نوع المقال:

علمي: تحليلي استشرافي عملي.

علمي: يكشف العمق الفلسفي للتحولات الأمريكية.

تحليلي: يحلل القرارات والتحولات الأمريكية وأبعادها وتداعياتها على كافة مجالات الحياة في العالم، تربويا وثقافيا واجتماعيا واقتصاديا وعسكريا وسياسيا.

استشرافي: يستشرف بقية القرارات والتحولات الأمريكية القادمة وتداعيتها وتعاطي العالم معها.



عملي: يرسم الملامح الأساسية الواجب القيام بها للتعاطي مع التحولات الأمريكية.

أهداف المقال:

1- كشف أسبار السياسية الأمريكية الجديدة للعالم، وبيان جذورها الفلسفية العميقة ومراحل شذوذها وانحدارها.

2- بيان المخاطر والتهديدات الناتجة عن تحولات الإدارة الأمريكية والإدارة الأحادية للعالم ومحاولة فرض قانون الغابة.

3- بيان الواجب فعله من الأفكار بتقديم رؤية إسلامية أصيلة للعالم، وحلول للتعاطي مع التهديد الأمريكي للعالم.

عناصر المقال:

1- المقدمة: التحولات الأمريكية.

2- مقاصد وأهداف الرئيس والإدارة والشعب الأمريكي.

3- البواعث والمنطلقات الشخصية والفلسفية الفكرية والتوجهات والاستراتيجيات والمشاريع الأمريكية.

4- النتائج والتداعيات المتوقعة على العالم في كافة مجالاته.

5- الواجب فعله لمواجهة التحولات والغطرسة والتغول الأمريكي على شعوب العالم.

1- المقدمة: التحولات الأمريكية

- سلسلة من القرارات والإجراءات الأمريكية السريعة تضمنت مع بداية حكم الرئيس اليميني الجمهوري.

- سلسلة من القرارات السريعة المتتالية والتي يكشف منطق الفعل الرابط فيها ووحدة اتجاهها ودقة بوصلتها، أنها اعدت مسبقا قبل الانتخابات الأمريكية وأنها جاءت ضمن صفقة اقتصادية وسياسية كبرى اختير دونالد ترامب بعناية فائقة، بما يمثله من صفات أساسية تجسد الشخصية الأمريكية التي رسمها الفيلسوف الألماني نيتشه وجسّدها في شخصية السوبرمان ليكون هو الرئيس الأمريكي لتحقيق مفردات هذه الصفقة.

من أهم ما جاء من قرارات حتى كتابة المقال:

أولا: قنبلة التصريح الترامبي الأمريكي الأحادي بالتهجير القسري لسكان غزة واستيلاء أمريكا عليها وتحويها إلى مشروع ريفيرا سياحي، متجاهلا الصمود الأسطوري لشعب غزة على أرضه ورفض جميع دول العالم بما فيهم دول الجوار المرشح تهجير سكان غزة إليها.

ثانيا: الانسحاب من العديد من المؤسسات الدولية.

ثالثا: إعلان الحرب على المحكمة الجنائية الدولية وعقابها بسبب:

أ- فتح تحقيقات ضد الولايات المتحدة لقيامها بجرائم حرب في أفغانستان، بالإضافة لتعذيب معتقلين.

ب- إصدارها مذكرات اعتقال ضد حليفتها إسرائيل بحق رئيس وزرائها نتنياهو ووزير دفاعه، ولفتحها تحقيقات لاتهام إسرائيل بالقيام بجرائم حرب في غزة.

رابعا: إحياء وتفعيل مبدأ وقانون السامية العنصري بما يعنى تمردا وانقلابا جوهريا على:

1- الذات العقدية والفكرية والسياسية للعقيدة السياسية ومبادئ وأولويات الحزب الجمهوري منذ تأسيسه عام 1854م، والذي جاء تأسيسه كرد فعل على قانون كانساس- نبراسكا لعام 1854، الذي سمح بتمديد العبودية إلى مناطق جديدة في الولايات المتحدة.

