ماذا يعني الاتفاق على بناء قاعدة بحرية روسية في السودان؟
تاريخ النشر: 12th, February 2025 GMT
موسكو- توصلت روسيا والسودان إلى تفاهم متبادل بشأن قضية بناء قاعدة بحرية روسية في بورتسودان، حسب ما أفاد وزير الخارجية السوداني علي يوسف الشريف، عقب ختام مباحثاته في موسكو مع نظيره الروسي سيرغي لافروف.
وقال الشريف، في مؤتمر صحفي مشترك مع لافروف ردا على سؤال عن الوضع الحالي للاتفاق بشأن القاعدة البحرية الروسية في السودان، "توصلنا إلى تفاهم متبادل بشأن هذه القضية، لذا فإن السؤال بسيط للغاية.
من جانبه، أكد الوزير الروسي أنه تم إيلاء اهتمام خاص للوضع في السودان وتطبيع الأوضاع هناك في أقرب وقت ممكن من خلال إنهاء العمليات العسكرية بسرعة والإطلاق الموازي لحوار وطني يشمل جميع ممثلي القوى السياسية والعرقية الطائفية.
وأضاف أن نظيره السوداني أبلغه أن القيادة السودانية أقرت قبل أيام "خارطة طريق" من شأنها أن تدفع البلاد نحو تحقيق توافق وطني.
وبحسب وزير الخارجية الروسي، فإن استقرار الوضع في السودان سيخلق الظروف لمزيد من تطوير العلاقات الثنائية، معتبرا أن تقديم المساعدة للسودان في تطوير قاعدة الموارد المعدنية في البلاد يشكل أحد المجالات ذات الأولوية.
ومنذ العقد الأول من القرن الحالي، أظهرت روسيا اهتماما متجددا بالقارة الأفريقية وزادت من حجم التجارة والاستثمار والصفقات العسكرية وصفقات الأسلحة مع عدد كبير من بلدان القارة، فضلا عن صفقات الطاقة والموارد الطبيعية الأخرى.
إعلانومنعت الحرب في اليمن محاولة التوصل إلى اتفاق بشأن قاعدة بالقرب من مضيق باب المندب، كما فشلت المحادثات مع جيبوتي بسبب الموقع الذي اقترحته للقاعدة، فضلا عن تكاليف البناء الباهظة، قبل أن تحول روسيا تركيزها إلى السودان، الذي كانت تجري معه محادثات بشأن التعاون العسكري والأمني لعدة سنوات.
أما المناقشات بشأن إنشاء قاعدة بحرية روسية في بورتسودان، وهي أول قاعدة بحرية روسية في الخارج منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، فتعود إلى عام 2019 عندما وقع البلدان اتفاقية أولية بالخصوص، لكن الاضطرابات الداخلية والحرب الأهلية المطولة أخرت التصديق عليها.
ونفت السفارة الروسية في الخرطوم نهاية العام الماضي ما وصفته بـ"ادعاءات وسائل إعلام غربية" بأن السودان رفض استضافة قاعدة بحرية روسية في بورتسودان على البحر الأحمر.
كما نفى السفير السوداني في موسكو محمد سراج هذه المزاعم، قائلا إن بلاده لم ترفض الاتفاق مع روسيا لإنشاء قاعدة بحرية، ووصف الاتهامات بأنها "كاذبة" و"مضللة".
لكن الاتفاق النهائي الذي جاء بعد مناقشات مطولة بين البلدين يُعد، إذا تم تفعيله، تطورا مهما في العلاقات الروسية السودانية، ويلبي مساعي موسكو لتعزيز وجودها الإستراتيجي في منطقة البحر الأحمر والحصول على موطئ قدم عسكري في السودان، ويؤكد المصالح الجيوسياسية المتوسعة لموسكو في القارة الأفريقية عموما.
إنجاز جيوسياسيويوضح الباحث في النزاعات الدولية فيودور كوزمين أن القاعدة البحرية الروسية المتفق عليها في بورتسودان تقع على طول منطقة حيوية، حاولت العديد من الأطراف ترسيخ موطئ قدم هناك، لكن روسيا فقط نجحت بذلك، بالحد الأدنى حتى الآن.
ويضيف للجزيرة نت أن المباشرة بتنفيذ هذه الاتفاقية يساعد في استعادة الوجود البحري الروسي في المنطقة وزيادة القدرات التشغيلية للأسطول الروسي، ولا يضمن فقط الحصول على موطئ قدم على البحر الأحمر والوصول إلى المحيط الهندي، بل يخفف كذلك من التهديدات التي يمكن أن تتعرض لها الناقلات والسفن الروسية هناك.
إعلانووفقا له، كثفت موسكو في الآونة الأخيرة مفاوضاتها مع المسؤولين السودانيين حتى مع استمرار القتال في العاصمة الخرطوم، وزاد الاهتمام الروسي ببورتسودان وسط المخاوف من فقدان وجودها العسكري في سوريا.
كما أن القاعدة الجديدة ستشكل جسرا إلى أفريقيا ذات الأهمية الحيوية والموارد الهائلة غير المستغلة، التي يمكن أن تساعد اقتصاد روسيا في الأمد البعيد.
تساؤلاتمن جانبه، يدعو الخبير في الشؤون العسكرية والأمنية، أنطون مارداسوف، إلى التمهل في إعطاء تقييم نهائي لنتائج زيارة الوزير السوداني في ما يخص مستقبل القاعدة الروسية في بورتسودان بانتظار الإعلان عن الصيغة النهائية للاتفاق.
