يمانيون/ كتابات/ عبدالمَّنـان السُّـنبلي
أيها المـلوك والأمــراء والرؤســاء:
هل أتاكم حديث النعمان بن المنذر..؟
كان ملكاً مثلكم..
وكان يشبهكم كثيراً..
فكما أنـكم الـيوم حلـفاء ومـوالون للـدولة العـظمى أمريـكا، فـقد كان هـو أيضاً حليـفاً ومـوالياً للـدولة العـظمى، في ذلك الوقت والزمان، فارس..
فلم يكن يخطب ود أحد كما كان يخطب ودها.
ولم يكن يطمح بالوفادة على ملك أو عظيم كما كان يطمح بالوفادة على ملوكها وعظماءها..
يعني: مثلكم بالضبط في علاقاتكم اليــوم مـع أمريـكا، ورؤساء وحكام أمريـكا..
وظل على ذلك حتى أتى اليوم الذي أرسل فيه كسرى إليه يريد ابنته هنداً زوجة له..
ثارت ثائرة النعمان بن المنــذر يومهـا حتى همَّ بأن يطرد مبعوثي كسرى..
أن يقدم كسرى على مثل هــذا الأمر، فإن ذلك يُـعد في شـرعـة العرب بـمثابة التـعدي والمساس بـسيادة وكـرامة الملك النعمان نفسه..
فالـعرب لم يكونوا يقبلون مطلقاً أن يـزوجوا بناتهم من أعجمي حتى لو كان شاهٍ شاه نفسه..
أو هـــكذا كان يفكر العرب..
هنا لم يتردد النعمان للحظة واحدة في أن ينحاز لسيادته وكرامته وأن يقف في وجه كسرى قائلاً له: لا..
لقد كان يعي جيداً ماذا يعني أن يقول لكسرى: لا..
لكنه آثـر أن يـطاح به وبـملكه على أن يلـحق به العـار..
فسجل له التاريخ ذلك..
اليوم أنتم ـأيهاـ الحكام في مأزق مشابه..
إما أن تقبـلوا على أنفـسكم أن يطأ فراشكم ترامب، فيلحق بكم وبإبنـاءكم وأحفـادكم العـــار..
أو أن تـبرزوا له كما بـرز النعمـان لكسـرى، وتصرخـوا في وجهـه قائلــين له وبأعلى صوتٍ: لا..
لا لتهجير أهل غزة..
لا للإستسلام..
لا للعـار أو المـــذلة..
لسـتم مطالبين بأن صنعوا المسـتحيل..
أن تعلنوا الحرب مثلاً..
أو أن تكونوا كسيد اليمن أو سيد لبنان
أو قـادة غــزة..
فنحن نعرفكم جيداً..
ما نطالبـكم وتطالبـكم به اليوم شعوبكم فقط، في هذه الأثناء، هو أن تكــونوا رجالاً، ولو لمرة واحدة، في تاريخكم..
يعني: أن تكونوا على الأقل كالنعمان بن المنذر..
هذا كل ما أنتم مطالبون به اليــوم..
الـكرة في ملعبـكم..
وهـــذه هي فرصتكم الأخــيرة..
فإما أن تنتصروا لكرامتكم وكرامة العرب، فتشبهون بذلك الملك النعمان في كل شيء، ويسجل لكم التاريخ ذلك، أو أن تستسلموا وتسلموا لترامب كل شيء مؤكــدين بذلك حجوزاتكم السابـقة في مزابـــل التاريخ..
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
هدايا تقدمها السفن لشط العرب
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
حمل لنا شط العرب شحنات هائلة من الهدايا والعطايا والهبات بكميات ربما لا يعرفها عامة الناس، لكنها معروفة ومألوفة في عموم القرى الساحلية أو الواقعة على ضفاف الانهار. .
بداية نذكر ان طول مجرى شط العرب من جزيرة السندباد إلى رأس البيشة يزيد على 100 كيلومترا، وفي هذا المجرى الطويل ثلاثة موانئ عراقية وثلاثة إيرانية. كانت تتعامل كلها مع شتى أنواع السفن التجارية. ولهذه السفن عادات تشبه الطقوس الموسمية. فالسفن المشحونة بصناديق الموز والبرتقال والتفاح ما ان تغادر موانئ شط العرب نحو البحر حتى تبدأ برمي صناديق الفاكهة، فتنطلق القوارب المحلية من الجهتين (العراقية والإيرانية) وتتسابق في التقاط العدد الأكبر من صناديق الموز. .
اذكر أيضاً ان لجان فحص المنتجات الغذائية رفضت بضاعة سفينة كانت محملة بالبرتقال، ولما أرغموها على مغادرة الميناء نحو البحر قرر ربانها رمي الصناديق كلها في مجرى شط العرب، فاستيقظ الناس صباح اليوم التالي ليجدوا مياه النهر وجداوله ممتلئة بالبرتقال الذي غطى مسطحات واسعة من المنطقة المحصورة بين (الفداغية) و (الفاو) في يوم امتلأت فيه البيوت والسواقي بسلال البرتقال. آخذين بعين الاعتبار أن البرتقال لا يغرق لأن قشرته مليئة بجيوب الهواء الصغيرة التي تساعد على إعطائه كثافة أقل من الماء. .
احيانا تلجأ السفن المغادرة إلى رمي كميات كبيرة من الألواح الخشبية المخصصة للعزل والتستيف، فتهرع القوارب من الضفتين لالتقاط الألواح الخشبية اللازمة لتسييج البساتين. .
واحيانا يدرك ربان السفينة حاجة القرى فيرمي لهم اعداداً من البراميل المغلقة (الفارغة) او الحاويات المطاطية المغلقة. فيلتقطها ابناء القرى القريبة. يستخدمونها لحفظ المياه او لتخزين المنتجات النفطية. .
لكل سفينة فائض من المواد والبضاعة التالفة، لكنها تمثل ثروة للفقراء. فيجود عليهم ربابنة السفن، واحيانا يتعمدون تخفيف سرعة السفينة لكي يوفروا الجهد، ويمنحوا ابناء القرى فرصة الاستحواذ على المواد المفيدة. .
احياناً تضطر السفن إلى الانتظار فترمي مخطافها في (الصنگر) أو (الزيادية)، أو (سيحان) أو (المعامر) فيتجمع القرويون حولها بقواربهم الصغيرة، وهنا تبدأ المقايضة وتبادل المواد. منتجات زراعية أو حيوانية مقابل كميات من الشاي أو السكر او المعلبات أو السجائر الإفرنجية. .
لكن هذه المظاهر اختفت وانحسرت، لم يعد لها أي أثر بسبب توقف الملاحة في امتداد هذا المجرى الملاحي الحيوي. .