البرهان فتح باب النقاش السياسي أثناء الحرب، فمن يستطيع أن يوقفه؟
تاريخ النشر: 12th, February 2025 GMT
البرهان فتح باب النقاش السياسي أثناء الحرب، فمن يستطيع أن يوقفه؟
من الذي سيعترض ويقول ليس هذا وقت السياسية، الوقت للمعركة، طالما أن رأس الدولة وقائد الجيش لا يرى ذلك.
هل نتوقع من الساسة أن يكونوا “أعقل” من البرهان ويقولوا هذا ليس وقته، الأولوية الآن للمعركة؟ ولكن هذا بحد ذاته أكبر طعن في البرهان، في كفاءته السياسية على وجه الدقة.
ما يمنع الناس في الخوض في أمور سياسية هو شعورهم بأن وقتها لم يأت بعد. ولكن هناك مأزق آخر؛ فالدخول في صراع سياسي مع البرهان سيعني بلا شك مساءلة شرعيته من الأساس.
– ماذا؟
شرعية البرهان؟ أين سمعت هذا الكلام؟
لقد سمعناه من الجنجويد وحلفاءهم! ما يعني أن أي مساءلة لشرعية البرهان هي بمثابة برهان على صحة ما يقوله حلف الجنجويد ودعم لمسعاهم المعلن لنزع الشرعية لما يصفونه ب “بمجموعة بورتسودان”.
فأنت لا تستطيع التشكيك في شرعية البرهان بما يمنحه حق التقرير في شأن البلد دون إضعاف موقف البرهان والحكومة كلها في الحرب ضد الجنجويد وحلفاءهم.
هكذا يضطر الواقفون في خندق الجيش مكرهين لدعم شرعية البرهان. المساحة المتاحة بعد ذلك هي مساحة المعارضة من أرضية التسليم بحكومة بورتسودان باعتبارها الحكومة التي تمثلنا.
المشكلة هي أن البرهان بحاجة إلى التفاف الشعب حوله، وفي الوقت نفسه، لا نملك خيارات كثيرة لمواجهته، لأن المواجهة معه قد تضعنا في نفس خندق الأعداء لأننا سنجد أنفسنا نردد نفس كلامهم، بأن البرهان غير شرعي، وهو بالفعل كذلك في الحقيقة غير شرعي بالمعنى الدستوري للكلمة، ولكن نحن ندعم الحكومة التي يرأسها لأن ذلك ضروري للانتصار في الحرب.
فهذا مأزق، وهو يزاد عمقا في ظل وجود حكومة موازية تنازع البرهان الشرعية داخل الدولة الواحدة.
فالبرهان مطالب بإدراك دقة الموقف الموجود هو فيه ومن خلفه كل المصطفين خلف الجيش. ويجب أن يعلم البرهان أن دخوله في صراع مع الكلتة الداعمة للجيش سيعصف بموقفه كليا، والمشكلة الأكبر أن ذلك قد ينعكس على موقف الحكومة والدولة بحكم موقع البرهان على رأسها.
لقد أثبت الزمن خطأ الدعوات التي طالبت بعزل البرهان أو الإطاحة به أثناء الحرب؛ فقد انتصر الجيش وبشكل واضح حتى الآن. ولكن ميدان السياسية ليس كميدان العسكرية. في الجيش توجد مؤسسة تنصاع بموجب التراتبية العسكرية وتستطيع أن تفهم الاستراتيجيات والخطط العسكرية وتتعامل وفقها. ولكن السياسة ميدان مختلف وقواعده مختلفة ولا يمكن السيطرة عليه.
وبوضوح أكبر، ما أن يشعر الناس بطمع البرهان في السلطة أو برغبته في التلاعب على إرادة الشعب، بغض النظر عن نوايا البرهان التي لا يعرفها أحد، بمجرد حدوث ذلك سيكون له انعكاس مباشر على رؤية الناس للحرب ولجدواها: هل كل هذه التضحيات هي في النهاية من أجل شخص أو مجموعة أشخاص وليست من أجل الوطن؟
نتيجة هذا التساؤل أحد أمرين: إما التعامل مع البرهان وكل من يمثله كخطر تجب مواجهته من أجل بلوغ الانتصار، أو الزهد في هذه الحرب برمتها ففي النهاية لماذا ستموت من أجل شخص؟ وبقدر ما يكون خيار الزهد في الانتصار بعيدا وغير وارد فهذه في النهاية بلدنا ويجب أن ننتصر، سيكون خيار مواجهة البرهان أكثر حتمية بكل ما يجلبه ذلك من مضار أخفها تريد نفس حج الأعداء كما تقدم.