2- مقاصد وأهداف الرئيس والإدارة والشعب الأمريكي

الرئيس الأمريكي ترامب نجح بنسبة 51 في المئة محققا رقما قياسيا من الأصوات للحزب الجهوري بلغ 74 مليون صوت ناخب أمريكي، بمعنى أنه برغم هذيانه إلا أنه يمثل إرادة ورغبة الشعب الأمريكي بما يعبر عما يحمله الأمريكيون من قيم وتصورات عن مفاهيم الحقوق والوطن وعن أنفسهم والعالم والآخر.

الأهداف

1- إنقاذ إسرائيل ونتنياهو من الإعلان الرسمي لهزيمتها في حرب 7 تشرين الأول/ أكتوبر، حيث لم تتمكن من تنفيذ أي هدف من أهدافها التي أعلنتها للحرب، وإجبار إسرائيل على دفع الثمن سياسيا بالخروج العسكري من غزة والإذعان لها بالمزيد من الحقوق والامتيازات.

2- القفز على النتائج الحقيقية للحرب ومحاولة إنهاء المقاومة وتفريغ غزة ثم الضفة أهلها الفلسطينيون وتصفية القضية الفلسطينية.

3- إرهاب وتخويف كافة نظم المنطقة وإجبار ما تبقى منها على التطبيع.

4- تنفيذ المراحل الأخيرة من مشروع الشرق أوسط الجديد وتهيئة المنطقة للسيادة الإسرائيلية الكاملة.

الغاية الأمريكية: إعلان السيطرة الكاملة على منطقة قلب العالم بتحييد روسيا وإيران والمقاومة، كجزء أساسي من خريطة النظام العالمي الجديد في مواجهة المحور الصيني الروسي، وتعزيز الانفراد بالسيطرة على العالم وإعلان أمريكا إلها وسيدا ومتحكما في العالم من دون الله تعالى وفق نظرية نيتشه، تعالى الله تعالى عما يصفون علوا كبيرا.

3- البواعث والمنطلقات الشخصية والفلسفية الفكرية والتوجهات والاستراتيجيات والمشاريع الأمريكية

أ- التحليل النفسي لشخص الرئيس ترامب

والذي يمثل أنسب تجسيد لتطور الشخصية الأمريكية خلال العقود الخمس الأخيرة، والتي جاء تطورها السريع وبشكل كبير منذ نشأتها بإعلان استقلال الولايات المتحدة الأمريكية في 1776م بعمر 249 عاما فقط، تمكنت خلالها من حصد أفضل العقول في العالم، وإدارة الظروف والأزمات العالمية وإدارة مواردها وبناء أعظم قوة علمية وتكنولوجية واقتصادية وعسكرية وسياسية في العالم وتعظيم قوتها وسيطرتها التدريجية على العالم، وصولا إلى الانفراد بقيادة العالم وابتزاز كل جزء فيه لخدمة مصالحها على حساب الجميع.

افهم ترامب: الإجابات العملية لترامب على الأسئلة الوجودية الكبري



رؤيتنا التحليلية لشخصية الرئيس ترامب

من خلال سلوكه والتحليلات المتواترة للكثير من المتخصصين النفسيين، وبرؤيتنا التخصصية في التحليل المفاهيمي للقيم والأخلاق والسلوك، حيث يتميز ترامب بعدة خصائص تمكن من فهم قراراته وكيفية التعاطي معها:

1- الاعتزاز والغرور الكبير بالذات لدرجة النرجسية وجنون العظمة.

2- الأنانية لدرجة التوحش اللاإنساني والطغيان والبغي.

3- العنف اللفظي والجسدي.

4- عدم احترام الآخرين.

5- حب التحكم والسيطرة في الآخرين.

6- تجاوز كل شيء القيم والمبادئ والأعراف والالتزامات.

7- شغف الانتقام من الخصوم والرغبة في تدميرهم والتخلص منهم.

8- الرؤية الفوقية الأحادية.

وذلك نتيجة لعدة أسباب

1- حرمانه من الإيمان بالله تعالى والأديان السماوية.

2- إيمانه والتزامه الشديد بتعاليم الفيلسوف الألماني نيتشه وتقمصه لشخصية السوبرمان.

3- طموحه الكبير وشغفه بتسجيل اسمه في التاريخ كأعظم رئيس لأمريكا.

