البلاد- جدة
غيب الموت كابتن منتخب السودان، ونادي الهلال والمريخ والنصر السعودي السابق، بعد مسيرة حافلة بالعطاء في ميادين الرياضة والدبلوماسية والعمل العام.. حيدر حسن حاج الصديق المعروف بـ (علي جاجارين)، الذي فاضت روحه بالمركز الطبي العالمي في العاصمة المصرية القاهرة، بعد صراع مع المرض. ورحل جاجارين، الهداف التاريخي للمنتخب السوداني إثر معاناته من إلتهاب حاد بالصدر.

ويعتبر الراحل أول لاعب كرة قدم سوداني يتقلد منصب سفير، بعد أن عمل دبلوماسيًا في بعض الدول، وهو أحد أساطير بطولة كأس الأمم الأفريقية الوحيدة التي حققها السودان في العام 1970م. دشن حيدر علي الصديق الشهير بـ(علي جاجارين) مسيرته في أشبال نادي المريخ عام 1963م، لكنه انتقل لاحقًا للهلال، وأصبح من أساطير الأزرق السوداني، واشتهر بعدة ألقاب؛ مثل “السفير” و” الرمح الملتهب”. وكان جاجارين قائدًا للهلال في سبعينيات القرن الماضي، ثم أصبح دبلوماسيًا في نهاية مسيرته الكروية؛ إذ عمل سفيرًا للسودان في عدة دول. لعب حيدر لأشبال المريخ بين 1963- 1966م، وأصبح متاحًا بحكم السن للعب في الفريق الأول، وفي تلك الفترة بدأ بعض لاعبي ومسؤولي الهلال في التواصل معه لضمه لفريقهم. والغريب في الأمر أن كل أسرة جاجارين لعبت للمريخ، مثل شقيقه جعفر جاجارين، وابن أخيه أسطورة الإدارة اللاعب السابق حسن أبو العائلة. تابع علي جاجارين مسيرته بعد إيقاف النشاط الرياضي بالسودان 1976، وانتقل للعب في نادي النصر السعودي موسم 1976- 1977م، ثم لعب مع ستاد أبيدجان الإيفواري 1978- 1979م، ثم بدأت حياته الدبلوماسية. وسمحت له وزارة الخارجية السودانية باللعب في كوت ديفوار، لكن بصفة هاو. ترك الدكتور علي جاجارين كرة القدم في 1980م، ليتفرغ للدراسة في فرنسا، رغم أنه كان قادرًا على العطاء لـ 4 مواسم أخرى على الأقل.

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: السوداني المريخ السوداني منتخب السودان النصر السعودي الهلال

إقرأ أيضاً:

قاقرين .. رحيل نجم المجتمع السوداني

يتراجع وجود الجيل الذي شكل معارفنا الفكرية، والثقافية، والفنية، والإعلامية، والرياضية، باضطراد في الآونة الأخيرة. وحيدر حسن حاج الصديق رمز بارز وسط ذلك الجيل الذي تفتقت مواهبه في ميادين الحياة هذي. ما خلته يرحل بهذه السرعة بعد أن ألمت به وعكة تابعتها من بعيد ظناً مني أنه لم يشخ بما فيه الكفاية لنخشى فقدانه تحت أي لحظة وسط هذه الحرب المؤذية للنفس، والصحة. وحتى حين لمحت نعيه فجأة أثناء التجوال وسط تطبيقات الميديا الحديثة انتظرت حتى يكذب النعي. ذلك ما توقعته في زمان نقتل رموزنا بالنعي المتسرع، وهم أحياء يرزقون. وظللت هكذا أطوف بين التطبيقات، والمواقع، بسرعة متناهية بأمل أن يكون الرمح الملتهب - كما سماه أستاذنا عمر عبد التام - باقياً بيننا. ولكن خاب ظني وارتدت نفسي حسيرة لهذا الخبر المفجع.
علي قاقرين، وهذا اللقب الذي تزامن مع بزوغ نجم رائد الفضاء الروسي يوري قاقرين حاز عليه أولاً شقيقه جعفر الذي لعب للمريخ، كان ظاهرة في زمانه أكثر من كونه هدافاً لفريق الهلال والفريق القومي وقد تقلد الكابتنية فيهما. ولاحقاً بعد اعتزاله بزغ في ميادين العلم، والدبلوماسية، والاجتماع، ما حفزني أطرق باب مكتبه يوما في الخارجية بعد عودته من بانغي لإجراء حوار مطول تبعه الإذن لي بإصدار كتاب عنه. وقد طبعته دار نشر جامعة الخرطوم، وقمت بتوزيعه في مباراة الهلال وأشانتي كوتوكو التي أنهت علاقتي بتغطية المباريات، ومناشط الرياضة الأخرى من طائرة، وسلة. فقد رأى الأستاذ عبد التام بعد أن أهديته نسخة إكرامية أنني قد وصلت السقف الصحافي الرياضي دون أن أبلغ الثانية والعشرين. ولذلك رأى أنه علي السعي لتطوير قدراتي الصحفية في مجالات أخرى. وقد عملت بنصيحته التي تطابقت مع نصيحة الراحل حيدر، والذي نصحني بأن أواصل تعليمي فربما تعم الفائدة أكثر للصحافة، والرياضة.
بتلك العلاقة التي عمقها الحوار الصحفي المطول، وصدور الكتاب، ظللت أحرص على ملاقاة علي قاقرين في الخارجية وإجراء أكثر من حوار معه. وحين يعود من محطاته الخارجية أسعى لمقابلته في منزله والخروج منه بحوار جديد رغم فك ارتباطي بتغطية الرياضة.
وهكذا استمرّت العلاقة بيننا إلى أن جمعتنا الولايات المتحدة مرة أخرى. وكنت قد طرحت عليه قبل عام فكرة الطبعة الثانية للكتاب، وتضمينه بعض الأبواب الجديدة بعد سبعة وثلاثين عاماً منذ كتابته. وللأسف ظللت أبحث عن نسخة من الطبعة الأولى فلم أجدها إلا قبل عام من أحد الأصدقاء. ولكن مشاغل الحياة منعت من تفرغي لإصدار الطبعة الثانية.
-٢-
يختلف النقاد الرياضيون عند المقارنة بين جكسا وعلي قاقرين بوصفهما من أكثر هدافي الهلال والفريق القومي شهرةً. ولكن لا يختلفون حول تطابق دماثة خلقهما الرفيع، وتواضعهما، وقربهما إلى جماهير المستديرة. فقاقرين كثير الحياء، ويكسوه بعض الخجل، ومرهف بالدرجة التي يبكيه أقل المواقف، بالإضافة إلى أنه يعد من أكثر لاعبي ذلك الجيل اجتماعيةً، وتوشحاً بالأدب الجم، ووصلاً مع ناديه وجمهوره، وقطاع واسع من الرياضيين كافة. فالاحترام الذي وجده في الوسط الرياضي لدى كل الأجيال المتعاقبة يعود إلى روحه الرياضية التي نماها بعلمه، ووظيفته الدبلوماسية، واعتداده الأمدرماني المنفتح، وكذلك تجواله حول العالم ممارساً للعبة، ودبلوماسياً ترقى في المهنة حتى صار سفيراً مميزاً في عدد من البلدان.
