الأعراف والتقاليد بين زمنين.. الأصالة والمعاصرة
تاريخ النشر: 12th, February 2025 GMT
علي بن سهيل المعشني (أبو زايد)
asa228222@gmail.com
تُعد الأعراف والتقاليد من أبرز السمات التي تُحدد هوية المجتمعات وتُشكّل سلوكيات أفرادها؛ فهي بمثابة البوصلة التي ترشد الأفراد إلى الطرق الصحيحة للتعامل مع بعضهم البعض، وتُحدد ما هو مقبول وما هو مرفوض في إطار المجتمع. ومع مرور الزمن، تتعرض هذه الأعراف والتقاليد لتغيرات وتحديات، خاصةً في ظل التطورات الاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية التي يشهدها العالم.
في هذا المقال، سنتناول الأعراف والتقاليد بين زمنين: زمن الأصالة والثبات، وزمن التغير والتحول. وخطر الاغتراب الثقافي.
في الماضي، كانت الأعراف والتقاليد تُشكّل الإطار الثابت الذي يحكم حياة الأفراد والمجتمعات. كانت هذه التقاليد تنتقل من جيل إلى آخر بشكل شفهي أو من خلال الممارسات اليومية، وكانت تتمتع بقوة كبيرة في توجيه سلوكيات الأفراد. في هذا الزمن، كانت المجتمعات أكثر انغلاقًا وأقل تعرضًا للتأثيرات الخارجية، مما سمح للأعراف والتقاليد بالحفاظ على شكلها الأصلي لفترات طويلة.
في الماضي، كانت الأسرة والمجتمع المحلي هما المصدر الرئيسي لتعليم الأفراد الأعراف والتقاليد. كانت الأسرة تلعب دورًا محوريًا في غرس القيم الأخلاقية والاجتماعية في نفوس الأبناء، بينما كان المجتمع المحلي يُشكّل البيئة التي يتم فيها تطبيق هذه القيم. على سبيل المثال، كانت السنن والأعراف والقيم وكثير من السلوكيات التي تحكمها منظومة الأعراف والتقاليد، تُحدد بشكل دقيق من قبل المجتمع.
في زمن الأصالة، كانت الأعراف والتقاليد تُعتبر الوسيلة الرئيسية للحفاظ على الهوية الثقافية للمجتمع. كانت هذه التقاليد تُشكّل الدرع الذي يحمي المجتمع من التأثيرات الخارجية، مما يُسهم في الحفاظ على تماسكه ووحدته. على سبيل المثال، كانت اللغات المحلية، والفنون الشعبية، والاحتفالات التقليدية تُعتبر جزءًا لا يتجزأ من التراث الثقافي الذي يتم تناقله عبر الأجيال.
ومع التطورات السريعة التي يشهدها العالم اليوم، بدأت الأعراف والتقاليد تواجه تحديات كبيرة. ففي ظل العولمة، والتطور التكنولوجي، والانفتاح الثقافي، أصبحت المجتمعات أكثر تعرضًا للتأثيرات الخارجية، مما أدى إلى تغير بعض التقاليد القديمة وظهور تقاليد جديدة.
وقد أدت العولمة إلى زيادة التفاعل بين الثقافات المختلفة، مما أدى إلى تآكل بعض التقاليد المحلية. فمع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت، أصبح الأفراد يتعرضون لتأثيرات ثقافية متنوعة، مما أدى إلى تغير بعض المفاهيم والقيم. على سبيل المثال، بدأت التحديات التي تواجه الأجيال الشابة اليوم صراعًا بين التمسك بالتقاليد القديمة وتبني القيم الحديثة. فمن ناحية، يُريد الشباب الحفاظ على هويتهم الثقافية وتراثهم، ومن ناحية أخرى، يسعون إلى التكيف مع متطلبات العصر الحديث. هذا الصراع قد يؤدي إلى حالة من الاغتراب الثقافي، حيث يشعر الشباب بأنهم لا ينتمون تمامًا إلى الماضي ولا إلى الحاضر.
وفي ظل هذه التحديات، بدأت بعض المجتمعات تعمل على إعادة صياغة تقاليدها لتتلاءم مع متطلبات العصر الحديث. فبدلاً من التخلي الكامل عن التقاليد القديمة، يتم دمجها مع القيم الحديثة لإيجاد توازن بين الأصالة والمعاصرة.
وتسببت التكنولوجيا في تغيير العديد من التقاليد الاجتماعية، خاصة تلك المتعلقة بالتواصل والتفاعل الاجتماعي. فمع انتشار الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي، تغيرت طرق التواصل بين الأفراد، مما أدى إلى ظهور تقاليد جديدة تتعلق بالتفاعل عبر الإنترنت.
إنَّ الأعراف والتقاليد تُشكّل جزءًا لا يتجزأ من هوية المجتمعات، وهي تتعرض لتغيرات كبيرة بين زمنين: زمن الأصالة والثبات، وزمن التغير والتحول. في الماضي، كانت التقاليد تُشكّل الإطار الثابت الذي يحكم حياة الأفراد، بينما في العصر الحديث، تواجه هذه التقاليد تحديات كبيرة بسبب العولمة والتطور التكنولوجي. ومع ذلك، فإن المجتمعات تُحاول إيجاد توازن بين الحفاظ على تقاليدها الأصيلة والتكيف مع متطلبات العصر الحديث. بهذه الطريقة، يمكن للأعراف والتقاليد أن تظل عاملاً إيجابيًا في بناء مجتمعات قوية ومتماسكة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ألغام مزروعة ضد الأفراد في القاع ومطر يحذر: المحافظة ستصبح سورية!
