اليوم العالمي للإذاعة.. الحرب تغتال أثير 25 إذاعة محلية بغزة
تاريخ النشر: 13th, February 2025 GMT
غزة- "هي العشق" تصف مادلين شقليه علاقتها بالإذاعة، التي حرمت منها منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، عقب عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ومنذ ذلك الحين لم تطل مادلين على مستمعيها في برنامجها الإذاعي الصباحي "على طاولة الصباح" عبر أثير إذاعة محلية في غزة، كما اعتادت لنحو 5 أعوام، جراء خروج جميع الإذاعات المحلية عن العمل، بسبب تعرضها للتدمير الإسرائيلي، أو لعدم توفر الكهرباء والوقود.
وللعام الثاني لن تحتفل مادلين وزملاؤها الإذاعيون في غزة باليوم العالمي للإذاعة، الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة ويصادف يوم 13 فبراير/شباط سنويا، وتقول للجزيرة نت "إنه يوم حزين، فقد غيبت الحرب صوت الإذاعات المحلية في غزة، التي كانت منبرا للمواطنين، تعبر عن همومهم وقضاياهم اليومية".
تعمل مادلين في الإذاعة منذ 14 عاما، وكانت بدايتها مع برنامج "في عز الظهر" عبر أثير إذاعة "ألوان" المحلية، ثم انتقلت للعمل في إذاعة "زمن" وقدمت عبرها برنامجها الصباحي "على طاولة الصباح"، حيث كانت تستضيف من خلاله شخصيات مؤثرة ومسؤولين للحديث عن قضايا مجتمعية، وتقول "رغم هموم غزة الكبيرة، فإنني كنت أحرص على بث الأمل والإيجابية".
اندلعت الحرب واضطرت مادلين للنزوح مع أسرتها من مدينة غزة إلى جنوب القطاع، وشغلت بالنزوح المتكرر والهرب من مكان إلى مكان، وغابت إطلالتها الصباحية عبر الإذاعة، وتقول حتى "صباح الخير" اختفت، فكل الصباحات كانت دموية مرعبة.
مرت مادلين بأحداث حزينة، ففي بدايات الحرب استشهدت ابنة شقيقتها الرضيعة يمنى (4 أشهر)، جراء صاروخ استهدف منزلهما في شارع الثلاثيني بمدينة غزة، وكان ذلك بالتزامن مع "مجزرة المعمداني" الشهيرة.
إعلانوبعد 10 أيام لحقت الأم بابنتها، وبحزن شديد تقول مادلين "كانت شقيقتي مرام عروسا جديدة، أنجبت ابنتها قبل الحرب ببضعة شهور، ويبدو أنها لم تحتمل فراقها ولحقت بها شهيدة، وهي التي نجت بجروح من الغارة الأولى".
لم تعلم مادلين باستشهاد شقيقتها مرام، ففي ذلك الوقت كانت المرة الأولى التي تقطع فيها دولة الاحتلال الاتصالات عن القطاع، وبات التواصل بين الناس مستحيلا، وعندما عادت الاتصالات من جديد بعد نحو أسبوع "كانت الصاعقة.. أختك استشهدت" هكذا تلقت الخبر من ذوي زوج شقيقتها، ولم تحظ حتى بمجرد إلقاء نظرة الوداع عليها، ولا تعلم مكانا لقبرها.
ورغم الواقع المؤلم، "لم يغب الميكروفون عن تفكيري"، وبعد لحظة صمت غير طويلة، قالت مادلين "مشتاقة أقول صباح الخير للمستمعين والمستمعات مثل زمان"، بيد أنها تعلم أن العودة للجلوس خلف الميكروفون الإذاعي لن يكون سهلا أو قريبا، بسبب التدمير الهائل الذي لحق بالإذاعات المحلية، والقيود المشددة التي تفرضها دولة الاحتلال على دخول الأجهزة ومعدات البث الإذاعي.
يقول نائب نقيب الصحفيين الفلسطينيين الدكتور تحسين الأسطل للجزيرة نت إن الاحتلال دمر كليا وألحق أضرارا جسيمة بـ25 إذاعة محلية في غزة وأخرجها عن العمل منذ اليوم الأيام الأولى لاندلاع الحرب، وشرد العاملين فيها من إذاعيين ومحررين وفنيين.
الإذاعة ليست مجرد مكانا للعمل، أو مصدرا للرزق، إنها "حديث القلب للقلب، وتلمس احتياجات الناس وهمومهم"، وبحسب مادلين فإنها الوسيلة الأسرع والأسهل للوصول إلى فئات الجمهور المختلفة، وفي غزة التي تعاني من أزمات كثيرة خلّفها الحصار الإسرائيلي، خاصة انقطاع الكهرباء، كانت الإذاعات المحلية الأكثر انتشارا وأهم مصدر للمعلومة، ووجهة الغزيين للتعبير عن همومهم.