4- امتلاكه لأدوات القوة الأمريكية أكبر قوة مادية شاملة في العالم.

5- لا يؤمن ولا يحترم إلا القوة المادية.

هذه الصفات تؤهله لكسب ثلاث جهات:

الأول: كسب إعجاب وقبول وتأييد الطامحين في القوة والسيطرة الأمريكية على العالم حتى نهاية التاريخ المتأثرين بأفكار فوكوياما وجوزيف ناي وصموئيل هنتنجتون وهنري كيسنجر.

الثاني: كسب قبول الحركة الصهيونية العالمية للتعاون معه وتوظيفه لتحقيق أهدافها.

الثالث: رجال الأعمال الطامحين للدخول في شراكات عملاقة محمية سياسيا.

ب- البواعث والمنطلقات الفلسفية الفكرية والتوجهات والاستراتيجيات والمشاريع الأمريكية

لكل أمة قواعدها ومنطلقاتها الفكرية التي تحدد رؤيتها الراسخة لذاتها وللعالم من حولها ولرسالتها ومهمتها الاستراتيجية في الحياة، والتي تجسد توجهاتها الاستراتيجية وعقيدتها السياسية والأمنية والعسكرية ومشاريعها، وصولا إلى سياساتها الداخلية الخارجية مع العالم من حولها.

نموذج الأمة الإسلامية كنموذج معياري للقياس الفطري والمنطقي والعلمي والديني:


مرتكزات الهوية الأمريكية 1775م:

القيم الأمريكية التي وضعها المؤسسون الأوائل في إعلان الاستقلال الذي نص على أن "الناس جميعا قد خلقوا متساوين، وأنّ خالقهم قد منحهم حقوقا معينة غير قابلة للتصرف، ومن بينها: حق الحياة، والحرية، ونشدان السعادة".

- رسخ لمبادئ الحرية الفردية.

- والتنوع البشري الواسع؛ حيث إن الدستور الأمريكي لم يحدّد لغة رسمية للدولة، ويسمح بتداول اللغات الأخرى، بل يشجع على تعلم اللغات الأخرى.

- الولايات المتحدة دولة علمانية رسميّا؛ يكفل التعديل الأول لدستور الولايات المتحدة حرية ممارسة الأديان، ويمنع إنشاء أي حكم ديني، حتى إن الرئيس الأمريكي عندما يقسم اليمين قبل فترة توليه الحكم فإنه لا يحلف على الإنجيل! ولا يوجد أي كتاب محدّد لأداء يمين القسم! فالرئيس عندما يأتي لأداء القسم يطلب منه أن يأتي بالكتاب الذي يؤمن به ويقدسه ولا يخالفه إن أقسم عليه.

- الهوية الأمريكية ذات مرجعية دستورية.

- الهوية الأمريكية ببساطة: هي خروج عن المألوف الذي عرفه العالم المتجمّد في أفكاره، وهي تكسير لكلِّ القيود التي وضعتها إمبراطوريات ديكتاتورية سابقة.

- الهوية الأمريكية نشأت في إطار ديمقراطي في مجتمع يؤمن بالحرية ويحمي الإبداع، والعلم والعلماء.

- الهوية الأمريكية قوامها الفرد وحده، والذي يمثل الكثير بالنسبة لهذا المجتمع الحديث.

- الهوية الأمريكية تعزز الابتكار.

العناصر الستة الأساسية للهوية الأمريكية 1775م:

1- أرض الوطن.

2- الجنس الأبيض.

3- الدين المسيحي البروتستانتي.

4- التراث الليبرالي القائم على التعددية السياسيَّة.

5- العداء للآخر.

6- أحقية القومية الأمريكية في قيادة العالم والسيطرة عليه حتى نهاية الحياة.

