هل الميت ينتظر زيارة أهله ويشعر بهم؟ حقائق لا تعلمها عن البرزخ
تاريخ النشر: 12th, February 2025 GMT
هل يشعر الميت بمن يزوره ويرد عليه السلام؟ يعد من أكثر الأسئلة المنتشرة بين الناس، وثبت أن الميت يشعر بمن يزوره في القبر ، ورغبت الشريعة الإسلامية في زيارة قبر الميت لأنها عظة لنا، حيث إن الميت يشعر ويستأنس ويفرح بمن يزوره، ويرد عليه السلام، كما ورد في حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ويستحب للمسلم زيارة القبور والسلام على أهلها، والميت يعرف المسلِّم عليه ويرد عليه السلام، كما أن الموتى يتقابلون فى عالم البرزخ، وهو العالم الذى يتخلل الفترة من الموت إلى يوم القيامة.
وقال الدكتور محمد شلبي، أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء، إن الميت يشعر بمن يزوره، مستشهدًا بما روي عن بريدة رضي الله عنه قال: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُهُمْ إِذَا خَرَجُوا إِلَى الْمَقَابِرِ، فَكَانَ قَائِلُهُمْ يَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ لَلَاحِقُونَ، أَسْأَلُ اللهَ لَنَا وَلَكُمُ الْعَافِيَةَ» أخرجه مسلم في "صحيحه".
واستدل «شلبي» في إجابته عن سؤال: «هل يشعر الميت بمن يزوره ومن يسلم عليه؟» بما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا مِنْ رَجُلٍ يَمُرُّ بِقَبْرِ رَجُلٍ كَانَ يَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا، فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ، إِلَّا عَرَفَهُ وَرَدَّ عَلَيْهِ» أخرجه تمام في "فوائده"، والبيهقي في "شعب الإيمان"، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد".
وأشار إلى أنه صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أنه أمر بقتلى بدر، فأُلقوا في قَلِيب، ثم جاء حتى وقف عليهم وناداهم بأسمائهم: «يَا فُلانُ بْنَ فُلانٍ، وَيَا فُلانُ بْنَ فُلانٍ، هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ فَإنَّي وَجَدت ما وعدني ربي حقًّا»، فقال له عمر رضى الله عنه: يا رسول الله، ما تخاطب من أقوام قد جيفوا؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «والَّذِي بَعَثَنِي بِالحَقِّ مَا أَنتُمْ بِأَسْمَع لِمَا أَقُولُ مِنهُم، وَلَكِنَّهُم لَا يَستَطِيعُونَ جَوابًا» أخرجه البخاري ومسلم في "صحيحيهما" بألفاظ مختلفة.
أوضحت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية، أن الروح يسلكها الله في البدن في الحياة الدنيا فتوجب له حسًا وحركةً وعلمًا وإدراكًا ولذةً وألمًا، ويسمى بذلك حيًا.ـ ثم تفارقه في الوقت المقدّر أزلًا لقطع علاقتها به فتبطل هذه الآثار ويفنى هيكل البدن ويصير جمادًا ويسمى عند ذلك ميتًا ولكن الروح تبقى في «البرزخ».
وأضافت لجنة الفتوى في إجابتها عن سؤال: «هل يشعر المتوفى بالزيارة؟» أن «البرزخ»: هو ما بين الحياة الدنيا والحياة الآخرة من يوم الموت إلى يوم البعث والنشور حية مُدركة تسمع وتبصر وتسبح في ملك الله حيث أراد وقدر، وتتصل بالأرواح الأخرى وتناجيها وتأنس بها سواء كانت أرواح أحياء، أم أرواح أموات، وتشعر بالنعيم، والعذاب، واللذة، والألم بحسب حالتها وترد أفنية القبور.