وبحسب قوله، فإن عبارة "توصلنا إلى تفاهم متبادل بشأن قضية القاعدة، وليس لدي ما أضيفه.. واتفقنا على كل شيء" تحمل بعض التأويلات، قد يكون من بينها أن ما تم التفاهم عليه ليس بالضرورة أنه يتطابق مع الصيغة الأولية والمعروفة للاتفاق.
ويلفت الخبير في حديثه للجزيرة نت إلى أن مسودة الاتفاق نصت على أن القاعدة البحرية تلبي أهداف الحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة، لا سيما أنها دفاعية ولا تستهدف دولا أخرى، لكن بناء القاعدة لا يمكن فصله عن الحقائق التجارية والجيوسياسية في المنطقة.
فالمنطقة -يتابع- غنية بالموارد الطبيعية مثل الغاز والذهب، وتضم نقطتين حيويتين حاسمتين في التجارة العالمية (قناة السويس ومضيق باب المندب)، وعلاوة على ذلك، أصبح البحر الأحمر والقرن الأفريقي في العقدين الماضيين موقعا لتطوير ونشر القواعد العسكرية الأجنبية.
وبرأيه، فإن التأخر في الإعلان عن حدوث "تفاهم على كل شيء" يأتي رغم بقاء الأوضاع الأمنية والعسكرية على حالها، ووسط غياب سيطرة كاملة للجيش السوداني على كافة مناطق البلاد، مما يترك بدوره هامشا لاحتمال إعادة النظر في مصير القاعدة الروسية في بورتسودان، إذا تغيرت الأوضاع في السودان، كما حصل في سوريا.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات قاعدة بحریة روسیة فی البحر الأحمر الروسیة فی فی السودان أن القاعدة
إقرأ أيضاً:
روسيا تؤكد وجود 9 آلاف سوري لاجئ في قاعدة حميميم العسكرية
أعلنت وزارة الخارجية الروسية الخميس عن فتح قاعدتها العسكرية في حميميم بسوريا أمام أكثر من 8 آلاف شخص فروا من الاشتباكات الدائرة في منطقة الساحل غرب البلاد، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من ألف شخص.
وأكدت المتحدثة باسم الوزارة، ماريا زاخاروفا، في تصريحات للصحفيين أن "القاعدة الجوية الروسية في حميميم فتحت أبوابها أمام السكان الفارين من أعمال العنف"، مشيرة إلى أن "الجيش الروسي استقبل أكثر من 8 الاف لاجئ، معظمهم من النساء والأطفال، وفق إحصاءات الأمس الأربعاء، وقد يصل العدد إلى نحو 9 الاف شخص".
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن القاعدة تستضيف لاجئين من المؤيدين لرئيس النظام السوري المخلوع بشار الأسد، في وقت تشهد المنطقة تصاعدًا في أعمال العنف منذ السادس من آذار/ مارس الماضي، حيث قُتل المئات خلال قيام الحكومة السورية بفرض الأمن في محافظتا اللاذقية وطرطوس بعد الهجمات المنسقة التي قام بها فلول نظام الأسد، ضد دوريات وحواجز أمنية.
وعلى جانب آخر تسعى موسكو حاليًا إلى تعزيز علاقاتها مع الإدارة الجديدة في دمشق، بهدف الحفاظ على وجودها العسكري في قاعدتي حميميم الجوية وطرطوس البحرية على ساحل البحر الأبيض المتوسط.
وفي سياق متصل، أثارت تصريحات وتقارير غير مؤكدة حول تنسيق روسي مع فلول النظام السوري جدلًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تداول نشطاء مزاعم عن تشجيع روسي لأهالي الساحل، على اللجوء إلى قاعدة حميميم تحت ذريعة "الحماية"، مع مطالبتهم بالتوقيع على بيان يطالب بتدخل دولي.
كما انتشرت تسجيلات صوتية نُسبت إلى فلول النظام السوري، يُزعم فيها وجود تنسيق مباشر مع القوات الروسية في حميميم، بما في ذلك تزويدهم بالسلاح.
وأثارت هذه التسجيلات انقسامًا بين السوريين، حيث رأى بعضهم أن روسيا تسعى لاستغلال الأزمة لفرض واقع جديد يخدم مصالحها الإستراتيجية، بينما اعتبر آخرون أن هذه الخطوة قد تكون مقدمة لتدخل دولي مدعوم من الأمم المتحدة.
من جهته، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مؤتمره الصحفي السنوي بموسكو في 19 كانون الأول/ ديسمبر الماضي٬ أن "روسيا لم تهزم في سوريا"، مشيرًا إلى أن تدخل بلاده قبل عشر سنوات كان يهدف إلى "القضاء على الجماعات الإرهابية"٬ حسب وصفه.
كما كشف بوتين عن إجلاء قوات بلاده لأربعة آلاف مقاتل موالٍ لإيران إلى طهران عبر مطار حميميم، وذلك في أعقاب سقوط نظام الأسد، الذي فر إلى روسيا بعد انسحاب قواته من دمشق في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر الماضي، منهيًا بذلك 61 عامًا من حكم حزب البعث و53 سنة من سيطرة عائلة الأسد على السلطة في سوريا.