صرخة غزة.. قصيدة على أوزان العرب الخالدة
تاريخ النشر: 12th, February 2025 GMT
✍️ محمد أبو صلاح
تَبًّا لِصوتٍ جاءَ يَنفُثُ شَرَّهُ
ويُريقُ في العلياءِ وَجْهَ الغادِرِ
ويُبارِكُ السَّفّاحَ يَذبَحُ أُمَّةً
وَيُطَهِّرُ الأحرارَ مِن أوطانِهِمْ بِالذّابِرِ
يا أيُّها المأفونُ تَحسَبُ أَنَّنا
نَخشَى جُنونَكَ أَو نُطيعُ الغادِرِ؟
كَلّا فَإِنَّا في الحُروبِ قَواعِدٌ
نَبني الجِبالَ بِصَخرَةٍ مِن فاخِرِ
نُبقِي على الرَّاياتِ نَرفَعُ حَقَّنا
فَالحَقُّ لا يُشرى بِمالِ التّاجِرِ
غَزَّةُ لَيسَت بَيعَةً في سُوقِهمْ
نَحنُ القَضاءُ لِكُلِّ سَيفٍ فاجِرِ
وَلَنَحنُ صُرْحٌ لا يُحَطِّمُ مَجدَنا
جَيشٌ وَلَا دَعمٌ مِنَ المُستَعمِرِ
نَحْنُ القَضيّةُ لا نُساوِمُ مَن بَغى
نَحنُ القَضاءُ لِكُلِّ سَيفٍ فاجِرِ
وَغَداً تَعودُ الأَرضُ مِن مُحتَلِّها
بِالسَّيفِ يَعلُو حَقُّنا المُتناثِرِ
سَتَعودُ غَزَّةُ وَالمَآذِنُ تَرتَقي
وَالنَّصرُ يَأتِي لِلشُّجاعِ الصَّابرِ
وَإِذَا جَهِلْتُمْ مَنْ نَكونُ فَإِنَّنَا
نارٌ تَلَظَّى في صُدُورِ الكَافِرِ!
???? إلى كل من يقرأ.
شارك هذه الصرخة، اجعلها نورًا في ظلمة الخذلان، واصرخ: غزة لن تموت، فلسطين باقية، والحقّ منصورٌ بإذن الله!
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
رحلة أوزان الشعر العربي
بقلم: أ. د لعبيدي بوعبدالله
أوزان الشعر العربي التي اكتشفها الخليل بن أحمد الفراهيدي - رغم ما قيل في صلتها بعروض الهنود - تعكس إيقاع الحياة النفسية والاجتماعية والثقافية والفكرية للمجتمع العربي، وتبرز ذوق الإنسان العربي ونفَسَه الفني والجمالي ورؤيته للعالم. فاستحقّت بذلك أن تكون سفيرة للذوق الموسيقي والإبداع الفكري والنبض المتجدّد عبر الأزمنة والأمكنة بامتياز. لقد كانت الأوزان على ما يذكر بعض مؤرخي الأدب حداءً يحث القوافل على السير، فتأنس به الإبل، فأصبح فنّاً تنشرح له الأنفس، وغناءً تطرب له الآذان، وتتغنّى به الحناجر، كما قال حسَّان:
تغنَّ بالشعر إمَّا كنت قائله *** إنَّ الغناء لهذا الشِّعر مضمار
وما لبثت أن عشقها الشعراء المولَّدون، فأحدثوا في تفعيلاتها أوزاناً، ونظموا عليها، ولكن هيهات! لم يطمس ذلك أصالة البحور الستة عشر التي أرَّخ لها الخليل، بل ربما كان ذلك -حسب بعض الروايات- دافعاً للتقعيد لما اعترى حشوها وأعاريضها وأضربها من زحافات وعلل. وقد وجد الأندلسيون في البحور الصافية، والإيقاعات الراقصة ما استحدثوا به الموشّحات والأزجال، فكانت من السمات البارزة في بنية الشعر الأندلسي، بوصفها تعزيزاً لوتيرة المعاني الرقيقة، واستعراضاً للصور الرائقة التي تعكس جمال الطبيعة، وسرداً للواعج النفس، ومجالات الأنس، وشدواً بـ: (زمان الوصل بالأندلس).
وحديثاً، لم يدع الشعراء المجدّدون تفعيلات تلك الأوزان، فوظَّفوها في تلوين الجمل الشعرية ضمن هيكل القصيدة الحديثة، التي أطلقوا عليها قصيدة التفعيلة أو الشعر الحر.
وقد كان للشعر النبطي حظ وافر من تلك الأوزان الخليلية، التي أبرزت في هذا النوع من فنون القول أصالة الذوق ورقيّه، ورصانة الإيقاع ومتعته، وتجذر التاريخ ورونقه، ليكشف كل ذلك عن مسيرة الأوزان العربية التي خطّتها بحركاتها وسواكنها، وأسبابها وأوتادها، ومبسوطها ومقبوضها، وهزجها ورجزها، وثباتها وصمودها في وجه الخطاب الروائي والقصصي، وزحف النظريات النقدية الغربية، لترسّخ مكانتها في الصور الشعرية والمنظومات التعليمية بشكل أشبه ما يكون بتجذر الأوزان الصرفية في الألفاظ، لتواصل رحلتها.. رحلة صمود دون حدود.
أستاذ بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية