منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ومع صعود الولايات المتحدة الأمريكية كقوة عظمى، بدأت واشنطن في تنفيذ سياسة جديدة للاحتلال باستخدام المساعدات الاقتصادية والعسكرية بدلا من الجيوش والأسلحة كأداة للسيطرة على السياسات الداخلية والخارجية للدول حول العالم.
ومصر، بموقعها الاستراتيجي الفريد في قلب الشرق الأوسط، كانت واحدة من أهم الدول التي استهدفتها هذه السياسة.
ولكن هذه المساعدات لم يستفد منها المواطن المصري، حيث إن جزءا كبيرا منها يوجه لدعم المؤسسات العسكرية والأمنية، ولا يصل إلى الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم. كما أن الشروط المرتبطة بهذه المعونة غالبا ما تخدم مصالح الولايات المتحدة أكثر من احتياجات الشعب المصري. بالإضافة إلى ذلك، فإن الفساد وسوء الإدارة يحدان من وصول هذه الأموال إلى من يحتاجونها فعليا. وبالتالي، تظل الفجوة الاقتصادية والاجتماعية قائمة دون تحسن ملموس في حياة المواطن العادي، لطالما كانت المساعدات الأمريكية أداة ضغط سياسي تفرض على مصر سياسات لا تتماشى مع مصالحها الوطنية. على سبيل المثال، كانت مصر مضطرة لتوجيه جزء كبير من سياساتها الخارجية لتلبية مطالب واشنطن، سواء في التعامل مع القضية الفلسطينية أو في علاقاتها مع دول الجواربل على العكس فإن المواطنين المصريين هم من دفعوا ويدفعون ثمنا باهظا لتلك المساعدات التي قيدت حرية مصر في اتخاذ قراراتها السياسية بشكل مستقل، وجعلتها رهينة للمصالح الأمريكية في المنطقة، ليأتي تهديد ترامب كفرصةٌ ذهبية للتخلص من تلك التبعية.
فمنذ ساعات والرئيس الأمريكي دونالد ترامب يثير جدلا واسعا بتصريحاته التي يهدد فيها مصر والأردن بوقف المساعدات الأمريكية إذا لم يوافقا على تهجير أهالي غزة واستقبالهم على أراضيهما. هذا التهديد، وإن كان صادما للبعض، إلا أنه يفتح الباب أمام نقاش جاد حول مدى اعتماد مصر على المساعدات الأمريكية، وكيف يمكن لهذا الاعتماد أن يكون عبئا على سيادتنا الوطنية.
ترامب، المعروف بخطابه الصريح والمثير للجدل، يعكس في تهديداته النظرة الأمريكية التقليدية المتعالية التي تعامل الدول العربية كعبيد إحسان تستخدمهم أمريكا وقتما وكيفا شاءت لتحقيق مصالحها، دون اعتبار لكرامة تلك الشعوب العربية أو حقوقهم، لكن هذه المرة، قد يكون تهديده فرصة ذهبية لمصر لتعيد تقييم علاقتها مع واشنطن، وتتخذ خطوات جادة نحو التحرر من تلك التبعية الاقتصادية والسياسية.
فلطالما كانت المساعدات الأمريكية أداة ضغط سياسي تفرض على مصر سياسات لا تتماشى مع مصالحها الوطنية. على سبيل المثال، كانت مصر مضطرة لتوجيه جزء كبير من سياساتها الخارجية لتلبية مطالب واشنطن، سواء في التعامل مع القضية الفلسطينية أو في علاقاتها مع دول الجوار.
وقف المساعدات الأمريكية، رغم التحديات الاقتصادية التي قد تترتب عليه، سيكون خطوة نحو استعادة السيادة الكاملة لمصر والشفاء من ذاك المرض. فبدلا من الاعتماد على مليارات الدولارات التي تأتي بقيود سياسية مهينة، ويتعكز عليها النظام محولا مصر لعجوز لا تقوى على الحركة والتقدم. يمكن لمصر الآن اتخاذ تلك الخطوة وإلقاء ذاك العكاز بوجه ترامب وتعتمد على تعيد توجيه جهودها نحو تعزيز الاقتصاد المحلي، وجذب الاستثمارات الأجنبية غير المشروطة، وبناء شراكات إقليمية ودولية تعتمد على المصالح المتبادلة وليس على التبعية، وإن تعثرنا قليلا في خطواتنا الأولى لكن النتيجة بأننا سنثبت على أقدامنا دون عكاز شل حركتنا سنوات، وهو ما سيحقق لنا:
1- الاستقلال السياسي: ستتمكن مصر من اتخاذ قراراتها السياسية دون ضغوط خارجية، مما يعزز من مكانتها الإقليمية والدولية كدولة قوية ومستقلة.
