تفسيرات علمية تجيب على السؤال الأشهر: لماذا نقع في الحب؟
تاريخ النشر: 13th, February 2025 GMT
الحب، هذا الشعور العميق الذي لطالما ألهَمَ الشعراء وأثار فضول الفلاسفة وأشغل العلماء، لا يزال واحداً من أكثر الألغاز تعقيداً في التجربة الإنسانية.
وبالتزامن مع احتفالات عيد الحب، يتكرر السؤال الأهم: لماذا نقع في الحب؟ هل هو مجرد استجابة كيميائية في الدماغ، أم أنه حاجة نفسية متأصلة فينا؟ وهل نحن بالفعل مخيرون فيمن نحب، أم أن هناك عوامل خفية تدفعنا نحو أشخاص بعينهم؟
في هذا التقرير، نستعرض الرؤية العلمية والنفسية للحب، ونحاول فك طلاسم هذا الشعور الاستثنائي.
ووفقاً لفيشر، يتكون الحب من ثلاث مراحل أساسية، ترتبط كل منها بنظام بيولوجي مختلف داخل الدماغ:
الشغف (الرغبة):
تدفعه هرمونات مثل التستوستيرون والإستروجين، ويعزز الانجذاب الجسدي والرغبة في التقارب الحميمي.
الانجذاب العاطفي:
يتميز بارتفاع مستويات الدوبامين وغيره من هرمونات السعادة، مما يولد الشعور بالنشاط والنشوة عند التفكير في الحبيب، وانخفاض السيروتونين، الذي قد يفسر التفكير الهوسي والميل إلى التركيز المكثف على الطرف الآخر.
الارتباط طويل الأمد:
تحفزه هرمونات الأوكسيتوسين والفازوبريسين، وهما المسؤولان عن بناء الثقة والشعور بالاستقرار العاطفي مع الشريك.
وعليه، فمن هذا المنظور، يبدو الحب وكأنه دافع بيولوجي قوي، يشبه الجوع أو العطش، مصمم لضمان استمرار العلاقة بين الشريكين بما يعزز فرص التكاثر والاستمرارية. لماذا ننجذب إلى أشخاص معينين؟
رغم أن الكيمياء العصبية تلعب دوراً محورياً في الحب، إلا أن علم النفس يكشف عن جوانب أعمق تتعلق بكيفية اختيارنا لشريك الحياة.
وفي كتابها "الوقوع في الحب: لماذا نختار العشاق الذين نقع في حبهم؟"، تؤكد الباحثة أيالا مالاش-باينز بأن اختيار الشريك لا يتم عشوائياً، بل تحكمه عوامل نفسية عدة، من بينها:
التشابه: نميل إلى الانجذاب للأشخاص الذين يشبهوننا في القيم والاهتمامات والخلفية الاجتماعية.
التكامل النفسي: نبحث، غالباً دون وعي، عن شركاء يعوضون نقاط ضعفنا أو يشبعون احتياجات غير مُلباة فينا.
التبادلية: معرفة أن الطرف الآخر ينجذب إلينا تعزز من رغبتنا فيه.
الانطباع الأولي: قد تلعب اللحظات الأولى من التعارف دوراً حاسماً في تشكيل مشاعر الحب، حيث تؤثر لغة الجسد ونبرة الصوت وحتى الرائحة الطبيعية للطرف الآخر على مدى انجذابنا إليه.
هذه العوامل تفسر لماذا يبدو الحب أحيانًا وكأنه "خارج عن إرادتنا"، بينما هو في الواقع نتاج عمليات نفسية معقدة تعمل في خلفية وعينا.
فعلى سبيل المثال؛ الانجذاب العاطفي يساعد على اختيار الشريك المناسب، مما يزيد من فرص النجاح في العلاقة، والارتباط العاطفي طويل الأمد يعزز استقرار الأسرة، مما يسهم في تربية الأطفال في بيئة آمنة ومستقرة.
