مثلما أثبت اللقاء الذي جمع في البيت الأبيض العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والرئيس دونالد ترامب، أن هناك تبايناً عربياً أمريكياً واسعاً بشأن التعامل مع القضية الفلسطينية، أثبت أيضاً أن خطط تهجير الفلسطينيين من أرضهم في قطاع غزة والضفة الغربية، مرفوضة تماماً، ولا يمكن القبول بها عربياً وإسلامياً ودولياً، وأن طرحها بمثابة لعب بالنار يهدد بنسف كل المسلمات القائمة منذ عقود.
الإدارة الأمريكية الجديدة، لا تريد أن ترى وتسمع إلا ما تفكر فيه وتخطط له، وهذا النهج يمثل انقلاباً في الأعراف الدولية وخروجاً على تقاليد العلاقة مع الدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط. ورغم أن الإدارات المتعاقبة، يربطها انحياز أعمى إلى إسرائيل وأمنها، إلا أنها تحافظ على قدر من الواقعية والعقلانية للمحافظة على مصالحها الذاتية ومصالح دول الإقليم، كما تبنت من حيث المبدأ حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته والعيش، ورعت لسنوات طويلة المسار التفاوضي الشاق منذ أوسلو قبل أكثر من ثلاثين عاماً إلى المفاوضات الأخيرة للتوصل إلى هدنة في غزة باعتبارها واحدة من الوسطاء الثلاثة إضافة إلى قطر ومصر. ورغم الانتقادات التي طالت إدارة جو بايدن السابقة، كانت هذه الإدارة ترفض إلى آخر لحظة تهجير الفلسطينيين من غزة وترفض توسيع الاستيطان في الضفة، وتعتبره غير شرعي.
في طريق عودته إلى البيت الأبيض، وبعد فوزه بالانتخابات الرئاسية، تعهد ترامب غير مرة بأنه سينهي الحرب المروعة في غزة خلال 24 ساعة، وسيعمل على إحلال السلام في المنطقة، وربما استبشر البعض بتعهداته أو انخدعوا، لكن ما يطرحه اليوم بشأن تهجير سكان غزة والسيطرة على القطاع الفلسطيني وامتلاكه وبيعه أو جلب جنسيات عدة لاستيطانه، أمر صادم ومروع، ولن يستطيع عربي واحد أن يقبله، لأنه فعل يتجاوز كل نواميس الأخلاق والقوانين ويمثل بدعة ليست من هذا الزمان ولا تنتمي إلى الحضارة الإنسانية التي طوت منذ قرون هذه السلوكيات وجرمت السطو على أراضي الغير أو إبادة سكانها أو تهجيرهم قسراً.
وعلى أساس هذه القناعات والقواعد الثابتة، يتأسس الموقف العربي من كل ما يطرحه ترامب بشأن القضية الفلسطينية، وقد أفصح لقاؤه مع العاهل الأردني عن بعض هذا الموقف، الذي سيتبلور وسيتضح بشكل حاسم، لا يقبل اللبس، بعد القمة العربية الطارئة أواخر هذا الشهر، وهو موقف ستتولى مصر نقله إلى الإدارة الأمريكية بكل قوة، وتعرضه بلغة فصيحة لا تقبل التأويل، وجوهره أن تهجير الفلسطينيين لن يكون، وأن اللعب بخرائط المنطقة وبديمغرافيتها غير مسموح أبداً، وهذا موقف يستحق الاحترام والإكبار، وله ما بعده في مقبل الأيام.
