غزة- أمضت الطفلة سوار سليمان أسبوعا كاملا في مستشفى التحرير داخل مجمع ناصر الطبي بمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، بعد أن شخص الأطباء إصابتها بطفيلي "الأميبا" و"الجيارديا" وهما من الطفيليات التي تنتقل عبر المياه الملوثة والطعام غير الصحي.

وكانت عائلتها محظوظة نسبيا، إذ كانت خيمة نزوحهم قريبة من مجمع ناصر، مما مكنها من الوصول إلى المستشفى والحصول على علاج وريدي داخل قسم المبيت، وهو أمر لم يحالف الحظ آلاف الأطفال الآخرين بسبب صعوبة التنقل إلى المستشفيات خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة التي استمرت عاما و3 أشهر.

وتعد سوار واحدة من بين آلاف الأطفال في قطاع غزة الذين أصيبوا بطفيلي "الأميبا" و"الجيارديا" نتيجة التلوث الناجم عن اختلاط مياه الشرب بمياه الصرف الصحي، بالإضافة إلى تناول طعام غير صحي، وهو ما يشكل تهديدا مباشرا لصحة الأطفال.

وحصلنا -في الجزيرة نت- على بيانات موثقة من مجمع ناصر الطبي والذي كان يقدم خدمات طبية لأكثر من مليون و300 ألف نازح.

وأظهرت البيانات ارتفاعا ملحوظا في عدد الإصابات بهذه الطفيليات، حيث تم تسجيل 7032 حالة من أغسطس/آب 2024 حتى يناير/كانون الثاني 2025، دخل منها 684 حالة إلى أقسام المبيت لتلقي العلاج، في مجمع ناصر لوحده.

إعلان

كما شهد وسط وشمال قطاع غزة زيادة في عدد حالات الإصابة بهذه الطفيليات، وفقا للبيانات التي حصلنا عليها من المستشفيات التي لا تزال تقدم خدماتها رغم الظروف الصعبة التي فرضتها الحرب.

زيادة مقلقة

يؤكد الطبيب أحمد الفرا مدير مستشفى التحرير داخل مجمع ناصر الطبي تسجيل زيادة ملحوظة في أعداد الإصابات بطفيلي "الأميبا" و"الجيارديا" خلال الحرب، مرجعا ذلك إلى تدمير البنية التحتية للصرف الصحي، وزيادة النزوح، واضطرار الناس لاستخدام مصادر مياه غير نظيفة، والاعتماد على الأغذية المعلبة التي قد تفتقر إلى معايير السلامة الصحية.

وأوضح الفرا -في حديثه للجزيرة نت- أن الطعام غير الصحي، وسوء طرق الإعداد، وانعدام النظافة الشخصية، إضافة إلى تسرب مياه الصرف الصحي إلى المياه الجوفية، كلها عوامل أدت إلى ضعف جهاز المناعة لدى الأطفال وإصابتهم بهذه الطفيليات.

وأشار إلى أن أحد أسباب انتشار "الأميبا" و"الجيارديا" هو لجوء العائلات إلى مياه البحر الملوثة لغسل الملابس والأواني والأغطية، خلال النزوح، وهو ما زاد من حالات الإصابة.

وبين الفرا أن الإسهال من أبرز أعراض الإصابة بهذه الطفيليات، وقد يكون مصحوبا بخيوط دم في بعض الحالات، إلى جانب آلام في البطن، والشعور بالغثيان، وارتفاع درجة الحرارة، وفقدان الوزن بسبب سوء الامتصاص.

أما بالنسبة للعلاج، خصوصا للحالات التي تعاني من قيء شديد، فأكد الفرا أن الأطفال بحاجة إلى علاج وريدي، وشراب طبي، وحبوب دوائية. لكن خلال الحرب، مرت فترات طويلة دون توفر هذه العلاجات الأساسية مما أدى إلى تفاقم الوضع الصحي.

وأضاف "لم تكن الشراب أو الحبوب متوفرة لفترات طويلة، وكان المتاح هو العلاج الوريدي فقط. لكن حتى هذا العلاج لم يكن من السهل على العائلات الوصول إليه بسبب صعوبة التنقل والعبء الكبير الذي يفرضه على الأسر في ظل الأوضاع الصعبة".