سيطرة الأصوليين المحافظين وتآكل القيم والهوية الأمريكية:

سلسلة متسارعة، ولكنها متناغمة سياسيا نحو بوصلة واضحة وهي السيطرة الأحادية على العالم، متجهة نحو تفكك قيمي وأخلاقي وهبوط حضاري كبير مر بمراحل متتالية وصولا إلى الانحدار الكبير منذ مجيء بوش الابن (2001-2009م) وحتى العودة الثانية لترامب (2025م)، بإجمالي ربع قرن من الانحدار القيمي والأخلاقي والبلطجة السياسية وصناعة الحروب وتدمير ثورات تحرر وابتزاز العالم وتدمير ملايين من البشر وعشرات من الدول وآلاف من المدن (لمزيد من التفاصيل والتأصيل العلمي والتاريخي يمكن الرجوع إلى كتابنا "صناعة الهوية"، من صفحة 119 إلى ص 128، تحت عنوان نموذج صناعة الهوية الأمريكية).

التحولات وصولا إلى الواقع الحالي:

أهم التحولات في السياسة الأمريكية من بوش الابن حتى الآن 2025

التحولات في السياسة الأمريكية خلال فترة جورج دبليو بوش الابن (2001-2009) شهدت تغييرات كبيرة على الصعيدين الداخلي والخارجي، وهي مرتبطة إلى حد كبير بأحداث كبرى مثل هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001 والحرب على الإرهاب. فيما يلي أبرز التحولات:

1- الحرب على الإسلام باسم الحرب على الإرهاب.

2- تعزيز القبضة الحكومية وتقييد الحريات العامة والشخصية تحت مسمن تعزيز الأمن الداخلي.

3- السياسية الخارجية الأحادية وتبّي شعارات التهديدات المحتملة والهجوم الاستباقي، وفتح مجال واسع لخيال المحافظين الجدد لمواجهة أي خصم سياسي وقوة صاعدة للاتهام والتدمير.

4- العمل المتسارع المنظم لمشروع الشرق أوسط الجديد، وتفكيك كافة دول المنطقة بسيناريوهات متنوعة.

5- تزايد الإنفاق العسكري نتيجة التمدد والانتشار العسكري عالميا وزيادة العجز الاقتصادي، وتعويضه بمزيد من الابتزاز الصارخ لموارد الدول خاصة دول الخليج، وتكريس وتحصين سياسية الدولار كاحتياطي عالمي.

البواعث والمنطلقات الفلسفية الفكرية والتوجهات والاستراتيجيات والمشاريع الأمريكية 2025م:



الدور الوظيفي لتحليل شخصية ترامب وفلسفة الإدارة الأمريكية

1- فهم العقل الأمريكي وطرق تفكيره ومكره.

 2- تحديد مرتكزاته ومحركاته وقوته وضعفه.

3- المكر الإلهي الواجب فعله وإنتاج الأفكار والحلول والأدوات اللازمة لمدافعته ومغالبته.

4- النتائج والتداعيات المتوقعة على العالم في كافة مجالاته:

أ- انتهاء عصر المؤسسات والقوانين والشرعية والأسرة الدولية بانتهاء دورها الوظيفي للمرحلة السابقة الذي كان:

1- إدارة العلاقة بين الدول الكبري ومنع تكرار الحروب العالمية.

2- استيعاب وتخدير الدول والشعوب.

3- فرض نظم معيارية عالمية للتحكم في الشعوب والدول ووقف نموها وتقدمها.

4- تعزيز الاستبداد المحلي الخادم للاستعمار العالمي.

ب- انتهاء وإلغاء النظم المعيارية الدولية السابقة لكافة نظم الحياة وفرض النظام المعياري الأمريكي الموحد للعالم.

ج- تفكيك القيم والثقافات والهويات المحلية وتحول العالم لحالة فوضى أخلاقية وتربوية وثقافية واجتماعية عارمة، وصولا للبحث والارتماء في براثن الهوية الأمريكية الموحدة للعالم.

د- التوسع في سياسات التدمير والإبادة وإعادة رسم خريطة العالم على شكل مناطق تحتوي على كانتونات محلية محدودة ضعيفة منزوعة الإرادة.

هـ- السيطرة الأحادية لأمريكا على العالم. هذا ما يخططه المخيال الأمريكي المتمرد على منهج الله تعالى والفطرة الإنسانية والمحكوم عليه تاريخيا بالفناء الذاتي.