إعلانوارتباطا بالإذاعة، اهتدت مادلين لفكرة من وحي تجربة النزوح الطويلة، فأطلقت برنامجا باسم "بودكاست الخيمة"، وواجهت معوقات كثيرة في طريقها لإنتاج 4 حلقات منه، بسبب عدم توفر الإمكانيات، واعتمادها على فريق من المتطوعين.
ومن داخل خيمة في ساحة مستشفى شهداء الأقصى بمدينة دير البلح وسط القطاع، كانت ولادة "بودكاست الخيمة"، وكان المخاض عسيرا، حيث الخوف الشديد، من الاستهداف الإسرائيلي، وتقول مادلين "حينذاك كان القتل على أشده، وتعرضت خيام لصحفيين ونازحين داخل المستشفى للاستهداف المباشر 9 مرات بغارات جوية".
وبحسب الأسطل، فقد كان الصحفيون ومقار عملهم وأسرهم في "بؤرة الاستهداف" خلال الحرب، وقتلت قوات الاحتلال أكثر من 200 صحفي، من بينهم إذاعيون.
إذاعة الجزيرةوعندما غاب صوت الإذاعات المحلية في غزة، كان صوت إذاعات محلية تبث من الضفة الغربية حاضرا، وكانت مصدرا رئيسيا للخبر والمعلومة بالنسبة للغزيين، في ظل انقطاع الكهرباء الدائم، وتردي خدمات الاتصالات والإنترنت.
وكانت قناة الجزيرة الفضائية حاضرة ببث إذاعي عبر أثير إذاعة "عروبة" المحلية من مدينة الخليل جنوب الضفة، وحققت هذه الإذاعة نسب استماع عالية، بهذا البث من التغطية المستمرة لوقائع وتطورات الحرب الإسرائيلية على مدار الساعة، إلى أن توقفت بموجب قرار قضائي صادر عن السلطة الفلسطينية، بدأ بإغلاق مقر القناة في مدينة رام الله بالضفة الغربية.
توقف البث الإذاعي للجزيرة عبر "عروبة"، التي استمرت تبث على مدار اليوم أغاني وطنية، باستثناء برنامجين يركزان على غزة، هما "لمة صباح" من مقرها بالخليل، والثاني "حديث الناس" ويقدمه الصحفي عبد الله المغاري من غزة، ويقول للجزيرة نت "كان هذا البرنامج كي لا يغيب صوت غزة".
وفي ظروف معقدة وبالمجان ومن دون مقابل، تطوع الصحفي المغاري لتقديم برنامجه، غالبا من خيمة، وأحيانا من وسط الدمار والركام، وبمقدمة ثابتة يطل عبد الله صباح كل يوم، ويستهل برنامجه بقوله "سلام لغزة ولأهلها الصابرين، سلام للقدس العاصمة وللضفة الحبيبة، سلام لكل من يسمع هذا الصوت من غزة حتى جنين".
وبإصرار واصل الصحفي العمل، رغم المرات الكثيرة التي تعذر فيها استكمال البرنامج لخلل فني مرتبط بالاتصالات والإنترنت، ويقول عن تجربته الإذاعية الأولى في مسيرته كصحفي اعتاد العمل في الإعلام الرقمي "إنها تجربة فريدة ومعقدة، فالمعتاد أن يفصل المذيع عن مهندس الإذاعة لوح من الزجاج وليس مسافة 60 كيلومترا تفصل بين غزة والخليل".
إعلانولمس المغاري حجم الاستماع الكبير للإذاعة من أسئلة الناس التي لا تتوقف عن سبب غياب "البث الإذاعي للجزيرة"، ويقول "أنا أتفهم ذلك، فالجزيرة هي مصدر المعلومة الأول، والناس في غزة ارتبطت بالاستماع للجزيرة عبر أثير عروبة، حتى أنهم يسجلون ترددها على هواتفهم باسم إذاعة الجزيرة".
وبالنسبة لمدير "منتدى الإعلاميين الفلسطينيين" محمد ياسين فإن إذاعة الجزيرة كانت "بارقة أمل" للغزيين، ومصدر معلوماتهم الأول لمتابعة مجريات الأحداث وتطورات الحرب.
