ترامب يتحدى شي وبوتين في "لعبة السلطة"
تاريخ النشر: 12th, February 2025 GMT
في قاعة الروتوندا المزدحمة بمبنى الكابيتول الأمريكي، حيث اقتحم أنصاره المكان قبل أربع سنوات في محاولة لإعادته إلى السلطة، بدا أن الرئيس دونالد ترامب سيعلن الحرب على كل ما سبق.
ومع ذلك، كان خطابه الناري في حفل تنصيبه الثاني في 20 يناير (كانون الثاني) بعيداً عن كونه خارج السياق التاريخي، بل على العكس، فقد جسَّد الغرائز الأصلية لقوة عظمى معزولة جغرافياً تسعى الآن إلى إعادة التفاوض على هيمنتها العالمية وترسيخ موقعها بالقرب من الوطن، بحسب تقرير تحليلي في مجلة "نيوزويك".تشمل خطط ترامب الطموحة لبدء حقبة جديدة من السلام والقوة والازدهار تقليل التدخل في الصراعات الخارجية، مع تعزيز النفوذ في نصف الكرة الغربي، حيث يسعى إلى إعادة التفاوض على العلاقات مع كندا والمكسيك، والمطالبة بالسيطرة على غرينلاند وقناة بنما. نهج قديم
من خلال ذلك، يقترح الرئيس العودة إلى نهج السياسة الخارجية الذي كان أكثر شيوعاً عند تأسيس الأمة عقب تمردها ضد الإمبراطورية البريطانية المتوسعة قبل نحو 250 عاماً، وهو نهج لم يتغير إلا خلال القرن الماضي، لا سيما في قرارات التدخل في الحربين العالميتين الأولى والثانية.
اليوم، وبينما يقف العالم على شفا صراع عالمي جديد، مع احتدام الحرب في أوروبا وتصاعد التوترات في آسيا، من الشرق الأوسط إلى منطقة المحيطين الهندي والهادئ، قد تكون علاقات ترامب مع رجلين يُعتبران أبرز منافسي الهيمنة الأمريكية عالمياً هي الأكثر أهمية. يعتزم ترامب التفاوض مباشرة مع الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإعادة ضبط دور الولايات المتحدة في نظام عالمي متداعٍ، وتحديد مناطق النفوذ، وفرض عقيدته المميزة "السلام من خلال القوة".
وفقاً لألكسندر غراي، الذي شغل سابقاً منصب نائب مساعد ترامب ورئيس هيئة الأركان بمجلس الأمن القومي، فإن هذه العقيدة تقوم على "استخدام أقصى قوة وطنية لخلق الردع، واستغلال قوة أمريكا لتسهيل المفاوضات دائماً من موقع قوة لتعزيز المصالح الأساسية للولايات المتحدة".
"Talking directly to our adversaries from a position of strength" is a way Trump can ensure peace, according to a former official. https://t.co/XBZMHJA2WO
— Newsweek (@Newsweek) February 12, 2025وأضاف غراي، الذي يشغل الآن منصب زميل أقدم في مجلس السياسة الخارجية الأمريكية بواشنطن، في حديثه لـ"نيوزويك": "دروس الجغرافيا السياسية قبل عام 1914 عديدة، لكنها تشمل أهمية التواصل المفتوح بين القوى العظمى لتجنب سوء الفهم بشأن النوايا، حيث يمكن تفسير القدرات بشكل خاطئ؛ وضرورة تجنب التحالفات المتشابكة التي لم تعد تخدم المصالح الوطنية الأساسية؛ وأهمية تركيز الموارد العسكرية في مسارح الصراع المحتملة لأغراض الردع بدلاً من نشر الموارد النادرة على نطاق واسع كما فعلت المملكة المتحدة".
وأضاف غراي: "كل هذه الدروس تنطبق على الوضع الحالي. يمكن للرئيس أن يضمن السلام، كما فعل في ولايته الأولى، من خلال إعادة بناء القدرات الدفاعية الأمريكية والتحدث مباشرة إلى خصومنا من موقع قوة".
