اعتدنا على تكريم المبدعين بعد رحيلهم عن العالم، أو انتقالهم إلى مكان آخر، إذا كانوا من الوافدين العرب أو الأجانب المشتغلين بالجامعات، أو المؤسسات التعليمية أو الثقافية، أو الوظائف العامة، فأن تقوم جامعة بتكريم أستاذ لا يزال على رأس عمله، فهذا من النوادر، وما فعلته جامعة نزوى يدخل في هذا الإطار، فحين علمت الجامعة بأن الدكتور سعيد الزبيدي، أستاذ النحو، واللغة فيها بلغ الثمانين من العمر، أطال الله عمره، قامت بتكريمه والاحتفاء به، فأصدر مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي للدراسات العربية والإنسانية، بالجامعة كتابا حمل عنوان كتاب «سيبويه الأخير»، والعنوان مستوحى من جملة قالها الشيخ العلامة الدكتور إبراهيم الكندي في وصفه للزبيدي أنه «سيبويه العصر وأعشى المصر»، علمًا أنه سبق أن أقام قسم اللغة العربية بجامعة نزوى في عام 2016 ندوة علمية قدّمتْ قراءات علمية وإبداعية في إنتاج الزبيدي العلمي والأدبي، وتخطّط الجامعة للاحتفاء بالزبيدي، وتدشين الكتاب باحتفال يليق بها وبه.
لقد ضمّ الكتاب «مقالات وشهادات إبداعية وشخصية في الإنتاج العلمي والأدبي للعلامة سعيد بن جاسم الزبيدي بمناسبة بلوغه الثمانين»، كما يشير العنوان الثانوي للكتاب الذي أشرف عليه وتابعه: الدكتور سليمان الحسيني، والدكتورة مريم البادية وشارك فيه زملاء وطلبة الدكتور الزبيدي، الذي يصفه الدكتور رياض السواد بقوله : «واحد من عمالقة العربية في جيلها الحديث من الذين صانت بهم كتابها المقدس، وتراثها الذي تفتخر به بين الأمم».
وقد بدأ الكتاب بفصل من سيرة الزبيدي الذاتية حمل عنوان «خطوات على شوط لم ينته!» لعلّ نشره يكون حافزًا لتكملة سرد سيرته التي بدأها ولكن انشغالاته في كتابة البحوث حالت دون ذلك.
وحين تصفّحنا الكتاب الصادر عن دار (كنوز المعرفة) الأردنية، لم نجد كتابات من النوع الذي يُدبّج في تكريم المحتفى به، بل دراسات رصينة تناولت جهود الزبيدي العلمية في النحو، ومن بينها دراسة المعجم وأعلامه، كما في بحث الأستاذ الدكتور أحمد هاشم السامرائي الذي حمل عنوان (أثر المعجم العربي التراثي في مؤلفات الدكتور سعيد بن جاسم الزبيدي: كتاب المفقود من كتاب العين) وبحث الدكتور يعقوب بن سالم آل ثاني (قراءة في كتاب قراءة جديدة في كتاب سيبويه للدكتور سعيد الزبيدي) وهناك بحوث أظهرت جهود الزبيدي في دراسة النحو وطرائق تدريسه، كبحث الدكتور سيف بن سالم المسكري (آراء جديدة لتيسير النحو العربي) وبحث الدكتور عبدالله بن مبارك السعدي الموسوم (جهود العلامة الأستاذ الدكتور سعيد بن جاسم الزبيدي في المصطلح النحوي) وعرّفت الدكتورة قمرية بنت سعيد الكندية بإسهامات الزبيدي في علوم تفسير القرآن الكريم ومنهجيته، ببحثها (كتاب: سؤال في التفسير - محاولة في البحث عن منهج للأستاذ الدكتور سعيد جاسم الزبيدي) والدكتور محمد بن سالم المسلمي ببحثه الموسوم (التفسير الجزئي: منهج الدكتور سعيد الزبيدي في تفسيره آيات قرآنية)، إلى جانب أحد عشر بحثًا تناولت جهود الزبيدي في علم النحو، وبحوث أخرى في شعر الزبيدي، واختتم الكتاب بـ(شهادات) لزملائه وطلبته، فيتحدث طلبته فيها عن أسلوبه في التدريس، فتقول الدكتورة مريم البادية «دفعنا الزبيدي مرة إلى البحث في قول ابن خلدون: سمعنا من شيوخنا في مجالس التعليم أن أصول فن الأدب وأركانه أربعة دواوين هي: أدب الكاتب لابن قتيبة، وكتاب الكامل للمبرد، وكتاب البيان والتبيين للجاحظ وكتاب النوادر لأبي علي القالي، وما سوى هذه الأربعة فتبع لها وفروع منها؛ لماذا حصر ابن خلدون أصول الأدب في هذه الأربعة؟ ما الذي فيها وليس في غيرها؟ ولماذا لم يسم شيوخه الذين أطلقوا هذا الحكم؟ وكان بحث هذه المسألة يتطلب منا الانطلاق من ابن خلدون وتجاوزه للتعمق في بحث الكتب الأربعة المذكورة، والمقارن بينها، وتمييز الأصل من الفرع، للخروج برأي علمي»، ومرة دفعنا للنظر في تعريف ابن جني اللغة بأنها: «أصوات يعبّر بها كل قوم عن أغراضهم، وربطه بتعريف دي سوسير اللغة بأنها: «نظام من الإشارات التي تعبّر عن أفكاره، محاولا من خلال هذه الطريقة في التدريس حثنا على الجمع بين الإفادة من تراثنا العربي والقادم من الغرب».
