أمريكا وإسرائيل.. السقوط المهين من غزة إلى اليمن
تاريخ النشر: 12th, February 2025 GMT
يمانيون/ كتابات/ إبراهيم محمد الهمداني
لم تعد غزة الشامخة بصمودها وركامها، فريسة سهلة، يتسلى أعداؤها بتكرار اصطيادها، ويتشفون برؤيتها تتعثر، وتتخبط في دمائها، ولم تعد ساحاتها المقدسة، قابلة لإعادة عرض خرافات وأساطير القوة التوراتية، ولم يعد فوق ركامها، غير مخيمات أبنائها، بصمودهم الأسطوري، المستعصي على الكسر؛ وما بين طوفان الأقصى وطوفان العودة، نصر إلهي عظيم، لا يمكن التشكيك فيه، وحق ثابت مقدس، لا يمكن سرقته بألف أوسلو، بعدما عجزت قوة أكبر تحالف عسكري صليبي، عن سلبه بترسانتها وجحافلها، كما لم يعد في وسع ترسانة أمريكا الصهيونية، ما يمكن الرهان عليه، لتنفيذ قرارات ترامب، ولم يعد في وسع حلفائه، في القارة العجوز، ما يمكن التهديد به، أو الركون إليه، في إجهاض نصر غزة، وإعادتها إلى مربع الصفر.
في الجانب المقابل، يمكن القول إن المواقف الرسمية العربية، الصادرة مؤخرا، تعكس حالة متقدمة، و”تتسم بقدر من الإيجابية، وأنها خطوة في الاتجاه الصحيح، وتعبر عن مواقف حكيمة” – كما يصفها سماحة السيد القائد/ عبدالملك بدرالدين الحوثي يحفظه الله – وأنها قد تغفر لأصحابها مواقفهم السيئة السابقة، “في حال كان لها ما بعدها، وتمت ترجمة بيانات الرفض، بمواقف إيجابية فعلية، لا تقبل المقايضة”، تردع العنجهية الترامبية المتغطرسة، ما لم فإن بيان وزراء الخارجية العرب، وإعلان الأنظمة الحاكمة، في مصر والأردن والسعودية، رفضها القاطع قرار ترامب، تهجير أهالي قطاع غزة قسرا، وإعادة إعمارها وضمها للكيان الإسرائيلي الغاصب حينا، واستثمارها مشروعا تنمويا سياحيا أمريكيا حينا آخر، وفي الوقت ذاته، يصر ترامب على تهجير أهالي قطاع غزة، إلى مصر والأردن نهائيا، بينما يقترح نتنياهو الأحمق، إقامة دولة فلسطينية في السعودية، وهي تصريحات استعلائية استكبارية، يجب أن تواجه بحزم كبير، ويجب أن تترافق مواقف تلك الأنظمة الحاكمة، بقرارات فعلية وموقف عربي موحد، ما لم فإنها لن تتجاوز كونها ظواهر صوتية، ومواقف تمثيلية للاستهلاك الإعلامي، وامتصاص غضب الجماهير.
لا يمكن التنبؤ بموقف عربي حاسم، يقف في وجه ترامب، ويفشل مشروعه الإجرامي بحق غزة أرضا وإنسانا، لأن الأنظمة العربية الرافضة حاليا، هي ذاتها الصامتة المتخاذلة المتواطئة سابقا، والنظامين المصري والأردني، هما من نصَّبا نفسيهما دروعا لحماية إسرائيل، من ضربات صواريخ ومسيرات المحور، وهما ذاتهما من حاصرا غزة سلفا، وقدما كل أشكال الدعم والمساعدة، للكيان الصهيوني، ليتجاوز تداعيات أزماته، الناتجة عن الحصار البحري، الذي فرضته القوات المسلحة اليمنية، في معادلة إسناد غزة، كما أنه ليس من الحكمة، التعويل على مواقف الرفض الرسمية للأنظمة الغربية والعالمية، خاصة وقد شهدنا مواقف وقرارات مماثلة، صادرة عن الأمم المتحدة والجامعة العربية، لكنها كانت مجرد حبر على ورق لا أكثر، ولذلك فإن التعويل الحقيقي، على ثلاثية النصر في الداخل الفلسطيني في غزة أولا، ممثلة بمدى التحام الحاضنة الشعبية، بقيادتها العسكرية (المجاهدين) وقيادتها السياسية، ومدى قوة وحدتها وحصانتها ضد الاختراق، بالإضافة إلى مدى قوة وثبات موقف قوى المحور، في عملية الدعم والإسناد، حتى النهاية، ثانيا، وما دام هذان الشرطان قابلان للرهان عليهما، فإنه يمكن القول، إن غزة ما بين الطوفانين، قد أصبحت أرقى أنموذج تحرري عالمي، يلهم ويشجع الشعوب المستضعفة، على كسر قيود الاستبداد والهيمنة العالمية.