كما هو الحال مع العديد من توجهات ترامب غير التقليدية، فإن إعادة هيكلته الجذرية للسياسة الخارجية الأمريكية أثارت انقساماً حاداً. فبينما يرى البعض في واشنطن أن دورها كحارس لقيم الديمقراطية الليبرالية على مستوى العالم أمر ضروري، يعتبر آخرون أن سياسات ترامب، مثل الكشف عن أنشطة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية والتشكيك في الدعم العسكري المفتوح لأوكرانيا، خروجاً عن المسار المألوف.
لكن هذا النهج يحظى بدعم قطاع كبير من الناخبين، بمن فيهم من يسعون إلى إعادة تركيز السياسة الأمريكية على الداخل. يقول ستيوارت باتريك، مدير برنامج النظام العالمي والمؤسسات في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي: "في نواحٍ عديدة، يعيد دونالد ترامب الولايات المتحدة إلى نهج السياسة الخارجية الذي اتبعته لمعظم تاريخها حتى الحرب العالمية الثانية. هذه سياسة قومية سيادية تركز على نصف الكرة الغربي، وتتخلى عن أي ادعاء بالقيادة العالمية أو تحمل مسؤولية دعم النظام الدولي والدفاع عن القانون الدولي".
Trump, Putin, Xi and the new age of empire https://t.co/eo7DUUhBC3 | opinion
— Financial Times (@FT) February 10, 2025وأضاف باتريك أن هذا التحول "يُثير القلق بين القادة الإقليميين الذين اعتادوا على قوة عظمى قريبة كانت في الغالب تُمارس نفوذها في أماكن أخرى من العالم". في هذه الأثناء، واصلت بكين وموسكو تعزيز نفوذهما في نصف الكرة الغربي، حيث عززت الصين علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية بشكل غير مسبوق، بينما تسعى روسيا إلى إعادة إحياء شراكات حقبة الحرب الباردة كوسيلة لمواجهة توسع الناتو في أوروبا.
"انهيار النظام"في تخلّيه عن تصدير القيم الأمريكية إلى الخارج، وهو المسعى الذي انتهجته الإدارات السابقة من خلال مبادرات القوة الناعمة والتدخلات العسكرية، يبدو أن إحياء ترامب لمفهوم "القدر المتجلي" يتماشى مع توجهات بكين وموسكو، وكلاهما يسعى إلى استعادة أراضٍ تعتبرها واشنطن تحت حمايتها.
في مقال نُشر عبر السفارة الروسية في الولايات المتحدة، شبّه دميتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي والرئيس الروسي السابق، رغبة الصين وروسيا في استعادة أراضيهما بادعاءات اليابان العسكرية في القرن العشرين. وقال ميدفيديف: "إذا استمرت أوكرانيا في مسارها العدواني المعادي لروسيا، فإنها تخاطر بالاختفاء من الخريطة تماماً".
A pact to reshape global security might appeal to Donald Trump, Vladimir Putin and Xi Jinping. It would also strike fear into many of the US’s democratic allies in Europe and Asia https://t.co/7CK54YMtU9
— Bloomberg (@business) February 12, 2025أما بالنسبة للصين، فإن بكين ترى أن تايوان جزء لا يتجزأ من أراضيها، وترفض أي محاولات مدعومة من الغرب لإنشاء هوية منفصلة لها. وأوضح دا وي، مدير مركز الأمن والاستراتيجية الدولية بجامعة تسينغهوا في بكين: "ما يقوله ترامب وفريقه بشأن السياسة الخارجية يشبه إلى حد كبير سياسة ما قبل 100 عام، وهو أمر يتعارض مع القواعد والمعايير التي قبلتها الدول بعد الحرب العالمية الثانية".
