صوت البراءة المفقود.. مأساة أم فقدت رضيعتها بسبب التفكك الأسري في إمبابة
تاريخ النشر: 12th, February 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في ظلمة الليل البارد، وبين أزقة إمبابة بمحافظة الجيزة، التي تضج بالحكايات الحزينة، كانت "سماح" تحمل صغيرتها بين ذراعيها، تبحث عن زاوية آمنة تحتمي بها من قسوة الحياة، لم يكن لديها بيت، لم يكن لديها حتى شهادة ميلاد لرضيعتها الصغيرة، فقط كان لديها قلب أم يشتعل خوفًا وجسد واهن لم يعرف الراحة منذ شهور.
كانت الطرقات مزدحمة بالمارة، لكنها شعرت بأنها وحدها في عالم قاسٍ، عالم لفظها دون رحمة كما لفظها زوجها ذات ليلة باردة، عندما قرر فجأة أن ينكر ابنتهما، أن يمحوها من وجوده، تمامًا كما لو أنها لم تكن يومًا جزءًا منه، "مش بنتي.. مش هسجلها باسمي.. ومالكِيش مكان عندي!"، كلماته ما زالت ترن في أذنيها كطعنة بطيئة في القلب، كانت تحمل رضيعتها بقوة كأنها تحاول أن تحميها من الألم، لكنها لم تكن قادرة على حماية نفسها، لم يكن لديها مكان تذهب إليه، ولا مال يساعدها على العيش.
سارت في الشوارع بلا وجهة، لا تعرف إلى أين تذهب، حتى توقفت أمام أحد المحلات التجارية، حيث جلست فتاتان صغيرتان على الرصيف، تراقبانها بعيون واسعة، وكأنهما تعرفان ألمها جيدًا.
طفلتان تبحثان عن أمإنتِ رايحة فين؟.. التفتت سماح إلى الفتاة الكبرى، "علا"، التي لم تكن تتجاوز السابعة عشرة من عمرها، بينما كانت شقيقتها الصغرى "مريم" البالغة من العمر ست سنوات تتشبث بها، لم تكن الفتاتان متشردتين، لكنهما لم تكونا تنعمان بدفء عائلة أيضًا، بصوت خافت، قالت علا: "ماما مسجونة، وإحنا عايشين لوحدنا".
شعرت سماح بقشعريرة تسري في جسدها، وكأن مصيرها تشابك مع مصيرهما في دوامة القهر نفسها، عرضت الطفلة الكبري عليها أن تأتي معهما إلى منزلهما الصغير، فوافقت دون تفكير، لم يكن لديها خيار آخر.
في ذلك المنزل البسيط، بدأت سماح تشعر ببعض الأمان، رغم كل شيء، لم يكن المكان واسعًا، لكنه كان على الأقل يمنحها سقفًا يحميها من برد الشوارع، بدأت تشعر أن الحياة قد تمنحها فرصة أخرى، ولو صغيرة، كي تستعيد أنفاسها المرهقة، لكن القدر لم يكن يخطط لتركها بسلام.
لعبة بريئة ونهاية مأساويةكان اليوم يبدو عاديًا، تمامًا كالأيام القليلة التي قضتها في المنزل مع الفتاتين، لكن في لحظة خاطفة، تحول كل شيء إلى كابوس.
كانت "مريم" الطفلة الصغيرة تضحك وهي تحمل الرضيعة بين ذراعيها، تداعبها كدمية صغيرة، تهمس لها بكلمات غير مفهومة، كانت الطفلة سعيدة، لكنها لم تكن تدرك أن يديها الصغيرتين لا تستطيعان حمل جسد الرضيعة الضعيف بثبات، فجأة، انزلقت الرضيعة من بين ذراعيها، وسقطت أرضًا، ارتطم رأس الصغيرة بالأرض بقوة، وصدر صوت مخيف صمتت بعده كل الضحكات.
تجمد الجميع في أماكنهم، ثم صرخت الأم بأعلى صوتها، وارتمت على الأرض، تحاول إيقاظ رضيعتها، لكن عيني الصغيرة كانتا مفتوحتين بلا حياة، ووجهها الصغير كان شاحبًا.