ونقلت ما قاله ابن القيم في كتابه «زاد المعاد»: «إن الموتى تدنو أرواحهم من قبورهم وتوافيها في يوم الجمعة، فيعرفون زوارهم ومن يمر بهم ويسلم عليهم ويلقاهم أكثر من معرفتهم بهم في غيره من الأيام، فهو يوم تلتقي فيه الأحياء والأموات، وروي أن الموتى يعلمون بزوارهم يوم الجمعة ويوما قبله ويوما بعده ، وهذا هو مذهب جمهور أهل السنة وبه وردت الأحاديث والآثار».
هل يشعر الميت بزيارة أهلهأجمل دعاء للميت في يوم الجمعة.. استغفروا لأخيكم الآنأفضل 200 دعاء للميت .. يسعد بها وتنير قبره وتجعله في رياض الجنة
حكم زيارة القبور والسلام على أهلهايستحب للمسلم زيارة القبور والسلام على أهلها، والميت يعرف المسلِّم عليه ويرد عليه السلام كما ذكرنا؛ قال الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" (5/ 310، ط. دار الفكر): [قال أصحابنا رحمهم الله: ويستحب للزائر أن يدنو من قبر المزور بقدر ما كان يدنو من صاحبه لو كان حيًّا وزاره].
وقال الإمام ابن القيِّم في "الروح" (ص: 5): [وقد شرع النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأمته إذا سلموا على أهل القبور أن يسلموا عليهم سلام من يخاطبونه، فيقول: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين)، وهذا خطاب لمن يسمع ويعقل، ولولا ذلك لكان هذا الخطاب بمنزلة خطاب المعدوم والجماد، والسلف مجمعون على هذا، وقد تواترت الآثار عنهم بأن الميت يعرف زيارة الحي له ويستبشر به].
وذكر المناوي في "فيض القدير" (5/ 287): [وقال الحافظ العراقي: المعرفة ورد السلام فرع الحياة ورد الروح، ولا مانع من خلق هذا الإدراك برد الروح في بعض جسده، وإن لم يكن ذلك في جميعه. وقال بعض الأعاظم: تعلق النفس بالبدن تعلق يشبه العشق الشديد، والحب اللازم، فإذا فارقت النفس البدن فذلك العشق لا يزول إلا بعد حين، فتصير تلك النفس شديدة الميل لذلك البدن؛ ولهذا ينهى عن كسر عظمه ووطء قبره].
معنى الموتالموت ليس معناه فناء الإنسان تمامًا، ولا هو إعدام لوجوده الذي أوجده الله له، بل إن الموت حالة من أصعب الحالات التي يمر بها الإنسان؛ حيث تخرج فيها روحه؛ لتعيش في عالم آخر، فخروجها من الجسد الذي كانت بداخله صعب، فالموت هو مفارقة الروح للجسد حقيقة؛ قال شيخ الإسلام الغزالي في "إحياء علوم الدين" (4/ 493): [ومعنى مفارقتها للجسد: انقطاع تصرفها عن الجسد بخروج الجسد عن طاعتها].
اختلف أهل العلم في سماع الموتى للأحياء على أقوال القول الأول: ذهب إلى نفي سماع الأموات للأحياء، والدليل الأول: قوله تعالى: «إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ» (النمل: 80) وذكر ابنُ جرير - رحمه الله - في تفسير هذه الآية (21/36): هذا مَثَلٌ معناه: فإنك لا تَقدر أن تُفِهم هؤلاء المشركين الذين قد خَتم الله على أسماعهم، فسلَبهم فَهم ما يُتلى عليهم من مواعظ تنزيله، كما لا تقدر أن تُفهم الموتى الذين سلبهم الله أسماعهم بأن تجعل لهم أسماعًا.
