سياسة ترامب الجمركية.. مكاسب سريعة ومخاطر طويلة الأمد
تاريخ النشر: 12th, February 2025 GMT
لفت محمد العريان، رئيس كلية كوينز في جامعة كامبريدج، إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعتبر التعريفات الجمركية "أجمل" كلمة في قاموسه، ويستخدمها لتحقيق أهداف متعددة. غير أن خبراء الاقتصاد حذروا من مخاطر اعتماد أداة واحدة لتحقيق نتائج مختلفة، ما قد يوقع الولايات المتحدة في فخ اقتصادي معقد.
استراتيجية متعددة الجوانبفي الأيام الأخيرة، بدا أن الإدارة الأمريكية تعتمد نهجاً جمركياً يحقق مكاسب سريعة، لكنه قد يسبب أضراراً طويلة الأمد، تبعاً لمدى تكرار استخدام الرسوم وكيفية استجابة الأسواق والدول الأخرى لها.
وكتب العريان في "بلومبرغ" أن القاعدة الاقتصادية التي وضعها يان تينبرغن، الحائز على جائزة نوبل، تؤكد ضرورة تخصيص أداة سياسية لكل هدف على حدة، محذراً من أن محاولة تحقيق أهداف متعددة بأداة واحدة قد يؤدي إلى نتائج جزئية أو فشل تام.
Trump’s tariff policies may have unintended risks ranging from stagflation to the erosion of US influence on the global stage, @elerianm says https://t.co/l8wOKjMD2C
— Bloomberg Opinion (@opinion) February 11, 2025 تضارب الأهدافاستناداً إلى هذه الحكمة الاقتصادية، رفض العديد من الخبراء في أكتوبر الماضي فكرة أن إدارة ترامب قد تستخدم التعريفات الجمركية في آنٍ واحد لتوليد الإيرادات، وحماية الصناعات المحلية، وممارسة ضغوط سياسية. فحماية الشركات المحلية تعني خفض الواردات، ما يقلل العائدات الجمركية، كما أن استخدام الرسوم لتحقيق أهداف سياسية قد يتعارض مع استقرار الأسواق والحد من التضخم.
ثلاثة محاور رئيسيةتشير التطورات الأخيرة إلى أن استراتيجية التعريفات الأمريكية تتشكل حول ثلاثة محاور رئيسية:
فرض رسوم جمركية على دول عدة لزيادة الإيرادات وتحقيق معاملة تجارية متكافئة. فرض تعريفات محددة لحماية قطاعات معينة مثل الصلب والألمنيوم. التلويح بفرض رسوم مشددة على دول بعينها لتحقيق أهداف سياسية. المكاسب والمخاطريمنح حجم الاقتصاد الأمريكي وقوته دورياً الإدارة الأمريكية اليد العليا في المفاوضات التجارية، ما يسهل تحقيق انتصارات سريعة، كما حدث مؤخراً مع كولومبيا.
غير أن استمرار هذا النهج قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة، إذ يمكن أن تتسبب التعريفات في رفع الأسعار وإبطاء النمو، خاصة مع ضعف القدرة الشرائية للفئات محدودة الدخل وتأثر الشركات بالتضخم المتسارع بعد الجائحة.
وعلى المدى البعيد، قد تؤدي هذه السياسات إلى إضعاف مكانة الولايات المتحدة كشريك تجاري موثوق، مما يقلل من التبادلات الثنائية ويقوض دورها في النظام الاقتصادي العالمي.
بين التعاون والمواجهةمن منظور نظريات اللعبة الاقتصادية، فإن التجارة تعتمد على التعاون لتحقيق مكاسب مشتركة. ورغم أن الولايات المتحدة تستفيد حالياً من نهجها الأحادي، فإن استمرار التعامل مع التجارة كمنافسة صفرية قد يؤدي في النهاية إلى خسائر للجميع، بما في ذلك الاقتصاد الأمريكي.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام المجتمع اتفاق غزة سقوط الأسد إيران وإسرائيل القمة العالمية للحكومات غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية ترامب الاقتصاد ترامب الولايات المتحدة الاقتصاد
إقرأ أيضاً:
كيف تضرب التعريفات الجمركية الفئات الأكثر فقرًا في أميركا؟
تشير تقارير حديثة إلى أن التعريفات الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس دونالد ترامب قد تؤثر بشكل غير متناسب على الفئات الأكثر فقرًا في المجتمع الأميركي، مما يزيد من الضغوط الاقتصادية على الأسر ذات الدخل المنخفض، في وقت تشهد فيه الأسواق اضطرابات متزايدة.