حملتها الأم بين ذراعيها وركضت بها إلى الشارع، لا تفكر في شيء سوى أن تصل إلى المستشفى، أن ينقذها أحد، لكنها لم تكن تعلم أن الوقت قد فات، في المستشفى علمت بوفاة طفلتها.
في لحظة ذهول وقفت في مكانها، لا تصدق ما تسمعه، كيف يمكن أن تنتهي حياة ابنتها بهذه السرعة؟ كيف يمكن أن يكون هذا هو مصيرها بعد كل ما مرت به؟ لم تكن لديها حتى شهادة ميلاد لها، لم يكن هناك أي دليل على أنها كانت أمًا لهذه الطفلة.
التحقيق والاتهاماتلم تمر ساعات حتى وقفت "سماح" أمام ضباط مباحث قسم شرطة إمبابة بمديرية أمن الجيزة، عيناها غارقتان في الدموع، وجسدها يرتجف، "مريم مكانتش تقصد.. كانت بتلعب بيها بس.. مش ذنبها، هي لسه طفلة!"
تم اتخاذ كل الإجراءات القانونية اللازمة حيال الواقعة وتولت النيابة العامة مباشرة التحقيقات والتي أمرت بانتداب طبيب شرعي لتشريح جثة الطفلة وإعداد تقرير وافٍ عن كيفية وأسباب الوفاة وصرحت بالدفن عقب بيان الصفة التشريحية لها وتسليم الجثمان لذويه لاستكمال إجراءات الدفن، وطلبت النيابة العامة بشمال الجيزة تحريات المباحث التكميلية حول الواقعة وجارٍ استكمال التحقيقات.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: التفكك الأسرى المحلات التجارية بمحافظة الجيزة جثة الطفلة مأساة أم محافظة الجيزة لم یکن لدیها لم تکن
إقرأ أيضاً:
الجفا يهدد البناء الأسري
كلام الناس
نورالدين مدني
أعادت تماضر الحسن نشر ماكتبه الدكتور أحمد خالد توفيق عن مخاطر الإهمال التدريجي بين الزوجين و جاء فيه ان ما ينتهي ببطء لايعود أبدأ.
اوضح الدكتور أحمد ان المشاكل الزوجية ليست في الشجار والخلافات التي تحدث بين الزوجين إنما المشكلة الحقيقية هي في الإهمال الذي يؤثرسلبا على العلاقات الزوجية فتقل اللقاءات وتجف وتموت الحميمية.
أضاف قائلا ان التواصل الحميم بين الزوجين له مفعول الماء يغسل وينظف ويبرد ويهديء التوترات وينزل على شقوق الروح يطيبها ويطببها ويجعل تربة النفس جاهزة للانبات والازدهار.
أنه أيضا يحقق الارتواء ويعالج حالات الجفاف العاطفي فيفرهد الدواخل ويجدد روح الحميمية الأهم للحفاظ على مشاعر المودة والرحمة بينهما.
أعجبني أسلوب الدكتور أحمد في طرح هذه المشكلة الزوجية المسكوت عنها التي لابد من الإهتمام بها ومعالجتها قبل أن تتمدد وتقطع حبل الوصل بينهما وتترك كل طرف( ياكل نارو)بعيدا عن الاخر رغم علاقة المودة والرحمة التي تربط بينهما.
ليس المجال هنا مجال تبادل الاتهام بين الزوجين فهذا يوسع مساحة التباعد بينهما فالهدف الذي نسعى لتحقيقه هو ضرورة الحرص على التواصل والحفاظ على مشاعر المودة والرحمة بينهما لتأمين البناء الأسري والحفاظ على تماسك الاسرة واستقرارها.
للأسف هناك حالات ينفرط فيها عقد البناء الأسري دون إعتبار للذرية التي ستحرم من الرعاية الأسرية المعافاه في ظل الأسرة السعيدة المستقرة.
لذلك اعدت نشر رسالة الدكتور أحمد خالد توفيق التي راقت لي أيضا لأنها تتعلق بمعضلة أسرية مسكوت عنها يجب الانتباه لها والسعي لتجنب حالات الإهمال والجفا بين الزوجين لتأمين أسباب المودة والرحمة والتوافق والحميميةبينهما.