ثم روى بإسناده الصحيح عن قتادة قال: "هذا مَثَلٌ ضربه الله للكافر، فكما لا يسمع الميتُ الدعاء كذلك لا يَسمع الكافر، «وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ» أي: لو أن أصَمَّ ولَّى مُدبرًا ثم ناديتَه لم يَسمع، كذلك الكافرُ لا يسمع ولا ينتفع بما سمع، فثبت من هذه النُّقول عن كتب التفسير المعتمدة أن الموتى في قبورهم لا يسمعون، كالصُّمِّ إذا ولَّوْا مُدبرين.
الدليل الثاني: قوله تعالى: «ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ » (فاطر: 13، 14).
ووجه الدلالة من الآية: أن الصالحين لا يسمعون بعد موتهم، وغيرهم مثلهم بَداهة، بل ذلك من باب أولى كما لا يخفى، فالموتى كلُّهم إذًا لا يسمعون.
الدليل الثالث: حديث قَليب بدر: والحديث أخرجه البخاري عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: "وقف النبي - صلى الله عليه وسلم - على قَليب بدرٍ فقال: «هل وَجدتم ما وَعد ربُّكم حقًّا؟» ثم قال: «إنهم الآن يَسمعون ما أقولُ»، فذُكِر لعائشة فقالت: إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنهم الآن يعلمون أنَّ الذي كنتُ أقول لهم هو الحق» ثم قرأت: «إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى» حتى قرأت الآية».
وعند البخاري ومسلم أيضًا من حديث أبي طلحة رضي الله عنه: «أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - أمرَ يوم بدرٍ بأربعةٍ وعشرين رجلاً من صناديد قريش فقذفوا في طويٍّ من أطواء بدر خبيث مُخبَّث، وكان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليالٍ، فلما كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فشد عليها رحلها، ثم مشى واتبعه أصحابه وقالوا: ما نرى ينطلق إلا لبعض حاجتِه حتى قام على شَفَة الرَّكِيِّ، فجعل يُناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم: «يا فلان بن فلان، ويا فلان بن فلان، أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله؟ فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربُّنا حقًّا، فهل وجدتم ما وعدكم ربُّكم حقًّا؟!» فقال عمر: يا رسول الله، ما تُكَلِّم من أجسادٍ لا أرواح فيها؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفس مُحمد بيده، ما أنتم بأسمع مما أقول منهم»،.
قال قتادة رحمه الله: "أحياهم الله حتى أسمعهم قوله توبيخًا وتصغيرًا ونِقمة وحدةً وندمًا"، ووجه الاستدلال بهذا الحديث يتضح بملاحظة أمرين:
الأول: ما في الرواية الأولى من تقييده - صلى الله عليه وسلم - سماع موتى القَليب بقوله: "الآن" فإن مَفهومه أنهم لا يَسمعون في غير هذا الوقت وهو المطلوب، وهذه الفائدة نبَّه عليها العلَّامة الألوسي في كتابه "روح المعاني" (6/455): ففيه تنبيه قوي على أن الأصل في الموتى أنهم لا يسمعون".
الأمر الآخر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقرَّ عمر وغيره من الصَّحابة على ما كان مُستقرًّا في نفوسهم واعتقادهم أن الموتى لا يسمعون، فقد قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: "ما تكلِّم من أجساد لا أرواح فيها؟".
وجاء في "مسند الإمام أحمد" عن أنس - رضي الله عنه - قال: "فسمع عمر صوته فقال: يا رسول الله، أتناديهم بعد ثلاث؟ وهل يسمعون؟ يقول الله عز وجل: «إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى»، فقال: «والذي نفسي بيده، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكنهم لا يستطيعون أن يجيبوا»..
ومن هذا يتضح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقر الصَّحابة - وفي مُقدِّمتهم عمر - على فَهمهم للآية على ذلك الوجه العامِّ الشامل لموتى القَليب وغيرهم؛ لأنه لم يُنكره عليهم، ولا قال لهم: "أخطأتم" فالآية لا تنفي مُطلقًا سماع الموتى، بل إنه أقرَّهم على ذلك، ولكن بيَّن لهم ما كان خافيًا عليهم في شأن القليب، وأنهم سمعوا كلامه حقًّا، وأنَّ ذلك أمرٌ خاصٌّ مُستثنى من الآية مُعجزة له - صلى الله عليه وسلم.
