موقع النيلين:
2025-04-14@11:13:14 GMT

عادل الباز: إلى ظل ممدود.. عم أحمد (1-2)

تاريخ النشر: 12th, February 2025 GMT

1سبحان الله! ما إن فرغتُ من قراءة الصفحة الأخيرة من مذكرات الأستاذ أحمد عبد الرحمن، الذي يحلو لنا دائمًا أن نسميه «عم أحمد»، حتى وصلني النبأ الحزين. فهرعت فيه بآمالي إلى الكذب، وكنت، كعادتي، قد ملأت هوامش الكتاب بتعليقات ونقاط وتساؤلات حول ما ورد من معلومات جديدة فيه، بهدف إرسال استفسارات إلى ابنته عفاف، التي بذلت جهدًا عظيمًا في تدوين هذه المذكرات المهمة، واستحقت بذلك عفو أبيها وشكره، الذي زيّن به مقدمة الكتاب.


2
قبل نحو أربعين عامًا، عرفتُ عم أحمد في مدينة الدويم، التي تربطه بها صلة نسب، حيث تزوج (نور) علي الحاج، والتي أهداها مذكراته، وقال عنها بمحبة غامرة: «كانت عيني وسندي في الشدة والرخاء». كان وقتها قياديًا في الجبهة الإسلامية القومية، ومنذ لقائي الأول به، ترسخت صورته في ذهني: رجل ودود، بشوش، إنسان بكل ما تحمله الكلمة من معنى. ومنذ ذلك الوقت، لم نفارقه في كل الأحوال والتقلبات التي زخرت بها حياته العامرة بالبذل والعطاء.
لم يتوقف لحظة واحدة عن العطاء. كانت حياته كلها جهادًا متصلًا منذ أيام الدراسة في أم درمان الأهلية. عاش حياة شاقة، عانى فيها الكثير، لكنه عاشها للناس وبالناس. بادلوه حبًا بحب، لكنه دفع أثمانًا باهظة لأجل ما آمن به، حتى أسلم الروح إلى بارئها بمدينة نصر بالقاهرة مساء أول أمس.
3
كنا، إذا اشتدت الأزمات وهاجت أعاصير السياسة – وما أكثر هيجانها – نبحث عن عم أحمد. كنا نعلم يقينًا أنه إما في البرلمان، أو في بيته، أو في مناسبة ما. اعتدنا أن نطوف على بيته، حيث يلقاك أهله دائمًا بالبشاشة والترحاب. ولا أذكر يومًا أننا طرقنا بابه؛ كان دائمًا مفتوحًا، والديوان عامر بالضيوف.
كنا نندهش من قدرته العجيبة على جمع الناس، رغم اختلاف مشاربهم واتجاهاتهم لا يجمعهم جامع إلا ديون وقلب عم أحمد. كان شخصية فريدة في تواصله الاجتماعي، فلا تفوته مناسبة، لا زواج ولا عزاء، سواء كان في أقاصي العاصمة أو في الأقاليم. يُروى أنه عندما أُطلق سراحه ورفيقه عمر نور الدائم من سجون نميري، أصرا على أداء واجب العزاء قبل أن يذهبا إلى بيوتهما.
4
كان ديوان عم أحمد أشبه ببرلمان مصغر. النقاشات التي لا تكتمل تحت قبة البرلمان كانت تُستكمل في صالونه الأنيق، والعقد السياسية التي استعصت على الحل تُفك بحنكته الخاصة والمحببة للجميع. العجيب أن ذلك الديوان ظل كما هو رغم تقلب الزمان بصاحبه. فقد كان يومًا سياسيًا مطاردًا أيام الجبهة الوطنية، ثم وزيرًا في حكومة مايو، ثم سجينًا في ذات الحكومة، ثم قياديًا في الجبهة الإسلامية، ووزيرًا في الإنقاذ.
تقلبت به الأحوال، لكن ظل عم أحمد كما هو، وديوانه كما هو، مفتوحًا للجميع. وكنّا نظل نطوف عليه، نستمع ونسجل ونتعلم.
5
في مذكراته الممتعة، يروي أحمد عبد الرحمن الكثير عن تلك الأهوال والتقلبات. وحين تجلس إليه لتسمع حكايته، يجذبك بأسلوبه السردي المتدفق بالمعلومات، حتى تتمنى ألا يتوقف. وكذلك حين تقرأ مذكراته، تجد نفسك مشدودًا بأسلوبه السلس المفعم بالقصص.
ومن أطرف الحكايات التي رواها، أنه حين تم تعيينه وزيرًا للداخلية في عهد نميري، كان أول ما اهتم به هو إصلاح السجون، فقرر أن يجعلها مكانًا لائقًا لاستقبال المعتقلين السياسيين. سمح بإدخال الطعام من ذويهم، لأن الطعام الذي توفره الحكومة كان مشكلة في كميته ونوعيته.
وما إن أنهى مهمته تلك بنجاح، لم يمكث طويلًا حتى أصبح ضيفًا على ذات السجون التي أصلحها! ويقول عم أحمد ساخرًا: «كنت أردد دائمًا وأنا وزير للشؤون الداخلية: (بكرة نحنا ذاتنا يجيبونا هنا)». كان الناس يضحكون من عبارته، لكنها تحققت عندما زج نميري بالإسلاميين في السجون عام 1985.
نواصل…