الفرا مدير مستشفى التحرير: تسجيل زيادة ملحوظة بأعداد الإصابات بطفيلي "الأميبا" و"الجيارديا" خلال الحرب (الجزيرة) تلوث المياه

في مستشفى شهداء الأقصى وسط قطاع غزة، يؤكد رئيس قسم الأطفال الطبيب هاني الفليت تسجيل زيادة كبيرة في حالات الإصابة بـ"الجيارديا" و"الأميبا" خلال فترة الحرب. وأشار إلى أن المستشفى كان يستقبل يوميا نحو 300 حالة للأطفال، بينهم 170 مصابا بـ"الجيارديا" حيث اضطر بعضهم إلى المبيت بالمستشفى بسبب الجفاف.

إعلان

وقال الفليت للجزيرة نت "التلوث في المياه واختلاطها بمياه الصرف الصحي ووصولها إلى الطعام هو السبب الرئيس وراء انتشار هذه الطفيليات، مما جعل الأطفال عرضة لفقدان الوزن والإصابة بالجفاف".

وأشار إلى أن العديد من الحالات التي وصلت المستشفى كانت في مراحل متقدمة من المرض، مما اضطر الأطباء إلى تقديم علاج مكثف لها، إلا أن المشكلة تكمن في عودتهم إلى بيئة ملوثة داخل المخيمات، مما يجعل خطر الإصابة مستمرا.

وفي شمال قطاع غزة، أكد مدير مستشفى الرنتيسي للأطفال الطبيب سعيد صلاح أن هناك زيادة في إصابات الأطفال بـ"الجيارديا" نتيجة تلوث المياه، وانتشار مستنقعات الصحي، نتيجة الحرب.

ويقول صلاح في حديثه للجزيرة نت إن الزيادة في عدد الإصابات كانت أكثر مما قبل الحرب "ورغم ذلك فإن العلاج اللازم لها قل توافره بسبب الحرب الإسرائيلية".

وغابت الأرقام عن شمال قطاع غزة بسبب خروج العديد من المستشفيات عن الخدمة خلال الحرب، بسبب مهاجمة جيش الاحتلال الإسرائيلي إليها.

وأثبتت تحاليل مخبرية أجراها فريق التوعية بالأمراض المنقولة -عبر الماء والغذاء- وجود طفيلي "الجيارديا" و"الأميبا" في عينات براز مأخوذة من 5 مناطق مختلفة في قطاع غزة.

مدير مستشفى الرنتيسي للأطفال في غزة الطبيب سعيد صلاح: هناك زيادة في الإصابات بـ"الجيارديا" نتيجة التلوث (الجزيرة) مراحيض غير ملائمة

وأكد الدكتور سعود الشوا، أحد أعضاء الفريق -في حديثه للجزيرة نت- أن الإحصائيات أظهرت زيادة كبيرة في الإصابات بهذه الطفيليات.

وأوضح أن مصادر هذه العدوى تشمل تلوث مياه الشرب، وسوء التخلص من الفضلات، واستخدام مراحيض غير صحية، وانتشار الحشرات الناقلة للمرض.

وأشار الشوا إلى أن ظروف النزوح فاقمت من الأزمة، إذ اضطر النازحون لاستخدام مراحيض غير ملائمة، وكان المئات يتجمعون حول حمام واحد مع نقص حاد في المياه.
الصرف الصحي

إعلان

ومن جانبها أكدت سلطة المياه الفلسطينية أن الحرب الإسرائيلية أدت إلى توقف جميع خدمات الصرف الصحي، مما تسبب في تصريف المياه العادمة إلى البحر وتسربها للمناطق السكنية، إلى جانب امتلاء برك تجميع الأمطار بالمياه العادمة، مما انعكس سلبا على الصحة العامة والبيئة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الصرف الصحی مدیر مستشفى خلال الحرب للجزیرة نت مجمع ناصر زیادة فی قطاع غزة إلى أن

إقرأ أيضاً:

صحيفة تركية: فطاني التايلندية ساحة الحرب التي لا يراها أحد

سلط كاتب في مقال بصحيفة ستار التركية الأضواء على التمييز العنصري، والاضطهاد، والفقر والمحاكمات الجائرة والتذويب الثقافي الذي يعاني منه مسلمو جنوب تايلند.

