محمد يحيى فطيرة
من جديد يطل علينا دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي السابق، بتُرَّهاتِه المعتادة، وهذه المرة تستهدفُ أهالي غزة، الذين يعانون من حرب إبادة ممنهجة منذ أشهر، حَيثُ خرج بتصريحات مليئة بالعنصرية والاستهتار بحياة الفلسطينيين، داعيًا إلى تهجير سكان القطاع إلى أماكن أُخرى وكأنهم عبءٌ يجب التخلص منه، ليست هذه المرة الأولى التي يعبّر فيها ترامب عن ازدرائه بالقضية الفلسطينية؛ فمنذ توليه الرئاسة عام 2016 وهو ينتهج سياسات داعمة للاحتلال الإسرائيلي دون أي اعتبار لحقوق الفلسطينيين، ابتداءً من الاعتراف بالقدس عاصمة لـ “إسرائيل”، مُرورًا بصفقة القرن التي حاول فرضها بالقوة، وُصُـولًا إلى دعمه الكامل للعدوان الإسرائيلي المُستمرّ على غزة، واليوم يعود من جديد، مستغلًّا المأساة الحالية ليطرح أفكاراً استعمارية قديمة بقالبٍ أمريكي جديد، حَيثُ يرى أن الحل لمأساة غزة هو طرد سكانها بدلًا عن إنهاء الاحتلال الذي هو أصل المشكلة.
توجُّهاتُ ترامب المعلَنة ليست مُجَـرّد كلام فارغ يهدفُ إلى جذب الأضواءِ كعادته، بل هي امتدادٌ لسياسات أمريكية متجذرة تدعم التطهير العرقي بحق الفلسطينيين، فرغم محاولات الإدارة الأمريكية الحالية الظهور بمظهر الوسيط، إلا أن دعمها العسكري والسياسي غير المحدود لـ “إسرائيل” يجعلها شريكةً أَسَاسية في الجريمة، وهذا ما يجعل تصريحات ترامب خطيرة؛ إذ إنها تكشفُ الوجه الحقيقي للسياسة الأمريكية تجاه الفلسطينيين، بل وتشجِّعُ الاحتلالَ على المضي قدمًا في مخطّطاته التوسعية.
محاولات التهجير القسري ليست جديدة على الفلسطينيين، فمنذ نكبة 1948 وهم يواجهون سياساتِ الطرد والاقتلاع، وما يجري اليوم في غزة ما هو إلا امتدادٌ لتلك النكبة المُستمرّة؛ فالاحتلال يدمّـرُ المنازل والبنية التحتية ويمنع وصول المساعدات، وكلّ ذلك؛ بهَدفِ دفع السكان إلى مغادرة أرضهم.
لكن ما لم يفهمه ترامب ومن يؤيده هو أن الفلسطينيين لم ولن يستسلموا، ورغم كُـلّ المجازر والدمار، فَــإنَّ غزةَ ستبقى شامخةً بأهلها وصمودها، وأن تهديدات الطغاة لن تغيِّرَ من حقيقة أن هذه الأرض لأصحابها، ولن يكون مصيرُ مشاريع التهجير إلا الفشل، كما فشلت كُـلُّ المحاولات السابقة.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
حزب الإصلاح والنهضة يرحب بتراجع ترامب عن تهجير الفلسطينيين من غزة
رحب الدكتور هشام عبد العزيز، رئيس حزب الإصلاح والنهضة، بتراجع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تصريحاته السابقة بشأن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، معتبرًا أن هذا التراجع يؤكد عدم واقعية مثل هذه الطروحات التي تتعارض مع القانون الدولي وحقوق الشعب الفلسطيني الثابتة في أرضه. وأكد أن الضغوط الدولية والتحركات الدبلوماسية، وعلى رأسها الموقف المصري الرافض لهذه الأفكار، كانت عاملًا حاسمًا في إفشال أي محاولة لفرض حلول غير عادلة أو التلاعب بمصير الفلسطينيين تحت أي مبرر.
وأضاف أن الموقف الأمريكي خلال الفترة الماضية كان يحمل إشارات مقلقة حول إمكانية دعم سياسات التهجير القسري، ولكن التراجع عن هذه الطروحات يُثبت أن المجتمع الدولي لا يمكنه القبول بمثل هذه المخططات التي تكرس الاحتلال وتفتح الباب أمام موجات جديدة من عدم الاستقرار في المنطقة. وأوضح أن هذا التغيير في الخطاب السياسي يجب أن يُترجم إلى خطوات عملية تدعم بقاء الفلسطينيين في أراضيهم، وتعزز الجهود الدولية لإعادة إعمار غزة، وليس الاكتفاء بتصريحات سياسية لا تحمل ضمانات حقيقية لحماية الحقوق الفلسطينية.
وأشار إلى أن هذا التراجع يعكس أيضًا فشل أي محاولة لفرض سياسة الأمر الواقع على الفلسطينيين، وهو ما شددت عليه مصر منذ بداية الأزمة، حيث كان موقفها واضحًا برفض أي حديث عن تهجير سكان غزة، ودعم حق الفلسطينيين في البقاء في وطنهم وإقامة دولتهم المستقلة.
وأضاف أن الجهود المصرية المتواصلة، إلى جانب التحركات العربية والدولية، كانت حائط الصد الأول في مواجهة هذه الأفكار، وهو ما دفع بعض الأطراف الدولية إلى إعادة النظر في مواقفها والاعتراف بعدم إمكانية تنفيذ مثل هذه المخططات.
واختتم تصريحه بالتأكيد على أن حزب الإصلاح والنهضة يرى في هذا التراجع خطوة إيجابية لكنها غير كافية، مشددًا على ضرورة التزام المجتمع الدولي بالعمل الجاد نحو تحقيق حل الدولتين كخيار وحيد يضمن الاستقرار والسلام في المنطقة.
وأكد أن التصريحات وحدها لا تكفي، بل يجب أن تُترجم إلى إجراءات واضحة تضمن وقف الاعتداءات على الشعب الفلسطيني، ورفع الحصار عن غزة، وإعادة إعمار ما دمره العدوان، مع التزام دولي كامل بمنع أي محاولات مستقبلية لتهجير الفلسطينيين أو المساس بحقوقهم التاريخية.