"التحطيب" يطلق عليها البعض لعبة وآخرين يسمونها عادة شعبية، لكن يتفق الجميع على أنها حكراً على الرجال فقط، فأغلب من يحترفونها تزين رؤوسهم العمائم البيضاء، ولا يخترق عمائهم إلا قليل من الشباب المحترفين لضربات العصا، وإتقان آدابها وسط أعمامهم الكبار، الذين توارثوها عن آبائهم وأجدادهم سواء في محافظة قنا أو محافظات جنوب الصعيد، التى تحرص على إقامتها والحفاظ عليها من الإندثار.

التحطيب لعبة لها مدارس

التحطيب، عادة شعبية لها أصولها ومبادئها التي تربى عليها وورثها كل من أمسك بالعصا أو الشوم، فلها مدارسها ورجالها المعروفين في كل المحافظات التي تحرص علي تنظيمها، خلال الموالد والمناسبات المختلفة، فالدخول وبدء المواجهة مع الفارس المنافس، لا يكون عشوائياً، لكنه يكون وفقاً لنظام وإدارة المسئولين عن الحلقة، والضربات لابد أن تراعى عدم إحداث أي أذى للأخر، حتى تنتهى فعاليات اللعبة بالشكل اللائق.

خلال جولة مفاجئة.. مدير تعليم قنا يحيل المدرسين المتغيبين للتحقيققصة أشهر مولد بقنا.. السيد عبدالرحيم القنائى رحلة من المغرب إلى قنا

تعد لعبة التحطيب، من أكثر المظاهر التي تجذب رواد الموالد، بعد سباق الخيول "المرماح"، للاستمتاع بضربات العصا وأداء اللاعبين داخل حلقات التحطيب، كونها مشاهدة مجانية ممتعة لا تستدعى قطع تذاكر، فضلاً عن روادها الذين يأتون إلى الموالد خصيصاً للمشاركة في اللعب، ومتابعة أصدقائهم من اللاعبين، الذين يقطعون مئات الكيلومترات بحثاً عن هذه اللعبة التي تعود جذورها للفراعنة، وفقاً لما جسدته جدران بعض المعابد.

 مسك العصا وراثة

قال جمال محمد خليل، 70 عاماً ، تعلمت التحطيب منذ الصغر على يد والدى وكان عمرى وقتها 15 عاماً، ومازالت ألعبها وأبحث عن حلقاتها، كما أننى ألبى دعوات من يدعونى للمشاركة في حلقاتها أينما كانت سواء في محافظة قنا أو غيرها من المحافظات، فقد اعتدت على مسك العصا وأداء حركات استعراضية وفق قواعد متعارف عليها بين اللاعبين، تفرغ طاقتنا وتمنحنا لذة لا يشعر بها إلا من عشق العصا.

وأضاف خليل، التحطيب لابد أن يكون بناء على خبرة سابقة، ولا يمكن لأى شخص أن يدخل خلقة التحطيب بشكل عشوائى، حتى لا يتسبب في ضرر لنفسه أو للآخرين، كما يجب أن يتمتع لاعبها بصفات وأخلاق حميدة وسعة صدر، لأن مسك العصا مثل السلاح، الإنفعال والغضب أثناء اللعب بها قد يحول الأمر إلى مشكلة، لذلك يحرص لاعبيها على الوضوء وقراءة الفاتحة أثناء المشاركة فيها.

للرجال فقط

وأشار خليل، إلى أن العصا أو التحطيب، تكاد تكون اللعبة الوحيدة التي لم تدخلها السيدات، فهى لعبة تحتاج مهارات وخبرات خاصة، كما أنها تتم وسط حلقات يحيطها المشاهدين من كافة الجهات، سواء كبار أو صغار، وأحياناً يكون من بين المتفرجين سيدات، لكنها تظل الوحيدة التي لم تشارك بها السيدات، لافتاً إلى أنه طوال سنوات مشاركته في حلقات التحطيب، لم يتسبب في أذى لأى شخص أو تحدث منه مشكلة داخل حلقات التحطيب، معتبراً إياها بأنها لعبة دفاع عن النفس وليست للتعدى أو الهجوم على الآخرين.