كتبت" النهار": بالغ الخطورة ما يجري في القاع. هكذا يُحذّر رئيس بلدية القاع بشير مطر من التطورات الأخيرة. صحيح أنها ليست المرة الأولى تتأثر البلدات الحدودية بـ"خضّات" دول الجوار، لكنها المرة الأولى يتم العثور على ألغام مضادة للأفراد.يخبر مطر أنها "المرة الأولى نعثر على هذا النوع من الألغام ضد أفراد، مزروعة في حقل خس، وعملت سرية الهندسة في اللواء التاسع في الجيش على تفكيكها. هذه الألغام لا يملكها إلا الجيوش". وإذ يكشف أن "الجيش يواصل تحقيقاته ومسح الحقول"، يعتبر أن "التهديد باللغم أمر جديد. إنها ألغام ضد الأفراد، ولا أعرف ما إذا كان ثمة ألغام أيضا ضد الآليات. هي تشكل تطورًا خطِرًا للغاية، وتلحق الأذى بشاغل الأرض وتهدّد البلدة. لقد اعتدنا التهديد بالسلاح وحتى بالقنابل اليدوية، لكن استخدام الألغام العسكرية يطرح تساؤلات خطيرة، أولها من يمتلك القدرة على الوصول إلى مثل هذه الألغام؟ ومن لديه الخبرة في التعامل معها؟"
والأهم، وفق مطر، أنه "إذا كانت هذه الألغام وغيرها من الأسلحة متوافرة بكثرة في أيدي السوريين الموجودين على أرضنا، فماذا نعمل عندها؟".
من يمتلك القدرة على الوصول إلى هذه الألغام؟ نناشد الدولة التدخل فورا، وإلا سنصبح مهجرين، والمحافظة اللبنانية ستصبح سورية!
ويتوقف عند مسألة ثانية لا تقل خطورة، هي أن "السوريين يستطيعون دخول سوريا والعودة منها بأريحية كبيرة، وساعة يريدون. هم يقودون سيارات بوكالات تعود إلى أعوام، فيما اللبناني لا يسمح له بقيادة سيارة بالوكالة، إلا لشهرين فقط. بعضهم لا يملكون إقامة، وآخرون غير مسجلين. إنها فوضى عارمة بكل ما للكلمة من معنى".
ويشير إلى أن "البعض إذا حاول استثمار الواقع الجديد نتيجة هذا الكمّ من الوجود السوري، كيف نلجمه؟ بعد الزهوة بالانتصار صارت الأمور مع الجانب السوري أصعب".
وصولا إلى التهريب، لا يقل الأمر إشكالية، وخصوصا تهريب المازوت الذي يشكلّ تهديدا مباشرا. يقول مطر: "كأن الدولة مشرّعة الأمر و"مستحية"، ولا تقوم بأي رادع. الصهاريج تدخل لأسباب عديدة، منها الربح للشركات أو للخزينة أو لأشخاص، إنما البلدة متضررة، ببناها التحتية وتحطيم قنوات المياه فيها وغيرها. طالبنا مرارا بتشريعها والسماح بمرورها على كل المعابر والحواجز، أو ضبطها كلها لأننا لن نستطيع تحمل الأضرار، أو تحمل التبعات التي يدفع ثمنها أناس موجودون في أرضهم. إن هذا التهريب مشرّع، وبسببه لن نتمكن من ضبط التهريب الآخر، تهريب البشر".
أمام كل هذه الخطورة، يطالب مطر بخطوات، منها "رفع السواتر الحدودية ومراقبتها، ونشر الجيش والقوى الأمنية في شكل أكبر لضبط المعابر غير الشرعية، وإبعاد البيوت والمزارع عن الشريط الحدودي، وإنشاء مناطق عازلة تسهلّ تسيير الدوريات الأمنية". ويؤكد أنها "تدابير حدودية ينبغي أن تبدأ فورا، لأننا لسنا أمام جيش نظامي، إنما فصائل متعددة، والحدود يفترض أن تكون مضبوطة. إذا تضاعف عدم الاستقرار في سوريا، فسنبقى نستقبل لاجئين بهذه الفوضى. إلى متى يتحمّل هذا البلد؟ والى متى يستمرون بنقل خلافاتهم إلى الداخل اللبناني وزعزعة الأمن، ولاسيما في البلدت الحدودية؟"هكذا، تتأثر القاع صراحة بسوريا. يناشد مطر الدولة "معالجة الأوضاع وإلا سنبقى متأثرين بأي تطور، ونتخوف من انفلات الأمور لأن أي مشكلة مع مخيم سوري سيكون لها تداعياتها. هذه المحافظة اللبنانية ستصبح سورية، وسنصبح أقلية في أرضنا ومعرّضين للتهجير، ونحن نسمع أخبارا كثيرة في هذا المجال. صحيح أننا باقون، لكننا لن نعيش والخطر دائما بجانبنا". مواضيع ذات صلة وسائل إعلام سورية: تحليق مكثف لطائرات الاحتلال الإسرائيلي في أجواء محافظة القنيطرة Lebanon 24 وسائل إعلام سورية: تحليق مكثف لطائرات الاحتلال الإسرائيلي في أجواء محافظة القنيطرة