عادل الباز

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: عم أحمد دائم ا

إقرأ أيضاً:

التصرف الشرعي لشخص دائم الشك في الوضوء فور بدء الصلاة

تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالًا من سيدة تعاني منذ 3 سنوات من تكرار الشك في وضوئها، سواء أثناء الوضوء أو بعده، وكذلك في صلاتها بعد الانتهاء منها، مما يدفعها لإعادة الوضوء والصلاة أكثر من مرة. وسألت السائلة عن الحكم الشرعي الواجب اتباعه حتى تطمئن إلى صحة عبادتها.

وجاء رد دار الإفتاء واضحًا، موضحًا أن ما تعانيه السائلة من شك في الطهارة أو الصلاة يحدث بعد التيقن من أدائهما، وهو ما يجعل هذا الشك غير معتبر شرعًا. فالمعيار في هذه الحالة أن "الشك لا يرفع اليقين"، وبالتالي فإن وضوءها وصلاتها صحيحة، ولا ينبغي لها أن تلتفت لهذا الشك المتكرر.

وأضافت الدار أن هذه الوساوس قد تتحول إلى عادة، لكنها لا تؤثر في الحكم طالما لم يحصل يقين بوجود ما ينقض الوضوء أو يبطل الصلاة. وإذا لم تتيقن السائلة من وقوع حدث أو ترك ركن من أركان الصلاة، فإن عبادتها صحيحة ولا يلزمها الإعادة.

هل لمس المرأة ينقض الوضوء؟.. دار الإفتاء تجيبهل الصلاة في المواصلات جائزة؟.. دار الإفتاء تجيب

ونصحت دار الإفتاء السائلة أن تكتفي بالوضوء مرة واحدة، وتصلي دون الرجوع إلى تلك الوساوس مهما شعرت بالقلق، مؤكدة أن الالتزام بذلك كفيل بأن يساعدها على التغلب على الشك في وقت قصير، لأن الإسلام دين يُسر، ولا يحمّل الإنسان فوق طاقته.

واستشهدت الدار بما رواه الإمام مسلم وأحمد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثا أو أربعا فليطرح الشك وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم»، مما يثبت أن الأصل في التعامل مع الشك هو البناء على اليقين وتجاهل التردد، مع الالتزام بسجود السهو عند الحاجة.

واختتمت دار الإفتاء بيانها بالتأكيد أن من يتبع هذا التوجيه سينجح في تجاوز هذه الوساوس ويستعيد اطمئنانه في عبادته.

مقالات مشابهة

  • التصرف الشرعي لشخص دائم الشك في الوضوء فور بدء الصلاة
  • عادل الباز يكتب: عروة.. “غاب بعد طلوع.. وخبا بعد التماع” (1)
  • رئيسة البريد تتفقد مكاتب بريد القليوبية لمتابعة حركة انتظام العمل
  • رئيس البريد: تطوير شامل للخدمات ومراجعة منظومة المكافآت| صور
  • ترامب للصحفيين: أنا متاح دائمًا على عكس بايدن.. فيديو
  • عُمان هي الدختر
  • محمد إمام يواجه تكدس مشاريع مؤجلة.. إليكم التفاصيل
  • برج الدلو حظك اليوم السبت 12 إبريل 2025.. كن مرنًا دائمًا
  • الملياردير الإستقلالي والوزير الأسبق عادل الدويري: سعيد جداً بالرسوم الجمركية التي فرضها ترامب
  • Euroviews. صعود اليورو كملاذ آمن: موجة عابرة أم تحول دائم؟