يمكن القول إن ترامب في رئاسته الثانية، قد بلغ من العجز والفشل والسقوط، ما لم يبلغه أحد قبله، وذلك ناتج عن أمرين؛ أولهما:- مواقفه العدائية المعلنة، وتصريحاته الاستكبارية الفجة، وسلوكياته الهمجية القبيحة، وغطرسته المتعالية على حلفائه قبل أعدائه، وثانيهما:- سقوط هيبة ومكانة وقيمة أمريكا عسكرياً واستعمارياً وحضاريا، بداية من موقفها العدائي المشين، بعد عملية طوفان الأقصى، بانحيازها المطلق للكيان الصهيوني الإجرامي الغاصب، وبسقوط القوة السياسية والقوة العسكرية، سقطت الريادة الحضارية، ولم يعد أمام ترامب سوى المضي في الحرب الاقتصادية، وابتزاز واستنزاف الاقتصادات العالمية الكبرى، ولم يعد في مخزون أمريكا الصهيونية، من القوة والمهابة، ما يضمن تنفيذ قرارات ووعود مجنونها ترامب، الذي بلغ مرحلة الخرف الاستعماري، ليعيش في عصرنا الحاضر، بعقلية الهيمنة الإجرامية، قبل قرنين من الزمان، ولذلك هو يعيش حالة من الشيزوفيرينيا الحادة، فهو لا يستحي من القول إنه صانع السلام في غزة، بينما هو ذاته من يصادرها بقراراته السخيفة، ويساند العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية، وهو من يزود الكيان الصهيوني بصفقات الأسلحة، لتدميرها وإبادة أهلها، غير مدرك أن تجربة الاستيطان الإحلالي، التي مارسها القاتل الأوروبي، في أمريكا الشمالية سابقا، لا يمكن أن تكرارها الآن، في غزة خاصة، والمنطقة العربية عموما، بأي حال من الأحوال.
لم يعد بإمكان الاقتصاد العالمي، أن يصمد فترة أطول، ولن تستطيع أمريكا المترهلة، ابتلاع الاقتصادات الأوروبية، دون أن تغص بها، ولن يستطيع سيف الجزية، المسلط على السعودية ودول الخليج، تحصيل مبالغ كافية لإنعاش الاقتصاد الإمبريالي، كما أن مبلغ التريليون دولار، المتحصل من السعودية، لا يكفي لتغطية النفقات التشغيلية، للجماعات الإرهابية الوظيفية – التابعة للبيت الأبيض – التي توعد ترامب إشعال منطقة (الشرق الأوسط) بواسطتها، كما أن مهمة ترميم الكيان الصهيوني، تعد أولوية قصوى لدى ترامب، تتساوى مع أولوية ترميم القوة البحرية، والأساطيل وحاملات الطائرات الأمريكيّة، من أجل حسم معركة البحر الأحمر، التي لا يمكن تأجيلها أكثر، ويستحيل حسمها في الوقت الراهن على الأقل، علاوة على استحالة التعويل على البدائل، من العملاء المحليين أو الإقليميين، وعدم إمكانية الحد من قدرات الجيش اليمني، أو استهدافه بضربات نوعية حاسمة، من شأنها شل قدراته وأنشطته العسكرية البحرية والجوية، ولم يعد بمقدور قرار تصنيفهم جماعة إرهابية، أن يحقق من الردع، ما عجزت عنه آلة الحرب الأمريكيّة السعودية، على مدى عشر سنوات.
في الوقت الذي يتسارع سقوط الولايات المتحدة الإرهابية، من غزة إلى اليمن، يصعد المجرم ترامب، مبشرا بميلاد أمريكا الصهيونية مرة ثانية، ومعلنا تبني ربيب الصهيونية المدلل “نتنياهو”، وكلاهما عاجز فاشل مهزوم، سواء في حروبهما أو في سياساتهما، وبنك أهدافهما المتعالي، بما يؤكد عجزهما عن استيعاب حقيقية المتغيرات العالمية، ونزعتهما الاستكبارية الفرعونية، الرافضة للسنن الإلهية، وما تفرضه معادلات القوى الصاعدة، وأنه لم يعد في تهديدات ترامب، فتح أبواب الجحيم على قطاع غزة، أو جر المنطقة بأكملها إلى حرب شاملة، سوى تعجيل نهاية أمريكا الصهيونية، وربيبتها “إسرائيل” الكيان الوظيفي الإجرامي المتوحش، وتحقيق زوالهما الحتمي، وسقوطهما المخزي المهين.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: أمریکا الصهیونیة لم یعد فی ولم یعد لا یمکن
إقرأ أيضاً:
في عهد ترامب.. هل يمكن لأي شخص بناء عملات رقمية؟
عشية حفل تتويج الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، طرح هو وزوجته عملات رقمية تحمل اسميهما، وذلك في خطوة مفاجئة للعالم أجمع، سواء كانوا من المهتمين بالعملات الرقمية أو حتى من الاقتصاديين.
