القانون الدولي وإلا شريعة الغاب!
تاريخ النشر: 12th, February 2025 GMT
في أعقاب الحرب العالمية الثانية، اجتمع العالم على قناعة جوهرية مفادها: لا حرب عالمية بعد اليوم. جاءت هذه القناعة بعد أن دفعت البشرية ثمنا باهظا من الدمار والدماء، فكان تأسيس الأمم المتحدة وصياغة منظومة القانون الدولي، التي رغم عيوبها وثغراتها، نجحت في إرساء حد أدنى من التوازن، وأصبحت مرجعية تمنح الدول الصغيرة والضعيفة إحساسا بأن هناك نظاما، يمكن، أن يحتكم إليه الجميع.
ورغم أن فكرة تهجير الفلسطينيين من أرضهم ليست جديدة وتعود إلى جذور المشروع الصهيوني ذاته إلا أنها تأتي اليوم في سياق عالمي مختلف، حيث يبدو أن بعض الدول الكبرى لم تعد تشعر بأي التزام تجاه القانون الدولي، بل أصبحت تتعامل معه باعتباره أداة انتقائية تستخدمها متى شاءت، وتتجاهلها متى تعارضت مع مصالحها إلى حد أنها تفعل ذلك دون أي مواربة أو خجل.
ورغم الرفض القاطع من دول العالم: العربية والعالمية وبشكل خاص مصر والأردن، لمثل هذا الطرح الغريب، إلا أن الخطورة تكمن في شرعنة مبدأ تهجير الشعوب تحت ذريعة «تحقيق الاستقرار» أو «إعادة الإعمار». فإذا مر هذا المشروع، وهو بعيد عن ذلك لبعده عن منطق الأشياء، فإن الباب سيكون مفتوحا لدول أخرى تتطلع إلى إعادة رسم خرائطها بالقوة، متجاوزة كل المواثيق الدولية التي يفترض أنها تحكم العلاقات بين الدول.
إن النظام الدولي الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية لم يكن مثاليًا، لكنه كان يحمل على الأقل وهما مشتركا بأن هناك قواعد تضبط العلاقات بين الدول، وأن ثمة خطوطا حمراء لا يمكن تجاوزها.. أما اليوم، فنحن نشهد لحظة فارقة، حيث يتم تقويض تلك القواعد واحدة تلو الأخرى، في ظل صمت دولي متواطئ أو عاجز، والتغاضي عن مشاريع التهجير القسري في كل مكان في هذا العالم، وتبريرها بدعوى التنمية أو الاستقرار، إضافة إلى أنه خذلان جديد للشعب الفلسطيني، فإنه، أيضا، إعلان صريح بأن القانون الدولي لم يعد ذا جدوى، وأن منطق القوة هو الذي سيحكم المرحلة المقبلة.
والتحدي هنا لا يواجه الفلسطينيين وحدهم، بل يواجه العالم بأسره؛ فإذا كانت غزة اليوم مختبرا لتمرير هذه السياسات، فمن يضمن ألا تكون هناك غدا سيناريوهات مشابهة في أماكن أخرى؟ إن الدول التي تراهن على صمتها اليوم، قد تجد نفسها غدا في مواجهة مشاريع مشابهة تستهدف مصالحها وسيادتها. فحين يسقط القانون الدولي، لا أحد في مأمن.
لا تقع المسؤولية فقط على عاتق المؤسسات الدولية، بل على عاتق كل دولة تدّعي التزامها بالمبادئ التي قامت عليها الأمم المتحدة، والتنديد وحده لم يعد كافيا، ولا بد من اتخاذ خطوات ملموسة تعيد الاعتبار للقانون الدولي، وتضع حدا لمحاولات تحويل العالم إلى غابة يتحكم فيها الأقوى؛ وإلا، فإننا أمام مرحلة لن تكون فيها غزة وحدها الضحية، بل سيكون العالم كله رهينة لفوضى لا نهاية لها.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: القانون الدولی
إقرأ أيضاً:
هذه أفقر الدول حسب الناتج المحلي الإجمالي للفرد (إنفوغراف)
تصدرت جنوب السودان قائمة أفقر الدول في العالم، من حيث الناتج المحلي الإجمالي للفرد للعام 2025، والبالغ 716 دولارا، وذلك وفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي حتى نيسان/ أبريل 2025، تلتها بوروندي بنتائج محلي إجمالي للفرد بلغ 1.020 دولارا.
وضمت القائمة أيضا، دولتان عربيتان هما: اليمن والصومال.
وفيما يلي إنفوغراف بأفقر 10 دول في العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي للفرد: