أوراكل: ثورة التكنولوجيا تتفوق على الثورة الصناعية وكل الاكتشافات السابقة
تاريخ النشر: 12th, February 2025 GMT
أكد لاري إليسون المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي للتكنولوجيا لشركة "أوراكل" في جلسة ضمن أعمال القمة العالمية للحكومات حاوره خلالها توني بلير، رئيس الوزراء الـ51 للمملكة المتحدة والمؤسس والرئيس التنفيذي لمعهد توني بلير للتغيير العالمي.. أن ثورة التكنولوجيا تتفوق على الثورة الصناعية وكل الاكتشافات السابقة.
وقال إن الذكاء الاصطناعي الخارق لن يكون مثل أي شيء شاهدناه من قبل، كما أن الذكاء الاصطناعي سيعيد تشكيل وتصميم حياتنا في جميع المجالات، ومن بين أهم هذه المجالات العمل الحكومي، إذ من شأن توحيد البيانات وجمعها في مكان واحد، أن يساعد في تقديم نموذج للذكاء الاصطناعي قادر على التنبؤ بالمشكلات الصحية والزراعية والاقتصادية، وغيرها، قبل حدوثها، ومن ثم توفير الحلول اللازمة لها، مما يشكل فرصة رائعة لإعادة تصميم طريقة عمل الحكومات، ونوعية الخدمات التي تقدمها.
وفي البداية الحوار الذي تركز حول السؤال التالي: كيف تعيد التكنولوجيا تصميم الحكومات؟، قال توني بلير إنه يشبّه الثورة التكنولوجية في القرن الحادي عشر بالثورة الصناعية في القرن التاسع عشر، وسأل لاري إليسون عن شعوره تجاه هذه الثورة، وإلى أين ستأخذنا، وما هي تأثيراتها على الأشخاص، وخاصة المسؤولين الحكوميين؟. فأجابه لاري: "قبل 18 شهراً انخرطنا في "أوراكل" في مناقشة أنظمة الذكاء الاصطناعي، وقدرتها على الإجابة عن الأسئلة التي يعجز عنها العقل البشري، وما يمكن أن تحدثه من تغييرات في حياة الناس.
وتساءلت حينها ما إذا كان الذكاء الاصطناعي أهم اكتشاف تشهده البشرية؟ وبعد 18 شهراً توصلت إلى نتيجة مفادها أن هذه الثورة أكبر بالتأكيد من الثورة الصناعية واكتشاف الكهرباء أو أي اكتشافات تسبقها".
وأضاف " وقريباً لن نشهد فقط الذكاء الاصطناعي، بل الذكاء الاصطناعي العام، وربما في المستقبل القريب الذكاء الاصطناعي الخارق، والذي لن يكون مثل أي شيء شاهدناه من قبل".
وأشار إلى أن الجيل القادم من الذكاء الاصطناعي سيكون أسرع بكثير جداً في التفكير بالمشكلات، واكتشاف الحلول لها، حتى إنه سيكون قادراً على تشخيص بعض الأمراض الخطيرة، مثل السرطان في مراحل مبكرة، وتصميم نماذج العلاجات واللقاحات اللازمة لكل نوع من أنواع هذا المرض.
ولفت إلى أن هذا جانب واحد فقط متعلق بالمجال الصحي، وأضاف أن هذا سيحدث في مجالات أخرى كذلك، فالذكاء الاصطناعي سيغير حياتنا بشكل أساسي في مجالات الطب والزراعة والصناعة، وغيرها، مما يصب في مساعدة الحكومات على تقديم أفضل الخدمات في هذه المجالات.
من جانبه أكد توني بلير أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي المتعلقة بالمجالات التي تقدم فيها الحكومات خدماتها؛ مثل الصحة والتعليم والزراعة، تشهد سلسلة كاملة من التجديدات والابتكارات، ما يجعل الناس على دراية بمفهوم الذكاء الاصطناعي الخارق، موجهاً سؤالاً إلى إليسون حول ما الذي قد يعنيه هذا بالنسبة إلى تطوير العلوم؟.