وفي كل الأحول، يبقى هناك حلا واحدا لا بد منه، يجب أن ينصاع البرهان وكل قيادة الدولة لإرادة الشعب، لا العكس. ولأن إرادة الشعب هي مصطلح غامض لا نستطيع تحديده، يجب أن نكون أكثر دقة، ونتكلم عن الديمقراطية.
– ماذا؟
نعم، ما فكرت فيه صحيح. مرة أخرى سنردد نفس الشعار الذي يرفعه الجنجويد!
ولكن الأمر بيد البرهان وقيادة الدولة والجيش. فحتى الآن شعارات الجنجويد والقحاتة هي شعارات زائفة، ولكن إن تمسكتم بالسلطة وعملتم على إقامة نظام دكتاتور ستمنحونها الصحة، ستصبح شعارات معبرة عن الواقع وسابقة له ومتقدمة على الجميع. وسنكون قد خسرنا الحرب حتى لو انتصرنا، وقد لا ننتصر أساسا.
حليم عباس
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: من أجل
إقرأ أيضاً:
إعلام عبري ..الجيش يواجه أكبر أزمة رفض منذ عقود
#سواليف
كشف تقرير إسرائيلي أن #جيش_الاحتلال يواجه أكبر #أزمة_رفض منذ عقود، إذ إن أكثر من 100 ألف إسرائيلي توقفوا عن أداء #الخدمة_الاحتياطية، ويرفض بعضهم الانضمام للحرب على قطاع #غزة بدوافع “أخلاقية”.
ورغم اختلاف الأسباب التي دعتهم لذلك، فإن حجم التراجع يُظهر تراجع شرعية الحرب على قطاع غزة.
وذكرت مجلة 972 الإسرائيلية أن الأرقام المتداولة حول عدد #جنود_الاحتياط الذين يبدون استعدادهم للخدمة العسكرية غير دقيقة، مشيرة إلى أن النسبة الحقيقية هي أقرب إلى 60%، بينما تتحدث تقارير أخرى عن نسبة تحوم حول 50% فقط.
مقالات ذات صلة مأساة جديدة في غزة.. إسرائيل تقتل 6 إخوة بضربة واحدة 2025/04/13وتشير المجلة إلى أنه “في فترة ما قبل الحرب، أصبح الحديث عن الرفض -أو بالأحرى “التوقف عن التطوع” للانضمام للجيش الاحتياطي- ميزة مهمة في الاحتجاجات الجماهيرية ضد التغيير القضائي الذي تقوم به الحكومة الإسرائيلية”.
وتضيف قائلة “في ذروة هذه الاحتجاجات، في يوليو (تموز) 2023، أعلن أكثر من ألف طيار وفرد من القوات الجوية أنهم سوف يتوقفون عن الحضور للخدمة ما لم تتوقف التعديلات القانونية، مما أدى إلى تحذيرات من كبار الضباط العسكريين ورئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) مفادها أن التعديلات القضائية تهدد الأمن الوطني”.
أسباب مختلفة
وبحسب اليمين الإسرائيلي -وفق ما تورده المجلة- فإن هذه التهديدات بالرفض لم تشجع حركة حماس فحسب على مهاجمة إسرائيل، بل أضعفت الجيش أيضا.
ووفق المجلة الإسرائيلية، فإن “الغالبية العظمى من أولئك الذين يتحدون أوامر التجنيد هم ممن يعرفون “بالرافضين الرماديين”، أي الأشخاص الذين ليست لديهم اعتراضات أيديولوجية حقيقية على الحرب ولكنهم أصبحوا بدلا من ذلك محبطين، أو متعبين، أو سئموا من استمرار الحرب لفترة طويلة جدا”.
وتحدثت المجلة عما سمته “أقلية ولكنها في تزايد” من المجندين الذين يرفضون الحرب في غزة على أساس أخلاقي.
ووفق ما ذكره إيشاي منوخين، وهو أحد قادة حركة الرافضين للحرب “يش غفول” (هناك حد) التي أسست خلال الحرب مع لبنان في عام 1982، فقد تواصل مع أكثر من 150 “رافضا أيديولوجيا للحرب” منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، بينما تعاملت “نيو بروفايل”، وهي منظمة أخرى تدعم الرافضين، مع مئات من هذه الحالات.
وأوضح منوخين أن السلطات العسكرية تتجنب وضع الرافضين في السجن “لأنها إذا فعلت، فقد تدفن نموذج (جيش الشعب)” الذي كانت تروج له، موضحا أن “الحكومة تفهم ذلك، ولذلك فإنها لا تضغط بقوة كبيرة. يكفي أن الجيش يقوم بفصل بعض المتطوعين، كما لو كان ذلك سيحل المشكلة”.