قال وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال السورية، محمد يعقوب العمر، إن الحكومة السورية منحت أكثر من 1800 تصريح عمل صحفي، إلى جانب استقبال ما يزيد على 80 طلب ترخيص لمؤسسة إعلامية جديدة، مؤكدا أنهم يسعون لشفافية غير مسبوقة.

وشدّد الوزير السوري، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، على ضرورة "التوازن بين حرية الإعلام والمسؤولية الوطنية"، مشيرا إلى الجهود المبذولة لمكافحة الأخبار الكاذبة والشائعات التي قد تؤثر سلبا على استقرار سوريا.



وأوضح أن "الوزارة تعمل على إعادة هيكلة المؤسسات الإعلامية وتعزيز حرية الصحافة ضمن إطار مسؤول يضمن تداول المعلومات بدقة"، منوها إلى أن "هناك مراجعة شاملة للقوانين الناظمة للإعلام بهدف تعزيز حماية الصحفيين وتطوير البيئة الإعلامية في البلاد".

وكشف العمر عن توجهات الوزارة في التعامل مع الإعلام الرسمي والخاص، ورؤيته حول مستقبل الحريات الصحفية في البلاد.

وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":

ما تقييمكم لأبعاد حرية الإعلام والرأي والتعبير في ظل حكم الإدارة السورية الجديدة؟

نحرص على توفير أفق أوسع للحرية الإعلامية والرأي والتعبير، ولدينا قناعة بأن حرية الصحافة والرأي جزء أساسي من عملية البناء السياسي والاجتماعي في سوريا، ونؤمن بأن حرية الإعلام يجب أن تكون مسؤولة ومتوازنة، بحيث لا تؤثر على استقرار الدولة أو تساهم في نشر الفتن، وهنا يكمن التحدي الأكبر في كيفية إيجاد التوازن بين هذين العاملين: حرية الصحافة وأمن ووحدة الدولة.

ما أبرز الخطوات التي اتخذتموها على صعيد تعزيز الحريات العامة في البلاد؟

حاليا من المبكر الحديث عن قوانين وأنظمة أو ما شابه في المرحلة الانتقالية، ولكن ما مارسناه على أرض الواقع يعطي تصورا واضحا عن مدى اهتمامنا بضمان حرية الصحافة، إلى الآن منحنا أكثر من 1800 تصريح عمل صحفي، واستقبلنا ما يزيد على 80 طلب ترخيص لمؤسسة إعلامية، ونحن نسعى لشفافية غير مسبوقة.

وماذا عن جهودكم في بناء مؤسسات الإعلام السورية الرسمية؟ ومتى ستكتمل تلك المؤسسات؟

نعمل على تعزيز قدرة المؤسسات الإعلامية الحكومية لتكون أكثر استقلالية في اتخاذ القرارات وتحقيق الشفافية في العمل. هدفنا هو إعادة هيكلة الإعلام ليعكس واقع المجتمع السوري الحالي، ويلبي احتياجات المواطنين في الحصول على معلومات دقيقة وموثوقة. ومن المتوقع أن نتمكن من إكمال هذه العملية في غضون فترة زمنية محددة، حيث نركز على تدريب الكوادر الإعلامية وتطوير البنية التحتية لتلك المؤسسات.


هل هناك نية لإطلاق وسائل إعلام خاصة جديدة في سوريا؟

القطاع الخاص هو أحد العوامل التي يمكن أن تساعد في تنويع المحتوى الإعلامي وتحقيق التوازن بين الإعلام الرسمي وغير الرسمي، وقد استقبلت الوزارة أكثر من 80 طلبا لترخيص وسائل إعلام خاصة.

هل تعتزمون إعادة هيكلة القوانين الناظمة للإعلام في سوريا؟

ستكون هناك مراجعة شاملة للقوانين التي تحد من حرية الصحافة، ونسعى إلى اعتماد كل ما يعزز حماية الصحفيين وحقوقهم، وأيضا وضع أطر قانونية تنظم عمل وسائل الإعلام، وكل ذلك بالتشارك والتشاور مع الإعلاميين والصحفيين وأصحاب الاختصاص.