ووفقًا لتقرير نشرته بلومبيرغ، فإن سياسات التجارة الجديدة، التي تشمل فرض تعريفات تصل إلى 25% على السلع المستوردة من المكسيك وكندا، قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية التي تعتمد عليها الأسر ذات الدخل المحدود.
الفئات الأكثر تضررًاوبحسب المحللة المالية مولي سميث، فإن التعريفات الجمركية المفروضة على السلع الاستهلاكية مثل المواد الغذائية، والأجهزة الإلكترونية، والملابس، تؤثر بشكل أكبر على الفئات ذات الدخل المحدود، التي تنفق نسبة كبيرة من دخلها على هذه المنتجات. وأضافت: "عندما ترتفع تكاليف الاستيراد، ينعكس ذلك مباشرة على الأسعار في المتاجر، مما يجعل الاحتياجات الأساسية أكثر كلفة للفئات الضعيفة".
ويشير التقرير إلى أن الأسر ذات الدخل المنخفض تخصص أكثر من 30% من دخلها الشهري لشراء السلع المستوردة، مما يجعل أي زيادة في الأسعار عبئًا إضافيًا عليها، مقارنةً بالأسر ذات الدخل المرتفع التي يمكنها امتصاص هذه التكاليف بسهولة أكبر.
ومع استمرار تطبيق التعريفات، شهدت الأسواق المالية تذبذبات حادة، حيث تراجع مؤشر إس آند بي 500 إلى أدنى مستوياته منذ بداية العام، بينما انخفض مؤشر داو جونز بنسبة 1.8% يوم الجمعة الماضي.
إعلانوفي ظل هذه التقلبات، قال الخبير الاقتصادي نيك بلوم من جامعة ستانفورد: "التعريفات الجمركية تؤدي إلى ارتفاع مستوى عدم اليقين في الأسواق، مما يجعل الشركات أكثر تحفظًا في الاستثمار، ويدفع المستهلكين إلى تقليص إنفاقهم، مما قد يزيد احتمالية حدوث ركود اقتصادي".
وتشير البيانات إلى أن معدل التضخم قد يرتفع بمقدار 0.5 إلى 0.8 نقطة مئوية خلال الأشهر المقبلة نتيجة للضرائب الجمركية الجديدة، مما يزيد من الأعباء على المستهلكين الأميركيين، خاصةً مع ارتفاع تكاليف الطاقة والغذاء.
جدل حول التعريفاتمن جانبه، دافع الرئيس ترامب عن سياساته التجارية، وصرّح في مقابلة مع فوكس نيوز: "نحن بحاجة إلى هذه التعريفات لإعادة التوازن إلى تجارتنا وجعل أميركا عظيمة مجددًا. هناك بعض الاضطرابات الآن، لكنها مؤقتة، وسنحقق فوائد اقتصادية هائلة على المدى الطويل".
لكن المعارضين لسياسة ترامب يرون أن هذه التعريفات قد تؤدي إلى نتائج عكسية، حيث انتقدها العديد من المشرعين وخبراء الاقتصاد الذين يرون أنها تلقي بثقلها على الطبقة المتوسطة والفئات الفقيرة، دون تقديم حلول فعلية لتعزيز الاقتصاد الأميركي.
وفي ظل استمرار هذه السياسات، يترقب الاقتصاديون تقرير وزارة العمل المقبل لقياس مدى تأثر سوق العمل، حيث من المتوقع أن تتأثر الصناعات التي تعتمد على المواد المستوردة، مثل التصنيع والتجزئة، مما قد يؤدي إلى تباطؤ التوظيف في بعض القطاعات.