للأسف الشديد لم تستفد الرياضة من علي قاقرين نتيجةً لعدة أسباب تتعلق بوضع الوزارة دائماً في محاصصة الترضيات السياسية التي تأتي بغير الرياضيين لإدارة هذا المجال الحيوي. وبطبيعة سيطرة الرأسمالية الطفيلية على الأندية كان لا بد أن تبعد الراحل الذي له من النضج العلمي، والمهني، وثراء العلاقات الداخلية والخارجية، والتجارب الرياضية، ما تجعله هذه العوامل قادراً لتثوير الإدارة الرياضية. وعلى مستوى الاتحاد العام فقاقرين لأخلاقه الرفيعة لم يكن ليستطيع مجاراة الانتهازية الرياضية. ولكونه من أكثر المؤهلين لرئاسة اللجنة الأولمبية السودانية فإنه لم يعرف الهرولة لتسنم هذه المناصب التي تتطلب قدراً من استخدام الرشاوي، وتزوير إرادة الرياضيين.
-٣-
وبرغم أن قاقرين كان تكنوقراطياً، ولا يعرف له سابق انتماء سياسي غير انتمائه للعمل الدبلوماسي في فترتي مايو، والديمقراطية، والإنقاذ، وفترة حمدوك، فإن الجهاز التنفيذي بالوزارة لم يسع للاستفادة من خبراته الدبلوماسية، وإتقانه الجيد للإنجليزية، والفرنسية. ذلك في وقت رأينا دبلوماسيين متحدثين باسم الوزارة، وسفراء، لا يجيدون حتى العربية ناهيك عن لغة أجنبية واحدة، وكانت مرافعاتهم في الأمم المتحدة مجالاً للتندر وسط دبلوماسي المنظمة الأممية.
ارتبط علي قاقرين بأحداث مباراة الهلال والمريخ في عام 1976 حيث انتصر لفريقه بهدفه الصاروخي في مرمى المريخ. ورددت الجماهير هتاف "رئيسكم مين ..علي قاقرين" بحضور الرئيس الأسبق جعفر نميري. وقد أثارت تلك الحادثة حفيظة الرئيس المريخابي فألغي نشاطات الاتحادات، والأندية، ومن ثم أصدر قرارات الرياضة الجماهيرية التي هجرت نجومنا البارزين للخارج. وكان من نصيب علي قاقرين الانضمام للنصر السعودي بجانب هداف الهلال مصطفى النقر. والحقيقة أن تلك القرارات الغاضبة، كما يرى كثير من النقاد الرياضيون، أسهمت في تدهور كرة القدم التي لم تقم لها قائمة في البلاد. ذلك برغم أن السودان يعد من الدول الرائدة في كرة القدم الأفريقية، وتمكن من الفوز بكاس الأمم الأفريقية عام 1970، ولم يستطع لاعبونا تحقيق إنجاز قاري آخر إلا عند فوز المريخ بكأس الكؤوس الإفريقية عام 1989.
إن رحيل الدكتور علي قاقرين الفاجع لا بد أنه ممض للمجتمع السوداني كافة، والقاعدة الرياضية خاصة، نظراً لنجوميته القومية التي لم تنطفيء قرابة الستة عقود. ونتضرع إلى الله أن يشمله بفيض رحمته، وأن يسكنه فسيح الجنات، والعزاء لشعبنا المكلوم، وهو يودع أحد أبنائه البررة الذين تحتذي الأجيال بنجاحاتهم في أكثر من مجال. والعزاء لزوجته تهاني محمد سعيد، وصهره الصديق كمال افرو، والكابتن جعفر قاقرين، والشاعر تاج السر أبو العائلة، وكل كريماته، والأسرة، والأهل الممتدين في ربوع السودان.

suanajok@gmail.com

 

   

مقالات مشابهة

  • البكيري: لا يمكن مقارنة مواجهات الأهلي والنصر بكلاسيكو الهلال والاتحاد حقيقة كروية
  • توفي في القاهرة.. مجلس السيادة السوداني ينعي السفير حيدر حسن حاج الصديق
  • قاقرين .. رحيل نجم المجتمع السوداني
  • الموت يغيب الهداف التاريخي للسودان ونجم الهلال والمريخ السابق
  • رحيل كابتن الهلال ومنتخب السودان السابق علي قاقارين
  • الأهلي والنصر.. قمة الدوري السعودي
  • نيمار يحصل على أسوأ تقييم في مسيرته الكروية
  • بختام الجولة الـ 19 من دوري روشن.. الاتحاد يسترد الصدارة.. والنصر يقترب من الهلال
  • هيمنة سعودية على تشكيلة” السابعة” بالنخبة الآسيوية