وأجاب إليسون بأن تطوير العلوم يستتبعه بالضرورة تطوير اقتصادي واجتماعي، وقال " على سبيل المثال نحن نقوم بتصميم الجيل القادم من الأرز الذي يمكن زراعته في المياه المالحة، وكذلك تصميم الجيل المقبل من القمح الذي لا يحتاج إلى مزيد من إخصاب الأراضي الزراعية، بهدف توفير الأمن الغذائي للأجيال المقبلة".
وفي سؤال حول ما يمكن للحكومات فعله للاستفادة من نماذج الذكاء الاصطناعي لتحسين خدماتها، من حيث توفير البنية التحتية اللازمة، والهوية الرقمية، ومراكز البيانات؟ أجاب لاري أن البداية تكون بمعرفة كيف يمكن تحقيق أعظم استفادة من الذكاء الاصطناعي، ويتم ذلك من خلال توفير البيانات اللازمة في كل بلد، والمتعلقة على سبيل المثال بصحة السكان وأعمارهم والسياق الوراثي، والمناخ، والمحاصيل الزراعية، والطرق، ومن ثم جمعها بصيغة موحدة خاصة بكل بلد، ليقدم لنا الذكاء الاصطناعي النموذج المطلوب لحل المشكلات التي يمكن أن توجد في أي من هذه المجالات، بعد أن استوعبها بشكل سهل.
وأشار توني بلير إلى أهمية الخدمات الرقمية والسحابية وغيرها من التطبيقات بالنسبة إلى عمل النظام الحكومي ككل؟ وأجاب لاري بأن الأهمية تكمن في توفير البنية التحتية الرقمية المطلوبة، لكن بشرط أن تكون آمنة في الاستخدام لحماية البيانات، بما يساعد الحكومات على توفير الخدمات بالشكل الصحيح.
وألمح في هذا الخصوص إلى أن "أوراكل" ستغير في منتصف العام الحالي نظام كلمة السر للتعرف على المستخدم، إلى النظام البيومتري، حيث يتعرف الكمبيوتر على الصوت وبصمة الإصبع، حماية للبيانات ومراكز البيانات من الهجمات.
وأضاف لاري أن أهم ما يتعلق بتغيير طرق عمل الحكومات بسبب هذه الثورة التكنولوجية، هو استيعاب المسؤولين وصناع القرار لأهمية هذه الثورة من حيث تقديم الخدمات الصحية، على سبيل المثال، بتكلفة أقل، من خلال الاكتشاف المبكر للمرض وتقديم العلاج له، مما يوفر الكثير من النفقات.
وقال إن هناك تحدياً يواجه المسؤولين الحكوميين في عدد من الدول، وهو بدائية بعض الأنظمة التكنولوجية لديها، ما يستلزم تحديث الأدوات الرقمية لتقديم خدمة أفضل وتحسين نوعية حياة المواطنين.
وفي الختام أكد توني بلير أن العالم أمامه فرصة رائعة لإعادة تصميم طريقة عمل الحكومات، ونوعية الخدمات التي تقدمها، باستخدام الذكاء الاصطناعي بالشكل المطلوب.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الثورة الصناعية أوراكل التكنولوجيا
إقرأ أيضاً:
14 عاماً على ثورة 11 فبراير اليمنية... تغيير لم يكتمل
تأتي الذكرى الرابعة عشرة للثورة الشبابية الشعبية في اليمن التي انطلقت في 11 فبراير/شباط 2011 بهدف إسقاط نظام الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح، في ظل انقسام اليمنيين بين من يعتبرها ثورة وآخرين يرون فيها خيبة، لكن الجميع، بمن فيهم أبناء الثورة، يدركون أن ما تم حتى اليوم يمكن توصيفه في سياق التغيير الذي لم يكتمل، نتيجة الثورة المضادة المتمثلة بانقلاب جماعة "أنصار الله" (الحوثيون) على الدولة في 21 سبتمبر/أيلول 2014. وعلى الرغم من المسار الذي تعرّض للانحراف في مسيرة هذه الثورة، إلا أنها تبقى حاضرة في وجدان اليمنيين الذين ترى شريحة واسعة منهم أن الثورة بريئة مما وصلت إليه أحوال اليمن اليوم، في ظل الحرب المستمرة منذ ما يقرب من عشر سنوات.
