، كشف الوزير عن اهتمام الأسواق الآسيوية أيضًا بالغاز الموريتاني، مما يفتح الباب أمام فرص تصدير أوسع في المستقبل.

تحديات تقنية وتأخيرات تجاوزها المشروع

لم يكن الطريق نحو إنتاج الغاز من "السلحفاة الكبرى" خاليًا من التحديات، فقد أشار الوزير الموريتاني إلى أن المشروع واجه صعوبات تقنية وتأخيرات متعلقة بعمليات الحفر والإنتاج في المياه العميقة، حيث يقع الحقل على عمق 5000 متر تحت سطح البحر. ومع ذلك، نجح الشركاء في تجاوز هذه العقبات، ما مكّن من بدء الإنتاج رغم التأخير.

الانعكاسات الاقتصادية والتنموية للمشروع

من المتوقع أن يكون لهذا المشروع تأثير اقتصادي كبير على موريتانيا، حيث سيوفر إيرادات ضخمة للخزينة العامة، وسيساهم في تحسين البنية التحتية وتوفير فرص عمل جديدة. كما أنه يمثل خطوة أولى في جعل موريتانيا مركزًا إقليميًا للطاقة، ليس فقط في مجال الغاز، بل أيضًا في الطاقات المتجددة مثل الهيدروجين الأخضر.

مستقبل الغاز في موريتانيا: ماذا بعد "السلحفاة الكبرى"؟

تمتلك موريتانيا إلى جانب هذا المشروع، أحد أكبر احتياطيات الغاز في إفريقيا، حيث يحتوي حقل "بير الله" وحده على 60 تريليون قدم مكعب من الغاز، أي ما يعادل 10 بالمئة من احتياطيات القارة. تجري الحكومة حاليًا مفاوضات مع كبرى شركات الطاقة العالمية لتطوير هذا الحقل، ما يعني أن البلاد قد تشهد مشاريع غازية أكبر في السنوات القادمة.

خطوة نحو الريادة الطاقوية

مع بدء إنتاج الغاز من "السلحفاة الكبرى آحميم"، تضع موريتانيا قدمها بقوة في سوق الطاقة العالمي. وبينما تسعى إلى تعظيم الاستفادة من ثرواتها، وتأمين موقع استراتيجي في سوق الغاز العالمي، يبقى التحدي الأهم هو إدارة العوائد بشكل يضمن التنمية المستدامة والازدهار الاقتصادي للمواطنين.

هذا المشروع، الذي طال انتظاره، ليس مجرد استثمار في الطاقة، بل هو استثمار في مستقبل موريتانيا كقوة صاعدة في قطاع الطاقة العالمي.

المصدر: سكاي نيوز عربية

كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات بي بي السنغال القمة العالمية للحكومات 2025 الغاز الطبيعي المسال موريتانيا السوق الأوروبي موريتانيا الهيدروجين الأخضر احتياطيات الغاز إفريقيا بير الله استثمار في الطاقة موريتانيا اقتصاد موريتانيا بي بي السنغال القمة العالمية للحكومات 2025 الغاز الطبيعي المسال موريتانيا السوق الأوروبي موريتانيا الهيدروجين الأخضر احتياطيات الغاز إفريقيا بير الله استثمار في الطاقة إنتاج الغاز

إقرأ أيضاً:

رئيس سيشل: مشاريع جديدة مع الإمارات قريباً ونستهدف التحول الكامل للطاقة المتجددة

أكد فخامة وافل رامكالاوان، رئيس جمهورية سيشل، أن بلاده ودولة الإمارات العربية المتحدة ترتبطان بعلاقات قوية قائمة على الثقة والاحترام المتبادل، ما يعزز فرص التعاون في المجالات المختلفة، مشيراً إلى أن هذا التعاون يشمل قطاعات واسعة مثل الأمن السيبراني، والطاقة المتجددة، والإسكان، والمرافق الرياضية، ومكافحة المخدرات وإعادة التأهيل. وقال فخامته، في تصريح لوكالة أنباء الإمارات «وام»، خلال مشاركته في أعمال القمة العالمية للحكومات، إن القيادة في دولة الإمارات تحظى بتقدير واحترام كبيرين في سيشل، مشيداً بدور صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، في تعزيز العلاقات الثنائية. وأضاف، أن دولة الإمارات وسيشل تعملان معاً بشكل وثيق، وأن أساس هذه العلاقة الجيدة هو الثقة والاحترام المتبادل، وهو ما يمكن البلدين من العمل معاً في المجالات المختلفة، خاصة مع تطور العلاقات بينهما على مدار السنوات. وأوضح فخامته أنه التقى سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، أمس، حيث ناقش الجانبان سبل تحسين الخدمات الحكومية، وعدداً من المشاريع المشتركة بين البلدين. وفيما يتعلق بمجال الطاقة المتجددة، أشار رئيس سيشل إلى أن بلاده تسعى إلى التحول الكامل من الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة النظيفة، مؤكداً أن هناك عدة مشاريع قائمة، من بينها مشروع طاقة الرياح الذي ينتج حالياً 7 ميغاواط من الكهرباء، ومشروع آخر ينتج أكثر من 1 ميغاواط. وأضاف: «في الوقت الحالي، هناك مشاريع أخرى قيد التنفيذ بدعم من دولة الإمارات، حيث سيتم قريباً إنشاء مشروع جديد لطاقة الرياح يضم خمسة توربينات متطورة، ينتج كل منها حوالي 5 ميغاواط، ما سيضيف 25 ميغاواط إلى شبكة الكهرباء لدينا، إضافة إلى مشاريع الألواح الشمسية العائمة». وأوضح أن سيشيل، التي يتراوح استهلاكها من الكهرباء بين 70 و 100 ميغاواط، تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق هدفها في الاعتماد الكامل على مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، مشدداً على أن الاتجاه الحالي والالتزام بالموارد، والاحترام المتبادل مع الإمارات، هي العوامل الرئيسة التي تدفع عجلة هذا التقدم. وحول دور الإمارات في دعم اقتصاد بلاده، أكد فخامة رئيس سيشل، أنها المستثمر الأبرز في بلاده، مشيراً إلى أن طيران الإمارات يُعد الناقل السياحي الأول إلى سيشل، إلى جانب طيران الاتحاد، ما يساهم في تعزيز القطاع السياحي، الذي يشكل مصدراً رئيسياً للدخل الوطني. وأضاف أن استثمارات الإمارات في قطاع الضيافة والفنادق في سيشل، تلعب دوراً محورياً في دعم الاقتصاد المحلي، وخلق فرص عمل جديدة، وتعزيز قدرة البلاد على جذب المزيد من الزوار. وتطرق رئيس سيشيل إلى جهود بلاده لتعزيز جاذبيتها للمستثمرين، وقال: «يُنظر إلينا الآن كدولة لا يشكل الفساد فيها عائقاً، وهو ما يجب أن يمثل دافعاً إضافياً للمستثمرين الذين يمكنهم الاستثمار في سيشل بثقة كاملة». ونوه إلى أن سيشل جاءت أيضاً في المرتبة الأولى، وفقاً لمؤشر «مو إبراهيم» للحكم الرشيد، ما يعزز مكانتها كدولة تلتزم بالمبادئ وسيادة القانون. واختتم فخامته حديثه بدعوة المستثمرين إلى اغتنام الفرص التي توفرها بلاده، مؤكداً أن بيئة الأعمال في سيشيل تتميز بالشفافية، إذ يتم التعامل مع الجميع وفقاً للقانون، ما يضمن عوائد مجزية على الاستثمارات ضمن إطار شراكة مربحة للطرفين.

أخبار ذات صلة أنتوني ويبورن: «دولية فزاع» نموذج رائد وملهم في التمكين رئيس الدولة: القمة العالمية للحكومات حدث بارز لتعزيز الحوار وتبادل الخبرات المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • توقيع اتفاقيات لتسريع إنجاز مشروع «الغاز العابر للصحراء» بين ثلاث دول
  • رئيس سيشل: مشاريع جديدة مع الإمارات قريباً ونستهدف التحول الكامل للطاقة المتجددة
  • عرقاب: نقل 30 مليار م3 من الغاز الطبيعي سنويًا عبر أنبوب الغاز العابر للصحراء
  • معلومات الوزراء يلقي الضوء على سلاسل القيمة للمعادن الحرجة وأثرها في دعم التحول للطاقة النظيفة
  • إنتاج أول شحنة من الغاز المشترك بين موريتانيا والسنغال
  • رئيس إي فاينانس: خطة طموحة لتحويل مصر لمركز إقليمي للخدمات الصحية الرقمية
  • الجزائر تحتضن الاجتماع الوزاري الرابع للجنة مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء
  • الجزائر تحتضن الإجتماع الوزاري الرابع للجنة مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء
  • وزير البترول يبحث مع أركيوس للطاقة الفرص الاستثمارية في مصر