لو تحدثنا عن أبرز التحديات التي تواجه عملكم في وزارة الإعلام؟

التحديات التي تواجه وزارة الإعلام تشمل عدة جوانب، منها الحاجة إلى تحديث البنية التحتية الإعلامية، ومواجهة الأخبار الكاذبة والمضللة التي تهدف إلى إثارة الفتن، وهذا يتطلب تفعيل دور وسائل الإعلام الحكومية لتكون أكثر مصداقية وشفافية، وتعزيز الثقة بين الإعلام والجمهور.

كيف تنظرون للدور الذي تلعبه وسائل الإعلام المحلية والعربية في دعم الاستقرار ونقل المعلومات بشفافية خلال هذه الفترة؟

الإعلام العربي يعد جزءا من جسور التواصل بين سوريا وبقية الدول العربية والعالم، وله دور كبير في تقديم صورة حقيقية للأحداث، وقد فتحنا أبوابنا لجميع وسائل الإعلام لنقل الأخبار الهامة بحيادية وشفافية، بما يعطي صورة حقيقية عن قيم التسامح والوفاق الوطني السوري.


هل تخطط حكومة تصريف الأعمال السورية لمكافحة الأخبار المضللة التي قد تؤثر على استقرار البلاد؟ وكيف تتعاملون مع تلك الأخبار الزائفة؟

نولي اهتماما كبيرا بمكافحة الأخبار المضللة، ونعمل على نشر ثقافة الإعلام المسؤول، وعلى المستوى الحكومي، يتم تفنيد الأخبار الكاذبة مباشرة عبر الحسابات الرسمية، وقد أصدرت الوزارة عدة تعاميم تحذر من الأخبار المضللة وتدعو إلى الاعتماد على المصادر الموثوقة والمنصات الرسمية كمصدر للأخبار.

كيف سيتم التعامل مع وسائل الإعلام المعارضة أو المستقلة داخل سوريا؟

تنوع الآراء في المجتمع حالة صحية، وهو حق تضمنه الوزارة، ونحن نعمل على تنظيم هذه الوسائل داخل إطار القانون، ولكن يجب أن يؤخذ بالحسبان ألا يتعارض عملها مع القيم الوطنية وأهداف استقرار البلد.

كيف تقيّمون دور الإعلام السوري (المؤيد والمعارض) في المرحلة السابقة؟

بالنسبة لإعلام النظام البائد، فقد كان مُسخّرا لخدمة النظام المجرم والترويج لأيديولوجيا الحزب القائد والعائلة الحاكمة، وسُخرت جميع طاقات الدولة الإعلامية في سبيل هذا الهدف، وكان أبعد ما يكون عن الإعلام المهني الملتزم بالقضايا الوطنية أو هموم الشعب.

أما إعلام الثورة، ورغم تواضع الإمكانيات ومحدودية الموارد، فقد استطاع أن يكون على قدر التحديات السياسية والأمنية التي مرت بها البلاد، فواكب الثورة بمراحلها كافة، ونقل أحداثها للداخل والخارج مع الحفاظ على المهنية والالتزام بالخط الثوري والتعبير عن هواجس ومطالب الشعب السوري.

تعهدتهم سابقا بتقديم الإعلاميين المتورطين في جرائم النظام السابق إلى القضاء.. فما هي الإجراءات التي تم اتخاذها في هذا الإطار؟

إلى الآن، لم نتخذ أي إجراء عملي؛ فالأمر يحتاج إلى جمع الأدلة والإثباتات حتى ننطلق من أسس تحقق العدالة، ونؤكد أن أي إجراء سيتم عن طريق القضاء المختص وفق القوانين المعمول بها.

ما أهمية ودلالة القرارات الأخيرة التي اتخذتها الإدارة السورية الجديدة والتي كان على رأسها تعيين أحمد الشرع رئيسا للمرحلة الانتقالية بسوريا؟

صدرت القرارات الأخيرة نتيجة مؤتمر عام حضره معظم القيادات السياسية والعسكرية في الثورة السورية، وتعد هذه القرارات خطوة هامة نحو تسوية الأوضاع السياسية وتوحيد الصفوف في المرحلة الانتقالية ضمن الإدارة السورية الحديثة.

