قانون الإضراب في المحكمة الدستورية
تاريخ النشر: 13th, February 2025 GMT
إن أحد المظاهر البارزة للتطور الدستوري والديمقراطي التي شهدته بلادنا خلال العهد الزاهر لجلالة الملك محمد السادس هو توطيد دولة المؤسسات، التي تشتغل في ظل الدستور، والتي يرعى عملها جلالة الملك باعتباره حكما أسمى بينها بموجب أحكام الوثيقة الدستورية، ولاسيما الباب الثالث منها، ولنا في حالة القانون التنظيمي الذي يحدد شروط وكيفيات ممارسة الإضراب، نموذج بارز لهذا البنيان الدستوري المتين، وهو دليل أيضا على حيوية الحياة الديمقراطية في بلادنا.
لقد نص الدستور المغربي على وجوب إصدار عدة قوانين تنظيمية، صدرت جميعها باستثناء قانونين تنظيميين، ويتعلق الأمر بالإضافة إلى قانون الإضراب، بالقانون التنظيمي المتعلق بالدفع بعدم الدستورية الذي يوجد في مسطرة ترتيب الأثر على قرار المحكمة الدستورية التي صرحت في قرارها الثاني حوله بأن الإجراءات المتبعة لإقراره غير مطابقة للدستور، ويتعين التأكيد ها هنا على أن فهما عميقا للوثيقة الدستورية يستوجب وجوبا قراءة صبورة لقرارات المحكمة الدستورية، ولا سيما ذات الصلة بفحص دستورية القوانين التنظيمية والأنظمة الداخلية لمجلسي البرلمان.
ولعل المسار التشريعي الذي عبره القانون التنظيمي للإضراب والنقاش السياسي والحقوقي الذي أثاره ولايزال، يدفع للتطلع إلى قرار المحكمة الدستورية، والتي أوكل إليها الدستور، إلى جانب اختصاصات عدة، وبموجب الفصل 132 منه، البت في مطابقة القوانين التنظيمية للدستور.
برزت قضايا دستورية وقانونية خلال مسار مناقشة هذا القانون التظيمي، لا شك أن قرار المحكمة المنتظر سوف يساهم في فهمها، وأخص بالذكر ما يتعلق بالديباجة، التي لئن كانت الصيغة النهائية من القانون لم تتضمنها، إلا أن المادة الأولى منه هي عمليا ديباجة النص، بما تضمنته من إطار مرجعي وإحالات مهمة، هذا ناهيك عن الآجال المرتبطة بتعديلات الحكومة المقدمة على مشاريع القوانين أثناء دراستها باللجان البرلمانية الدائمة، وغيرها من المواضيع التي تضمنتها التقارير المنشورة للجان البرلمانية التي تولت دراسة هذا القانون التنظيمي.
للقضاء الدستوري المغربي تاريخ طويل منذ مرحلة الغرفة الدستورية، ومرورا بحقبة المجلس الدستوري وصولا إلى المحكمة الدستورية، وعلى الرغم من قلة اللجوء إليها، كما أكد على ذلك رئيسها قبل أيام في درس أكاديمي، إلا أن قراراتها والاجتهادات التي راكمتها تؤكد حرصها الدائم على علو الدستور وفرض التمسك بأحكامه.
الآن، وبعد موافقة مجلس النواب في قراءة ثانية على هذا القانون التنظيمي، على جميع الأطراف سواء المعنية بشكل مباشر أو غير مباشر بمضامينه أن تنتظر كلمة القضاء الدستوري، وعلى خلاف ما حاول البعض تصويره، فإن موافقة البرلمان على هذا القانون لا تشكل نهاية التاريخ، ذلك أنه ورغم أننا إيزاء قانون تنظيمي أوجب الدستور مسطرة خاصة لوضعه وإقراره، إلا أنه ليس هناك ما يحول دون تعديله أو مراجعة بعض مضامينه إذا ظهرت الحاجة إلى ذلك، فأعضاء مجلسي البرلمان يملكون حق التقدم بمقترحات قوانين تنظيمية، وليس هناك ما يحول دون ذلك.