لا شك أن هناك معركة سياسية قاسية تدور الآن في المنطقة، وأن هناك أزمة متفاعلة تمر بها العلاقات العربية الأمريكية، وهي الأخطر على الإطلاق، لأنها تمس صميم الأمن القومي العربي، وتهدد بافتعال مظلمة تاريخية جديدة بحق الشعب الفلسطيني وتزعزع استقرار المنطقة عقوداً. ومثلما قاوم السابقون لأكثر من مئة عام مشاريع السطو على فلسطين والأراضي العربية، لن تسمح الأجيال الحالية بتكرار أخطاء الماضي، فالتخلي عن الأرض تخلٍّ عن الهوية والوجود، وهذه الرسالة يجب أن تستوعبها إدارة ترامب، وأن تبحث عن مقاربات أخرى غير تهجير الفلسطينيين والسيطرة على غزة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام المجتمع اتفاق غزة سقوط الأسد إيران وإسرائيل القمة العالمية للحكومات غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية غزة وإسرائيل تهجیر الفلسطینیین
إقرأ أيضاً:
البيان الختامي لمؤتمر الدولية للتربية يؤيد موقف مصر في دعم حقوق الفلسطينيين
أعلن المشاركون فى مؤتمر المنظمة الدولية للتربية، والتي تضم ممثلين من 176 دولة، وعقد لأول مرة بالقاهرة واستضافته نقابة المهن التعليمية المصرية، خلال يومي 8 و 9 أبريل 2025، بيانهم الختامي بعد التشاور مع كل الأعضاء، تأييدهم الكامل لموقف مصر والرئيس عبد الفتاح السيسي، في دعم حقوق الشعب الفلسطيني، ورفض تهجيره خارج أرضه، والحفاظ على حقوقه التاريخية في تقرير المصير، وضرورة الوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي على المدنيين الفلسطينيين، وتحمل المجتمع الدولي لمسئولياته لتحقيق العدالة وحماية الشعب الفلسطيني من آلة الحرب الإسرائيلية الغاشمة.
وأكد البيان الختامي لمؤتمر الدولية للتربية السابع، بعنوان "التعليم في مناطق الصراع - التحديات والحلول- البنية التعليمية عبر الإقليمية فى الدول العربية"، الذى عقد على مدار يومي 8 و 9 أبريل 2025، بمشاركة ممثلين من منظمات دولية وإقليمية، ووزارات التربية والتعليم فى مصر وفلسطين، وخبراء تربويين، ومنظمات مجتمع مدني، يجسدون صوت المعلمين والعاملين في مجال التعليم في المنطقة العربية وجميع أنحاء العالم، ضرورة إيجاد حلول للتحديات الجسيمة التي تواجه العملية التعليمية في مناطق النزاع، وخاصة ما يتعلق بانقطاع التعليم، وتعرض المعلمين والطلاب لمخاطر جسدية ونفسية كبيرة، وتدهور البنية التحتية للمدارس، وأثر النزاعات المسلحة على جودة التعليم.
وأكد المشاركون في المؤتمر على ضرورة ضمان الحق في التعليم لجميع الأطفال في مناطق النزاع دون تمييز، وتوفير بيئة تعليمية آمنة وشاملة.
وشدد البيان الختامى على أهمية دعم المعلمين ماديا ومعنويا، وتوفير التدريب والتأهيل اللازم لهم للتعامل مع التحديات الخاصة بمناطق النزاع.
وطالب البيان بدعم إنشاء برامج تعليمية بديلة ومرنة تتناسب مع ظروف النزاع، مع التركيز على الصحة النفسية والدعم الاجتماعي للطلاب والمعلمين.
ودعا البيان الختامى للمشاركون فى المؤتمر، المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته في حماية التعليم من الهجمات، وتفعيل القرار الأممي رقم 2601 الصادر عن مجلس الأمن بشأن حماية التعليم أثناء النزاعات المسلحة.
وأعرب المشاركون فى بيانهم الختامى، عن أملهم في أن تشهد المرحلة المقبلة تطورا ملموسا في دعم التعليم عالميا، وتفعيل المبادئ الإنسانية في خدمة الطفولة والمعلمين والمجتمعات التي تعاني من ويلات النزاع والحروب.
جدير بالذكر أن المؤتمر الذى عقد لأول مرة فى مصر، شهد حضور، ماجوينا مالويكى رئيس منظمة "الدولية للتربية" Education International، وديفيد إدوارد الأمين العام للمنظمة، وخلف الزناتي نقيب المعلمين المصريين ورئيس اتحاد المعلمين العرب، ومحمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم المصرى، وأمجد برهم وزير التعليم بفلسطين، ومنال حديفة رئيس البنية العربية بمنظمة "الدولية للتربية"، ومشاركة عدد كبير من النقابيين وخبراء التعليم على مستوى العالم.