 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: قنا جنوب الصعيد التحطيب حلقات التحطيب المزيد

إقرأ أيضاً:

خالد عبدالرحيم يكتب: مصطفى بيومي.. حين تنطفئ الشموع ويبقى النور

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

برحيل الأستاذ والمفكر مصطفى بيومي، فقد الأدب والثقافة أحد أعمدته الصلبة، وخسر طلابه ومحبوه معلمًا لم يكن مجرد ناقل للمعرفة، بل عاشقًا لها، يبث فيها روحه ويمنحها حياةً تتجاوز الكلمات. لم يكن مجرد أستاذ، بل كان فكرًا متجسدًا، يضيء العقول والقلوب بشغف لم يخفت يومًا.

أتذكر جيدًا، فى إحدى محطات حياتي، حين كنت أستعد لامتحان مهم، وكان الأدب العربى محورًا أساسيًا فيه، قاعدة لا غنى لى عنها. وقتها، قال لى والدي: "سأتصل بعمك مصطفى". ولم تمضِ سوى لحظات حتى وجدته أكثر من مرحّب بمساعدتي.

ما حدث لم يكن درسًا تقليديًا.. كان تجربة مختلفة تمامًا. حين تحدث عن "يوميات نائب فى الأرياف" و"قنديل أم هاشم"، لم يكن يسردها كنصوص تُحفظ فقط، بل كان يعيشها بكل كيانه. شعرت وكأن شخصيات الروايات تخرج من الصفحات وتجالسه. رأيت فى عينيه وهجًا لا ينطفئ، شغفًا نادرًا، وكأن الكلمات تمتزج بروحه قبل أن تصل إلى قلمه أو حديثه.

لم أحظَ بفرصة قضاء سنوات طويلة معه كما فعل بقية أفراد عائلتي، لكن رغم قصر الوقت الذى جمعنى به، ترك بصمة لا تُنسى. كلماته لا تزال حاضرة فى ذاكرتي، يتردد صداها داخلي، وكأن صوته لم يغب يومًا.

مصطفى بيومى لم يكن مجرد أستاذ أو مفكر، بل كان ظاهرة ثقافية تعكس عمق الأدب والفكر العربي. أعماله وأفكاره لمست أجيالًا، وزرعت فيهم حب الأدب وشغف المعرفة. رحيله لا يمثل مجرد خسارة شخصية، بل خسارة فكرية وثقافية تمتد لكل من عرفه أو تتلمذ على يديه.

لكنه، وإن غاب الجسد، سيظل أثره خالدًا فى كلماته التى علّمنا بها، فى شغفه الذى زرعه فينا، وفى بصمته التى لن تمحوها الأيام. وداعًا يا من كنت رواية تمشى بيننا، ويا من بقيت حيًا فى كل سطر كتبته وفى كل قلب أحبك. رحمك الله رحمة واسعة وأسكنك فسيح جناته.

مقالات مشابهة

  • محافظ الأقصر يشهد الاحتفال بالليلة الختامية لمولد سيدي أبو الحجاج.. صور
  • ترامب يدمر قوة أميركا عبر ترك الجزرة واستخدام العصا
  • تصدر الشهر المقبل.. لعبة Centum تنقلك إلى عالم الرعب
  • التعليم تتيح نماذج استرشادية لامتحانات الثانوية العامة.. الرابط وخطوات الحصول عليها
  • المبتكر الصغير القاسم الرداعي لـ”علوم وتكنولوجيا”: العصا الإلكترونية خطوة نحو تمكين المكفوفين
  • اشرف زكي :لم أمنع البلوجرز من التمثيل
  • مولد سيدى عبدالرحيم القنائي.. حلقات ذكر ومدح وتجارة واستثمار
  • خالد عبدالرحيم يكتب: مصطفى بيومي.. حين تنطفئ الشموع ويبقى النور
  • لعبة Wuchang: Fallen Feathers.. معارك ضارية ضد المخلوقات الوحشية