إلى أي مدى نجحت الإدارة الجديدة في حل جميع التشكيلات العسكرية والثورية والمدنية وضمها لهيكلة الدولة؟

العمل على بناء جيش وطني موحد هو إحدى أولوياتنا للحفاظ على أمن واستقرار البلاد، وفي هذا الصدد، ومن خلال مؤتمر النصر، تم الإعلان عن حل أغلب التشكيلات العسكرية الفاعلة وإعادة دمجها ضمن جيش وطني واحد، والجهود ما زالت مستمرة حتى حل جميع التعقيدات على الأرض السورية.

كيف سيتم تشكيل الحكومة الجديدة خلال شهر آذار/ مارس المقبل؟ وهل هناك توافق سياسي على آلية تشكيلها أم لا؟

سيكون هناك في الفترة المقبلة مؤتمر وطني عام يمثل جميع أطياف المجتمع، تحدد من خلاله ملامح المرحلة المقبلة.

هل لديكم تخوفات من خلق "ثورة مضادة" في سوريا خلال المرحلة المقبلة؟

الوضع في سوريا مختلف من حيث مقومات وأسباب الثورة المضادة؛ فنحن نؤمن بأن الوحدة الوطنية والمشاركة هما الطريق الأنسب لقيادة المرحلة وتحقيق الاستقرار، وهو في الوقت نفسه مطلب جميع السوريين الذين عانوا لعقود طويلة من الإقصاء والتهميش والظلم من قِبل النظام المخلوع.

ما الرسالة التي توجهونها للشعب السوري في هذه المرحلة الحاسمة؟

سوريا لجميع السوريين، وهم مسؤولون عن أخذ دورهم في بناء سوريا في المرحلة المقبلة. وندعوهم إلى العمل معا لتحقيق مستقبل أفضل لأبنائنا، مستقبل قائم على أساس الشفافية والعدل والمساواة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية مقابلات الإعلام سوريا حرية الصحافة سوريا الإعلام حرية الصحافة احمد الشرع المزيد في سياسة مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة وسائل الإعلام حریة الإعلام حریة الصحافة فی المرحلة فی سوریا

إقرأ أيضاً:

تحذيرات من زيادة المعلومات المضللة نتيجة تقليص ترامب للمساعدات

حذرت منظمات إعلامية من أن تجميد المساعدات الخارجية من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سيؤدي إلى انخفاض في عدد وسائل الإعلام المستقلة في جميع أنحاء العالم، ما يتسبب في زيادة بالمعلومات المضللة وإفادة صناع الدعاية للدولة، بحسب ما ذكرته صحيفة الغارديان البريطانية.

وأشارت الصحيفة في مقال نشرته للصحفيات هارييت باربر وريبيكا راتكليف وديبا بارنت، وترجمته "عربي21" إلى أن ترامب أوقف مليارات الدولارات من المشاريع التي تدعمها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية  (USAID)، بما في ذلك أكثر من 268 مليون دولار مخصصة لدعم "وسائل الإعلام المستقلة والتدفق الحر للمعلومات".

وأظهرت ورقة حقائق أصدرتها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، والتي اطلعت عليها منظمة مراسلون بلا حدود المدافعة عن حرية الصحافة قبل حذفها، أنه في عام 2023 مولت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تدريب ودعم 6200 صحفيا وساعدت 707 مؤسسة إخبارية غير حكومية ودعمت 279 منظمة مجتمع مدني مكرسة لتعزيز وسائل الإعلام المستقلة في أكثر من 30 دولة، بما في ذلك إيران وأفغانستان وروسيا.

وقالت منظمة "مراسلون بلا حدود" إن قرار ترامب زرع "الفوضى والارتباك". وقال كلايتون وييمرز، المدير التنفيذي لمنظمة "مراسلون بلا حدود" في الولايات المتحدة: "لقد اضطرت غرف الأخبار غير الربحية والمنظمات الإعلامية بالفعل إلى وقف العمليات وتسريح الموظفين. السيناريو الأكثر ترجيحا هو أنه بعد تجميد التسعين يوما، سيختفون إلى الأبد".