ثورة 11 فبراير بوصفها امتداداً لثورات الربيع العربي
جاءت ثورة 11 فبراير امتداداً لثورات الربيع العربي التي بدأت في تونس ومصر، وامتدت رياحها إلى اليمن، حيث خرج اليمنيون في ساحات وميادين 18 محافظة على امتداد البلاد، وبمشاركة شعبية واسعة. وحملت الثورة آمال اليمنيين في إحداث تغييرات ديمقراطية جذرية في الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. واليوم، يتساءل اليمنيون عن المآلات التي وصلت إليها البلاد بعد 14 عاماً من قيام الثورة، نتيجة انحراف مسارها أو حرفه، وصولاً إلى واقع جديد يعيشه اليمنيون يبدو أكثر قتامة من الواقع الذي ثاروا عليه.
وتمكنت ثورة 11 فبراير الشبابية الشعبية في إبعاد علي عبد الله صالح من رأس السلطة من خلال المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية التي نصت على تخليه عن السلطة لصالح نائبه عبد ربه منصور هادي، الذي جرى التوافق عليه بين الفرقاء (المؤتمر الشعبي العام الحاكم وأحزاب اللقاء المشترك المعارضة) رئيساً توافقياً في 2012. وبسقوط صالح، قضت الثورة على مشروع التوريث الذي ظل يعمل عليه صالح لسنوات. لكن الثورة لم تحقق مطلب إسقاط النظام بشكل كامل، إذ بقي نظام صالح مسيطراً نظرياً على نصف السلطة وفق مبدأ التقاسم الذي نصت عليه المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية. كما أن صالح وأركان نظامه حصلوا على حصانة من أي مساءلة قانونية، بالإضافة إلى أن صالح بقي فعلياً مسيطراً على المؤسسة العسكرية والأمنية، التي سهّل للحوثيين السيطرة عليها خلال انقلابهم على الدولة في 21 سبتمبر/أيلول 2014. انعقد مؤتمر الحوار الوطني عام 2013 بموجب المبادرة الخليجية، وتم التوافق فيه على حلول لتسع قضايا رئيسية، على رأسها شكل الدولة، وقضية الحوثيين والقضية الجنوبية. وعوض أن يشكل انتهاء الحوار فرصة لفتح صفحة جديدة فإن الخلافات التي رافقت انعقاد المؤتمر وانسحبت على المخرجات جعلت نتائجه تبقى حبراً على ورق، قبل أن تصل الأزمة إلى ذروتها بسبب انقلاب الحوثيين.
وتعرّض مسار الثورة للانحراف بفعل الثورة المضادة الناتجة عن تحالف الحوثيين وصالح، وانقلابهم على الدولة في سبتمبر 2014، وهو الانقلاب الذي قاد البلاد إلى واقع جديد أكثر قتامة. فسياسياً، باتت حكومتان تتقاسمان السيطرة على اليمن، حكومة الحوثيين في صنعاء، والحكومة المعترف بها دولياً وتتخذ من عدن عاصمة مؤقتة، كما أن الانقلاب تسبّب في الحرب الدائرة في البلاد منذ مارس/آذار 2015 حتى الآن، في ظل بروز كيانات وجماعات مسلحة تتقاسم السيطرة العسكرية على الأرض.
تأتي الذكرى الرابعة عشرة لثورة فبراير في ظل استمرار سيطرة الحوثيين على أجزاء واسعة من البلاد، إذ يسيطرون على أكثر من 25% من مساحة البلاد التي تضم الكثافة السكانية الأكبر أي ما يزيد عن 70% من السكان، بينما الجزء الآخر من البلاد تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً التي تعيش حالة من الانقسام حول العديد من القضايا وفي مقدمتها الموقف من ثورة 11 فبراير.
