تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يختتم الأقباط الأرثوذكس اليوم الأربعاء الموافق 12 فبراير «صوم يونان»، أو كما يطلق عليه «صوم نينوى»، وكلمة "نينوي" تشير إلى عاصمة الآشوريين قديماً، ويحتل هذا الصوم مكانة روحية كبيرة لدى الأقباط، حيث يرمز إلى قيامة السيد المسيح من الأموات وفدائه البشرية- وفق المعتقد المسيحي- ولذلك وضعت الكنيسة القبطية هذا العيد ضمن الأعياد السيدية الكبيرة، أي في حكم أصوام المرتبة الأولى، فيصام انقطاعياً على مدار 3 أيام إلى ساعات الغروب، ولا يأكل خلاله الأقباط الأسماك والمأكولات الحيوانية، يكتفون فقط بالبقوليات والمأكولات النباتية.



ومن المعتاد أن يأتي هذا الصوم قبل الصوم الكبير بـ 15 يوما، وتعتمد الكنائس على تحديد كل من العيدين على دورة القمر التي حددت في مجمع نيقية، ولكنه يحدد بطريقة حسابية ليست فلكية كما في الأعياد الإسلامية، صوم يونان قديماً يُصام لمدة 6 أيام متواصلة، ولكن غالبية الكنائس الشرقية أبقت الصوم على 3 أيام، عدا كنيسة الروم الأرثوذكس حيث تصوم ٦ أيام متتالية، وبالنسبة للكنائس الأرثوذكسية البيزنطية مازالت لا تعترف به حتى الآن.

ويقع الصوم دوماً خلال أيام «الإثنين والثلاثاء والأربعاء»، يتم تحديده وفقًا لموعد عيد القيامة، يتم تحديد موعد عيد القيامة المجيد بناءً على حساب فلكي يعتمد على التقويم القمري، حيث يكون عيد القيامة في أول أحد بعد اكتمال القمر «البدر» الذي يلي الاعتدال الربيعي «21 مارس». 

ويجب ألا يتزامن مع عيد الفصح اليهودي، لذا قد يتأخر أسبوعًا إذا صادف نفس التوقيت. 


قصة يونان

وترجع قصة الصوم إلى سفر يونان النبي وهو خامس أسفار الأنبياء الصغار في التوراة وعدد إصحاحاته ٤ فقط، وبشكل وجيز فكان النبي يونان من مواليد إسرائيل وقد دعاه الله ليحمل رسالة التوبة إلى مملكة أشور التي كانت عاصمتها نينوى «مكانها في العراق حالياً»، وهي المملكة التي قامت بتدمير مملكة إسرائيل في سنة 722 ق.م، وكانت هذه الأمة وثنية حيث كانوا يعبدون آلهة كثيرة ومنها «عشتروث» وكثرت شرورهم جداً؛ مما دعي الله لأن يكلف يونان النبي ويرسله إليهم؛ ليخبرهم عن شرورهم ويبشرهم بالله والدعوة للسير في سبله.

ولكن كانت المفاجأة بأن يونان النبي هو من تهرب من دعوه الله؛ فحاول الهرب من الله على ظهر سفينة بمدينة «يافا»؛ اعتقاداً منه أنه بذلك قد هرب من قبضة الله، فأحدث الله ريحا شديدة وهاج البحر على من في السفينة، وقالوا يوجد أحدنا صاحب مصيبة وضربوا قرعة لمن صاحب هذه البلية فجاءت القرعة على يونان النبي، وأُلقي يونان إلى أعماق البحر من قبل ركاب السفينة؛ وأعد الله له حوتاً كان في انتظاره ليبتلعه وأبتلعه بالفعل، مكث في بطنه ثلاثة أيام، وفي الأخير لفظه الحوت ورماه على ساحل البحر.فاقتنع يونان بأن ذلك كان عقاباً له لعصيانه أمر الرب، فانطلق إلى نينوى وأنذر سكانها بخراب مدينتهم العظيمة وغادرها إلى ظاهرها وهو ينتظر خرابها فكان أن صامت المدينة بأسرها وتابت، حتى الصغار والحيوانات صاموا، فغفر الرب لهم وعفا عن سيئاتهم، إلا أن يونان اغتم لذلك متوهما بأن مصداقيته لدى أهل المدينة اهتزت فظل في مكانه مغتماً وهو يراقب المدينة وكان الجو حاراً عندما غفا ، فأنبت الرب يقطينة نمت بسرعة وظللته فارتاح، إلا أنه وهو نائم أيبس الرب اليقطينة فضربت الشمس رأس يونان فاستيقظ مزعوجاً، فخاطبه الرب قائلاً : «إذا كنتَ قد حزنت على يقطينة إشفاقاً عليها ، أفلا أشفق أنا على مدينة عظيمة كنينوى يقطنها هذا العدد الكبير من الناس؟». 

وذكرت قصة يونان كذلك في القرآن الكريم، ويُشار إليه باسم «ذو النون» أو «يونس» وبشكل عام تتشابه قصة يونس مع قصة يونان بالتوراة في المضمون والأحداث، حيث تضمنت كذلك إرسال الله ليونس «يونان» إلى قومه، ورفضه تنفيذ الأمر في البداية، ثم ابتلاعه من قبل الحوت، وتوبته، وأخيرًا قبول الله لتوبة قومه. 

وتلك القصة تحمل دلالات روحية عديدة لدى كل المؤمنين حيث يضرب بها المثل في التوبة والرجوع إلى الله والرحمة الإلهية. 

وتطلق الكنائس الكاثوليكية الشرقية والكنائس الإرثوذكسية الشرقية بما فيهم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، على عيد يونان «فصح يونان»، والفصح هنا كلمة عبرانية تعني العبور، وتشير في اليهودية إلى عبور اليهود البحر الأحمر بقيادة موسى النبي، وفق سفر الخروج في التوراة وخلد اليهود هذه الواقعة باحتفالهم «بعيد الفصح»، ومن ثم أطلقت الكنائس الشرقية على عيد يونان بعيد الفصح كرمزاً لقصة المسيح، حيث شبهة بشارة ودعوة يونان لأهل نينوى التي ترتب عليها هدى أهل المدينة، بقصة السيد المسيح المذكور في الأناجيل الأربعة التي تتمحور حول تقديم المسيح نفسه كأضحية من أجل البشرية، حيث نقلهم من الموت والجحيم الحتمي إلى الملكوت والسعادة الأبدية، كما يرمز أيضاً بواقعة  بقاء يونان في بطن الحوت لمدة ثلاثة أيام ومن ثم خروجة، بموت المسيح وبقائه في القبر لمدة ثلاثة أيام ومن ثم قيامته وفق المعتقد المسيحي.

وقبل أن ترمز الكنائس بقصة يونان بقصة المسيح؛ فقد أرمز السيد المسيح نفسه بقصة يونان بقوله: لأنه كما كان يونان آية لأهل نينوى، هكذا يكون ابن الإنسان لهذا الجيل) (لوقا11:30), وقال: (لأنه كما مكث يونان ثلاثة أيام وثلاث ليال في جوف الحوت، كذلك يمكث ابن الإنسان ثلاثة أيام وثلاث ليال في جوف الأرض) (متى12:40)

وبذلك يكون عيد يونان هو العيد الوحيد بين أعياد الكنيسة القبطية الذي يطلق عليه «فصح».

الصوم تاريخياً

يذكر لنا المطران إسحق ساكا النائب البطريركي العام في كتابه «السريان إيمان وحضارة» أن ذلك الصوم جاء بعد أن أصاب الناس في بلاد فارس والعراق وخاصة منطقة نينوى مرض يُسمّى «الشرعوط»، وهو لفظ سرياني يعني «الطاعون أو الوباء»؛ فخلت مدن وقرى كثيرة من الناس، حتى اضطر الملك كسرى أنوشروان أن يستأجر رجالاً لدفن الموتى من كثرتهم؛ فقرّر رعاة الكنائس المشرقية في تلك البلدان أن يصوم المؤمنون لمدة 3 أيام ونادوا باعتكاف، وتوبة قوية نسجًا على منوال أهل نينوى وسُمِّي «صوم نينوى» لأن المؤمنين الذين صاموه أولاً كانوا يقطنون في أطراف نينوى، حسب البحث المنشور للقس باسيليوس صبحي في مجلة «الكرازة».

وبالنسبة لبداية صوم الكنيسة القبطية بصوم يونان فجاء ذلك بعدما أتفق البابا إبرآم بن زرعة «البابا 62 من بابوات الكرازة المرقسية»، الذي كان سريانياً الأصل مع الكنيسة السريانية على هذا الصوم بدافع المحبة والوحدة؛ ليكون هناك تقارب في الأعياد كما يوجد بينهما الائتلاف في العقيدة الأرثوذكسية، وذلك حسب كتاب «قطمارس الصون الكبير»، ويرجع البعض توقيت الصوم الواقع في فترة ما بعد عيد الغطاس وقبل الصوم الكبير، إلى أنها تعد تنبيها للنفس بالتوبة وضبط الشهوات تمهيدًا لاستقبال الصوم الكبير.

وعندما جاء البابا غبريال الثامن، البطريرك الـ97 من بطاركة الكنيسة، والذي جلس على الكرسي البابوي في الفترة من (1587- 1603م)، أمر بألا يُصام؛ «صوم يونان»، ولكن لم يسمع له الأقباط، ومازال الصوم يُصام حتى الآن، وكما أخذ الأقباط الصوم أخذه أيضاً الأرمن عن الكنيسة السريانية ولكن قبل الأقباط بزمن بعيد ولم يزالوا يصومونه ستة أيام على ما كان جارياً في كنيسة الرها وبلاد شميشاط وملطية ويسمى عندهم صوم القديس سركيس لوقوع عيده في نهايته. 

القديس سركيس هذا قائد استشهد في النصف الأخير من الجيل الرابع وهو غير سركيس رفيق باخوس الذي استشهد بالرصافة سنة «303م» وحكاية القديس هذا المسمى صوم نينوى باسمه عند الأرمن وصلت إليهم عن مصدر سرياني على هذا الوجه، في الجيل الثاني عشر كان راهب في دير اختمار يدعى جورجي، هذا كتب رسالة إلى نرسيس الجاثاليق الذي كان في كيليكية لكي يبعث إليه بقصة مار سركيس ولما لم يجد الجاثاليق هذه القصة بين كتبه، كتب إلى دير مار برصوما للسريان الواقع بجوار ملطية يطلب هذه القصة فنقلها له أحد رهبان الدير المذكور إلى الأرمنية وربما أن لغته كانت ركيكة اضطر الجاثاليق أن ينقحها بقلمه ومن ثم أرسلها إلى الراهب جورجي المذكور بدير اختمار.
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: أقباط الإرثوذكس الاقباط الارثوذكس الارثوذكس الصوم الكبير الكنيسة القبطية صوم يونان صوم نينوي الکنیسة القبطیة یونان النبی ثلاثة أیام صوم یونان ومن ثم

إقرأ أيضاً:

رمزاً للمسيح.. الكنيسة تختتم اليوم صوم يونان النبي

تختتم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية اليوم الأربعاء الموافق 12 فبراير “صوم يونان النبي” المعروف أيضا “بصوم نينوى” الذي استمر لمدة 3 أيام، احتفالا بقصة يونان الذي يعد رمزا للسيد المسيح، بحسب الاعتقاد المسيحي.

ختام صوم يونان النبي 

ويعد صوم يونان أو صوم نينوي صوم اعتاد الأقباط على صيامه قبل 15 يوما من الصوم الكبير وهو "صوم القيامة"، وتنظر الكنيسة إلى قصة يونان وتتعلق بوجود يونان النبي في بطن الحوت لمدة 3 أيام، على أنها رمز لقصة السيد المسيح مثلما صلبه وفى اليوم الثالث قام من الأموات، وعقب انتهاء الصيام تحتفل الكنيسة غدا الخميس الموافق 13 فبراير بـ “فصح عيد يونان” وكلمة فصح تعنى العبور وأطلقت في العهد القديم علي عيد الفصح اليهودي.

ويصوم الأقباط يوميا من منتصف الليل وحتى موعد خروج القداس الإلهي الذي يقام بعد الظهر، ويأتي صوم يونان قبل بدء الصوم الكبير للكنيسة بأسبوعين كاملين، وهو الصوم الذي يستمر لمدة 55 يوما وينتهي بعيد القيامة المجيد.

قصة يونان النبي 

وتبدأ قصة يونان النبي، عندما كلفه الله بالذهاب إلى نينوى، والمناداة بهلاكها، وكانت نينوى عاصمة كبيرة فيها أكثر من 120000 نسمة، ولكنها كانت أمية وجاهلة وخاطئة جدا، وتستحق الهلاك، ولكن يونان أخذ يفكر في الموضوع: سأنادي على المدينة بالهلاك، ثم تتوب، ويتراءف الله عليها فلا تهلك، ثم تسقط كلمتي، ويكون الله قد ضيع كرامتي على مذبح رحمته ومغفرته، فالأفضل أن أبعد عن طريقه المضيع للكرامة.

وهكذا وجد سفينة ذاهبة إلى ترشيش، فنزل فيها وهرب لم يكن يونان من النوع الذي يطيع تلقائيا، إنما كان يناقش أوامر الله الصادرة إليه، ويري هل توافق شخصيته وذاته أم لا.

الكنيسة الأرثوذكسية تواصل صلوات قداسات ثاني أيام صيام يونان النبيتمهيدا لـ "الصوم الكبير" .. الكنيسة تبدأ أول أيام صيام يونان اليوملمدة 3 أيام.. الكنيسة تستعد لبدء صوم يونان 10 فبراير الجاري| تعرف عليهتفاصيل مشاركة فيلم يونان في مهرجان برلين السينمائي الدولي

ظل في بطن الحوت ثلاثة أيام واستقل السفينة وهو يعلم أن الله هو إله البحر، كما أنه إله البر أيضا، ولم يشأ الله أن يصل يونان إلى ترشيش، وإنما أمسكه في البحر، وهيج الأمواج عليه وعلى السفينة كلها، والعجيب أن يونان كان قد نام في جوف السفينة نوما عميقا، لا أيقظه الموج، ولا صوت الأمتعة وهي تلقى في الماء، ولا صوت ضميره.

وهكذا أمر الله الرياح، فهاج البحر، وهاجت أمواجه، وصدمت السفينة حتى كادت تنقلب وازداد هيجان البحر لأن أمر الرب كان لابد أن ينفذ وبكل سرعة وبكل دقة.

وتصرف ركاب السفينة بحكمة وحرص شديدين، وبذلوا كل جهدهم الفني، وصلوا كل واحد إلى إلهه وألقوا قرعا ليعرفوا بسبب من كانت تلك البلية، فأصابت القرعة يونان.

وحاول البحارة إنقاذ يونان بكافة الطرق فلم يستطيعوا، واعترف يونان أنه خائف من الله الذي صنع البحر والبر، فقالوا له: إن كنت خائفا منه حقا، نفذ مشيئته.. وماذا نصنع بك ليسكن البحر عنا؟.. فأجابهم: خذوني واطرحوني في البحر.

وعلى الرغم من كل هذه الإنذارات والضربات الإلهية، لم يرجع يونان، ولم يقل أخطأت يا رب في هروبي، فضل أن يلقي في البحر، ولا يقول أخطأت.

وألقي يونان في البحر، وأعد الرب حوتا عظيما فابتلع يونان، وفي جوف الحوت وجد يونان خلوة روحية هادئة، وظل في بطن الحوت ثلاثة أيام، قبل أن تطرحه على شاطئ نينوى حسبما أراد الله.

مقالات مشابهة

  • الكنيسة الأرثوذكسية تحتفل بآخر أيام صوم يونان.. ما قصته؟
  • الأقباط الأرثوذكس يختتمون صوم يونان
  • رمزاً للمسيح.. الكنيسة تختتم اليوم صوم يونان النبي
  • الكنيسة الأرثوذكسية تواصل صلوات قداسات ثاني أيام صيام يونان النبي
  • الكنيسة تبدأ صوم يونان لمدة ثلاثة أيام.. اعرف تاريخه
  • كنيسة روح القدس على شكل سفينة يونان في نينوى بالعراق
  • عدم تناول السمك في صوم يونان.. "قصه وعبرة"
  • تمهيدا لـ الصوم الكبير .. الكنيسة تبدأ أول أيام صيام يونان اليوم
  • تسليط الضوء على صوم نينوى وتأملات في مسيرة يونان النبي وأهل المدينة التاريخية