ويقول ياسين للجزيرة نت إن "الجزيرة عبر بثها الإذاعي الموجه لغزة نجحت في كسر الحصار المطبق الذي حاول الاحتلال فرضه على الغزيين بالتدمير الشامل الذي طال كل وسائل الإعلام المحلية بما فيها الإذاعات، وباستهداف الاتصالات والإنترنت، ومساعيه الحثيثة لعزلهم عن العالم"، معتبرا غيابها "خسارة كبيرة كوسيلة إعلامية تؤمن بالعدالة وتتبنى مظلومية الشعب الفلسطيني".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الإذاعات المحلیة محلیة فی غزة للجزیرة نت عبر أثیر
إقرأ أيضاً:
«الإذاعة وتغير المناخ».. شعار الاحتفال باليوم العالمي للإذاعة 2025.. أهداف وحقائق.. «اليونسكو» تقدم خطة عمل لتطبيقها في المحطات الإذاعية على مستوى العالم لإبراز قضايا المناخ
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يوافق اليوم الخميس، الموافق 13 فبراير من كل عام، الاحتفال باليوم العالمي للإذاعة، وفقًا ما أعلنته الدول الأعضاء في اليونسكو، تأكيدًا على أهمية الإذاعة التي تعد الوسيلة الإعلامية الأكثر ناجحًا وفعالية، تتيح الاحتفاء بالإنسانية، وبالتنوع الحافل الذي تشهده.
بداية الاحتفال باليوم العالمي للإذاعة
وأعلنت اليونسكو في مؤتمر عام بالدورة السادسة والثلاثين في 3 نوفمبر 2011، لأول مرة عن تدشين يوم عالمي للإذاعة، وتم اعتماده رسميًا من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2012 في الدورة السابعة والستون لها، ووقع الاختيار على يوم 13 فبراير من كل عام، ليكون اليوم العالمي للإذاعة، والذي يصادف الذكرى السنوية لإنشاء الأمم المتحدة، ومنذ ذلك الوقت لا تزال الإذاعة تتمتع بكونها أكثر وسائل الإعلام استخدامًا وانتشارًا في جميع أنحاء العالم، وذلك بسبب قدرتها الفريدة على الوصول إلى أكبر عدد ممكن من البشر في نفس الوقت، وهو ما يساعدها على تعزيز التنوع في المجتمعات.
الهدف من الاحتفال باليوم العالمي للإذاعة
يهدف اليوم العالمي للإذاعة، إلى الاحتفال بمقومات الإذاعة كوسيلة إعلامية، وتوفير فرصة لتعزيز التعاون الدولي بين هيئات البث الإذاعي، وذلك من أجل تشجيع الشبكات الرئيسية ومحطات الإذاعة المحلية للوصول لمختلف المعلومات والانتفاع بها والتمتع بحرية التعبير.
من الأهداف التي يسعى إليها اليوم العالمي للإذاعة، هي توعية الناس ووسائل الإعلام بقيمة الخدمات السمعية العامة، بالإضافة لتشجيع متخذي القرارات على تعزيز الإذاعة الحرة والمستقلة والتعددية، وكذلك الربط الشبكي والتعاون الدولي بين الهيئات المعنية بالبث.
تتميز الإذاعة كوسيلة إعلامية عن غيرها من الوسائل أنها منخفضة التكلفة، ولذلك فهي تلائم المجتمعات المحلية والفئات المختلفة التي يصعب الوصول إليها بوجه خاص، كما تتمتع بشعبية كبيرة للمستمعين في جميع أنحاء العالم، حيث يمكنكم متابعة الإذاعة في أي مكان وأي وقت سواء لمعرفة حالة الطقس أو متابعة المستجدات الرياضية والسياسية وقت حدوثها، وتوفر أيضًا فرصة لجميع الأشخاص للمشاركة وإسماع أصواتهم باختلاف المستويات التعليمية، بالإضافة إلى كونها وسيلة ضرورية في الحالات الطارئة برغم تضرر البنية الأساسية أو انقطاع الكهرباء أو وسائل التواصل.
«الإذاعة وتغير المناخ».. شعار الاحتفال باليوم العالمي للإذاعة 2025
يخصص اليوم العالمي للإذاعة 2025، لإبراز قضايا المناخ، من أجل دعم المحطات الإذاعية في تغطيتها الإعلامية لهذا الموضوع، حيث يمثل العام الجاري عامًا فاصلًا فيما يخص تغير المناخ، وفقاً لاتفاق باريس، إذا أرادت البشرية الحد من الاحتباس الحراري لكوكب الأرض بحيث لا يتجاوز 1.5 درجة مئوية، يجب أن تصل انبعاثات غازات الدفيئة إلى ذروتها في ذلك العام على أبعد تقدير قبل أن تأخذ في الانخفاض.