الوضع الاقتصادي هو الآخر شهد انهياراً غير مسبوق، في ظل انقسام مالي ومصرفي، ووجود بنكين مركزيين أحدهما في صنعاء والآخر في عدن، وانقطاع الرواتب التي قام الحوثيون بإيقافها منذ سبتمبر 2016، وانهيار سعر الصرف حيث كان قبل الحرب يساوي الدولار 215 ريالاً، ليبلغ اليوم 535 ريالاً في مناطق الحوثيين، و2281 ريالاً في مناطق الحكومة. في الجانب الإنساني، تشير التقديرات الأممية إلى أن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام 2025، من بينهم 17 مليون شخص (49% من السكان) يواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد.
يقول عضو اللجنة التنظيمية للثورة الشبابية الشعبية رضوان مسعود، لـ"العربي الجديد"، إن "اختلاف وجهات النظر بين مكوّنات ثورة 11 فبراير 2011 هي سياسية، وفي الإطار الطبيعي نتيجةً للتعددية السياسية، فالأحزاب بشكل عام ضحية لانقلاب الحوثي، لأنه جاء بالانقلاب وليس بالعمل السياسي". ويشير إلى أن "الموقف السياسي لقوى ثورة فبراير ما زال موحّداً ضد الانقلاب، ولكن قوى ثورة فبراير لا تمتلك مكونات عسكرية، لأن المشكلة في تأخر استعادة الدولة والقضاء على الانقلاب هو بسبب عدم توحد التشكيلات العسكرية، وذلك نتيجة عدم توحد رؤية الأطراف الإقليمية الداعمة الشرعيةَ". ويعتبر مسعود أن "سبب ما وصلت إليه أوضاع اليمن اليوم، بعد أكثر من عقد على الثورة التي كان اليمنيون يطمحون من خلالها لوضع اقتصادي وسياسي واجتماعي أفضل، هو تحالف الثورة المضادة مع الدولة العميقة الذي كان نتيجة ذلك الانقلاب الحوثي".
مطلع العام 2017 وفي ظل استمرار تحالف صالح مع جماعة الحوثيين (انفضّ هذا التحالف نهاية العام نفسه)، أصدر الرئيس حينها عبد ربه منصور هادي قراراً باعتماد 11 فبراير يوماً وطنياً، وهو (أي هادي) لطالما وصف أحداث هذا اليوم بأنها "أزمة" على الرغم أن هذا الحدث هو من أوصله إلى سدة الحكم رئيساً توافقياً انتُخب كونه مرشحاً وحيداً لرئاسة البلاد في 2012. في ديسمبر/كانون الأول 2017، انفضّ تحالف صالح والحوثيين بعد دعوة صالح أنصاره للانتفاضة ضد الحوثيين، ليقوم الحوثيون بقتله في 4 ديسمبر 2017، لينقسم "المؤتمر الشعبي العام" (حزب صالح) بعدها، حيث انضم الجزء الأكبر إلى الشرعية، فيما استمر "المؤتمر" في صنعاء مجبراً على تحالفه مع الحوثيين، بعد أن فرض الحوثيون على قياداته الإقامة الجبرية. انضمام "المؤتمر" إلى السلطة الشرعية أثّر على موقف الأخيرة من ثورة 11 فبراير، إذ يرى أنصار "المؤتمر" أنها "نكبة" تسبّبت في وصول اليمن إلى ما وصل إليه اليوم، وانعكس هذا التأثير على الاحتفال بذكرى الثورة التي كان يُحتفل بها في جميع المحافظات، لينحصر الاحتفال بها اليوم في محافظتي مأرب وتعز.
أما في المحافظات الشمالية التي يسيطر عليها الحوثيون، فيمنع الحوثيون الاحتفال بذكرى ثورة 11 فبراير، تماماً كما يمنعون الاحتفال بكل المناسبات الوطنية وفي مقدمتها ذكرى ثورة 26 سبتمبر 1962. أما المحافظات الجنوبية الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، فيمنع المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يحكم سيطرته الفعلية على عدن وعدة محافظات أخرى، الاحتفال بذكرى ثورة 11 فبراير، حيث ينظر إليها باعتبارها شأناً داخلياً خاصاً بدولة الجمهورية العربية اليمنية (الشطر الشمالي من البلاد قبل وحدة 22 مايو/أيار 1990).
