صحيفة التغيير السودانية:
2025-05-01@22:41:35 GMT

في جدل المعونة الأميركية

تاريخ النشر: 12th, February 2025 GMT

في جدل المعونة الأميركية

في جدل المعونة الأميركية

فيصل محمد صالح

منذ أن نفذ الرئيس الأميركي دونالد ترمب تهديده المسبق للوكالة الأميركية للتنمية الدولية «المعونة الأميركية» فأصدر في أيامه الأولى في المكتب البيضاوي قراراً بتجميد عملها لثلاثة أشهر، والجدل لم يتوقف حول أسباب القرار وانعكاساته على سياسة أميركا في العالم. ويشتد الجدل بعد قراره بإبعاد الموظفين الكبار، وتعيين وزير الخارجية مديراً مكلفاً لها، والأخبار تتزايد عن أن قراراً سيصدر بتصفيتها.

نشأت الوكالة الأميركية للتعاون الدولي في سبتمبر (أيلول) 1961 بقرار من الرئيس الأميركي جون كيندي. وكانت لقرار إنشاء الوكالة علاقة مباشرة بأجواء الحرب الباردة، حيث انتقل الصراع بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي لمرحلة استخدام القوة الناعمة بدلاً من المواجهة المسلحة. كانت الصين والاتحاد السوفياتي ودول المعسكر الشرقي تقدم مساعدات متنوعة لدول العالم الثالث، وكان لا بد للولايات المتحدة أن تستخدم المدخل ذاته لتحقق به منافع عدة، تقدم مساعدات إغاثية وتنموية وفنية للدول المحتاجة، وتقاوم المد السوفياتي، وتضمن لنفسها نفوذاً كبيراً وسط دول العالم.

ولفترة طويلة كانت الوكالة الأميركية هي رأس حربة النفوذ الأميركي في العالم كله، حيث انتشرت مكاتبها في نحو 100 دولة في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية والشرق الأوسط، ودول أوروبا الشرقية، ووصلت ميزانيتها لنحو 50 مليار دولار في العام مما جعلها أكبر مؤسسات العون في العالم. وتمثل ميزانيتها نصف ميزانية المساعدات الخارجية الأميركية لدول العالم. وتتنوع برامج الوكالة بين المساعدات الغذائية الطارئة إلى مكافحة الفقر، وبرامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والدعم الصحي وبرامج التطعيم، والمساعدات الفنية لبرامج البيئة، ودعم منظمات الأمم المتحدة. ما هي أسباب إغلاق الوكالة…؟

هناك بالتأكيد أسباب معلنة وأخرى غير معلنة. السبب الأساسي الذي قدمه الرئيس دونالد ترمب كان أن هناك أموالاً كثيرة يتم هدرها عبر الوكالة في المساعدات الخارجية، بينما هناك احتياج لهذه الأموال لصرفها في البرامج الداخلية، وهذا بالتأكيد جزء من برنامجه الداعي لتقليل مساهمات أميركا المالية في القضايا العالمية، بما في ذلك في المؤسسات التي تجمعه مع حلفائه، مثل حلف شمال الأطلسي «الناتو». كما حملت تصريحاته وتصريحات إيلون ماسك الذي عينه وزيراً للكفاءة الحكومية اتهامات للوكالة بأنها تقع تحت قبضة يسار متطرف، وأن من يديرونها «حفنة أشرار» وإن كان المأخذ الأساسي للجمهوريين المتطرفين أن الوكالة تعمل على نشر الأجندة الليبرالية في العالم، وأن هذا ليس من أولويات واشنطن. كما ظل الصراع يدور لسنين طويلة بين الديمقراطيين والجمهوريين حول وضع الوكالة، حيث يريد الديمقراطيون أن يعطوها قدراً من الاستقلالية، بينما يرغب الجمهوريون في إخضاعها بشكل مباشر للإدارة الحكومية، بخاصة وزارة الخارجية.

تأثير تجميد عمل الوكالة، وربما تمهيداً لتصفيتها أو إغلاقها، امتد مباشرة لمنظمات الأمم المتحدة المختلفة، مثل بعثات حفظ السلام، وبرامج دعم اللاجئين والنازحين، وبرامج التحصين ومكافحة الأمراض، ودعم برامج الدمقرطة وحقوق الإنسان، هذا إلى جانب الوقف الفوري والانسحاب من مجلس حقوق الإنسان، وصندوق الأمم المتحدة للسكان، ومنظمة دعم اللاجئين والنازحين الفلسطينيين «أونروا».

ومن المتوقع أيضاً الانسحاب من منظمة الصحة العالمية، ووقف دعم برامج البيئة والمناخ ومكافحة الفقر. كما سيتأثر برنامج الغذاء العالمي، «اليونيسيف»، والمفوضية السامية للاجئين. التقارير الموثقة تقول إن أكثر الدول المتضررة هي دول أفريقيا جنوب الصحراء، التي كانت قد استقبلت في العام الماضي 6.3 مليار دولار لمكافحة الفقر، بما في ذلك عيادات توفير الأدوية المجانية لمرضى الإيدز.

