لم يعد أمام العرب والمسلمين إلا اتخاذ مواقف واضحة ومحددة وحاسمة إزاء ما يريد الرئيس الأميركي دونالد ترامب تنفيذه في قطاع غزة، حتى لو وصلت الأمور إلى الحرب، كما يقول محللون.

فقد تجاوز ترامب في خطته الرامية لتهجير الفلسطينيين من أرضهم حتى ما يريده الإسرائيليون، وهو أمر رغم خطورته يمنح العرب فرصة لتحدي الرئيس الأميركي وهزيمته لأنه لن يدخل حربا في نهاية الأمر، برأي الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات الدكتور لقاء مكي.

ووفقا لما قاله مكي خلال مشاركته في برنامج "مسار الأحداث"، فإن هذا الرفض العالمي لسلوك ترامب يخدم الموقف العربي الذي يجب أن يكون على قدر التحدي الوجودي الذي تفرضه الولايات المتحدة وإسرائيل على المنطقة.

ورغم أن الخطة الأميركية غير واقعية ومستحيلة التنفيذ فإن السكوت عليها والتعامل معها بطريقة إمساك العصا من المنتصف يعني محاولة الدخول فيها وهو أمر سيدخل المنطقة كلها في حالة فوضى وخصوصا مصر والأردن، كما يقول مكي.

كما إن الحديث عن الاستيلاء على غزة سيؤسس -وفق مكي- لعقيدة الاستيلاء التي قد تمتد مستقبلا إلى السعودية أو إلى شرم الشيخ أو سيناء المصريتين.

الحرب قد تكون خيارا أفضل

وحتى لو وصلت الأمور إلى الحرب، فلن يكون أمام العرب إلا خوضها لأن ترامب يتحدث عن ضرورة توسيع مساحة إسرائيل، التي ترفض الخروج من لبنان وتخرق اتفاقية كامب ديفيد فيما يبدو مقدمة لدخول سيناء، وفق تعبير مكي.

إعلان

لذلك، فإن الأنظمة السياسية العربية -باعتقاد الباحث في مركز الجزيرة- لن تكون قادرة على مواجهة مخططات ترامب إلا بخطوات جادة تتجاوز الخلافات الداخلية والأيديولوجيات لأن هذا الأمر سيضمن لها دعما شعبيا يمنع سقوطها الذي قد يصبح حتميا في حال لم تتعامل بصرامة مع مخططات ترامب".

الرأي نفسه، ذهب إليه الأستاذ في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، الدكتور حسن منيمنة بقوله إن على الدول العربية والإسلامية خلق موقف عالمي مناهض لخطة ترامب التي تضرب المنظومة الدولية كلها.

ويعتقد منيمنة أن ترامب لن يرتدع ببيانات رسمية أو تصريحات من الزعماء لأنه لا يعتد إلا بما يسمعه خلال اللقاءات المباشرة أو عبر الهاتف، وأنه يعتبر الحديث بلغة دبلوماسية ضعفا من الطرف الآخر.

ويرى المتحدث أن ما يريده ترامب هو الهدف الذي حاولت الولايات المتحدة الوصول إليه بالأساس عبر الحرب وهو تدمير القطاع ثم الضفة لإجبار الناس على الخروج منها، مؤكدا أن الوقت مناسب جدا لبدء اتصال جاد مع روسيا والصين وأوروبا لاتخاذ موقف واضح من طموحات الرئيس الأميركي.

لحظة اصطفاف دولي

ويعتقد منيمنة أن المملكة العربية السعودية تحديدا عليها اتخاذ مواقف واضحة لوقف ترامب عن تكرار حديثه الذي يقول فيه إن الرياض متفقة مع خطته لتهجير الغزيين.

وختم بالقول: "نحن أمام فرصة اصطفاف لأن الدول التابعة له تدعمه بينما المنظومة العالمية ترفض ما يقوم به، لذلك يجب أن تكون المسألة عالمية في مواجهة ترامب وليست فقط عربية أو إسلامية، وهذه لحظة تفعيل ما قامت به جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية".