5- الواجب فعله لمواجهة التحولات والغطرسة والتغول الأمريكي على شعوب العالم

من خلال إيماننا الراسخ بأن:

1- الدين والوحي الإلهي وإعمال العقل هما المفتاح الأساسي لرؤية وفهم الكون والحياة والعالم.

2- الإسلام هو الدين السماوي الخاتم والجامع لكل الأديان السماوية السابقة وأنه الدين والمنهج الحق لإدارة الحياة والعالم.

3- أن العداء والتدافع بين الإنسان والشيطان والحق والباطل والايمان الكفر سنة الهية وحقيقة تاريخية راسخة.. فإننا نقترح ويجب أن نخطط ونعمل على:

أولا: العودة إلى الذات الإسلامية والتمسك بها وتوثيقا للإسلام الحق عقيدة ومقصدا ومصدرا ومرجعا ومعيارا ومؤشرا لكل شيء في الحياة.

ثانيا: مشروع الهوية الإسلامية للعالم وتبدأ بالهوية الإسلامية لمنطقة قلب العالم.

ثالثا: المسارعة بتأسيس وبناء وترسيخ النظم المعيارية الإسلامية لإدارة كافة مناهج الحياة بداية من التدين الحق وإنتاج المعرفة والتكنولوجيا والتربية وبناء الإنسان والمجتمع.. الخ، وصولا إلى بقية مجالات الحياة الاقتصادية والعسكرية والسياسية.

رابعا: المسارعة إلى إنتاج التكنولوجيا الإسلامية الخاصة المتخصصة وتطبيقاتها في مجالات الحياة المختلفة، وخاصة الاتصال والتواصل العالمي وكسر الاحتكار الأمريكي لاتصال وتواصل العالم والاطلاع على كل بياناته ومعلوماته.

خامسا: الوحدة والاحتشاد الإسلامي حول نقطة الارتكاز القوية الآن، وهي الدولة التركية التي بلغت حدا جيدا من القوة وحرية الإرادة والقدرة على المنافسة والمشاركة في قيادة العالم.


المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ترامب غزة تهجير قيم امريكا غزة تهجير قيم ترامب مقالات مقالات مقالات رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة الهویة الأمریکیة على العالم فی العالم وصولا إلى

إقرأ أيضاً:

ظلال السياسات الأمريكية الجديدة على العالم

«من المرجح أن ترتفع العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة ودول الخليج، مع التركيز على الاستثمارات الضخمة في مجالات الطاقة والتكنولوجيا والاستثمار في الشركات العملاقة».

تُعَدّ الولايات المتحدة الأمريكية قوةً اقتصادية وسياسية عالمية ذات تأثير واسع على اقتصادات الدول الأخرى، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. بفضل سياساتها التجارية والنقدية، ودورها المحوري في الأسواق المالية، إضافةً إلى عملتها القوية، تساهم في رسم ملامح الاقتصاد العالمي. فالاقتصاد الأمريكي، الأكبر عالميا من حيث الناتج المحلي الإجمالي، يشكّل نحو ربع الناتج الاقتصادي العالمي، مما يجعله قوة رئيسية في حركة التجارة والاستثمار الدولي. أما الدولار الأمريكي، فهو ليس مجرد عملة، بل يعَد العمود الفقري للنظام المالي العالمي، حيث يُستخدم كعملة احتياطية رئيسية لأكثر من 60% من الاحتياطيات العالمية لدى البنوك المركزية، مما يعزز نفوذه في المعاملات التجارية الدولية.

ونتيجة الارتباط العميق للأسواق العالمية بأكبر اقتصاد في العالم، تتجه الأنظار إلى الولايات المتحدة وترقب قرارات وتصريحات إدارتها الجديدة بقيادة الرئيس العائد دونالد ترامب. فمنذ توليه الحكم لفترة ثانية، تشهد الأسواق تقلبات مستمرة بين ارتفاع وانخفاض، مدفوعة بالسياسات الجديدة والتوجهات التي بدأ في رسمها فيما يتعلق بالعلاقات التجارية والضرائب. وقد انعكست هذه التحولات على تعاملات الأسهم وأسعار الطاقة والذهب وغيرها من الأصول.

