لجريدة عمان:
2025-03-15@04:17:57 GMT

اللحن الأول (من أيام فلسطين)

تاريخ النشر: 12th, February 2025 GMT

اللحن الأول (من أيام فلسطين)

صدر هذا الكتاب غير القابل للتصنيف أو التجنيس الأدبي عام 1991 عن دار الكرمل للنشر والتوزيع، وطبع عدة طبعات فيما بعد، جاء الكتاب في 150 صفحة من القطع المتوسط، الكاتبة هي ياسمين زهران، مواليد رام الله عام 1921 توفاها الله عام 2017.

يؤكد كثير من نقاد فلسطين بأن الحركة النقدية ظلمت تجربة ياسمين في الكتابة؛ فلم تنتبه لها أو تأخذ وقتا كافيا في دراستها، والسبب غير معروف، هل كونها مقيمة خارج البلاد أغلب وقتها، وبالتالي لم تحتك بالنقاد ولم تعرفهم أو تفكر فيهم أصلا، أم هو عالمها الحنيني المتكئ على الذاكرة والممتد داخل لغة وصفية تتوسل إعادة إحياء المكان المهدور بسبب الاحتلال والحداثة الجوفاء؟

تزخر الرواية بكلمات ومصطلحات من الزمن القديم، زمن حياة الكاتبة، طفلة في شوارع رام الله القديمة (شرفات ذات أقواس، رائحة الزيت المعصور حديثا مع دخان الحطب الأخضر، رائحة الشومر والمريمية مخلوطة، تختلط برائحة أشجار الصنوبر، الدار التحتة، برازق سخنة من باب الفرنة).

وكثير من الكلمات غير المستخدمة هذه الأيام، اللحن الأول هو الحب الأول في قلب الكاتبة، أو هي رام الله أول الحب، أول الشهيق، أو ربما ربطت الكاتبة ومزجت بين رام الله الحبيبة الأصيلة وبين تجربة حبها الأول في رام الله، ويبقى هذا الالتباس أحد أهم مصادر الإبهار الجمالي في الكتاب، تقول: (ودارت الأيام، وبعدت عن الشرفة ذات الأقواس، بعدت عن بيتنا القديم عن عالمنا، وفي دورة الدهر انتقلت القرية من حياتها البدائية من سنة 1948 إلى سنة النكسة 1967 من تقسيم واحتلال وتشرّد، من بؤس يعلوه بؤس ومن جرح يعلوه جرح).

اللحن الأول- من أيام فلسطين كتاب محير، من حيث بنيته وهي تلك الحيرة التي لا تجعلك ممتعضا لذلك، بل سعيدا ومتلذذا بهذا السرد الجذاب على لسان امرأة من رام الله (هل هي الكاتبة نفسها). لن يهمنا جنس العمل، أهو رواية أم مذكرات أم يوميات أم فضفضات أم قصص قصيرة مترابطة، المهم عندنا تلك الروح السردية المتسقة والحيوية الممتعة التي تترافق مع كل حدث أو مكان وذلك الوهج العلوي والتوتر الجمالي حين تتكلم الراوية عن مفردات وأمكنة ومفاهيم الزمن القديم الدافئ. أرى هنا من الضروري الحديث عن نشأة مدينة رام الله، من حيث كونها الإطار المكاني والفضاء الواسع لهذا العمل الحميمي المشتعل بالمشاعر والحنين.

فعبر تاريخ يمتد إلى القرن السادس عشر، تمتلك رام الله جذورًا عميقة في المنطقة، فالسجلات التاريخية تحتفظ بقصة راشد الحدادين الذي وصل إلى رام الله مع عائلته بعد عداوة أجبرته على مغادرة الأردن. وبعد أن علم راشد حدادين بوفاة خصمه، عاد إلى الأردن، تاركًا وراءه أبناءه الخمسة -يوسف وعواد وعيسى وخالد وعزيزة- الذين تناسلوا وأصبحوا يشكلون عائلات وعشائر رام الله..