وفي أوكرانيا، حيث كانت وسائل الإعلام حتى وقت قريب تحت سيطرة الأوليغارشية إلى حد كبير، تعتمد تسعة من كل 10 منافذ إعلامية على الإعانات، وتعد الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية المانح الأساسي، وفقا لمنظمة مراسلون بلا حدود.

قالت آنا بابينيتس، الرئيسة التنفيذية والمؤسسة المشاركة لمنصة التحقيقات Slidstvo.Info ومقرها كييف، والتي فقدت 80% من تمويلها من المجموعات التي كانت تتلقى أموالا من USAID سابقا، "إنها لحظة خطيرة للغاية. يتعين علينا التفكير في خفض تقاريرنا في الخطوط الأمامية وتقارير جرائم الحرب - وهذا يعني أن شعب أوكرانيا والعالم سيعرفون أقل عما يحدث هنا".


وقدم ترامب ادعاءات غير مؤكدة بأن مليارات الدولارات سُرقت من USAID لدفع تكاليف التغطية الإعلامية الإيجابية لمعارضيه فيما أسماه "وسائل الإعلام المزيفة". في غضون ذلك، وصف إيلون ماسك USAID بأنها "منظمة إجرامية" وقال إنها دفعت لوسائل الإعلام "لنشر دعايتها".

قال فاليري غارماش، رئيس شركة  Make Sense، التي تطور وسائل الإعلام المستقلة في أوكرانيا وتلقت ما يقرب من 50% من أموالها لموقعها الإلكتروني 6262.com.ua في مدينة سلافيانسك من USAid، إن مشاريعها بدأت في الإغلاق.

"نحن على بعد 24 كيلومترا [15 ميلا] من خط المواجهة ونوفر مساحات للصحفيين للاستعداد قبل أن يذهبوا إلى هناك - كان لابد من إغلاق هذه المساحات الآن. بدون المال، يتعين علينا العمل كمتطوعين".

قال فايمرز إن انخفاض عدد منافذ الأخبار المستقلة قد يؤدي إلى زيادة في المعلومات المضللة. وقال: "الفوضى تسبب فراغا وعندما تسحب مصادر موثوقة للمعلومات، سيتم ملء هذا الفراغ بمصادر أقل موثوقية [مثل] صناع الدعاية للدولة".

وقال: "انظر فقط إلى أولئك الذين أشادوا بهذه الخطوة: إنهم قادة في الصين وروسيا والمجر والسلفادور - دول معروفة بانتهاكات مروعة لحقوق الإنسان، وخاصة ضد صحافتها".

قنوات تيلغرام مجهولة الهوية
وقالت بابينيتس إنه منذ الإعلان عن تجميد التمويل وخفضه، سعت قنوات تيليغرام مجهولة الهوية ومواقع ويب مجهولة أيضا إلى تشويه سمعة المتلقين الإعلاميين للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في أوكرانيا. وقالت: "لقد رأينا الكثير من القصص المزيفة عن منظماتنا - أننا لسنا صحفيين، وأننا مجرد جواسيس. إنها تتماهى مع الرواية الروسية".

وفي بيلاروسيا المجاورة، قالت ناتاليا بيليكوفا، من نادي الصحافة البيلاروسي، إن 70% من تمويل منظمتها جاء من مزيج من المصادر الفيدرالية الأميركية، وإن التخفيضات والتجميدات المختلفة للتمويل جعلتها على "حافة الانهيار".

ودبرت بيلاروسيا حملات اضطهاد واسعة النطاق ضد الصحفيين وأجبرت مئات المراسلين على المنفى في السنوات الأخيرة. واستطلع نادي الصحافة البيلاروسي آراء 20 من منافذ البلاد في أوائل شباط/ فبراير ووجد أن 60% من الميزانيات جاءت من التمويل الأميركي. وقالت بيليكوفا: "إنهم معرضون لخطر التلاشي والاختفاء التدريجي".

وقالت بيليكوفا إن التقارير المستقلة لعبت دورا حاسما في إبقاء البيلاروسيين على اطلاع بشأن غزو روسيا لأوكرانيا. وقالت: "هذا القرار يساعد حقا الأنظمة الاستبدادية".

