عربي21:
2025-02-13@07:24:01 GMT

من يبيع غزّة لترامب؟

تاريخ النشر: 13th, February 2025 GMT

منذ 25 جانفي الماضي، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب يؤكّد باستمرار، وبنبرة تطفح عجرفة واستعلاء ووقاحة وتهوّرا، رغبته الجامحة في الاستيلاء على غزة وامتلاكها، وتهجير سكانها منها وتوطينهم في مصر والأردن، وإعادة إعمارها بأموال دول خليجية، وبيع عقاراتها لفائدة شذّاذ آفاق ميسورين يأتون إليها من شتى أنحاء العالم!

تصريح ترامب بتهجير الفلسطينيين والاستيلاء على غزة أو “شرائها”، كما لو كانت عقارا معروضا للبيع، يدلّ على الاستخفاف الشديد بحقوق الفلسطينيين، واحتقاره لهم، وجهله الصارخ بتاريخهم، وانحيازه الأعمى لليمين الصهيوني العنصري، كما تنمّ عن استهتار واضح بالقانون الدولي الذي يعدّ تهجير شعب من أرضه، تطهيرا عرقيا وجريمة حرب.



لم نعرف عبر التاريخ شعبا هجّر من أرضه بعد تدمير مدنه ومظاهر الحياة فيها بذريعة إعادة إعمار ما هدّم، حتى الشعب الألماني الذي تعرّضت مدنه لدمار هائل خلال الحرب العالمية الثانية (1939- 1945) لم يغادر مدينة واحدة بعد نهاية الحرب وبداية تجسيد مشروع مارشال الأمريكي لإعادة إعمار أوروبا، وبقي فيها إلى أن انتهت العملية، فلماذا يطلب من سكان غزّة مغادرتها إلى مصر والأردن بحجّة إعادة إعمارها؟

الواضح أنّ الهدف الأول والأخير لخطة ترامب هو تحقيق حلم اليمين الصهيوني المتطرّف بتهجير فلسطينيي غزة والقضاء على المقاومة المتجذّرة هناك، ثم تهجير فلسطينيي الضفة لاحقا، ومن ثمّة حسم الصراع لصالح اليهود بالقوّة وتصفية القضية الفلسطينية، لذلك، يطرح ترامب فكرة تهجير الفلسطينيين و”شراء” غزّة وامتلاكها والسمسرة بالعقارات التي سيبنيها هناك، من دون أن يقول لنا ممّن سيشتريها: من الاحتلال؟ أم من “حماس”؟ أم من المواطنين الفلسطينيين البسطاء؟
إذا كان ترامب يريد شراء غزة من الاحتلال، فهو لا يملكها حتى يبيعها له
إذا كان ترامب يريد شراء غزة من الاحتلال، فهو لا يملكها حتى يبيعها له؛ هو مجرّد محتلّ غاصب وليس صاحب الأرض، وقد اضطرّ إلى سحب جنوده منها بعد أن فقد فيها 5942 قتيل وأزيد من 15 ألف جريح ومعوق، حسب قائد الأركان المعيّن، اللواء احتياط أيال زامير، وإذا عاد الاحتلال إلى غزة ليسيطر عليها و”يبيعها” لترامب، فسيجد المقاومة في انتظاره والإثخان في جنوده من جديد.. أمّا إذا أراد “شراءها” من “حماس”، فلن تبيع له شبرا واحدا منها بملء الأرض ذهبا ومالا، أما إذا أراد شراءها من المواطنين الفلسطينيين، فقد عبّر هؤلاء عن رفضهم القاطع التخلي عن أراضيهم من خلال الصمود فيها وتحدّي المجازر وأعمال الإبادة والتجويع والتدمير طيلة 15 شهرا كاملا، ثم بعودتهم الأسطورية يوم 27 جانفي إلى شمال القطاع، هل هناك رسائل أكثر بلاغة من هذه للرئيس الأمريكي السمسار المتعجرف؟

وبرغم هذا الصمود، فإن الخطر داهم، فعلا، بالنظر إلى إصرار ترامب على مخططه، وينبغي أن تكون ردود الفعل في مستوى هذا التحدّي السّافر، صحيح أنّ مصر والأردن قد رفضتا قطعا خطة ترامب وإلحاحه، لكنّنا نأمل أن يصمدا أمام أيّ ضغوط اقتصادية يمارسها عليهما كقطع المساعدات المالية عنهما، أو أيّ إغراءات مالية ضخمة يعرضها عليهما، وأن يضغطا بدورهما على ترامب من خلال التلويح بإنهاء اتفاقات “السلام” مع الكيان.

