أنس عمر ..لا يعرف الفضل لأولي الفضل إلا ألوه
كتب عميد شرطة م بابكر الشيخ الإسيد
أنس عمر يا محمود مادبو
حكى لي ناظر الرزيقات الحالي محمود موسى مادبو قصة نشأة ولاية شرق دارفور. حيث كانت محلية تتبع لولاية جنوب دارفور.. قال لي إنه انتزع هذه الولاية انتزاعًا عندما طالب بها، و لما لم يجد استجابة، أعلن تمرده و ذهب إلى جنوب السودان و بقيَ هناك مهددًا و مبتزًا بتمرد قبيلة الرزيقات كلها، مما اضطر المركز للنزول عند مطلبه و تم تحويل محلية الضعين البائسة إلى ولاية في عام 2012م.
مدينة الضعين كانت- قبل أن تصبح عاصمةً للولاية- مجرد بلدة صغيرة تُعرف كمركز إداري وتجمع سكاني رئيسي لقبيلة الرزيقات…كانت مدينة بائسة كئيبة، مبانيها من القش و الَلبِن، رغم موقعها الإستراتيجي، حيث إنها كانت تربط غرب السودان ببقية الولايات، و للولاية حدود مع دولة جنوب السودان، و الضعين بها محطة سكة حديد جعلت منها عاصمة للرزيقات، رغم أن عاصمتهم الأصلية، هي أبوجابرة.. كانت الضعين تعتمد- بشكل أساسي- على الرعي والزراعة كمصدر رئيسي للدخل، حيث اشتهرت بتربية الإبل والماشية، بالإضافة إلى زراعة الدخن والذرة و الفول السوداني. كان الاقتتال و النزاعات القبلية و غارات قبيلة الرزيقات على كل قبائل المنطقة و اضطهادهم، خاصةً قبيلة المعاليا، هو طابع الحياة هناك.. كانت الخدمات الصحية و التعليمية متخلفة و شحيحة..
بعد أن أصبحت عاصمةً لولاية شرق دارفور- في 2012م- ظلت الضعين كما هي، مع تطور يكاد لا يبين، حتى تولى أنس عمر منصب والي الولاية في 2015م. و قد واجه أنس تحديات تتعلق بالأمن و الاستقرار بسبب النزاعات القبلية التي كانت طابع الولاية، كما ذكرنا.. و قد طالت هذه النزاعات و المؤامرات منزل الوالي، حيث قام مجموعة من أبناء الرزيقات بإشعال النار فيه.. واجه أنس عمر هذه التحديات، و استطاع أن يعبرها و يدخل إلى قلوب سكان المدينة و ذلك من خلال ما قام به من جهود في التنمية في كل المجالات.. فقد شهدت العاصمة الضعين تطورًا ملحوظًا في الخدمات من مياه و كهرباء و صحة و تعليم، و تطور في مجال الزراعة و استثمار المحاصيل، فقد تم إنشاء مصنع الزيوت بالضعين في عام 2016م للمساهمة في تنمية الاقتصاد المحلي من خلال استخراج وتصنيع الزيوت من المحاصيل الزيتية المتوفرة في المنطقة، مثل الفول السوداني والسمسم، ولخلق فرص عمل لسكان المدينة والمناطق المجاورة، ولتقليل الاعتماد على الزيوت المستوردة وتعزيز الإنتاج المحلي..
وفي 2018م وُلدت جامعة الضعين بأسنانها، فقد حوت كل الكليات منذ إنشائها، فكانت قبلةً للطلاب من كل الولايات..
وفي عهده شُيدت مباني على أرقى طراز للوزارات و المؤسسات الصحية و الجمارك و غيرها، خاصةً في جنوب المدينة، حيث كان أبرزها قصر الوالي، و الذي كان مفتوحًا على مدار الساعة يستقبل فيه الوالي كل ذي حاجة و مشكلة، مهما صغرت.. و لم يكتفِ أنس عمر بفتح قصره للمواطنين، بل كان يزورهم في بيوتهم يتحسس مشكلاتهم، و لا يكتفي بسماعها، بل يعمل على حلها و يتابع ذلك.. و قد شجع أنس سكان الضعين على استبدال بيوتهم من القش إلى الطوب، فسهل لهم عمل كمائن الطوب، حتى داخل المدينة، الأمر الذي غيَّر وجه المدينة و أهَّلَها ليُطلق عليها عاصمة.
كما شهدت الضعين- في عهد أنس عمر- النور، فقد أضاءت شوارعها بالطاقة الشمسية كضربة بداية لاعتماد الطاقة الشمسية كمصدر للطاقة في كل المدينة عبر مشروع بدأه، و لم يكتمل، و تحولت مواده لأيدي اللصوص بعد الثورة.