وأضافت: "إذا توقفت وسائل الإعلام البيلاروسية المستقلة عن الوجود، فلن يتبقى للناس سوى الدعاية الحكومية. وإذا لم يكن هناك بديل، فسوف تستحوذ تدريجيا على عقولهم وقد يكون لدينا مجتمع مختلف تماما في غضون بضع سنوات فقط".


ويخشى الخبراء أن تعاني التحقيقات الاستقصائية، التي قد تستغرق سنوات لإجرائها وتتطلب في كثير من الأحيان مبالغ ضخمة من المال، أكثر من غيرها من تخفيضات المساعدات الأمريكية.

فقد قال مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد (OCCRP)، الذي يعمل على مستوى العالم وأنتج تحقيقات متعمقة مثل أوراق بنما، التي فحصت أنظمة الضرائب الخارجية السرية، إن 29% من تمويله تم تجميده واضطر إلى تسريح 20% من موظفيه.

وقال متحدث باسم المنظمة: "المشكلة الحقيقية هي أنه لا يوجد تمويل كافٍ للصحافة الاستقصائية العالمية بشكل عام. بدون الصحافة الاستقصائية، لا يعرف الناس ما يحدث حقا في عالم الجريمة والفساد الخفي".

قال درو سوليفان، المؤسس المشارك وناشر في  OCCRP، إن المنظمات الأخرى كانت حذرة من التدخل. "إن هجمات التضليل التي يضخمها إيلون ماسك ضد أشخاص مثلنا ترى من قبل المؤسسات الشرعية وهذا يخيف الناس الطيبين وهم لا يتصرفون. لا يمكنك أن تخاف من المتنمرين وإلا فإنهم يفوزون".

في كولومبيا، قالت دورا مونتيرو كارفاخال، رئيسة Consejo de Redacción، وهي منظمة صحفية تعمل على تعزيز الصحافة الاستقصائية في كولومبيا وأمريكا اللاتينية، إن العديد من أهم التحقيقات الوطنية والعابرة للحدود تم إجراؤها "بفضل الموارد التي قدمتها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية".

وأضافت: "أعلم أن العديد من المشاريع التي كانت على وشك الظهور، وخاصة تلك المتعلقة بالبحث في القضايا السياسية للانتخابات المقبلة، قد تم تعليقها أو إلغاؤها".

فقدان الوظائف
تأثّر آلان رافائيل دويناس إستيفيز، وهو مصور من كوبا يعمل في الأرجنتين، بتأثير التخفيضات بشكل مباشر. وقال: "يعتمد العديد من العاملين في وسائل الإعلام المستقلة الكوبية على المنح الدراسية والتمويل، وقد فقدوا وظائفهم بين عشية وضحاها".

كما أدى القرار إلى تعطيل العمليات الإعلامية في أفريقيا. أخبرت منصة التحقيقات DataCameroon مراسلون بلا حدود أنها اضطرت إلى تعليق العديد من المشاريع، بما في ذلك مشروع يركز على سلامة الصحفيين وآخر يغطي الانتخابات الرئاسية المقبلة في الكاميرون.

قالت روان دامين، مديرة منظمة مراسلون عرب للصحافة الاستقصائية، التي تعمل في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إنها خسرت 400,000 دولارا من تجميد المعونة الأمريكية.

في إيران، قال أحد المساهمين في منظمة Mamlekate، وهي مجموعة صحافة مواطنة، إن التمويل كان حيويا لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان ودعم المجتمع المدني خلال الاحتجاجات في السنوات الأخيرة.

وقالوا: "لقد ساعدت هذه المساعدات الصحفيين المواطنين في الحصول على أدوات اتصال آمنة مثل شبكات  VPN. إن قطعها لا يحسن الكفاءة. بدلا من ذلك، يضعف الجهود الحاسمة في الخارج التي تدعم الأشخاص داخل إيران".

في أفغانستان المجاورة، حيث توجد قيود صارمة على حرية الإعلام في ظل حكم طالبان، ساهم الصحفيون المستقلون بتقارير في وسائل الإعلام الأفغانية خارج البلاد.