جاءت دعوة الرئيس الأمريكي إلى خفض أسعار الفائدة خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس كإشارة قوية للأسواق العالمية، حيث دفعت هذه التصريحات الأسهم الأوروبية إلى مستويات غير مسبوقة. ورحّب المستثمرون بهذه التوجهات، وفقًا لما أوردته وكالة «رويترز»، مما أدى إلى ارتفاع مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي بنسبة 0.4%. كما قفز سهم «بربري» بنسبة 14%، وصعد سهم «إل.في.إم.إتش» بنسبة 7.8%، في حين شهد سهم «كيرينج» المالكة لعلامة «جوتشي» ارتفاعًا بنسبة 3.2%. ولم تقتصر تداعيات التصريحات على الأسهم، بل ارتفعت أسعار الذهب إلى أعلى مستوياتها خلال ثلاثة أشهر، مع زيادة الإقبال على الأصول الآمنة للتحوط ضد التقلبات الاقتصادية. مما لا شك فيه أن القرارات السياسية والتحالفات التجارية تؤدي دورا محوريا في حركة الأسواق العالمية.

خلال ولايته الأولى، شكّلت إدارة ترامب نقطة تحوّل في السياسات الاقتصادية والتجارية والبيئية للولايات المتحدة، ما انعكس بشكل كبير على أعمال الشركات وقطاع النفط داخل البلاد وخارجها. استفادت العديد من الشركات من تخفيض الضرائب وتحرير القيود البيئية، وقد تستفيد مجددًا خلال فترة رئاسته الثانية، مما قد يعزز الإنتاج ويمنحها فرصًا أوسع للعمل بقيود وضرائب أقل.

اتسمت رئاسته الأولى بسياسات اقتصادية مثيرة للجدل، بدءًا من التخفيضات الضريبية إلى نهج «أمريكا أولًا»، الذي أعاد رسم العلاقات التجارية والدبلوماسية. بناءً على ذلك، من المتوقع أن تستمر هذه التوجهات خلال ولايته الثانية، مما سيؤثر بقوة على الأسواق العالمية، خاصة في قطاعي النفط والطاقة.

في فترة حكمه الأولى، وقّع ترامب قانون التخفيضات الضريبية لعام 2017، الذي خفّض معدل الضريبة على الشركات من 35% إلى 21%. وإذا استمرت إدارته في هذا النهج، فمن المرجح أن تستفيد الشركات الكبرى من انخفاض الأعباء الضريبية، مما سيعزز أرباحها ويشجعها على التوسع والاستثمار.

إلى جانب ذلك، تميزت سياساته بتخفيف القيود التنظيمية، حيث سعى إلى تقليل الأعباء البيروقراطية التي تعيق نمو الأعمال، وهو ما قد يسهل العمليات التجارية، لكنه قد يثير انتقادات من قبل دعاة البيئة وحقوق العمال.

من المتوقع أن تؤدي السياسات الحمائية التي ينتهجها ترامب إلى إعادة تشكيل التجارة الدولية، مما قد يؤثر على الاقتصادات الناشئة والمستثمرين. باعتبار قطاع الطاقة إحدى الركائز الأساسية للاقتصاد العالمي، فإن العلاقات الجيوسياسية ستؤدي دورًا حاسمًا، خاصة فيما يتعلق بالصين، والشرق الأوسط، وروسيا، وهو ما قد يؤثر على إمدادات النفط وأسعاره، ويخلق ديناميكيات جديدة في الأسواق.

في تصريح سابق، قال ترامب إنه لا يفضل فرض رسوم جمركية على الصين، وفقًا لما نقلته وكالة الأنباء الألمانية، مشيرًا في مقابلة مع «فوكس نيوز» إلى أن لدى الولايات المتحدة «سلطة واسعة للغاية على الصين» من خلال الرسوم الجمركية، وأن بكين لا ترغب في مواجهة هذه الإجراءات. رغم هذا التصريح التصالحي، فإن ترامب طالما استخدم الرسوم الجمركية كأداة ضغط سياسية واقتصادية، معتبرًا أن العائدات الإضافية الناتجة عنها ستساعد في تمويل الأولويات الداخلية للولايات المتحدة.