عزز أنس عمر مكانة الإدارة الأهلية في المنطقة، و استعاد لها هيبتها التي كانت قاب قوسين أو أدنى من التلاشي بسبب تفلت شباب الرزيقات و ظهور بوادر خروج عن طوعها. و بالتنسيق معها بزعامة نظار القبائل و لجنة الأمن، استطاع أنس أن ينزع فتيل الفتنة و يقلل حدة التوتر و يفرض استقرارًا جعل الولاية تحتل المركز الأول- من بين ولايات دارفور الخمس- في الاستقرار و الأمن..
دخل أنس عمر قلوب إنسان شرق دارفور بقبائلهم المختلفة، و قد أصبحت له شعبية طاغية وسط قبيلة الرزيقات و إدارتها الأهلية، وذلك بقربه منهم و تحسس مشاكلهم العامة و الخاصة، و تجلى ذلك في أواخر عهد الإنقاذ، عندما أقال الرئيس عمر البشير أنس عمر واستبدله بتعيين قائد المنطقة العسكرية واليًا، فقد قام وفدٌ من الإدارة الأهلية بالذهاب للخرطوم ومقابلة الرئيس والمطالبة بإعادة أنس واليًا لولايتهم، مما اضطر البشير للاستجابة لطلبهم، فزادهم كيلَ بعير بترقية أنس لرتبة اللواء و إعادته واليًا.. و قد شهدت الولاية استقبالات و احتفالات غير مسبوقة بواليهم العائد..
الآن يا محمود مادبو، هاهو أنس عمر يعاني وطأة الاعتقال الطويل على يد أبنائك الذين تبارك اعمالهم و تترحم على قتلاهم.. أنس عمر يلاقي جزاء نهضته ببلدكم، جزاء سنمار.. هل من الرجولة و النخوة أن تتفرج عليه، و هو يُضَنُ عليه بالحرية و بالغذاء و بالدواء، و هو الذي أحال بؤسكم إلى نعيم، و مرضكم إلى مستشفيات و مراكز، و ظلامكم إلى نور، و خوفكم إلى أمن، و جهلكم إلى مدارس و جامعات، و معاناتكم إلى طرق و أسفلت؟؟ أمِن الوفاء، أمن الشهامة أمن الرجولة أمن النخوة يا محمود و يا الفاضل سعيد، أن تقفا متفرجين على أنس، و هو يُذل و يُهان و يُرحَّل من مدينة إلى مدينة بأيادي أبنائكم؟
*عميد شرطة حقوقي م بابكر الشيخ الأُسيْد*
مدير دائرة الجنايات بشرطة ولاية شرق دارفور (سابقًا)
12 فبراير 2025م
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: قبیلة الرزیقات شرق دارفور أنس عمر والی ا
إقرأ أيضاً:
فرار آلاف من قرية بشمال دارفور بعد هجوم نُسب إلى «الدعم السريع»
بورتسودان السودان: «الشرق الأوسط» قالت الأمم المتحدة اليوم (الاثنين) إن آلاف الأسر السودانية فرَّت من قرية سلومة في ولاية شمال دارفور، بعد هجوم نُسب إلى «قوات الدعم السريع»، وأوضحت المنظمة الدولية للهجرة، أن نحو 8 آلاف أسرة «نزحت من قرية سلومة ومحيطها، إلى جنوب الفاشر عاصمة الولاية، الجمعة والسبت».
وقال آدم رجال، المتحدث باسم منسقية النازحين واللاجئين في دارفور، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الجمعة، إن «قوة من (الدعم السريع) هاجمت قرية سلومة، وتصدت لهم القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح».
وتسيطر «قوات الدعم السريع» على جزء كبير من دارفور، بما في ذلك نيالا الواقعة على مسافة 195 كيلومتراً من الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور المحاصرة.
وشمال دارفور هي الوحيدة بين ولايات الإقليم التي لا تزال تحت سيطرة الجيش، أما عاصمتها الفاشر فيقطنها نحو مليوني شخص يخضعون منذ مايو (أيار) لحصار تفرضه على المدينة «قوات الدعم السريع».
وكثَّفت «قوات الدعم السريع» هجماتها على هذه المدينة ومحيطها في الأسابيع الأخيرة، وقصفت مخيمات نازحين واشتبكت مع المجموعات المتحالفة مع الجيش. وأفاد آدم رجال «أحرقت منازل القرية».
وأدّى النزاع في السودان إلى كارثة إنسانية هائلة، مع مقتل عشرات الآلاف، ونزوح أكثر من 12 مليون شخص بينما الملايين على حافة المجاعة. ويعاني نحو 25 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الشديد في كل أنحاء السودان، وفقاً للأمم المتحدة.
وفي شمال دارفور، نزح 1.7 مليون شخص، في حين يعاني مليونان انعدام الأمن الغذائي الحاد، وفقاً للأمم المتحدة.