سودانايل:
2025-04-14@13:30:46 GMT

في جدل المعونة الأمريكية

تاريخ النشر: 12th, February 2025 GMT

منذ أن نفذ الرئيس الأميركي دونالد ترمب تهديده المسبق للوكالة الأميركية للتنمية الدولية «المعونة الأميركية» فأصدر في أيامه الأولى في المكتب البيضاوي قراراً بتجميد عملها لثلاثة أشهر، والجدل لم يتوقف حول أسباب القرار وانعكاساته على سياسة أميركا في العالم. ويشتد الجدل بعد قراره بإبعاد الموظفين الكبار، وتعيين وزير الخارجية مديراً مكلفاً لها، والأخبار تتزايد عن أن قراراً سيصدر بتصفيتها.



نشأت الوكالة الأميركية للتعاون الدولي في سبتمبر (أيلول)1961 بقرار من الرئيس الأميركي جون كيندي. وكانت لقرار إنشاء الوكالة علاقة مباشرة بأجواء الحرب الباردة، حيث انتقل الصراع بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي لمرحلة استخدام القوة الناعمة بدلاً من المواجهة المسلحة. كانت الصين والاتحاد السوفياتي ودول المعسكر الشرقي تقدم مساعدات متنوعة لدول العالم الثالث، وكان لا بد للولايات المتحدة أن تستخدم المدخل ذاته لتحقق به منافع عدة، تقدم مساعدات إغاثية وتنموية وفنية للدول المحتاجة، وتقاوم المد السوفياتي، وتضمن لنفسها نفوذاً كبيراً وسط دول العالم. ولفترة طويلة كانت الوكالة الأميركية هي رأس حربة النفوذ الأميركي في العالم كله، حيث انتشرت مكاتبها في نحو 100 دولة في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية والشرق الأوسط، ودول أوروبا الشرقية، ووصلت ميزانيتها لنحو 50 مليار دولار في العالم مما جعلها أكبر مؤسسات العون في العالم. وتمثل ميزانيتها نصف ميزانية المساعدات الخارجية الأميركية لدول العالم. وتتنوع برامج الوكالة بين المساعدات الغذائية الطارئة إلى مكافحة الفقر، وبرامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والدعم الصحي وبرامج التطعيم، والمساعدات الفنية لبرامج البيئة، ودعم منظمات الأمم المتحدة. ما هي أسباب إغلاق الوكالة...؟

هناك بالتأكيد أسباب معلنة وأخرى غير معلنة. السبب الأساسي الذي قدمه الرئيس دونالد ترمب كان أن هناك أموالاً كثيرة يتم هدرها عبر الوكالة في المساعدات الخارجية، بينما هناك احتياج لهذه الأموال لصرفها في البرامج الداخلية، وهذا بالتأكيد جزء من برنامجه الداعي لتقليل مساهمات أميركا المالية في القضايا العالمية، بما في ذلك في المؤسسات التي تجمعه مع حلفائه، مثل حلف شمال الأطلسي «الناتو». كما حملت تصريحاته وتصريحات إيلون ماسك الذي عينه وزيراً للكفاءة الحكومية اتهامات للوكالة بأنها تقع تحت قبضة يسار متطرف، وأن من يديرونها «حفنة أشرار» وإن كان المأخذ الأساسي للجمهوريين المتطرفين أن الوكالة تعمل على نشر الأجندة الليبرالية في العالم، وأن هذا ليس من أولويات واشنطن. كما ظل الصراع يدور لسنين طويلة بين الديمقراطيين والجمهوريين حول وضع الوكالة، حيث يريد الديمقراطيون أن يعطوها قدراً من الاستقلالية، بينما يرغب الجمهوريون في إخضاعها بشكل مباشر للإدارة الحكومية، بخاصة وزارة الخارجية.

