تعوّد العالم ألّا يعطي الاهتمام للأخبار والتصريحات الآتية من كوريا الشمالية، لأن معظمها لا يعني أحداً سواها: صاروخ جديد ينفجر قرب اليابان، أو رحلة للزعيم كيم الثالث في القطار إلى موسكو. دائماً أنباء من النوع الموتّر للأعصاب، والمثير لمخاوف الخصم، ودائماً خارج على منطق السياسات العادية وسياق القضايا الدولية.
مع البيان الكوري الشمالي، تكتمل حلقة التنديد باقتراح الرعب الذي وضع العالم أجمع على خط الزلازل. في البداية اعتقد عقلاء الأرض أنها مجرد إثارة ترامبية أخرى. اقتراح في الهواء يشغل العالم ويسلّي الناس، ثم يعثر ترامب على سلوى أخرى: ضم روسيا. منع التوابل والبهارات الصينية. السخرية الفاقعة في مخاطبة الرئيس الفرنسي وتهديده: إيمانويل ماكرون!
صار العالم كله يستيقظ كل يوم مرتجفاً: ماذا سيقترح هذا الرجل هذا النهار؟ وماذا سيطلب: معادن كندا. إيرادات بنما. أملاح أمريكا الجنوبية؟ ما من بقعة ليس في مواجهة معها. وعندما سُئل بأي سلطة يسيطر على غزة، قال: «السلطة الأمريكية». وهذا شيء جديد يعلن عنه، وإن يكن أمراً معروفاً منذ زمن. «السلطة الأمريكية». وها هي في أقل من شهر تقلب العالم وترمي فوقه المفاهيم والمعايير، وتضع كل قوة أمريكا في خدمة قوة واحدة هي إسرائيل.
السؤال الجوهري في هذا العالم الشديد الاهتزاز، ليس كيف ينظر العالم إلى خطاب وسلوك ومقترحات ترامب، بل كيف تنظر إليها دوائر القرار ومخططو السياسة الخارجية في أمريكا، أي «الدولة العريقة» التي يفترض أنها ترى أبعد مما يراه أصحاب المشاريع السياحية.
خلف هذا المشهد اللامعقول، قضية يجب ألّا تغيب عن البال. غزة ليست حالة عابرة. إنها الحالة التي تخيف إسرائيل (وأمريكا) أكثر من سواها. وإذا جردت القضية الفلسطينية من صلابة وجلادة غزة، أفقدتها الكثير من مناعتها. و«الوطنيون» الذين فصلوا بين غزة والسلطة إنما ارتكبوا واحدة من سلسلة الحماقات التي عصفت بالقضية، والتي يبدو أن لا نهاية لها. هؤلاء حوّلوا غزة إلى «دور سياسي» في أسوأ مأساة من فصول فلسطين. وتكفل ترامب بتحويل المأساة إلى مهزلة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام المجتمع اتفاق غزة سقوط الأسد إيران وإسرائيل القمة العالمية للحكومات غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية غزة وإسرائيل
إقرأ أيضاً:
الرئيس الأمريكي يدير أكبر دولة في العالم بعقلية تاجر العقارات
بعد أقل من شهر على وصوله إلى السلطة في الولايات المتحدة الأمريكية شرع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في التوقيع على سلسلة من الأوامر التنفيذية أثارت العالم كله على الولايات المتحدة.
العديد من تلك الأوامر يمكن أن يوصف بالجنون خاصة عندما يتعلق الأمر بتهجير سكان قطاع غزة والذي لقي رفضاً دولياً حتى من أقرب حلفاء أمريكا مروراً بضم دولة كندا وهي بمثابة قارة من حيث المساحة إلى الولايات المتحدة وكذا ضم غريلاند أو احتلالها والتلويح باحتلال قناة بنما، ومثل ذلك كان الرئيس الأمريكي قد أصدر قراراً بإدراج أنصار الله في قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية.
مجموعة من الأوامر التنفيذية والقرارات لا يمكن أن تصدر عن رئيس عاقل يعمل ألف حساب لردود الفعل والأبعاد الدولية لقرارته المجنونة، التي أثارت استياءً دولياً لا مثيل له حتى وصل إلى الولايات المتحدة ذاتها، وإلى المؤسسات التشريعية فيها..
رئيس يتعامل مع حكم دولة بحجم أمريكا بعقلية تاجر عقارات لا يحسب حساباً لكل دول العالم وأقرب حلفاء بلاده، يهمه المال قبل كل شيء وهذه عقلية التاجر يحسب حساب الربح والخسارة لا عقلية السياسي الذي يعمل ألف حساب لكل الأبعاد السياسية لأي خطوة يخطوها.
لقد أصبح دونالد ترامب أضحوكة في العالم كله، كافة دول أمريكا اللاتينية رفضته ورفضت تهديداته لبنما والمكسيك وكولومبيا.. حلفاؤه الأوروبيون رفضوه رفضاً قاطعاً وأدانوا قراراته وانتقدوا أسلوب حكمة الهمجي.. في آسيا وأفريقيا أصبح ترامب مدعاة للسخرية والتهجم عليه من معظم سكان القارتين.
إن القوة والسلطة والثروة لمن له عقل على حد وصف أحد السياسيين في أوروبا؛ وترامب في هذه الحالة لا يجب أن يكون له لا قوة ولا سلطة، وبالتأكيد ليس لديه عقل وهو يستعدي العالم كله تحت وهم أنه يحمي مصالح بلاده متناسياً أن الآخرين لديهم الحق في حماية مصالح بلدانهم.
لقد كان للمنطقة العربية نصيباً وافراً من تصريحات ترامب الهمجية ومقابلاته الإعلامية حيث يتعامل مع دول كبيرة في المنطقة كمصر واليمن والسعودية ودول الخليج مجتمعة، كتجمعات سكانية وليست دول مستقلة وذات سيادة، لقد وجد الأرضية الخصبة باستثناء اليمن لممارسة طغيانه ونزعته التوسعية؛ يتعامل مع دول الخليج والسعودية كمناطق ثروة ومال تابعة لبلاده خاصة أنه وجد فيها حكاماً أذلاء خانعين ومطيعين لكل قرارته وتوجيهاته.
كان اليمن الدولة العربية الوحيدة التي قالت لا ليس لترامب فحسب بل لأمريكا وجبروتها العسكري، ومعارك البحر الأحمر شاهدة على ذلك، تابع العالم كله باهتمام البحرية اليمنية وهي تلقن الترسانة البحرية الأمريكية دروساً في فنون القتال.
لقد أقرت البحرية الأمريكية بهزيمتها في البحر الأحمر حيث أشار دانيال دواير نائب العمليات البحرية الأمريكية، إلى أن القوات الأمريكية تتعلم من التكنولوجيا اليمنية، مؤكداً أن هناك تكنولوجيا وتقنيات جديدة استخدمتها البحرية اليمنية في البحر الأحمر .
والآن وصلت تصريحات ترامب المجنونة إلى طريق مسدود بعد أن رفضها العالم كله ولم يتبق له سوى الاعتذار من كل سكان الأرض على انزعاجهم من تصريحاته تلك.
سبأ نت / المحرر السياسي