تقدم منظمة اليونسكو ما يمثل خطة عمل ونصائح توعوية لتطبيقها داخل الإذاعة هذا العام 2025، فيما يخص قضايا تغير المناخ ودعمه ودعم الصحفيين المعنيين بهذا الملف ونشر الحقائق بخصوصه، والتي جاءت كالتالي:
الإذاعة.. الوسيلة الإعلامية الأكثر جدارة بالثقة
وفقًا لليونسكو، فإن عصر الذكاء الاصطناعي وشبكات التواصل الاجتماعي الموجودة في كل مكان تقريباً، لا تزال البرامج الإذاعية الجيدة تحظى بشعبية عالمية وواسعة النطاق، وتعد الوسيلة الإعلامية الأكثر جدارة بالثقة، ولا يقتصر دورها على تعميم المفاهيم البيئية ونشرها على نطاق واسع من خلال بث معلومات موثوق بها ومستقلة عن سطوة القوى الاقتصادية والأيديولوجية والسياسية فحسب، بل هي قادرة أيضاً على تشكيل تصورات المستمعين بشأن تغير المناخ وأهميته، ويمكن للإذاعة، سواء كان يُستمع إليها على الهواء أو عبر البث المباشر أو عند الطلب، أن تساهم في رسم معالم جدول الأعمال العام، مع إمكانية التأثير في جدول أعمال الشؤون العامة.
توخي الحذر بشأن اختيار مصادر المعلومات
تؤكد اليونسكو، أنه لا يمكن الاستهانة بمساهمة مصادر المعلومات في تحديد مواضيع البرامج الإذاعية والتغطية الإعلامية في ظل هذه الظروف الديناميكية، فهي تتسم بأهمية لا غنى عنها لجمع البيانات المناخية والعلمية وفهمها، وسيكون اختيار المواضيع وتحديد درجة أولويتها، فضلاً عن تحديد إطار المضامين التحريرية، نتيجة عمليات التبادل المذكورة بين المصادر وهيئات البث الإذاعية إلى حد بعيد.
أفضت ندرة الموارد المالية المتاحة للمحطات الإذاعية في الآونة الأخيرة، بسبب فقدان الإعلانات أو الأموال العامة، إلى تقليص عدد العاملين في الإذاعة تقليصاً قسرياً، وهو ما ساهم في زيادة تكاليف الاستعانة بالمصادر لغرض الحصول على معلومات موثوق بها، وهو أمر تعاني منه المحطات الإذاعية المحلية بوجه خاص، ومع ذلك، تعد استشارة مجموعة متنوعة من المصادر أمراً محورياً في العمل على تغطية تغير المناخ.
يجب على هيئات البث الإذاعية إيلاء المزيد من الاهتمام لنوعية مصادر المعلومات وتنويعها نظراً إلى زيادة مشاركتها في معالجة المعلومات المرتبطة بتغير المناخ، ولا بد من الاستعانة بمصادر متخصصة ومتنوعة وموثوق بها من أجل تفكيك الحجج المشككة في تغير المناخ، وتقديم أحدث المعلومات عن الادعاءات الزائفة بحماية البيئة (التمويه الأخضر)، وفك مغاليق المفاهيم المستعصية على الفهم في الاقتصاد الإيكولوجي، والتوعية بشأن النهوج المختلفة فيما يخص المتظاهرين بشأن تغير المناخ، وإجراء تحقيقات في عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة أو في العقبات التي تعترض تنفيذ الحلول التي جرى التوصل إليها.
إتاحة الفرصة للمستمعين للتعبير عن آرائهم
توضح، أن المستمعون يتمتعون بمعارف واسعة بشأن حقائق تغير المناخ والحلول الممكنة لمواجهته، ولا سيما الأشخاص من المجتمعات الريفية والشعوب الأصلية أو الأشخاص المتضررون من الكوارث البيئية، مثل حالات التلوث الناجم عن المواقع الصناعية، أو نقص الغذاء الناجم عن المناخ، أو مياه الصرف الصحي غير المعالجة، وما إلى ذلك، وسيلة متوازنة وعملية ولا تنطوي على إثارة صحفية تتيح مساءلة متخذي القرارات والشركات عن أفعالهم أو عن تقاعسهم عن عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة.
تتمتع المحطات الإذاعية المحلية بوجه خاص، بحُكم كونها متجذرة في مجتمعاتها المحلية، بأكبر إمكانيات لتقديم برامج وتقارير ومقابلات ومقابلات في الشارع تتيح تسليط الضوء على مواقف الحياة الواقعية والحلول التي يشاركها السكان المحليون، وتوضح إفادات هؤلاء الأشخاص واقع الحياة اليومية الذي يعيشونه تحت وطأة تغير المناخ.