ستتولى إذن المحكمة الدستورية، التي لا تقبل قراراتها أي طريق من طرق الطعن، وتلزم كل السلطات العامة وجميع الجهات الإدارية والقضائية النظر في مطابقة هذا القانون التنظيمي للدستور، ولا شك أن قرارها المنتظر سيكون محط نقاش وتحليل وقراءات من لدن الفقه الدستوري، الذي عودنا على التفاعل مع اجتهادات القضاء الدستوري، وهو ما سيشكل إغناء وإثراء للحوار الدستوري والقانوني في بلادنا.
بيد أن فحص مطابقة القوانين التنظيمية للدستور ليس عملية مغلقة وممتدة في الزمن، لأن القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية منح عدة أطراف بموجب المادة 25 منه، حق الإدلاء للمحكمة الدستورية بما قد يبدو لهم من ملاحظات كتابية في شأن القضية المعروضة عليها، ومن بين تلك الأطراف أعضاء مجلسي البرلمان، هذا علاوة على أن المحكمة مقيدة بأجل الثلاثين يوما من تاريخ إحالة القوانين التنظيمية عليها.
الحكومة والبرلمان مارسا اختصاصاتهما الدستورية، ونجحا معا في إخراج قانون تنظيمي ظل الجميع ينتظر صدوره منذ أن نص عليه دستور 1962، وهذا لوحده يعد إنجازا تاريخيا، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي قدما رأيين مهمين حول القانون بطلب من البرلمان، والإعلام واكب مسار دراسة المشروع، والنقابات عبرت عن آرائها بكل حرية، ولعمري إن هذه هي مقومات الديمقراطية المواطنة التي يحق لنا أن نفاخر بها الأمم.
ولأن الدستور الذي حظي بإجماع الأمة بكل مكوناتها أوكل كلمة الفصل إلى المحكمة الدستورية، وفي انتظار قرارها، هناك حاجة ماسة للإسراع بإخراج نصوص قانونية لا تقل أهمية عن قانون الإضراب وفي مقدمتها قانون النقابات، وفق ما نصت عليه أحكام الفقرة الأخيرة من الفصل الثامن من الدستور.
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: المحکمة الدستوریة القانون التنظیمی هذا القانون
إقرأ أيضاً:
التويزي لـRue20: أكبر ما أنجزه البرلمان هو إخراج قانون الإضراب الذي انتظره المغاربة لعقود
زنقة20ا الرباط
أفاد أحمد التويزي، رئيس الفريق النيابي لحزب الاصالة والمعاصرة ببمجلس النواب، أن المجلس حقق حصيلة متميزة وجد مشرفة في الدورة الأولى من السنة التشريعية الجارية على كافة الأصعدة”.
وشدد التويزي في تصريح لموقع Rue20، على أنه “خلال هذه الدورة تمت المصادقة على 38 نص قانوني وهو ما سيرفع عدد النصوص من هذه الولاية التشريعية إلى الآن إلى 171 نص تشريعي”، بالإضافة إلى “34 مشاريع قوانين في قرائتها الأولى و4 قاونين إطار، و5 مشاريع قوانين تعديلية، و4 مشاريع قوانين مؤسسة”.
وأضاف رئيس فريق البام، أن “أكبر شرف أحرزته هذه الولاية التشريعية هو استطاعتنا إخراج قانون الإضراب الذي كان يتنظره المغاربة لأزيد من 64 سنة، بعدما لم تتمكن عدد من الحكومات من إخراجه وتنزيل مضامين كما أكد على ذلك الدستور”.
وأشار التويزي إلى أن “وزير الشغل يونس السكوري لعبا دورا كبيرا في إخراج هذا القانون إلى جانب البرلمان”.
في سياق متصل، أكد المتحدث، أن “المجلس صادق أيضا على عدة قوانين مهمة تتعل بالاستثمار والاقتصاد والادوية وإلى غير ذلك من القوانين، كما صادق على قانون حماية التراث لصد كل من يحاول سرقة الموروث المغربي”.