وفي فلسطين، قال نائب رئيس المجلس التشريعي حسن خريشة إن الموقف العربي لا بد أن يكون واضحا وصارما وألا يتكرر ما حدث خلال الحرب عندما اجتمعت الدول العربية والإسلامية في الرياض ثم خرجت بموقف كان مضمونه التخلي عن الفلسطينيين.

إعلان

وقال خريشة إن الطرف الفلسطيني يجب أن يكون في مقدمة الرافضين للخطة وذلك من خلال تجاوز كل الخلافات وخلق حالة اصطفاف وطني يكون على قدر الأزمة الوجودية التي يواجهها الفلسطينيون.

وأعلنت الدول العربية مرارا رفضها خطة التهجير التي يحاول ترامب فرضها، ومن المقرر أن يصدر موقف عربي موحد من هذه الخطة خلال القمة التي ستقام في السعودية نهاية الشهر الجاري.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

عالم ترامب إلى الفوضى والفشل

إن أول رد فعل عربي تجاوب مع رفض الأردن ومصر، لمشروع تهجير فلسطينيي غزة إليهما، كان رفض المشروع، والتوافق على عقد قمة عربية استثنائية في مصر في 4/3/2025.

وبالفعل عقدت القمة، وخرجت بقرارات، أعلن البيت الأبيض خيبة أمله منها. وقد عبّرت خطابات القادة ورؤساء الوفود، عن مواقف رافضة لمشروع ترامب، ومستنكرة عموماً، لسياسات الكيان الصهيوني، واعتداءاته على لبنان وسورية وفلسطين، وما احتل من أراضٍ.

وبهذا يكون ترامب، قد تلقى صفعة على الوجه من دول، يُفترض بأنها أكثر من صديقة للولايات المتحدة، إن لم تكن على علاقة استراتيجية معلنة معها.

إن التفسير الوحيد، لما تشكّل من "عزلة" لترامب، بخصوص موقفه الفاضح من تهجير فلسطينيي غزة، فيرجع إلى ارتجاليته، وعدم دقته في تقدير الموقف، واستهتاره بالمقربين منه، مثل استهتاره بمن يعتبرهم، خصوماً أو أعداء.وإذا توبعت التعليقات الإعلامية العربية والإسلامية، ناهيك عن الشعبية، فسنجد أن ترامب وحّد، موضوعياً، مواقف كل المعنيين، ومن دون أن يكون عندهم مسعى للتوحُد ضدّه، أو حتى أخذ موقف موحدّ، يعارضه أو يناقضه.

إن التفسير الوحيد، لما تشكّل من "عزلة" لترامب، بخصوص موقفه الفاضح من تهجير فلسطينيي غزة، فيرجع إلى ارتجاليته، وعدم دقته في تقدير الموقف، واستهتاره بالمقربين منه، مثل استهتاره بمن يعتبرهم، خصوماً أو أعداء.

ولكن من جهة أخرى، سرعان ما تراجع عن موقفه، بلا رمشة عين، عندما أعلن في 12/3/2025: "لا يطلب من أحدٌ من سكان غزة بأن يغادر". علماً بأن هذا التراجع، لا يعني بالنسبة إليه، تصريحاً بالتراجع أو إقراراً به. وذلك بمعنى أن الموقفين تعايشا في عقله. ومن ثم لن يجد غضاضة بالعودة إلى الموقف الأول، أو طرح موقف ثالث، يناطحهما.

هذا هو ترامب في تعاطيه والسياسة، أو هذا هو أحد الأبعاد في كيفية تعاطيه، والمعارك التي فتحها، أو سوف يفتحها.

والغريب أن هذا النهج الذي يمكن أن يوصف بالرغائبي، أو الأهوائي، أو الارتجالي، بمعنى مناقضته لكل من سبقه من رؤساء أمريكيين أو غربيين، ومخالفته لما عرف عن الرؤساء بالتدقيق والدراسة، في صوْغ السياسات والمواقف، بالاعتماد على الدولة العميقة، ومراكز البحوث والتخطيط، فضلاً عن استشارة أساطين العمل السياسي، وأصحاب الخبرة.