ويشير المتخصصون كذلك إلى أن الحب يختلف تبعاً للظروف البيئية والثقافية، فالمجتمعات التي تعاني من عدم الاستقرار تميل إلى تقدير العلاقات قصيرة الأمد، بينما المجتمعات الأكثر استقراراً تفضل العلاقات طويلة الأمد التي تعزز بناء العائلات. هل الحب اختيار أم قدر؟ رغم كل ما يقوله العلم، يبقى السؤال الأزلي: هل نختار من نحب، أم أن الحب يفرض نفسه علينا؟
تشير الدراسات إلى أن الحب ليس مجرد مصادفة، بل يخضع لمجموعة من العوامل الواعية واللاواعية التي توجه خياراتنا. ومع ذلك، فإن عنصر العاطفة والارتباط العميق يجعل الحب يبدو أحياناً كأنه قوة لا يمكن التحكم فيها.
في حين يرى بعض الباحثين، مثل المحلل النفسي أوتو رانك، أن الحب في العصر الحديث أصبح يحمل وظيفة روحية، حيث يبحث الناس عن معنى أعمق للحياة من خلال الارتباط العاطفي، وهو الدور الذي كانت تلعبه المعتقدات الدينية في المجتمعات القديمة.
في النهاية، يتضح لنا أن الحب ليس مجرد استجابة كيميائية ولا مجرد حاجة نفسية أو بيولوجية، بل هو مزيج معقد من العوامل العصبية، النفسية، والاجتماعية التي تتفاعل معاً لتخلق تجربة إنسانية استثنائية.
ورغم كل محاولات العلم لفهمه، سيظل الحب يحمل ذلك البعد الغامض الذي يجعله أجمل ما في الوجود، وأعقد ما في الحياة، وأسهل ما يجلب للإنسان السعادة.. رغم أنه أحياناً يجعله يرى العالم بأجمل ألوانه، ثم يسحبه إلى عتمة الوحدة في لحظة!
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام المجتمع اتفاق غزة سقوط الأسد إيران وإسرائيل القمة العالمية للحكومات غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية عيد الحب فی الحب أن الحب نقع فی
إقرأ أيضاً:
غياب الوعي
بقلم ا/ محمد علي طه الملك
يقولون ان الدمار والصراعات الكارثية الكبرى ، تصحح الوعي وتعيد ترتيب الأوضاع المادية إلى الأفضل، غير أن الملاحظ رغم تحقق ذلك في بلادنا ، لازال الوعي ضامر وغير قادر على تشكيل الوحدة المفاهيمية ، ولازلنا في خلاف حول مسببات ومسمى القتال ودوافعه الظاهرة والخفية ، صحيح أن الحرب في مسماها الظاهري، تمرد قوة عسكرية وخروجها عن طاعة وليها الدستوري ، ولان شرعية العلاقة بين الطرفين بنيت على فكرة تدجين الصراع القديم المتجدد حول السلطة بين المركز والهامش ، سرعانما تمت تغذية الصراع بحمولات المظلمة التاريخية ، بدوافعها المختلفة من أحفاد كانت تاخذ في احيان كثيرة طابع التشفي والانتقام ، افرزت احساسا لدى الضحايا بغربة وغرابة هؤلاء المعتدين، وأنهم ليسوا منهم ولن يكونوا.
المؤسف رغم الدمار ومخلفات ومخالفات القتال الكارثية ، لا زال القصور المفاهيمي لمعنى الوطن والقدرة على التعايش السلمي عزيز المنال ، فلا اتفاق جوبا ولا مواثيق تقدم والحرية والتغيير قادرة على ردم الهوة وتطهير الانفس وتوجيهها نحو غايات سامية تخدم الاستقرار والمواطنة والتعايش السلمي ، لقد منحت الثورة بعد التغيير ، مساحة واسعة لتمثيل الهامش الغربي سواء في السلطات الولائية أو على المستوى السيادي والوزاري والمهني في كافة المؤسسات على نطاق كامل مؤسسات الدولة ،
مع ذلك ..
عجزت قوى الهامش الغربي من تحقيق الاستقرار وتجاوز خلافاتها البينية، فعمدت على تفجير الوطن ، ظنا منها بأنها بذلك تعيد ترتيب أوراق الصراع لصالحها ، فخسرت وخسرت ( بتشديد السين) ما كان من امل الاصلاح والتعايش.
ولا زال السؤال قائم هل بمقدور الهامش الغربي دون تدخل من المركز تسوية خلافاته البينية وتحقيق التعايش السلمي في حدود ولاياته واقليمه ؟
اعتقد انه السؤال الذي تجسر اجابته ٩٠% من عوامل استقرار السودان وتحقيق وحدته.
medali51@hotmail.com