جاء على الغلاف الأخير من الكتاب «إن تكريم الدكتور الزبيدي اليوم هو واجب يضطلع به المركز تجاه شخصية أكاديمية مرموقة تركتْ بصمة واضحة في مجالات البحث العلمي والعمل الأكاديمي، وأسّست لعلاقات وطيدة مع طلاب الجامعة وأساتذتها، والمؤسسات البحثية والثقافية داخل سلطنة عُمان وخارجها».
والزبيدي هو واحد من العلماء والأكاديميين الذين رفدوا المكتبة العربية بالكثير من الدراسات والكتب القيّمة، ولا يزال يواصل الكتابة والتأليف، وهو في الثمانين، بهمّة شاب مقبل على الحياة بعنفوان وطموح، فلا يمرّ عام دون أن نجد له كتابًا أو اثنين جديدين، أمدّ الله في عمره، خدمة للغة العربية وآدابها.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الدکتور سعید الزبیدی فی کتاب ا
إقرأ أيضاً:
الإعدام لربة منزل قتلت شقيق زوجها الطفل بالقليوبية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قضت محكمة جنايات بنها، الدائرة الثانية، بالإعدام شنقا لربة منزل بعد رد فضيلة مفتي الجمهورية بإبداء الرأى الشرعي في إعدامها علي ما أقترفته، وذلك لاستدراجها شقيق زوجها "طفل"، وقتله خنقا بـ(حبل) ثم حاولت التخلص من جثمانه بإلقائه من سطح المنزل، بدائرة مركز بنها بمحافظة الـقليوبية.
صدر الحكم برئاسة المستشار عادل على ماهر، وعضوية المستشارين أحمد خلف محمد عبد اللطيف، مصطفي سعيد عبد الحميد الخدل، وسامح أحمد عبد الوهاب حليمة، وأمانة سر محمد الخضرى، ولطيف عبد الجواد.
البداية عندما أحالت النيابة العامة المتهمة:- "أحلام أ ص م" 23 - المهنة ربه منزل - العنوان كفر عطا الله - مركز بنها - محافظة القليوبية، في القضية رقم 12559/ 2027 جنج مركز بنها، والمقيدة برقم 2969 لسنة 2024 كلي شمال بنها، لأنها في يوم 16 / 5 / 2024 بدائرة مركز بنها بمحافظة الـقليوبية قتلت المحني عليه فارس أشرف حسن محمد، الطفل، شقيق زوجها، عمداً مع سبق الإصرار.
وأوضح أمر الإحالة، أن عزيمتها أعدت لهذا الغرض أداة (حبل) واستدرجته إلى مسكنها وما أن ظفرت به وأتتها الفرصة بينت النية وعقدت العزم على ارتكاب مشروعها الاجرامي لضغينة في نفسها ونفاذا لما انعقدت عليه لتنفيذ مأربها حتى قامت بخنقه بأن لغت وأحاطت الحبل حول عنقه وقامت بجذبه من طرفيه قاصده من ذلك إزهاق روحه ولم تتركه إلا بعد أن تأكدت من مفارقته الحياة ثم حاولت التخلص من جثمانه بإلقائه من سطح المنزل فأحدثت به إصابته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
وتابع أمر الإحالة أنها أحرزت أداة "حبل" مما تستخدم في الاعتداء على الاشخاص دون أن يكون لحيازتها أو إحرازها دون مصوغ قانوني أو مبرر من الضرورة الشخصية أو الحرفية والمستخدم في الجريمة محل الاتهام السـابق على النحو المبين بالتحقيقات.