وأضاف: "النظام العالمي القائم ليس مجرد نظام ذو قواعد، بل هو نظام قادته الولايات المتحدة كقوة مهيمنة، وتم ترسيخه من خلال المؤسسات الدولية التي تأسست بعد الحرب العالمية الثانية وتوسعت بعد الحرب الباردة". وحذر من أن تهديدات ترامب بفرض رسوم جمركية على الصين وتايوان قد تؤدي إلى انهيار النظام الدولي.
يرى البعض أن قادة مثل شي وبوتين قد يستغلون هذه اللحظة لتحقيق مكاسب تكتيكية من رئيس أمريكي يتبنى نهجاً قائماً على المعاملات. ومع ذلك، كما يوضح علي وين، مستشار الأبحاث والدعوة في مجموعة الأزمات الدولية، فإنهم يدركون أيضاً أن ترامب لديه فقط أربع سنوات لإحداث هذا التحول، وهو ما قد يؤثر على حساباتهم.
وأضاف وين: "في حين أن الرئيس ترامب يتبنى سياسة خارجية أكثر عدوانية في نصف الكرة الغربي، إلا أنه يفعل ذلك ضمن مفهوم يبدو أقرب إلى ما بعد الأحادية القطبية". وأشار إلى أن مسؤولين كباراً في إدارته، مثل نائب الرئيس جي دي فانس ووزير الخارجية ماركو روبيو، يرون أن العالم أصبح أكثر تعددية قطبية.
In a rambling two-hour interview on X that was delayed by glitches, Trump also praised the leaders of China, Russia and North Korea as 'at the top of their game' https://t.co/IKkvt3ksyS pic.twitter.com/QQYPDM6xv9
— Financial Times (@FT) August 13, 2024بالنسبة لألكسندر غراي، فإن "تركيز ترامب المتزايد على نصف الكرة الغربي أمر طال انتظاره". وأضاف: "منذ عام 1945، لكن بشكل خاص منذ عام 1991، تعاملت الولايات المتحدة مع نصف الكرة الغربي على أنه مجرد فكرة ثانوية".
وقال إن "اهتمام الرئيس بقضايا مثل أمن الحدود والهجرة، وكذلك تعريفه الأوسع للمصالح الإقليمية ليشمل غرينلاند والمنطقة القطبية، يمثل تغييراً مرحباً به بعد عقود من الانشغال الأمريكي بمسارح أخرى".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام المجتمع اتفاق غزة سقوط الأسد إيران وإسرائيل القمة العالمية للحكومات غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية ترامب الصين روسيا السیاسة الخارجیة إلى إعادة من خلال
إقرأ أيضاً:
الخارجية الروسية : السياسة الأمريكية تقوض نظام منع الانتشار النووي الدولي
الثورة نت/..
حذر نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف، اليوم الإثنين، من أن سياسة الولايات المتحدة تقوض نظام منع الانتشار النووي الدولي.
وقال ريابكوف في مؤتمر صحفي عقد في موسكو، أن “السياسة التي تنتهجها واشنطن تشكل تحديا كبيرا لمنع انتشار الأسلحة النووية على مستوى العالم ، فمن ناحية، نشهد ضعفا واضحا في السيطرة على الأسلحة النووية، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى مشاركة دول حلف شمال الأطلسي وحلفاء آخرين للولايات المتحدة في ما يسمى بالمهام النووية المشتركة ومهام التخطيط النووي الجماعي ، ومن ناحية أخرى، تستغل هذه الدول نفسها معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية – وخاصة عملية مراجعتها – لتحقيق أهداف سياسية لا علاقة لها بمنع انتشار الأسلحة النووية” .
وفيما لفت الدبلوماسي الروسي إلى أن “المجموعة الغربية تحاول تحويل معاهدة منع الانتشار إلى أداة للضغط على الدول غير المرغوب فيها”، أشار إلى أن “الوضع حول معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية لا يزال معقدا. والسبب في ذلك هو الموقف المدمر للولايات المتحدة”.