تأثير تجميد عمل الوكالة، وربما تمهيداً لتصفيتها أو إغلاقها، امتد مباشرة لمنظمات الأمم المتحدة المختلفة، مثل بعثات حفظ السلام، وبرامج دعم اللاجئين والنازحين، وبرامج التحصين ومكافحة الأمراض، ودعم برامج الدمقرطة وحقوق الإنسان، هذا إلى جانب الوقف الفوري والانسحاب من مجلس حقوق الإنسان، وصندوق الأمم المتحدة للسكان، ومنظمة دعم اللاجئين والنازحين الفلسطينيين «أونروا».

ومن المتوقع أيضاً الانسحاب من منظمة الصحة العالمية، ووقف دعم برامج البيئة والمناخ ومكافحة الفقر. كما سيتأثر برنامج الغذاء العالمي، «اليونيسيف»، والمفوضية السامية للاجئين. التقارير الموثقة تقول إن أكثر الدول المتضررة هي دول أفريقيا جنوب الصحراء، التي كانت قد استقبلت في العام الماضي 6.3 مليار دولار لمكافحة الفقر، بما في ذلك عيادات توفير الأدوية المجانية لمرضى الإيدز.

وفي أميركا اللاتينية تعتبر دول المكسيك، كولومبيا، كوستاريكا، غواتيمالا أكبر المتضررين، بخاصة برامج توطين المهاجرين. بعض المؤيدين لقرار ترمب لم ينطلقوا من منطلقاته ذاتها، بل فعلوا ذلك لأنهم يظنون أن القرار يضعف الناشطين السياسيين والمدنيين، وبالتالي يحقق فرصة للتيارات الأخرى والنظم الديكتاتورية لتتحرك بشكل أكبر، بينما هلل البعض للقرار باعتباره سيوقف التدخل الأميركي «الإمبريالي» في الشؤون الداخلية للدول. لكن المؤكد أن أكثر المتضررين هم الفقراء واللاجئون والنازحون وضحايا المجاعات وفشل الحكومات الفاسدة في العالم الثالث.

كل الاحتمالات الآن واردة، منها تقليل ميزانية المعونة الأميركية وترشيد برامجها ووقفها عن بعض الدول، مع إخضاعها لسلطة وزارة الخارجية، وهذا أخف الأضرار، بينما هناك احتمال تصفيتها بالكامل وحصر برامج المساعدات الخارجية في يد وزارة الخارجية، وهنا ستحدث أضرار كبيرة لم يتم حسابها حتى الآن.

noradin@msn.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فی العالم

إقرأ أيضاً:

نيوزويك: ما تجب معرفته عن التعزيزات العسكرية الأميركية في البحر الأحمر

قالت مجلة نيوزويك إن الولايات المتحدة توسع حضورها العسكري بشكل كبير في جميع أنحاء الشرق الأوسط في ظل تصاعد التوتر مع إيران، واستمرار هجمات جماعة الحوثيين في البحر الأحمر، وحرب إسرائيل على قطاع غزة.

 

ويشمل هذا التعزيز، الذي يتزامن مع محادثات نووية مهمة بين واشنطن وطهران -اليوم السبت- في مسقط، نشر أنظمة دفاع صاروخي وقاذفات إستراتيجية وحاملات طائرات، ومجموعات هجومية تعمل من البحر الأحمر إلى دييغو غارسيا.

 

ويأتي ذلك وسط تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعمل عسكري وعقوبات إضافية إذا فشلت المفاوضات التي وافقت إيران على المشاركة فيها، مؤكدة استعدادها للانخراط رغم لهجة واشنطن العدائية.

 

ورأت نيوزويك أن محادثات عمان هذه تمثل لحظة دبلوماسية محورية في العلاقات الأميركية الإيرانية، مع تركيز الاهتمام العالمي على مدى قدرة أي اتفاق جديد على الحد من طموحات طهران النووية، لا سيما أن إسرائيل قلقة من أي اتفاق ضعيف يبقي قدرات إيران على تخصيب اليورانيوم سليمة.

 

خطورة الموقف الأميركي

 

وقال سينا ​​آزودي، المحاضر في جامعة جورج واشنطن والخبير في السياسة الخارجية الإيرانية للمجلة، إن هذه التعزيزات تعكس خطورة الموقف الأميركي، مؤكدا أن "دبلوماسية الزوارق الحربية الأميركية، والتهديدات المبطنة والصريحة بالعمل العسكري، ونشر الأسلحة في المنطقة، زادت من احتمال استخدام الولايات المتحدة للقوة الغاشمة للتعامل مع توسع البرنامج النووي الإيراني".

 

وأشار الأدميرال سام بابارو من القيادة الأميركية لمنطقة المحيطين الهندي والهادي، إلى أن أكثر من 70 رحلة شحن جوية نقلت كتيبة دفاع جوي أميركية من طراز باتريوت من المحيط الهادي إلى الشرق الأوسط، دون أن يكشف عن الموقع الدقيق لنشر كتيبة باتريوت.

 

وأوضحت المجلة أن بطارية ثاد ثانية نشرت في إسرائيل، وقالت إن نحو 100 جندي أميركي يتمركزون في إسرائيل لتشغيل هذا النظام الذي تبلغ تكلفته مليار دولار، والذي يتكامل مع أنظمة الرادار والدفاعات الجوية الإسرائيلية، ويستطيع اعتراض أهداف على بعد يصل إلى 124 ميلا.

 

وبالفعل نشر البنتاغون قاذفات شبح من طراز بي-2 سبيريت في قاعدة دييغو غارسيا في المحيط الهندي، وهي تستطيع حمل رؤوس نووية قادرة على القيام بمهام اختراق عميق، وهي جزء من إستراتيجية ردع أوسع نطاقا، في الوقت الذي تستعد فيه الولايات المتحدة لمواجهة محتملة.

 

وتوجد الآن في المنطقة -حسب المجلة- حاملتا الطائرات الأميركية، هاري إس ترومان وكارل فينسون، وهما تعززان قدرة واشنطن على ردع الاستفزازات البحرية الإيرانية والرد على التهديدات، بما في ذلك هجمات الحوثيين على سفن الشحن في البحر الأحمر.

 

وقال سينا ​​آزودي "أعتقد أن الإيرانيين يستكشفون سبل الدبلوماسية مع إدارة ترامب لمعرفة معايير هذا الاتفاق، فإذا كانت واشنطن تسعى لتفكيك البرنامج النووي، فلن يكون هناك اتفاق، ولكن إذا كانت، كما قال ترامب ومبعوثه للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف، تريد التحقق فقط، فهناك فرص للتوصل إلى اتفاق، بشرط أن تقبل الولايات المتحدة قدرة تخصيب في إيران".

 

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي "بجدية ويقظة صريحة، نمنح الدبلوماسية فرصة حقيقية. ينبغي للولايات المتحدة تقدير هذا القرار الذي اتخذ رغم الضجيج السائد".


مقالات مشابهة

  • تحذيرات من كارثة.. وقف المساعدات الأمريكية يهدد حياة ملايين الأطفال
  • وزير الطاقة السعودي ووزير الطاقة الأميركي يبحثان تعزيز التعاون
  • نيوزويك: ما تجب معرفته عن التعزيزات العسكرية الأميركية في البحر الأحمر
  • صادرات الخدمات الأميركية تتضرر من رسوم ترامب على الصين
  • برنامج مكافحة سوء التغذية يحذر من كارثة ستؤدي إلى قتل الأطفال نتيجة وقف المساعدات الأمريكية
  • ترامب والرسوم الجمركية.. نهاية الهيمنة الأمريكية وبداية لعالم متعدد الأقطاب
  • وزارة الخارجية: المملكة ترحب باستضافة سلطنة عُمان للمحادثات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة الأمريكية
  • وزير الخارجية العُماني: المحادثات الأميركية-الإيرانية جرت في جو ودي
  • رئيس الدولة يستقبل وفداً من الكونجرس الأميركي
  • القوات الأميركية في الشرق الأوسط .. من العراق إلى الخليج