قال شافي كريمي، مؤسس شبكة الصحفيين الأفغان في المنفى: "لقد فقد العديد من أصدقائي الصحفيين داخل البلاد وظائفهم، والعديد من وسائل الإعلام معرضة لخطر الإغلاق".



وأضاف: "اعتمدت هذه المنظمات على التمويل من مؤسسات أمريكية مختلفة، وبدون هذا الدعم، تظل قدرتها على الاستمرار في العمل غير مؤكدة".

تعتمد وسائل الإعلام التي تغطي ميانمار، أحد أخطر الأماكن في العالم بالنسبة للصحفيين، بشكل كبير على تمويل الجهات المانحة، وخاصة من الولايات المتحدة. أُجبر العديد من الصحفيين على النفي بعد أن استولى الجيش على السلطة في انقلاب في عام 2021، والذي قوبل بمعارضة واسعة النطاق وانتفاضة مسلحة. واجه الصحفيون الذين يوثقون الصراع وانتهاكات حقوق الإنسان من قبل الجيش "حملة إرهابية".

وقال تو زاو لات، من مجلس الصحافة المستقل في ميانمار، إنه يعتقد أن نحو 200 صحفي سوف يتأثرون بتجميد التمويل. وأضاف أنهم يتقاضون بالفعل أجورا زهيدة للغاية، ويعيشون بالكاد، وأضاف: "لا أستطيع أن أتخيل [كيف سيتدبر الناس أمورهم]، دون راتب يكفي لدفع الإيجار".

ويريد الصحفيون الذين يدربهم، وكثير منهم من الشباب، "كشف ما يجري في بورما [ميانمار]". وفي العام الماضي، قُتل اثنان من طلابه السابقين، هتيت ميات ثو (28 عاما)، ووين هتوت أو (26 عاما)، على يد المجلس العسكري.

ولم ترغب العديد من المنظمات التي تم الاتصال بها للتعليق على الأمر في الحديث عن كيفية تأثير التجميد عليها، خوفا من المخاطرة بفقدان التمويل الطويل الأجل أو التعرض للنيران السياسية.

وقالت كيران نازيش، المديرة المؤسسة لتحالف المرأة في الصحافة: "إن غرف الأخبار المستقلة الصغيرة التي تواجه غالبا تهديدات حقيقية من قبل الزعماء الشعبويين والسكان المحليين تشعر الآن بالقلق، ليس فقط مع الإغلاقات الوشيكة وتوقف العمليات، ولكن أيضا الانتقام على الأرض".

وقال مدراء غرف الأخبار الأوروبية إن إغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية من شأنه أن يشعل من جديد تساؤلات حول كيفية تمويل الاتحاد الأوروبي للصحافة في أوروبا، مع دعوات لبروكسل لإنقاذ الناشرين المستقلين.

وقال بيتر إرديلي، مدير مركز بودابست للإعلام المستدام والمدير التنفيذي السابق لوسائل الإعلام في البلاد: "يجب على الاتحاد الأوروبي أن ينظر في المرونة في ميزانياته، وفي الأموال المخصصة في وقت لاحق، وجعلها متاحة الآن ومع عبء إداري أقل".

وأضاف إرديلي أن تجميد المساعدات كان "موقف حياة أو موت" للعديد من المنشورات.

مقالات مشابهة

  • 2024 الأكثر دموية للصحافيين.. وغزة تدفع الثمن الأكبر
  • رؤساء مؤسسات إعلامية: التطورات الرقمية تؤثر على المصداقية والثقة
  • وزير خارجية سوريا المؤقت: جراح الشعب السوري من روسيا وإيران لم تندمل بعد
  • تكليف لجنة تحضيرية لمؤتمر الحوار السوري.. 7 شخصيات بينهم سيدتان
  • تحذيرات من زيادة المعلومات المضللة نتيجة تقليص ترامب للمساعدات
  • الحويج يستقبل وفدًا من وسائل الإعلام والصحافة الإسبانية
  • وزير الخارجية يلتقي رئيس الجانب الروسي للجنة الوزارية المشتركة بين البلدين
  • «ماسك» يهاجم وسائل الإعلام في روسيا وأوكرانيا تدّعي «الاستقلالية»
  • الخارجية النيابية: التعامل مع الحكومة السورية ما زال بحذر