خلافات وانقسامات يمنية
حالة الجدل والانقسام في الموقف من ثورة 11 فبراير ضاعفت من تعميق الخلافات بين مكونات الشرعية اليمنية، وزادت من حالة الانقسام بينها في ظل غياب مشروع سياسي جامع يستعيد مؤسسات الدولة، ويقضي على الانقلاب. يقول الناشط نشوان الأكحلي، لـ"العربي الجديد"، إن ثورة 11 فبراير حاضرة في وجدان اليمنيين الذين خرجوا إلى ساحاتها، وشاركوا فيها، على الرغم من أن الاحتفال بذكراها بات اليوم محصوراً في محافظتي تعز ومأرب، وهذا يعود إلى أن هاتين المحافظتين هما المتنفس الوحيد للعمل المدني الذي كان أبرز مطالب ثورة فبراير. ويضيف: "في هاتين المحافظتين آخر ما تبقى من هامش للعمل السياسي والحزبي، ومظاهر الدولة، في حين أن بقية المحافظات تحكمها مليشيات وجماعات مسلحة سواء في الشمال حيث مليشيا الحوثي تعادي كل عمل مدني وكل نشاط له علاقة بالنظام الجمهوري، أو في الجنوب حيث المجلس الانتقالي الجنوبي يعيق أي عمل مدني لا يتوافق مع أهدافه التشطيرية".
من جهته، يرى أستاذ علم الاجتماع السياسي فؤاد الصلاحي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن أحداث 11 فبراير 2011 ليست ثورة كما يراها البعض، بل حركة اجتماعية شعبية واسعة، لم تتحوّل إلى ثورة لأن مراكز القوى سيطرت عليها من خلال نزولها إلى الساحات، ثم انفرادها بصناعة القرارات، وقبولها المبادرة الخليجية، ثم سوء إدارتها المرحلة اللاحقة. ويشير الصلاحي إلى أن الناس كانوا يعبّرون بغضب عن سوء الأحوال المعيشية، وخروج آلاف منهم إلى الساحات وهتافاتهم ليست إلا ثورة غضب، مضيفاً: "كنا نتمنى أن تتحوّل تلك الاحتجاجات إلى ثورة سياسية تحدث تغييرات كبيرة في النظام السياسي، وتوجهاته، وشخوصه، إلا أن ما حصل ولا يزال حتى اليوم يؤكد صحة ما نرمي إليه بحديثنا عن حركة احتجاجية لم تصل إلى مرحلة الثورة". ويلفت إلى أن "هذه الحركة على الرغم من عفويتها في البداية، إلا أنه جرى الانحراف بمسارها بعد جمعة الكرامة (مجزرة ارتكبها مسلحون في 18 مارس/آذار 2011 وقاموا بقتل نحو 45 مدنياً)، وتحويلها إلى مسار سياسي حزبي يحقق مصالح الكثيرين ممن تشابكت مصالحهم وأطماعهم واعتمدوا منهج المحاصصة والغنيمة، وبدعم الخارج، وهذا المشهد لا يزال قائماً حتى اليوم".
ويؤكد الصلاحي أن "اليمن بوضعه الراهن يعاني أزمات اقتصادية وسياسية كبيرة، نتيجة بؤس النخب السياسية والحزبية، وفشل الحكومة والقيادة في اعتماد مشروع وطني، وإجراءات عملية تلبي مطالب الشعب والوطن"، مضيفاً أن "جميع النخب مرتبطة بالخارج، ولا تهتم لأمر المواطن، مع العلم أن لليمن موارد كثيرة تمكّنه من التطور والنمو، وتجاوز واقعه المزمن بالأزمات، كما أن الخارج الإقليمي والدولي لا يساعد اليمن بشكل حقيقي نحو التنمية والاستقرار وبناء الدولة، علماً أن هناك فرصاً كثيرة للاستفادة من المتغيرات الإقليمية والدولية لتحقيق تنمية واستقرار وبناء الدولة، بشرط حضور مشروع وطني، ونخبة قيادية بعيدة عن الفساد".