وفي أميركا اللاتينية تعتبر دول المكسيك، كولومبيا، كوستاريكا، غواتيمالا أكبر المتضررين، بخاصة برامج توطين المهاجرين. بعض المؤيدين لقرار ترمب لم ينطلقوا من منطلقاته ذاتها، بل فعلوا ذلك لأنهم يظنون أن القرار يضعف الناشطين السياسيين والمدنيين، وبالتالي يحقق فرصة للتيارات الأخرى والنظم الديكتاتورية لتتحرك بشكل أكبر، بينما هلل البعض للقرار باعتباره سيوقف التدخل الأميركي «الإمبريالي» في الشؤون الداخلية للدول. لكن المؤكد أن أكثر المتضررين هم الفقراء واللاجئون والنازحون وضحايا المجاعات وفشل الحكومات الفاسدة في العالم الثالث.

كل الاحتمالات الآن واردة، منها تقليل ميزانية المعونة الأميركية وترشيد برامجها ووقفها عن بعض الدول، مع إخضاعها لسلطة وزارة الخارجية، وهذا أخف الأضرار، بينما هناك احتمال تصفيتها بالكامل وحصر برامج المساعدات الخارجية في يد وزارة الخارجية، وهنا ستحدث أضرار كبيرة لم يتم حسابها حتى الآن.

* نقلاً عن صحيفة الشرق الأوسط

الوسومالسودان الشرق الأوسط الصين ايلون ماسك جون كيندي دونالد ترمب فيصل محمد صالح وكالة المعونة الأمريكية

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: السودان الشرق الأوسط الصين ايلون ماسك جون كيندي دونالد ترمب فيصل محمد صالح فی العالم

إقرأ أيضاً:

ترامب: نعمل على أفضل قانون ضرائب في تاريخ الولايات المتحدة

قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه ناقش مع قادة مجلس النواب الأمريكي قانون الضرائب الجديد، وأعرب عن أمله ألا يعرقل الديمقراطيون في مسار قانون الضرائب الجديد.

وأضاف ترامب، في تصريحات نقلتها قناة «القاهرة الإخبارية»: «سيكون لدينا أفضل قانون ضرائب في تاريخ الولايات المتحدة»، مؤكدًا: «نعمل على مشروع قانون يسمح بتخفيضات ضريبية هي الأعلى في تاريخ البلاد».

كما صرح ترامب: «وزير الخزانة الأمريكي يتفاوض الآن مع 200 دولة بشأن التعريفات الجمركية»، موضحًا: «الرسوم الجمركية ستجعل الولايات المتحدة أكثر ثراء».

وفي الشأن الصحي، قال ترامب: «لن نسمح للديمقراطيين بتدمير برامج الرعاية الصحية منخفضة التكلفة»، وأشار إلى أن «الديمقراطيين يسعون للقضاء على برامج الرعاية الصحية منخفضة التكلفة ونحن سننقذها».

واختتم الرئيس الأمريكي تصريحاته بالتشديد على ملف الهجرة، مؤكدًا: «لن نسمح بالهجرة إلى الولايات المتحدة إلا بالطرق الشرعية».

اقرأ أيضاً«رويترز»: ترامب يستثني الأردن من خفض المساعدات الخارجية

ترامب: تغيير الاقتصاد الأمريكي يحتاج إلى وقت ولن يتم في بضعة أيام

ترامب مازحا: أريد أن أكون البابا القادم للفاتيكان.. ما القصة؟

مقالات مشابهة

  • ترامب: نعمل على أفضل قانون ضرائب في تاريخ الولايات المتحدة
  • الصين تحشد العالم ضد واشنطن بينما يوسع ترامب صفقاته التجارية
  • «رويترز»: ترامب يستثني الأردن من خفض المساعدات الخارجية
  • رويترز: الأردن يظفر بإعفاء من خفض ترامب للمساعدات الخارجية
  • ترمب يستثني الأردن من خفض المنح الأميركية الخارجية
  • وزارة الخارجية: الجمهورية العربية السورية تؤكد رفضها القاطع لجميع أشكال التدخل الخارجي في شؤونها الداخلية
  • الرئيس الصيني: اقتصادنا يجب أن يتكيف مع التغيرات الخارجية
  • رايتس ووتش: إعادة هيكلة الخارجية الأميركية تهدد حقوق الإنسان عالميا
  • الشيباني يلتقي مسؤولين من الخارجية الأميركية في نيويورك
  • رويترز: كيف تطورت الضربات الأميركية ضد الحوثيين في اليمن