تسببت هذه الخطوة في هجوم واسع على الرئيس وزوجته، وذلك عقب مخاوف التجارة الداخلية والعمل على رفع سعر العملة ثم التخلي عنها تماما، مما يعد مخالفا للقوانين الأميركية، رغم أن نيّة الرئيس وزوجته قد تكون أبسط من ذلك، وهي مجرد إظهار لدعم العملات الرقمية.
وصلت قيمة عملة "ترامب" الإجمالية إلى 12 مليار دولار وقيمة عملة "ميلينا" الإجمالية إلى 1.7 مليار دولار، وذلك وفق تقرير موقع "كوين ماركت كاب" (CoinMarketCap) المختص بالعملات الرقمية.
عززت هذه الخطوة من موقف ترامب تجاه العملات الرقمية وطمأنت عمالقة هذا القطاع بشكل أكبر، ومع تأسيس أولاده لشركة "وورلد ليبرتي فايننشال" (World Liberty Financial) المختصة بتجارة العملات الرقمية ثم انتعاش "بيتكوين" وكسر حاجز 100 ألف دولار للعملة الواحدة، أصبح من الواضح أن عهد ترامب سيكون منفتحا على العملات الرقمية، وهذا يدفعنا للتساؤل، هل يمكن لأي شخص بناء عملة رقمية خاصة به مثلما فعل ترامب؟
يعرف عن مجتمع العملات الرقمية بشكل عام كونه مجتمعا هزليا وساخطا بشكل كبير، إذ يرى أفراده أنفسهم شخصيات ثورية تترك بصمتها في العالم عبر طرحها للعملات الرقمية وهروبها من المنظومة البنكية الموحدة حول العالم.
إعلانوفي هذا السياق، ولدت مجموعة من العملات الرقمية التي تعرف باسم "العملات الرقمية الهزلية" (MeMe Coins)، وهي عملات رقمية طورت وطرحت لتكون تصريحا هزليا حول العالم والقضايا المختلفة، وهي في العادة تكون ذات قيمة منخفضة حتى تصبح رائجة وتنتشر بشكل كبير لتقفز أسعارها.
تعد عملة "دوجي" (DOGE) التي كان إيلون ماسك أحد أبرز المستثمرين فيها مثالا واضحا على العملات الرقمية الهزلية، إذ طرحت العملة بشكل ساخر مع صورة مضحكة عبر الإنترنت بقيمة أقل من دولار واحد بكثير، وبعد اهتمام إيلون ماسك بها، قفزت العملة في معدل نمو غير مسبوق، محققة ثراء فاحشا لكل المستثمرين بها.
وكذلك الأمر مع عملة "ترامب" و"ميلينا"، فكلاهما عملات هزلية طرحت لتعلن تأييد حكومة البيت الأبيض الجديدة وحاشيتها للعملات الرقمية، ومؤذنة بعصر جديد للعملات الرقمية في الولايات المتحدة وشركاتها.
هل يمكن لأي شخص طرح عملة رقمية خاصة به؟يشير وجود مجموعة من العملات الرقمية الهزلية التي تطرح بشكل ساخر إلى سهولة طرح العملات الرقمية وجعلها رائجة، ورغم هذا، فإن الأمر ليس سهلا كما يبدو، إذ تحتاج إلى خبرة برمجية سابقة من أجل طرح عملات رقمية وتأسيسها في شبكة "بلوك تشين".
وبشكل عام، توجد 3 خيارات من أجل طرح عملات رقمية جديدة، الأولى وهي طرح عملة مرتبطة بشبكة "بلوك تشين" قديمة وموجودة بالفعل، لتكون هذه العملة جزءا من الشبكة وجزءا من عملة أخرى، ويمكن أيضا طرح عملة رقمية مرتبطة بشبكة "بلوك تشين" جديدة تماما، وأخيرا، يمكن تعديل الكود البرمجي لشبكة "بلوك تشين" قائمة سابقا فيما يعرف باسم "هارد فورك" (Hard Fork) من أجل طرح العملة الرقمية الجديدة.