ويقول الكاتب إسماعيل شاهين في المقال إن المحاولات القسرية لانتزاع الهوية القومية لأقلية عرقية ودينية عادة ما يكون لها صدى في المحافل الدولية وتحركات دبلوماسية للحد منها، غير أن الوضع في إقليم فطاني المسلم جنوب تايلند بالكاد يشق طريقه إلى مسامع المجتمع الدولي والرأي العام.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إعلام إسرائيلي: إعلان حماس بشأن الاتفاق نتيجة مباشرة لسلوك نتنياهوlist 2 of 2تلغراف: قادة إيرانيون يطالبون خامنئي بإلغاء فتواه ضد الأسلحة النوويةend of list

ويرى شاهين أن ما يحصل في إقليم فطاني ليس مسألة أمنية فقط، بل هو قضية هوية وتمثيل سياسي والمطالبة بحكم ذاتي، غير أن أحداث الشرق الأوسط في هذا الوقت تحول دون تسليط الأضواء الكافية على هذا الإقليم بالإعلام العالمي.

ويوضح الكاتب أن ولايات فطاني ويالا وناراتيوات بجنوب تايلند تعاني من صراع مستمر منذ سنوات. كما أن غياب التنافس الدولي المباشر في تلك الدولة وصورة الأزمة كقضية داخلية يسهم في بقائها خارج الأضواء الإعلامية.

المنطقة الواقعة في شمال ماليزيا وجنوب تايلند، والتي كانت تُعرف سابقا بسلطنة فطاني، تشمل اليوم ولايات فطاني ويالا وناراتيوات، وتتميز بهوية ثقافية ملايوية مختلفة عن باقي تايلند بسبب طابعها العرقي والديني.

إعلان

كما أن أكثر من مليون مسلم من سكانها هاجروا إلى دول عدة، خصوصا ماليزيا، نتيجة العنف والاضطهاد والفقر والمحاكمات الجائرة وسياسات التذويب الثقافي.

روسني مايلوه زوجة ماهروسو جانتاراوادي أحد ثوار فطاني الذي قتلته القوات التايلندية في 7 مارس/آذار 2013 (رويترز) تاريخ الصراع

ويسرد الكاتب شيئا من تاريخ الصراع قائلا إن سلطنة فطاني، التي كانت في السابق كيانا مستقلا، أُلحقت قسرا بسيام (الاسم السابق لتايلند) عام 1906، دون منحها أي شكل من أشكال الحكم الذاتي. ونتيجة لذلك، تحول المسلمون في المنطقة من أغلبية إلى أقلية على أراضيهم.

ومنذ ذلك الحين، تبنت سيام سياسة تهدف إلى تذويب هوية المنطقة ضمن هويتها الوطنية، حيث تم حظر اللغة الملايوية-الفطانية، وتقييد المؤسسات التعليمية الإسلامية، وفرض سياسات قمعية تهدف إلى دمج المنطقة قسرا في الثقافة التايلندية. إلا أن هذه السياسات لم تؤدِّ إلى النتائج المرجوة، بل عززت وعي سكان فطاني بهويتهم.

ويشير الكاتب إلى أن تايلند، التي أصبحت منذ عام 1932 ملكية دستورية، تبنت الأنظمة العسكرية فيها نموذجا للدولة الموحدة والمركزية قائما على "الأمة، الملكية والدين".

وقد تم تعريف "الأمة" بالأغلبية التايلندية، و"الملكية" بسلالة تشاكري، و"الدين" بالبوذية التيرافادية. وشكلت هذه العناصر الثلاثة أساس الهوية الوطنية التي اعتمدتها الدولة لضمان ولاء الشعب للنظام والنخب الحاكمة.

توحيد قسري

وفرضت الأنظمة التي توالت على حكم تايلند سياسات تهدف إلى توحيد الدولة عرقيا وثقافيا، حيث أُجبر السكان على استخدام اللغة التايلندية، وتم التركيز على التعاليم البوذية في النظام التعليمي، وأُقر مبدأ قداسة الملك دستوريا.

ولجأت الحكومات إلى إعلان الأحكام العرفية، وتقييد حرية التعبير، وقمع المعارضة للحفاظ على شرعية الملكية. ومن أبرز أدواتها قانون "العيب في الذات الملكية"، الذي كان وسيلة لتعزيز حصانة المؤسسة الملكية ومنع أي انتقاد لها.

إعلان

ويرى الكاتب أن مسلمي الملايو في جنوب تايلند، خاصة في مناطق فطاني ويالا وناراتيوات، تضرروا بشكل كبير من سياسات الدولة التايلندية التي رفضت الاعتراف بلغتهم ودينهم وفرضت المناهج البوذية في المدارس.

وفي رد فعل على هذه السياسات، ظهرت حركات مسلحة تطالب بالحكم الذاتي أو الاستقلال، مثل "منظمة تحرير فطاني المتحدة" (PULO) و"جبهة الثورة الوطنية" (BRN).

ملصق لصور مطلوبين في أحد مراكز الشرطة بولاية ناراتيوات في 10 مارس/آذار 2013 (رويترز) ليست إرهابية

ويؤكد الكاتب أن هذه الحركات كانت تركز على الحفاظ على الهوية المحلية ولم ترتبط بالجماعات الجهادية العالمية. وعلى الرغم من تصنيفها منظمات إرهابية من قبل الدولة التايلندية، فإن المجتمع الدولي يتعامل معها كصراع عرقي وديني محلي.

وعلى الرغم من أن حركات المقاومة في فطاني فقدت تأثيرها في التسعينيات بسبب ضغوط الأمن التايلندي، وسياسات الاندماج، والانقسامات الداخلية في المنظمات، أعادت بعض الجماعات مثل "جبهة الثورة الوطنية" إحياء النضال المسلح في 2004 ضد قوات الأمن التايلندية.

ويشير الكاتب إلى أن سياسات الاندماج تحت حكم رئيس الوزراء تاكسين شيناواترا في 2001 زادت بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، حيث اعتُبرت المدارس الإسلامية في فطاني مراكز للتطرف، مما أدى إلى تصعيد القمع. وأسفرت الفترة بين 2004 و2019 عن مقتل أكثر من 7 آلاف شخص في هجمات عنيفة بمناطق يالا وفطاني وناراتيوات.

حرب باردة

ويقول الكاتب إن الوضع في فطاني اليوم يشبه الحرب الباردة، حيث تزايدت الضغوط الأمنية التي تفرضها الدولة ما أدى إلى تفاقم التوترات بين الشعب الذي يسعى للحفاظ على هويته الملايوية الإسلامية والسياسات التايلندية الهادفة إلى الاندماج الثقافي، وسط عدم اهتمام دولي وغض الطرف عن الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان، والنظر إلى تايلند عادة على أنها "قوة مستقرة".

إعلان

ويضيف الكاتب أن ماليزيا قد بدأت منذ 2013 في استضافة المحادثات بين الفصائل الفطانية والحكومة التايلندية، حيث تمكّنت المحادثات في 2020 من الحصول على طابع رسمي. ورغم أن الطريق لا يزال صعبا، فإن هناك رغبة من الطرفين في التوصل إلى اتفاق.

ويرى الكاتب أن اعتذار رئيس الوزراء التايلندي في أكتوبر/تشرين الأول 2024 عن مذبحة "تاك باي" التي راح ضحيتها 78 مسلما يعد خطوة مشجعة نحو تحقيق السلام. وقد تشير الموافقة على خطة "السلام الشامل" إلى تقدم مهم نحو التوصل إلى حلول سياسية وتقليص العنف.

مقالات مشابهة

  • 85% من منشآت المياه والصرف الصحي في غزة مدمرة
  • صحيفة تركية: فطاني التايلندية ساحة الحرب التي لا يراها أحد
  • وزير الموارد المائية يبحث مع وفد ألماني آفاق التعاون في قطاع المياه والصرف الصحي
  • مطالبات بحماية التلاميذ من "الوصم والتمييز" مع تفشي داء بوحمرون في المدارس
  • الاتحاد الأفريقي: السودان مسرح لأسوأ أزمة إنسانية في العالم
  • الاتحاد الإفريقي: الحرب السودانية أسوأ أزمة إنسانية في العالم
  • الاتحاد الأفريقي: الحرب السودانية أسوأ أزمة إنسانية في العالم
  • الاتحاد الأفريقي: الحرب السودانية «أسوأ أزمة إنسانية في العالم»
  • الاتحاد الإفريقي: الحرب السودانية "أسوأ أزمة إنسانية في العالم"