يمانيون:
2025-02-12@14:09:02 GMT

أهداف ترامب من إعلان خطته تهجير الفلسطينيين من غزة

تاريخ النشر: 12th, February 2025 GMT

أهداف ترامب من إعلان خطته تهجير الفلسطينيين من غزة

تقرير _ أبو بكر عبدالله:

كما هو الحال مع فكرته الارتجالية التي حوَّلها خلال ولايته الرئاسية الأولى إلى ما سمي بـ “صفقة القرن”، ظهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أول أيام ولايته الرئاسية الثانية بفكرة خيالية مرتجلة سرعان ما تحوَّلت بفعل التصريحات المتواترة إلى خطة لتهجير أكثر من مليوني فلسطيني من سكان غزة إلى دول مجاورة، ليثير مشاعر رفض وسخط عمت عواصم العالم تجاه التوجهات الأمريكية الأكثر تطرفا في التاريخ الحديث.

من اليوم الأول لإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطته للتهجير القسري للفلسطينيين من سكان قطاع غزة إلى دول أخرى، كان واضحا أن ما يقوله ليس مجرد تصريحات يراد منها خطف اهتمامات مراكز القرار في عواصم العالم، بل خطة سعت إلى خلط أوراق القضية الفلسطينية للتحول من قضية صراع وجودي بين الكيان المحتل والشعب الفلسطيني إلى أزمة دولية متعددة الأطراف.
ولم يكن غريبا التماهي بين الأفكار التي أعلنها ترامب في مناسبات عدة ومشاريع اليمين الإسرائيلي المتطرف الحالم بإعادة توطين الفلسطينيين خارج الأراضي المحتلة، وإنهاء حل الدولتين بعد أن صار هذا الخيار على طاولة أكثر عواصم العالم وسط تأييد عالمي غير مسبوق.
كان اللافت أن ترامب وخلال مؤتمره الصحفي الأخير في البيت الأبيض مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، ذهب إلى أبعد مما صار يعرف بخطة التهجير لفلسطينيي غزة، قائلا إن الولايات المتحدة ستستولي بعد ذلك على القطاع وتعيد بناءه بعد إفراغه من سكانه الفلسطينيين وتهجيرهم إلى دول المنطقة، ليكون منتجعا سياحيا يأوي جنسيات عالمية مختلفة، ناهيك عن دعوته إلى “تطهير القطاع برمته”.
ورغم تباين التقديرات بشأن تصريحات أو خطة ترامب، سواء التي قللت من شأنها أو التي تعاطت معها وكأنها خطة مطروحة للتنفيذ، إلا أن العنصر الهام فيها أنها عبرت حرفيا عن مخططات اليمين الإسرائيلي المتطرف التي كانت قد عادت إلى الواجهة مؤخرا بشعارات “غزة بلا فلسطينيين” وسط دعوات لحكومة نتنياهو إلى قيادة ترتيبات لتهجير الفلسطينيين من القطاع إلى خارج الأراضي المحتلة، باعتبار أن استمرار وجوهم في غزة في ظل وجود “حماس” يعني هزيمة لإسرائيل وانتصارا للمقاومة الفلسطينية.
منذ عملية “طوفان الأقصى” وعلى مدى 15 شهرا من حرب الإبادة الإسرائيلية في القطاع، لم تكف قيادات اليمين الإسرائيلي المتطرف ولا سيما الذين كانوا جزءا من ائتلاف نتنياهو الحاكم – عن الدعوة إلى استمرار حرب الإبادة في غزة إلى أجل غير مسمى، وتهجير الشعب الفلسطيني وإعادة إنشاء المستوطنات الإسرائيلية لتشمل قطاع غزة والضفة الغربية، وهي الدعوات التي استمروا برفعها وسط معارضة شديدة منهم لاتفاقيات وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن الموقعة مؤخرا بين حكومة الكيان وحركة “حماس”.
وافصاح ترامب المتكرر عن خطة التهجير للفلسطينيين، كان كافيا لتوجيه رسالة إلى العالم بتبني واشنطن رسميا مخططات اليمين الإسرائيلي المتطرف، وهو ما يفسر المواقف الغاضبة والساخطة التي عبرت عنها جميع العواصم العربية استنادا إلى المخاطر المحتملة لهذه الخطة، في توسيع دوامة التوتر والصراع ونقله إلى مراحل متقدمة تتجاوز الأراضي العربية المحتلة إلى سائر دول المنطقة.
أهداف عميقة
يصعب القول إن خطة ترامب لتهجير الشعب الفلسطيني كانت مفاجأة من مفاجآته الكثيرة، كما يصعب القول إنها كانت مرتجلة وخالية من الأهداف، فهذا المشروع ظهر خلال الولاية الرئاسية الأولى لترامب على لسان صهره جاريد كوشنر عندما كان مسؤولا عن ملف الشرق الأوسط خلال الولاية الرئاسية الأولى لترامب، حيث أعلن في غير مرة وجوب تطهير قطاع غزة وبناء منطقة جديدة ومزدهرة”، فضلا عن تصريحاته الصادمة التي قال فيها إن “غزة لديها مقومات اقتصادية وسياحية كبيرة يمكن استغلالها وتطويرها عندما يتم نقل سكانها إلى مكان آخر”.
والفارق هذه المرة أن ترامب نفسه هو من أعلن خطته لتهجير الفلسطينيين في تصريحات متواترة، عُمدت تاليا بإعلانات رسمية من البيت الأبيض عن عزم إدارته دعم خطط حكومة الاحتلال في تهجير سكان قطاع غزة إلى دول أخرى بعد أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية قد تسلمت قطاع غزة من إسرائيل لتنشئ فيه ما سماه ترامب “ريفييرا الشرق الأوسط” الرامي في الأساس إلى إعادة توطين الفلسطينيين في دول أخرى، في هدف إن لم يتحقق فإنه سيكون قد حقق هدفاً آخر بخلط أوراق القضية الفلسطينية وإعادتها إلى مربع ما قبل “حل الدولتين” وحشر العديد من الدول العربية في معمعة الصراع العربي الإسرائيلي.
يضاف إلى ذلك أن خطة ترامب التي جاءت بالتزامن مع التنفيذ المرحلي لاتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى الموقع بين دولة الكيان وحركة المقاومة الإسلامية “حماس” ، حملت رسالة بهدف معلن يقضي بعزم الإدارة الأمريكية الجديدة دعم تحركات اليمين المتطرف الإسرائيلي لإجهاض خطط جهود إعادة إعمار الخراب الذي خلفه العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة وتحويله إلى بيئة طاردة للسكان، خصوصا بعدما فشلت دولة الاحتلال في تحقيق أهدافها بتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه بالقوة الغاشمة.
وهذا لم يكن كل شيء، فخطة ترامب انطوت أيضا على ضوء أخضر من إدارته لإسرائيل للقيام بالمزيد من عمليات الضم للأراضي المتنازع عليها، بما فيها الضفة الغربية، والتي يقود اليمين المتطرف الإسرائيلي حملات شعواء فيها لتوسيع المستوطنات وتهجير الفلسطينيين من أرضهم، كما انطوت على تحريض مباشر لجيش الاحتلال والمستوطنين على ارتكاب المزيد من الجرائم بحق الفلسطينيين.
والمثير في كل هذه التداعيات أنها تستهدف نحو مليوني فلسطيني يعيشون في مدن القطاع ويمثلون الأغلبية السكانية فيها قبل أن تنشأ دولة الكيان المحتل عام 1948م، وتسعى بوضوح إلى إجبارهم على الهجرة إلى دول أخرى في العالم العربي أو حتى خارجه أو، كما يقول ترامب، “إعادة التوطين بشكل دائم”.
مخاوف جدية
تصريحات ترامب بشأن غزة وخطة تهجير الفلسطينيين، لم تكن مختلفة عن تصريحاته المفاجأة والمثيرة للجدل بشأن استعادة أمريكا السيطرة على قناة بنما وجزيرة غرينلاند الدنماركية ولم تختلف أيضا عن شطحاته المثيرة للجدل بجعل كندا الولاية الأمريكية الـ 51.
غير أن الطريقة المرتجلة التي أفصح من خلالها عن نيته السيطرة على غزة وتهجير سكانها، أوحت بأن الرجل على استعداد كامل لانتهاك كل القواعد والقوانين الدولية ببساطة ودون اكتراث للعواقب، وهو الأمر الذي دعا الأمم المتحدة إلى إعلان موقف صارم حيالها بالتأكيد على أن “القانون الدولي يمنع أي إبعاد أو ترحيل قسري لسكان يعيشون على أرض محتلة”.
وفي حين حاول البعض التقليل من شأن تصريحات ترامب بهذه القضية والإشارة إلى ما حملته من تناقضات تجعل من المشروع ضربا من الخيال، إلا أن التقديرات الواقعة ذهبت إلى التحذير من خطأ التعاطي غير الجدي مع تصريحات ترامب.
ذلك أن الرجل الذي يتقلد حاليا منصب رئيس الولايات المتحدة، ليس مقدم برامج تلفزيونية دعائية أو طامحاً سياسياً يسعى لتصدر العناوين، بل رئيس للدولة الأقوى في العالم والتي تستطيع فرض سياساتها في المنطقة بوسائل متعددة.
وهذه المقاربة تبدو إلى حد كبير صحيحة ومنطقية، فترامب الذي يصعب التكهن بما يريده، تجعل من غير المستبعد عليه تبني مثل هذه التوجهات التي يرى أنها ستعيد أمريكا إلى عصرها الذهبي، وهو الأمر الذي ذهبت إليه نصائح الكثير من الخبراء الدوليين الذين أكدوا أن تصريحات ترامب ليست عابرة، وتتطلب من المجتمع الدولي رفع الصوت برفضها ومقاومتها.
والدرس القريب لذلك لا يزال محفورا بالذاكرة، عندما انتهك ترامب في ولايته الرئاسية الأولى القوانين الدولية بإعلان اعترافه في عام 2018م بالقدس عاصمة لإسرائيل أو عندما اعترف في 2019م بأن الجولان السوري المحتل جزء لا يتجزأ من إسرائيل”.
عراقيل كبيرة
وفي كل الأحوال فإن مخطط ترامب تهجير الفلسطينيين من سكان قطاع غزة، لن يسير في طريق معبد، بل سيواجه مصدات وعوائق كثيرة تجعل من إمكانية تحققه أشبه بأحلام في الهواء، في ظل تشبث الفلسطينيين بأرضهم والذين حرصوا مؤخرا على توجيه رسالة بالغة الدلالة عن هذه الحالة بالعودة الجماعية لمئات الآلاف من الغزيين النازحين إلى مناطقهم ومساكنهم المدمرة في طول القطاع وعرضه.
يزيد من ذلك رفض معظم الدول العربية مخطط ترامب، بعد أن أعلنت بصوت واحد رفضها “المساس بحقوق الفلسطينيين”، بما في ذلك الجامعة العربية التي نددت “بانتهاك القانون الدولي” وأكدت بوضوح أن “مشروع تهجير الفلسطينيين مرفوض عربيا ودوليا”.
والمواقف العربية والأجنبية التي أعلنت رفضها الكامل لخطة ترامب بتهجير الفلسطينيين من غزة، لم تأت من فراغ، فالكثير من مراكز القرار العربي والدولي يدركون حجم للتداعيات الخطيرة التي يمكن أن تحدثها مثل هذه التوجهات إن على مستوى الداخل الفلسطيني أم على مستوى الأمن القومي العربي والدولي.
ذلك أن مجرد الإفصاح عنها في هذا التوقيت الحرج الذي تمضي فيه اتفاقية وقف إطلاق النار وسط حقول ألغام، كان يمكن أن يقود إلى فشل الاتفاق والعودة إلى حالة التوتر التي تجاوزت الأراضي المحتلة إلى دول المنطقة.
وثمة أسباب أخرى على صلة باستقرار المنطقة وهو ما عبَّر عنه البيان المشترك الصادر عن مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر والسلطة الفلسطينية وجامعة الدول العربية والذي أكد أن خطوة كهذه من شأنها أن “تهدد استقرار المنطقة، وتخاطر بتوسيع الصراع، وتقويض آفاق السلام والتعايش بين شعوبها”.
معارضة ومخاوف
كثير من التقديرات أشارت إلى أن ما أعلنة ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، لم يكن سوى فكرة جنونية غير قابلة للتطبيق، تساوقت إلى حد ما مع الطموحات المعلنة لحكومة اليمين الإسرائيلي المتطرف والداعية إلى دعم ترتيبات للرحيل الطوعي لسكان غزة إلى دول عربية وأجنبية، في أخطر وأسوأ عقاب جماعي يمكن أن يسجل للولايات المتحدة الأمريكية في تاريخها الحديث.
هذه المقاربة كانت سببا كافيا لبروز معارضة واسعة النطاق لخطة ترامب، لم تقتصر على المنظمات الدولية وعواصم القرار العربية والأجنبية، بل شملت أيضا أمريكا ودولة الاحتلال في مواقف مناهضة ومتحفظة، عمت أكثر الدوائر السياسية الأمريكية والإسرائيلية.
ما ينبغي الإشارة إليه هو أن المواقف الرافضة لخطة ترامب والمتحفظة إزاءها تجاوزت عواصم العالم بسرعة قياسية ووصلت إلى أروقة البيت الأبيض وأحدثت تأثيرا بدا ملحوظا في تصريحات ترامب الآخرة التي أعلن فيها أنه غير متعجل في تنفيذ مقترح إدارة غزة وإعادة توطين سكانها، ذلك أن تحفظات الداخل الأمريكي انطلقت من قلق جدي من أن يقود مضي ترامب بهذه الخطة إلى إغلاق ملف حل الدولتين بشكل نهائي وهي الخطوة التي قد تضع الإدارة الأمريكية في مواجهة ليس مع الشعب الفلسطيني والدول العربية بل مع سائر دول العالم المؤيدة لحق الشعب الفلسطيني في بناء دولته المستقلة كخيار وحيد لسلام دائم في منطقة الشرق الأوسط.
وفي الداخل الإسرائيلي، تابع كثيرون حالتي الحذر والترقب اللتين سادتا الطبقة السياسية الإسرائيلية بعد تصريحات ترامب، والتحفظات التي تحدثت عن تداعيات خطيرة على أمن دولة الاحتلال وجدوى وفعالية الخطة على المدى المنظور، وهو ما عبر عنه يائير لابيد- زعيم المعارضة، عندما قال إن “الإسرائيليين لا يمكنهم توقع أن يقترح دونالد ترامب حلولا للخروج من الأزمة”، في إشارة إلى أن أي مقترحات يعلنها ترامب لن تقود إلا إلى المزيد من التعقيد للأزمة الراهنة.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الیمین الإسرائیلی المتطرف تهجیر الفلسطینیین من الرئاسیة الأولى الشعب الفلسطینی تصریحات ترامب عواصم العالم غزة إلى دول خطة ترامب دول أخرى قطاع غزة من سکان ذلک أن

إقرأ أيضاً:

حماس: تصريحات ترامب عن تهجير الفلسطينيين عنصرية ودعوة للتطهير العرقي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

جددت حركة حماس رفضها لتصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشأن تهجير الشعب الفلسطيني تحت ذريعة إعادة الإعمار، مؤكدة أن هذه التصريحات عنصرية وتمثل دعوة للتطهير العرقي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية والتنكر للحقوق الوطنية الثابتة، حسبما أفادت قناة "القاهرة الإخبارية"، في نبأ عاجل.
وشددت الحركة، على أن مخطط الترحيل من غزة لن ينجح، مؤكدة أنه سيواجه بموقف فلسطيني وعربي وإسلامي موحد يرفض جميع محاولات التهجير.

وأضاف البيان أن الشعب الفلسطيني سيظل ثابتًا في أرضه وسيفشل كل مخططات التهجير، مشيرة إلى أن ما فشل الاحتلال في تحقيقه عبر العدوان والمجازر، لن ينجح في تحقيقه من خلال مخططات التصفية والترحيل القسري.

وأكدت حماس التزامها باتفاق وقف إطلاق النار ما دام الاحتلال ملتزمًا به، موضحة أن الاتفاق تم برعاية وضمانة الوسطاء وشهد عليه المجتمع الدولي.

مقالات مشابهة

  • محمد محفوظ: تصريحات تهجير الفلسطينيين استفزازية والحل يكمن في الضغط على ترامب
  • «نيويورك تايمز» تصف تصريحات ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين وضم الضفة بـ«الجريمة»
  • نقيب التشكيليين: تصريحات ترامب عن تهجير الفلسطينيين عبثية وغير مسئولة
  • تهجير الفلسطينيين من غزة.. هل حرفت تصريحات ملك الأردن خلال لقاء ترامب ؟
  • وزير الخارجية الأسبق: تصريحات ترامب مرفوضة.. والعرب لن يقبلوا تهجير الفلسطينيين
  • أي أهداف أرادها ترامب من إعلان خطته تهجير فلسطينيي غزة
  • حماس: تصريحات ترامب عن تهجير الفلسطينيين عنصرية ودعوة للتطهير العرقي
  • حماس: تصريحات ترامب عن تهجير الفلسطينيين دعوة للتطهير العرقي
  • تقدير إسرائيلي: تصريحات ترامب حول تهجير الفلسطينيين من غزة منسقة مع نتنياهو