يقول قتادة - رحمه الله - أحدُ رواة الحديث: "أحياهم الله حتى أسمعهم توبيخًا، وتصغيرًا، ونقمة، وحسرة، وندامة".
الدليل الرابع: ما أخرجه الإمام أحمد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن لله ملائكة سيَّاحين في الأرض، يُبلغونني عن أمتي السَّلام».
ووجه الاستدلال به أنه صَريح في أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يَسمع سلام المُسلِّمين عليه، إذ لو كان يَسمعه بنفسه لما كان بحاجَة إلى مَن يُبلِّغه إليه، كما هو ظاهر لا يخفى على أحد إن شاء الله تعالى.
وإذا كان الأمر كذلك، فبالأولى أنه - صلى الله عليه وسلم - لا يسمع غير السلام من الكلام، وإذا كان كذلك، فلَأَنْ يسمع السلام غيره من الموتى أولى وأحرى، ثم إن الحديث مطلق يشمل حتى مَن سلَّم عليه - صلى الله عليه وسلم - عند قبره.
القول الثاني: ذهب فريق من أهل العلم إلى أن الموتى يسمعون في الجملة، ولا يسمعون في كل الأحوال، وهناك فريق آخر رأى أنهم يسمعون في كل الأحوال، لكنَّهم لا يستطيعون الانتفاع بما يسمعونه أو حتى مجرَّد الردِّ.
قال الإمام ابن القيم - رحمه الله - كما في كتابه "الروح" (ص 60): "وأما قوله تعالى: «وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ» (فاطر: 22)، فسياق الآية يدل على أن المراد منها: أن الكافر الميِّت القلب لا تقدر على إسماعه إسماعًا يَنتفع به، كما أن مَن في القبور لا تقدر على إسماعهم إسماعًا ينتفعون به، ولم يُرد سبحانه أن أصحاب القبور لا يسمعون شيئًا البتَّةَ، كيف وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهم يسمعون خَفق نعال المُشيِّعين؟ وأخبر أن قتلى بدر سمعوا كلامه وخطابه، وشُرع السلام عليهم بصيغة الخطاب للحاضر الذي يسمع، وأخبر أن مَن سلَّم على أخيه المؤمن ردَّ عليه السلام، وهذه الآية نظير قوله: «إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ» (النمل: 80).
وقد يقال: نفي إسماع الصُّم مع نفي إسماع الموتى، يدل على أن المراد عدم أهليَّة كل منهما للسماع، وأن قلوب هؤلاء لمَّا كانت ميِّتة صمَّاء كان إسماعها ممتنعًا بمنزلة خطاب الميِّت والأصم، وهذا حق، ولكن لا ينفي إسماع الأرواح بعد الموت إسماع توبيخ وتقريع بواسطة تعلقها بالأبدان في وقت ما، فهذا غير الإسماع المنفي، والله أعلم.
وحقيقة المعنى: أنك لا تستطيع أن تُسمع من لم يشأ الله أن يُسمعه، «إِنْ أَنتَ إِلَّا نَذِيرٌ» (فاطر: 23)، أي: إنما جعل الله لك الاستطاعة على الإنذار الذي كلَّفك إياه لا على إسماع من لم يشأ الله إسماعه".
زيارة الميت والدعاء لهالمصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: هل يشعر الميت بمن يزوره المزيد صلى الله علیه وآله وسلم المیت یشعر بمن یزوره النبی صلى الله علیه صلى الله علیه وسلم رضی الله عنه رسول الله رحمه الله ال م و ت ى أن النبی ى الله ع ول الله لا یسمع هل یشعر على أهل م علیه ما کان ل الله
إقرأ أيضاً:
دار الإفتاء: إياك أن تكون من الغافلين عن فضل شهر شعبان
حذرت دار الإفتاء المصرية، متابعيها من الغفلة عن اغتنام شهر شعبان الذي فيه نفحات إيمانية كبيرة وأبرزها ليلة النصف من شعبان.