فالرجل يعلن، بلا مواربة، أنه حوّل السياسة، وصوغها وإدارتها، إلى ما يشبه العمل في الصفقات التجارية، خاصة في مجال العقارات والمضاربات وتشكّل الثروات. ولكنه من جهة أخرى، راح يحشد من حوله الأذكياء البارزين من نمط إيلون ماسك وأمثاله، ممن جمعوا ثروات بعشرات ومئات الملايين من الدولارات، بعيداً من رأسماليي كبريات الشركات والكارتلات، ممن مثلوا الرأسمالية في مراحلها المتوسطة والأخيرة. الأمر الذي أدخل، بدوره اضطراباً خطيراً، داخل الرأسمالية الأمريكية نفسها.

من هنا فإن ترامب، ومن حشد حوله من مساعدين تنفيذيين، راحوا يقلبون الوضعين الأمريكي والعالمي، رأساً على عقب، وعندهم، ولا شك سيطرة على مراكز القرار (الكونغرس مثلاً) في الولايات المتحدة، مع مؤيدين أقوياء ونافذين، إلى جانب شعبيته التهريجية. مما يسمح له، ولهم، أن يفرضوا انقلابهم الجذري في أمريكا. داخلياً (طبعاً، ليس دون معارضة متعاظمة)، وأن يفرضوا علاقات دولية، لا سابق لها، من حيث تناقضها مع كل مألوف، أو عُرف أو قانون سابق.

إذا توبعت التعليقات الإعلامية العربية والإسلامية، ناهيك عن الشعبية، فسنجد أن ترامب وحّد، موضوعياً، مواقف كل المعنيين، ومن دون أن يكون عندهم مسعى للتوحُد ضدّه، أو حتى أخذ موقف موحدّ، يعارضه أو يناقضه.وهنا يجب أن يُلحظ، بأن ما من جبهة صراعية، فتحها ترامب، داخل أمريكا أو خارجها، إلاّ وواجهت معارضة مقابلة، بل وإجراءات مقابلة، كما هو الحال، في محاولة رفع الجمارك، أو محاولات الضم (كندا أو غرينلاند)، أو حتى تغيير الاسم الجغرافي، مثلاً خليج المكسيك الذي قرّر منفرداً، تغييره إلى "خليج أمريكا".

وهذا يعني أن ترامب ينفرد في أخذ القرارات، ولكنه لا يستطيع تنفيذها، أو ما استطاع تنفيذه، فمن جانب واحد، وقد ووجه بمثله، من الجانب المقابل، لتنتج فوضى لا سيطرة عليها.

ولهذا يجب التأكد في مواجهة عالم ترامب، أن مصيره الفوضى والاضطراب، والأهم فشل ترامب، وأمريكا (بالضرورة).

مقالات مشابهة

  • كيكل: الوحدة التي حدثت بسبب هذه الحرب لن تندثر – فيديو
  • محللون: نتنياهو يخشى الصدام مع ترامب ولا خيار إلا بالخضوع لأميركا
  • ما الذي سيفعله الرئيس الشرع لمواجهة إسرائيل؟
  • عالم ترامب إلى الفوضى والفشل
  • موقف ناصر منسي من مباراة الزمالك وسموحة غدا في كأس مصر
  • الاتحاد: ترامب أدرك استحالة تغيير الواقع في غزة أمام صمود الفلسطينيين
  • طه الفشني.. القارئ الذي فقد صوته فاستعاده بمعجزة أمام قبر النبي
  • محللون: اتفاق غزة خرج عن مساره وترامب يريد وقف الحرب بشروطه
  • الشرعية تلوح مجددا بخيار الحرب وتتحدث عن الضرر الذي جاء من البحر الأحمر
  • ترامب: الناتو يمكن أن يكون قوة من أجل الخير