ولكن، لا توجد قيود تنظيمية أو إدارية من أجل طرح العملات الرقمية وتأسيسها بشكل كامل، وهو ما يجعل المجال جاذبا لمختلف فئات المجتمع ومن بينهم المتعاملون في شبكات الإنترنت المظلمة والمواد المحرمة دوليا، إذ يمكن لهم بناء عملات رقمية خاصة بهم وتحديد سعرها ثم بيعها بالسعر الذي يرغبون فيه.
إعلان العملات الرقمية في عهد ترامبأحاط ترامب نفسه بمجموعة من أهم المستثمرين ورجال الأعمال المهتمين بقطاع العملات الرقمية، ولا تقتصر هذه الحاشية على إيلون ماسك فقط الذي يظهر في مقدمة قائمة الداعمين للعملات الرقمية في حكومة ترامب الجديدة، بل تمتد إلى العديد من الأسماء البارزة بما فيها أبناء ترامب أنفسهم.
تعاون إيرك ترامب وشقيقه دونالد ترامب جونيور من أجل تأسيس شركة استثمار في العملات الرقمية عام 2024 تحت اسم "ورلد ليبرتي فاينانس" (World Liberty Finance) تحت شعار جعل الاقتصاد عظيما مجددا، وهي إشارة واضحة للشعار الذي اتخذه ترامب في حملته السابقة فضلا عن كونها جملة شهيرة قيلت على لسان الرئيس الأميركي رونالد ريغان.
تتسع قائمة المهتمين بالعملات الرقمية في حاشية ترامب لتضم جيه دي فانس نائب الرئيس الذي صرح سابقا بأنه يملك ما يقرب من 500 ألف دولار على شكل عملات رقمية إلى جانب فيفيك راماسوامي المؤيد بشدة للحرية التي توفرها العملات الرقمية وهو أحد الأعضاء الجمهوريين البارزين، مع روبرت ف. كينيدي الابن الذي يشغل منصب وزير الصحة في إدارة ترامب وطالب مرارا وتكرارا بوجود مخزون وطني للعملات الرقمية على غرار الذهب.
ولا يجب أن ننسى ديفيد ساكس الذي يتمتع بمكانة مقربة من ترامب كونه أحد أبرز المستثمرين ورجال الذكاء الاصطناعي والعملات الرقمية مع بول أتكينز رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصة المعروف عنه ميله للعملات الرقمية.
ومن ضمن الأوامر التنفيذية العديدة التي أصدرها ترامب في الساعات الأولى لوصوله إلى المكتب البيضاوي كان أمرا تنفيذيا متعلقا بالعملات الرقمية، وذلك في خطوة منه للتشجيع على اقتناء وتخزين العملات الرقمية في الولايات المتحدة.
ويتضمن الأمر التنفيذي توجيهات للهيئات الفدرالية المختلفة من أجل تنظيم العمل في قطاع العملات الرقمية وبناء مخزون إستراتيجي منها، فضلا عن إصدار قوانين تيسر عمل الشركات المختلفة والهيئات العاملة بقطاع العملات الرقمية.
إعلانتجدر الإشارة إلى أن فترة ترامب الرئاسية السابقة كانت معادية بشكل كبير للعملات الرقمية، وذلك بعكس هذه الفترة التي يميل فيها إلى العملات الرقمية، إذ قال في يوليو/تموز الماضي أثناء إحدى مؤتمرات "بيتكوين" إنه سيعمل على تعزيز مكانة الولايات المتحدة في قطاع العملات الرقمية بشكل كبير.
ورغم أن أوامر ترامب التنفيذية لم تكن واضحة بخصوص ما يتم فعله مع العملات الرقمية، إلا أن الهيئات الفدرالية بدأت بالفعل في الانصياع لها، ومن ضمنها لجنة الأوراق المالية والبورصات التي طالما عرفت بموقفها المعادي للعملات الرقمية وكانت سببا في إلقاء القبض على بينكمان فرايد المدير التنفيذي لمنصة "إف تي إكس" (FTX) للعملات الرقمية.
جهود لجنة الأوراق المالية والبورصات تجسدت في بناء فريق جديد مختص للتعامل مع العملات الرقمية وكل ما يتعلق بها، وفي قيادة هذا الفريق تأتي هيستر بيرس التي يعرف تأييدها للعملات الرقمية بشكل كبير لدرجة إطلاق لقب "كريبتو مام" (Crypto Mom) عليها.
ومن المتوقع أن يجد ترامب حلولا أيسر لدعم العملات الرقمية وتعزيز موقف مالكيها داخل حدود الولايات المتحدة، إذ كانوا يواجهون تحديات جمّة خاصة في حالة الاحتفاظ بالعملات الرقمية بشكل شخصي داخل محافظ مستقلة وليس مع شركات مركزية.