والأكثر من ذلك، فإننا نطمع في أن يتحلى البلدان بشجاعة أكبر ويقرّرا غضّ النظر عن الأسلحة التي تهرّبها إيران للمقاومة في غزّة والضفة الغربية انطلاقا من حدودهما، لقد حان الوقت ليكفّ جيشا البلدين عن أداء دور “حرس حدود” لمصلحة الكيان، وأن تتوقّف مصر خاصّة عن تدمير أنفاق رفح، فاليمين الصهيوني المتطرّف لا يعترف باتفاقات “السلام” معهما إلا ظرفيّا، ولن يرضى سوى بـ”إسرائيل الكبرى” من النيل إلى الفرات عندما ينتهي من تصفية القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين، وعلى البلدين أن ينتبها إلى هذا الخطر الداهم ويسعيا إلى وقفه اليوم قبل الغد من خلال دعم المقاومة الفلسطينية بكلّ السّبل، فهي خطّ الدفاع الأوّل عنهما.

وما دام ترامب مصرّا، فإنّنا نتوقّع إمّا أن يستأنف الاحتلال الصهيوني حرب غزة قريبا، قصد القيام بمحاولة ثانية لتهجير الفلسطينيين بعد أن آلت محاولته الأولى إلى الفشل الذريع، وقد تشارك معه قوات أمريكية هذه المرة ما دام ترامب قد توعّد المقاومة بـ”الجحيم” مرارا، أو يقوم الاحتلال بتشديد الحصار عليها، وعرقلة إدخال المساعدات وإعادة الإعمار، لإجبار الفلسطينيين على الرحيل بمرور الوقت..

وفي جميع الأحوال، ينبغي إفشال هذا المخطط الجهنّمي بتضامن عربي وإسلامي واسع مع الأشقاء الفلسطينيين والاستمرار في تسيير قوافل المساعدات إليهم لتثبيتهم في أرضهم، فضلا عن دعم الأردن ومصر ماليّا إذا تعرّضتا لقطع المساعدات الأمريكية عنهما. ربّما كانت خطّة ترامب بداية استيقاظ الدول العربية والإسلامية من سباتها، وإنهاء خلافاتها وصراعاتها وتشرذمها، وتوحيد كلمتها إزاء هذا الخطر الكبير الذي يداهمها. ربّ ضارّة نافعة.

الشروق الجزائرية

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ترامب مصر الاحتلال مصر الاردن الاحتلال ترامب تهجير غزة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة رياضة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

ترامب يلوح بوقف المساعدات ويواصل الضغط على مصر والأردن لتهجير الفلسطينيين

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

لوح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليوم الثلاثاء بإمكانية وقف المساعدات لمصر والأردن إذا لم يستقبلا اللاجئين الفلسطينيين، بموجب خطته لتهجير سكان قطاع غزة

وكرر ادعاءاته بأن الأردن سيستقبل الفلسطينيين، رغم رفض عمان القاطع لذلك.

وقال ترامب، في تصريحات للصحفيين من البيت الأبيض: "ربما أوقف المساعدات للأردن ومصر إذا لم يستقبلا اللاجئين".

كما صرح لقناة "فوكس نيوز"، أمس الإثنين، إن الفلسطينيين لن يكون لهم حق العودة إلى غزة 

وقبل أيام أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي أن تهجير أهل قطاع غزة " ظلم لن تشارك مصر فيه"

وهدد ترامب، بإلغاء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة في حال عدم الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين وفتح "أبواب الجحيم"، محددًا ظهر السبت المقبل موعدًا لتنفيذ ذلك.

بينما دعت مصر المجتمع الدولي؛ بمختلف مكوناته الدولية و الاقليمية إلى التوحد وراء رؤية سياسية لتسوية القضية الفلسطينية.

https://youtube.com/shorts/ItxnjDPNKko

مقالات مشابهة

  • أستاذ في العلاقات الدولية: المواقف العربية الحاسمة ضد تهجير الفلسطينيين أربكت ترامب
  • رئيس الأعيان الأردني: الملك عبد الله أكد لترامب رفض تهجير الفلسطينيين
  • ملك الأردن: أكدت لترامب رفضنا تهجير الفلسطينيين من غزة والضفة
  • محلل سياسي: الاحتلال الإسرائيلي يعرقل دخول المساعدات لإجبار الفلسطينيين على التهجير
  • ملك الأردن: أكدت لترامب موقفنا العربي الموحد الرافض لتهجير الفلسطينيين
  • ملك الأردن: أكدت لترامب موقفنا الرافض لتهجير الفلسطينيين
  • بعد تهديد ترامب بحجب المساعدات.. السيسي يدعو لإعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين
  • ترامب يلوح بوقف المساعدات ويواصل الضغط على مصر والأردن لتهجير الفلسطينيين
  • ترامب: قد نقطع المساعدات عن مصر والأردن إذا لم يوافقا على استقبال الفلسطينيين