ومع نمو السكان، اجتذبت المدينة البعثات التبشيرية، وفي عام 1807 تم بناء أول كنيسة أرثوذكسية يونانية، وفي عام 1869 تم تأسيس مدرسة الفريندز للبنات من قبل جمعية الأصدقاء الدينية (الكويكرز).

وفي عام 1902، تحولت رام الله إلى متصرفية تضم ثلاثين بلدة محيطة بها من قبل الحكومة العثمانية، وتم تعيين أحمد مراد، أحد أبرز الموظفين في القدس، كأول محافظ (متصرف) للمدينة. وفي عام 1908 تم الاعتراف برام الله كمدينة، وتم تعيين إلياس عودة أول رئيس بلدية عمدة لها، في حين ضم المجلس البلدي ممثلًا واحدًا عن كل عشيرة.

وتقدم بلدية رام الله، التي تأسست عام 1908، الخدمات لسكان المدينة منذ أكثر من قرن من الزمان. وفي الوقت الحاضر، تجاوزت المدينة حروبًا متعددة، وشهدت تقدمًا اقتصاديًّا سريعًا، وأصبحت العاصمة الثقافية لدولة فلسطين. وقد ساهمت المشاريع والمبادرات البلدية التي لا حصر لها في تحويل المدينة القديمة إلى مركز حضري كما تبدو في الوقت الحالي.

هذه سيرة رام الله المدينة الساحرة التي طالما جذبت العرب من كل مكان قبل نكسة 67. وجيل الخمسينيات في الخليج العربي تحديدا يعرفونها جيدا، فمنهم من قضى شهر عسله فيها ومنهم من نام في فندقها الأشهر فندق عودة.

في الرواية تطلق الكاتبة عبارة تشبه المدخل أو الثيمة لكل رواياتها: (أما الحقيقة الثابتة والوحيدة فهي الأرض، أرض فلسطين بما فيها الوادي المتشعب بين الجبال والذي يمتد إلى البحر).

*************

الكاتبة في سطور

ياسمين زهران خريجة جامعة كولومبيا في نيويورك وجامعة لندن والسوربون في فرنسا حيث حصلت على دكتوراة في علم الآثار، عملت زمنا في حقل التعليم، في منظمة اليونسكو، وعلى فترات متقطعة في حقلي الصحافة والإذاعة. أقامت في باريس وقضت وقتا طويلا في السفر لزيارة الآثار في مختلف أنحاء العالم.

توفاها الله عام 2017 بعيدة عن المكان العظيم الذي أخلصت له وحنّت إلى بداياته الأصيلة.

في رصيدها عديد من الروايات المهمة، ويبقى المدخل فيها هو نفسه: الحنين المستعر إلى الأصل برائحته الأولى.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: رام الله وفی عام

إقرأ أيضاً:

تكريم الفائزين في ختام مسابقة أولاد آدم للقرآن الكريم في نسختها الحادية والعشرين

اختتمت مساء أمس فعاليات النسخة الحادية والعشرين من مسابقة "أولاد آدم" للقرآن الكريم، في حفل أقيم بقاعة الإمام جابر بن زيد بكلية العلوم الشرعية بالخوير، برعاية معالي الدكتور محمد بن سعيد المعمري، وزير الأوقاف والشؤون الدينية، وبحضور عدد من أصحاب السعادة والمشايخ والأعيان وجمع من المهتمين بعلوم القرآن الكريم.

شهدت المسابقة هذا العام مشاركة واسعة، حيث بلغ عدد المتسابقين 193 متسابقًا من ثماني جنسيات مختلفة، تنافسوا على أربعة أقسام رئيسية، شملت حفظ القرآن الكريم كاملًا، حفظ 15 جزءًا، والتلاوة للأعمار من 15 عامًا فأعلى، والتلاوة للأعمار من 14 عامًا فما دون، وتميزت النسخة الحالية بإدخال البوابة الإلكترونية الخاصة بالمسابقة، في خطوة تهدف إلى تسهيل عملية التسجيل والمتابعة، ومواكبة التطورات الرقمية في سلطنة عمان.