فضل شهر شعبانوقالت دار الإفتاء في منشور لها (إياك أن تكون من الغافلين عن فضل شهر شعبان وثواب العمل فيه، وتذكر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان حريصًا على إحياء نهاره بالصيام؛ فلما سئل عن ذلك قال: «ذلِكَ شَهْرٌ يغفل الناسُ عنه بين رجبٍ ورمضان...» أخرجه النسائي).
موعد الأيام البيض في شهر شعبان 2025.. فضلها وثواب صيامهاعبادات شهر شعبان وأهم المناسبات الدينية فيه .. تعرف عليهاوأوضحت دار الإفتاء أن من الأعمال المستحبة طوال العام وفي شهر شعبان على وجه الخصوص: التعاون على فعل الخيرات، وإظهار المودة والتآلف بين المسلمين، ونشر روح البهجة والفرح بقرب قدوم رمضان المبارك؛ فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم؛ يقول مهنئًا أصحابه ومبشِّرًا أمَّته في آخر أيام من شعبان: «أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ» أخرجه أحمد وغيره.
وأكدت أن شهر شعبان فرصة عظيمة لتدريب الأطفال على العبادات في رمضان، وهو أمر بالغ الأهمية لكي يعتادوا على أدائها عند الوصول لسن التكليف الشرعي كما أن الدعاء في ليلة النصف من شعبان بألفاظ مخصوصةٍ ومشروعةٍ مندوبٌ إليه شرعًا؛ وعبادة داخلة في ذكر الله تعالى والثناء عليه والتوجه إليه بالدعاء، قال تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر:60].
ليلة النصف من شعبانوروى البيهقي في "شعب الإيمان" عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا كَانَ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ نَادَى مُنَادٍ: هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ، هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ، فَلَا يَسْأَلُ أَحَدٌ شَيْئًا إِلَّا أُعْطِيَ، إِلَّا زَانِيَةٌ بِفَرْجِهَا أَوْ مُشْرِكٌ».
وروى عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «هَذِهِ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَطْلُعُ عَلَى عِبَادِهِ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِلْمُسْتَغْفِرِينَ، وَيَرْحَمُ الْمُسْتَرْحِمِينَ، وَيُؤَخِّرُ أَهْلَ الْحِقْدِ كَمَا هُمْ».
ويروى عن نَوفٍ البِكَالي أن عليًّا رضي الله عنه خرج ليلة النصف من شعبان، فأكثر الخروج فيها ينظر إلى السماء فقال: "... اللهم رب داود اغفر لمن دعاك في هذه الليلة ولمن استغفرك فيها". "لطائف المعارف" لابن رجب الحنبلي (ص: 137، ط. دار ابن حزم).
وقال الشيخ أبو عبد الله بن الحاج العبدري الفاسي المالكي في كتابه "المدخل" (1/ 299، ط. دار التراث): [ولا شك أنها ليلة مباركة عظيمة القدر عند الله تعالى؛ قال الله تعالى: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ [الدخان: 4].
واختلف العلماء رحمة الله عليهم هل هي هذه الليلة، أو ليلة القدر؟ على قولين؛ المشهور منهما: أنها ليلة القدر. وبالجملة فهذه الليلة، وإن لم تكن ليلة القدر، فلها فضل عظيم وخير جسيم، وكان السلف رضي الله عنهم يعظمونها ويشمرون لها قبل إتيانها، فما تأتيهم إلا وهم متأهبون للقائها، والقيام بحرمتها، على ما قد علم من احترامهم للشعائر على ما تقدم ذكره، هذا هو التعظيم الشرعي لهذه الليلة] اهـ.