2- تعزيز الاقتصاد المحلي: سيؤدي وقف المساعدات إلى تحفيز مصر على تنويع مصادر الدخل، وتعزيز الصناعة المحلية، والاعتماد على الذات في تمويل المشروعات القومية.
نتمنى أن يتحقق هذا التهديد، ليس لأننا نريد أن نعاني اقتصاديا، بل لأننا نريد أن نعيش بكرامة، وأن نتحرر من القيود التي فرضتها علينا المساعدات الأمريكية
3- تحسين صورة مصر الدولية: ستظهر مصر كدولة قادرة على الوقوف على قدميها دون الحاجة إلى مساعدات خارجية، مما يعزز من هيبتها واحترامها على الساحة الدولية.
4- تعزيز العلاقات الإقليمية: ستكون مصر أكثر حرية في بناء تحالفات إقليمية تعتمد على المصالح المشتركة، بعيدا عن التدخلات الأمريكية التي غالبا ما تعيق هذه التحالفات.
تهديد ترامب بوقف المساعدات لمصر والأردن ليس مجرد تصريح عابر، بل هو انعكاس للسياسة الأمريكية التي تعامل الدول العربية كبيادق في لعبة شطرنج المصالح الكبرى. لكن هذا التهديد قد يكون بمثابة نداء استيقاظ لمصر، لتعيد تقييم علاقتها مع واشنطن، وتتخذ خطوات جادة نحو التحرر من التبعية.
نحن كمصريين، نتمنى أن يتحقق هذا التهديد، ليس لأننا نريد أن نعاني اقتصاديا، بل لأننا نريد أن نعيش بكرامة، وأن نتحرر من القيود التي فرضتها علينا المساعدات الأمريكية. فمصر، بأرضها الغنية وشعبها العظيم، قادرة على أن تكون أقوى وأكثر استقلالا إذا ما قررت أن تعتمد على نفسها، ولكن ما يكبلها للتخلص من كل ذلك هو النظام العميل الذي باع نفسه لكل من يدفع.
ليت ترامب يفعلها، وليكن وقف المساعدات بداية لعهد جديد من الحرية والسيادة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المساعدات مصر ترامب غزة الفلسطينية مصر فلسطين غزة مساعدات ترامب مدونات مدونات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة رياضة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المساعدات الأمریکیة هذا التهدید
إقرأ أيضاً:
ترامب: أزمة أوكرانيا كانت تدفع العالم نحو حرب عالمية ثالثة
حذر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الجمعة، من أن الحرب في أوكرانيا كانت تدفع العالم نحو صراع عالمي ثالث غير مسبوق، في ظل وجود الأسلحة النووية، مؤكدًا أن إدارته تسعى لإيجاد حل ينهي الأزمة.
وفي تصريحات له، قال ترامب إن أوكرانيا وافقت على وقف إطلاق النار، بينما تجري محاولات لإقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باتخاذ خطوة مماثلة، مضيفًا: "أعتقد أننا نبلي بلاءً حسنًا الآن مع روسيا لإنهاء الحرب في أوكرانيا. نحن نجري محادثات مع الرئيس بوتين ونعمل على وضع حد لهذا النزاع".
وأشار الرئيس الأمريكي إلى أن هناك جهودًا مكثفة لإقناع موسكو بالموافقة على وقف إطلاق النار، موضحًا: "نسعى الآن للحصول على موافقة روسيا على وقف القتال، وقد أجرينا محادثات جيدة جدًا بهذا الشأن، إنه ليس أمرًا سهلًا، لكنني أعتقد أننا نحقق تقدمًا".
ووجّه ترامب انتقادات حادة لسلفه جو بايدن، محملًا إياه مسؤولية اندلاع الحرب في أوكرانيا، حيث قال: "بايدن هو من سمح باندلاع هذه الحرب، ونحن الآن نعمل على التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، لقد ورطنا في مأزق حقيقي مع روسيا، ولم يكن يعرف ماذا يفعل لأنه لم يكن حتى يوقّع شخصيًا على الوثائق".
من جانبه، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن روسيا تبحث عن ذرائع متعددة لتجنب إنهاء الحرب، معتبرًا أن استمرار الضغط الدولي ووحدة الشركاء الغربيين يمكن أن يدفع موسكو إلى تغيير موقفها.
يأتي هذا التطور في وقت تتكثف فيه الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات، وسط تباين في المواقف بين كييف وموسكو بشأن شروط أي اتفاق سلام محتمل.