يمكن للنساء والأطفال والأشخاص المهمشين، الذين تضرروا تضرراً كبيراً من جراء عواقب تغير المناخ، اتخاذ الإذاعة وسيلة لسرد القصص وتبادل المعارف وتعلم طرق جديدة للقيام بالأشياء، ويتبين أنه من الضروري أيضاً، عند توفير حلول ومعارف في مواجهة تغير المناخ، الاعتراف بالمكانة الخاصة للبرامج الإذاعية التي تنتجها الشعوب الأصلية.
يتيح عدم الاقتصار على نشر الوقائع أو تقديم معلومات عن الأزمات، بل القيام أيضاً بتسليط الضوء على محطات إعادة الإرسال المحلية والتدابير الفعالة للحد من وطأة تغير المناخ والتكيّف مع الآثار الناجمة عنه، جعل التصدي لتغير المناخ أقل تخويفاً وأقل اعتماداً على التقنية لصالح تعزيز قيمة القصص والتجارب الحية وتقديرها.
الاستعداد والتأهب مسبقاً
تقول اليونسكو، إنه غالباً ما تصبح الإذاعة، في حالة وقوع كوارث بيئية، المصدر الوحيد للمعلومات والدعم للسكان، إذ يعمل بدون كهرباء أو إنترنت، ويتمتع بالقدرة على الوصول إلى عدد كبير جداً من الأشخاص في وقت واحد، ولا يتأثر بمشكلات التوزيع الأرضي أو التوزيع عبر الأقمار الصناعية، وبذلك تعمل هيئات البث الإذاعية على الحفاظ على نظام اتصال وإعلام يتيح إنقاذ الأرواح في حالات الطوارئ.
ويمثل تغير المناخ ظاهرة عالمية، وبالتالي فإن المزيد من التعاون بين هيئات البث الإذاعية في البلد ذاته وفي بلدان أخرى، أمراً مهماً وملائماً، ويمكن أن يثري المهارات والأنساق والأدوات اللازمة للتغطية الإذاعية لظاهرة تغير المناخ، ويتيح واقع القضايا المشتركة والمشكلات العابرة للحدود والكوارث الإقليمية وحركات الهجرة المرتبطة بتغير المناخ وغيرها من القضايا والتحديات، جعل عمليات التواصل الدولي بين المحطات الإذاعية مثمرة ومشجعة لما تنطوي عليه من فوائد ومنافع لتبادل نتائج عمليات التحقيق والشهادات والموارد والضيوف على الهواء والتقارير الإذاعية والبرامج وغيرها.
يمكن لهيئات البث الإذاعية، إضافة فقرة دائمة إلى النشرات الإخبارية، وذلك من خلال تناول قضية تغير المناخ على أساس يومي، ولا سيما خلال أوقات الذروة، ووضع برنامج مخصص لهذا الموضوع.
حماية الصحفيين المعنيين بقضايا البيئة
وكشفت اليونسكو، في مذكرة إعلامية بشأن البيانات والاتجاهات المتعلقة بالاعتداءات ضد الصحفيين، عن قتل 44 صحفياً معنياً بقضايا البيئة، وجرى توثيق 749 حالة اعتداء ضدهم في 89 بلداً خلال الـ 15 سنة الماضية، تتضمن المذكرة أيضًا نتائج دراسة استقصائية جديدة أُجريت في صفوف الصحفيين بشأن التهديدات التي يواجهونها عندما يعملون على تغطية المواضيع البيئية، فأفاد أكثر من 70% من الصحفيين المشمولين بتلك الدراسة الاستقصائية بأنهم تعرضوا لاعتداءات أو تهديدات أو ضغوط.
وأفاد بنسبة 60% من الصحفيين المشمولين بالدراسة، تعرضهم للتحرش أو المضايقة عبر الإنترنت، و41% تعرضوا للاعتداء الجسدي؛ وأفاد ربع الأشخاص بتعرضهم لاعتداءات قانونية، وأفاد نحو 75% بأن هذه الأمور قد عادت بعواقب على صحتهم النفسية.
فضح الأخبار الزائفة
وتعد هيئات البث الإذاعية، بوصفها وسائل لنقل معلومات موثوق بها وموثقة ومستقاة من مصادر، ضرورية لفضح الأخبار الزائفة، وتعد البرامج الإذاعية مجالاً ممتازاً للتوعية بشأن تغير المناخ والقضايا البيئية والكوارث الطبيعية.