وأكد إسماعيل بن محمد الصائغ، الرئيس التنفيذي للمسابقة خلال كلمته على أهمية المسابقة في تشجيع الشباب على التمسك بكتاب الله وإتاحة الفرصة لهم لإبراز مواهبهم في الحفظ والتلاوة، مشيرًا إلى أنها أصبحت منصة تنافسية بارزة على المستويين المحلي والإقليمي. كما أكد على دور لجنة التحكيم في ضمان العدالة والشفافية في التقييم، مما يعزز من قيمة المسابقة ومكانتها بين المسابقات القرآنية. وأشار إلى أن التطور الرقمي أصبح جزءًا أساسيًا من المسابقة، حيث تم إطلاق البوابة الإلكترونية التي تسهّل عمليات التسجيل، واختيار المواعيد، ومتابعة النتائج، وإجراء التصفيات، وذلك تماشيًا مع "رؤية عمان 2040" في التحول الرقمي وتطوير الخدمات.

وأشار الصائغ إلى أن عدد المشاركين هذا العام بلغ 193 متسابقًا، موزعين بين 66 متسابقًا في قسم حفظ القرآن الكريم، و127 متسابقًا في قسم التلاوة، مؤكدًا أن كل مشارك هو فائز بفضل سعيه إلى التمسك بكتاب الله ونيل الأجر والثواب، ومثمّنًا جهود وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في نشر ثقافة القرآن الكريم وتعزيز مكانته في المجتمع.

وخضعت المسابقة لتحكيم دقيق من قبل لجنة التحكيم التي ضمت خمسة مشايخ من أهل الخبرة والاختصاص، حيث تم تقييم أداء المتأهلين للدور النهائي وفقًا لمعايير الحفظ المتقن وأحكام التجويد والتلاوة الصحيحة، وأظهرت التصفيات النهائية مستوى متميزًا من الإتقان لدى المشاركين.

وفي ختام المسابقة، تم تكريم الفائزين بالمراكز الأولى في كل فئة، حيث حصل عبدالرحمن البشير حرشه على المركز الأول في فئة حفظ القرآن الكريم كاملًا، بينما فاز محمد بن خميس اليعقوبي بالمركز الأول في حفظ 15 جزءًا. أما في فئة التلاوة للأعمار 15 فما فوق، فقد حصل صهيب بن هلال السيابي على المركز الأول، فيما توّج مؤيد بن هلال الحسني بالمركز الأول في التلاوة للأعمار 14 عامًا فما دون.

وشهد الحفل أيضًا تكريم أعضاء لجنة التحكيم؛ تقديرًا لجهودهم في تقييم المشاركين وإدارة التصفيات النهائية، إضافة إلى تكريم عدد من المساهمين في نجاح المسابقة. وفي ختام الفعالية أعلن راعي المناسبة عن إطلاق النسخة الثانية والعشرين من مسابقة أولاد آدم للقرآن الكريم.

آراء الفائزين

عبّر عبدالرحمن البشير حرشه من دولة ليبيا، الحاصل على المركز الأول في قسم حفظ القرآن الكريم كاملاً، عن سعادته بالمشاركة في هذه المسابقة، مشيرًا إلى التنافس القوي بين المتسابقين الذين أظهروا مستوى عاليًا من الإتقان والتركيز. وأكد أن الأداء المميز للمشاركين يعكس مدى استعدادهم الجيد لهذه المنافسة، واختتم حديثه بالدعاء للقائمين على المسابقة بالتوفيق والسداد.