بناءً على هذه المعطيات، قد تشهد الرئاسة الجديدة تصعيدًا في السياسات التجارية، إذ فرضت إدارة ترامب السابقة تعرفات جمركية على مجموعة واسعة من الواردات، لا سيما القادمة من الصين، مما أثّر على سلاسل التوريد العالمية. وإذا استمرت سياسة «أمريكا أولًا»، فمن المتوقع أن تواجه الشركات التي تعتمد على التجارة الدولية تحديات متزايدة، مثل ارتفاع تكاليف الإنتاج ونقص الإمدادات. في هذا السياق، شهدت أسواق النفط تراجعًا طفيفًا بعد يوم من دعوة الرئيس الأمريكي منظمة «أوبك» إلى خفض الأسعار، حيث انخفضت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 50 سنتًا إلى 77.9 دولار للبرميل، كما تراجع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بمقدار 31 سنتًا ليصل إلى 74.3 دولار للبرميل.

فيما يتعلق بالاستثمارات، من المرجح أن تشهد العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة ودول الخليج مزيدًا من التطور مع عودة ترامب إلى الحكم، وذلك عبر التركيز على الاستثمارات الضخمة في مجالات الطاقة، والتعاون التكنولوجي، والاستثمار في الشركات العملاقة. وقد ذكرت «رويترز» أن ترامب يعتزم مطالبة المملكة العربية السعودية بضخ استثمارات تصل إلى تريليون دولار في الولايات المتحدة، مقارنةً بـ600 مليار دولار تعهدت بها السعودية سابقًا.

من جهة أخرى، أفادت وكالة الأنباء السعودية بأن المملكة تسعى إلى توسيع استثماراتها وعلاقاتها التجارية مع الولايات المتحدة خلال السنوات الأربع القادمة بمبلغ 600 مليار دولار، مع إمكانية ارتفاع هذا الرقم في حال توفرت فرص استثمارية إضافية.

وفي السياق نفسه، أشار رئيس البنك الدولي، أجاي بانجا، وفقًا لـ«رويترز»، إلى أن صنّاع القرار حول العالم يجب أن لا يبالغوا في ردود فعلهم تجاه قرارات إدارة ترامب، بل ينبغي عليهم الاستعداد للدفاع عن مواقفهم. كما وصف ترامب بأنه «رجل عملي للغاية، يفهم الأرقام والتأثير والمنفعة»، ناصحًا القادة الاقتصاديين بالتواصل معه لشرح مخاوفهم بوضوح.

رغم الفرص التي قد توفرها سياسات ترامب، فإن هناك أيضًا مخاطر كبيرة، تشمل التقلبات السياسية والاقتصادية. وهذا يعني أن الشركات والمستثمرين بحاجة إلى تبنّي استراتيجيات مرنة لمواجهة التحديات والاستفادة من الفرص المتاحة. في النهاية، ستحدد سياسات ترامب ليس فقط مستقبل الاقتصاد الأمريكي، بل أيضًا ملامح الأسواق العالمية لعقود قادمة، مما يجعل مراقبة القرارات والتوجهات الاقتصادية أمرًا ضروريًّا لاتخاذ القرارات الاستثمارية المناسبة.

مقالات مشابهة

  • الرئيس الأمريكي يدير أكبر دولة في العالم بعقلية تاجر العقارات
  • ظلال السياسات الأمريكية الجديدة على العالم
  • بسمة وهبة تشكر الرئيس الأمريكي ترامب: جعل العالم كله يعرف معنى وحدة العرب
  • ترامب يخفف القيود التي تحظر على الشركات الأمريكية رشوة مسؤولين أجانب
  • بعد قليل.. الرئيس الأمريكي يستقبل العاهل الأردني
  • أستاذ قانون دولي: المساعدات الأمريكية ليست منّة.. ومصر تحفظ توازن المنطقة
  • ترامب يخفف قيود تحظر على الشركات الأمريكية رشوة المسؤولين الأجانب
  • ترامب يخفف القيود على قانون حظر الشركات الأمريكية رشوة المسئولين الأجانب
  • صحف العالم .. ترامب يذهب بالجميع إلى التطرف .. ورفض أوروبي لدعوات الرئيس الأمريكي المتكررة حول غزة