بدوره، أعرب يوسف عبدالواحد محمود، من جمهورية مصر العربية، الحاصل على المركز الثاني في القسم ذاته، عن تقديره لمنظمي المسابقة، مثنيًا على جهودهم في توفير بيئة تنافسية عادلة وإتاحة الفرصة للمشاركين للتعبير عن حبهم لكتاب الله، وأشار إلى أن المسابقة تحمل رسالة عظيمة في تعزيز حفظ القرآن وترسيخ قيمه وأخلاقه بين الأجيال. كما دعا الله أن يجزي القائمين عليها خير الجزاء، وأن يكون القرآن الكريم رفيقًا لهم في كل مراحل حياتهم.

من جانبه، ثمّن أحمد بن عبدالله المعولي، الحاصل على المركز الثالث في القسم ذاته، الجهود المبذولة من إدارة المسابقة في تنظيم الحدث والعناية بالمتسابقين منذ بدء التسجيل وحتى ختام المنافسة، وأوضح أن المشاركة شكلت فرصة مهمة لمراجعة الحفظ وتثبيته، والاستفادة من ملاحظات لجنة التحكيم، لا سيما توجيهات السيد أحمد البوسعيدي، التي ساعدته في تحسين أدائه. وختم حديثه بالتهنئة لجميع المتسابقين، مؤكدًا أن كل مشارك هو فائز؛ لأن حفظ القرآن الكريم بحد ذاته يعد نجاحًا لا يعرف الخسارة.

وأبدى محمد بن خميس اليعقوبي، الحاصل على المركز الأول في قسم حفظ القرآن الكريم (15 جزءًا)، سعادته بالمشاركة في المسابقة، مشيرًا إلى أنها تجربته الأولى في هذه المنافسة، وأوضح أنه كان يطمح للمشاركة في السنوات السابقة، لكن بعض الظروف حالت دون ذلك، مما زاده إصرارًا على التحدي وخوض المنافسة في هذه النسخة. وأضاف أن الله وفقه هذا العام لتحقيق هذا الهدف، حيث اجتاز التصفيات الأولية بنجاح، وكانت التجربة مشجعة ومبشرة بالخير. كما عبّر عن امتنانه لما وجده من تيسير خلال مراحل المسابقة، وصولًا إلى التصفيات النهائية، معتبرًا ذلك توفيقًا من الله يستوجب الشكر والحمد.

وتحدّث مؤيد بن هلال الحسني، الحاصل على المركز الثالث في قسم التلاوة، عن تجربته في المسابقة، معبرًا عن امتنانه للتأهل إلى التصفيات النهائية في أول مشاركة له. وأكد عزمه على المشاركة في السنوات القادمة، سعيًا للارتقاء إلى مستويات أعلى وتحقيق مراكز متقدمة. كما حثّ الجميع على الالتحاق بهذه المسابقات القرآنية، لما لها من أثر مبارك في تثبيت الحفظ وتعزيز الارتباط بكتاب الله.

مقالات مشابهة

  • أكثر من 375 ألف مستفيد من خدمات مشروع حافلات المدينة خلال الثلث الأول من شهر رمضان
  • عملية مفاجئة ومبتكرة.. كواليس البنتاغون يوم تفجيرات البيجر في لبنان
  • تكريم الفائزين في ختام مسابقة أولاد آدم للقرآن الكريم في نسختها الحادية والعشرين
  • سليمان من قصر بعبدا: المعادلة التي تُفيد البلد هي معادلة الجيش والشعب
  • شاهد بالصورة والفيديو.. بالتهليل والتكبير.. الفنان طه سليمان يصل مدينة بحري ويختبر معدات الصوت التي استجلبها لخدمة مساجد المدينة
  • مشاجرة بين أبناء عمومة في خلاف على بيع اللحوم بسوهاج
  • جامعة كولومبيا تعاقب طلبة متضامنين مع فلسطين بعد أيام من تحريض ترامب
  • فلسطين.. مستوطنون يحرقون منازل في قرية دوما جنوب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية
  • محسن جابر: المهرجانات فن سائد الآن والعيب في الكلمة وليس اللحن
  • العراق: موقفنا ثابت من تجنب التدخل المباشر في حرب فلسطين