ترامب والاحتياطي الفيدرالي: معركة الفائدة وتأثيرها على الأسواق
تاريخ النشر: 12th, February 2025 GMT
مع بداية ولاية الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، برزت عدة مواقف أطلقها، منها مطالبته بخفض أسعار النفط، وبعد انخفاضها، أعلن أنه سيطالب بخفض أسعار الفائدة على الدولار، ورأى أيضًا أنه يجب أن تنخفض أسعار الفائدة عالميًا، جاءت هذه التصريحات خلال كلمته الافتراضية في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، الذي يعقد سنويًا في شهر يناير.
كما أطلق تحذيراته المستمرة، حتى قبل توليه الرئاسة، بشأن فرض تعريفات جمركية على الصين وكندا والمكسيك، وكذلك على الدول الأوروبية الصناعية الكبرى، إضافة إلى مواقفه المتكررة حول تشجيع الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة، ومطالبته الشركات بإنشاء المزيد من المصانع هناك، ولا يمكن إغفال موقفه الأخير تجاه العملات الرقمية، وتعهداته بجعل الولايات المتحدة مركزا عالميا لهذه العملات.
تأثير ترامب على وول ستريت
بالنسبة للسوق الأمريكي، فإن خفض معدلات الفائدة مستقبلا سيدعم مستويات الأسعار، لكن هناك حذرا من قبل الاحتياطي الفيدرالي بشأن عودة التضخم، مما يجعله يدرس كل البيانات الجديدة بعناية قبل اتخاذ أي قرار، وكما هو معروف، فإن الفيدرالي يهدف إلى تعزيز التوظيف، وتقوية سوق العمل، والحفاظ على استقرار النظام المالي، وضمان استقرار الأسعار والفائدة طويلة الأجل.
جدير بالذكر أن الاحتياطي الفيدرالي أعطى الأولوية لاستقرار الأسعار في السنوات الأخيرة، حتى لو كان ذلك على حساب الاقتصاد، للسيطرة على معدلات التضخم التي ارتفعت بشكل كبير منذ أزمة كورونا.
تصريحات ترامب بشأن خفض الفائدة تتعارض مع موقف الفيدرالي، الذي يسعى للحفاظ على استقلالية قراراته، وقد تحدثت العديد من المقالات والمؤسسات المالية عن احتمال وقوع صدام بين ترامب والاحتياطي الفيدرالي بهذا الشأن، مما قد يؤدي إلى تقلبات في الأسواق المالية، يُذكر أن السوق الأمريكي حقق مكاسب قوية في عام 2024، حيث ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بأكثر من 23%، محققا مستويات قياسية عدة مرات.
ووفقا لتوقعات بنك جولدمان ساكس، يُتوقع استمرار ارتفاع الأسواق خلال عام 2025، مع وصول مؤشر ستاندرد آند بورز إلى 6300 نقطة بنهاية العام، مدعوما بتخفيض معدلات الفائدة ونمو أرباح الشركات، ومع ذلك، تختلف آراء المؤسسات المالية الكبرى بشأن أداء السوق الأمريكي في العام الجاري.
تأثير ترامب على أسعار الذهب
حقق الذهب في العام الماضي أقوى أداء سنوي له خلال 14 عاما، حيث ارتفع بأكثر من 27%، محققا أرقاما قياسية على مدار السنة، وتشير التوقعات إلى إمكانية وصول أسعار الذهب إلى 3000 دولار للأونصة قريبًا، مدفوعة بتوقعات خفض معدلات الفائدة في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو.
وأي قرارات مفاجئة من ترامب قد تؤدي إلى زيادة التقلبات في السوق، مما يجعل الذهب وجهة جذابة للمضاربين، وفي المقابل، يترقب فريق آخر من المستثمرين تصحيحا في الأسعار لبناء مراكز استثمارية طويلة الأجل، وبالتالي، تنقسم التوقعات بين من ينتظر التراجع ومن يتوقع استمرار الارتفاعات دون تصحيح.
أداء الذهب خلال الولاية الأولى لترامب
في الفترة بين 2017 و2021، سجل الذهب مكاسب قوية، ففي عام 2017، ارتفعت الأسعار بأكثر من 13.5% من 1150 دولارا إلى 1300 دولار، أما في 2018، فقد تراجعت الأسعار بنسبة 1.6%، لكن الارتفاعات القوية في الأشهر الأخيرة عوضت معظم الخسائر.
وفي 2019، حقق الذهب مكاسب بنحو 18%، مرتفعا من 1280 دولارا إلى 1516 دولارا، أما في 2020، فشهدت الأسواق تقلبات عنيفة بسبب جائحة كورونا، مما دفع الذهب للصعود بنسبة 25%، حيث تخطت الأونصة حاجز 2000 دولار للمرة الأولى في التاريخ، قبل أن تتراجع إلى 1900 دولار.
تأثير التعريفات الجمركية
أما بالنسبة لتأثير التعريفات الجمركية، فإنها تشكل تحديا كبيرا خاصة للدول الصناعية الكبرى مثل ألمانيا، التي تعتمد على التصدير، لا سيما في قطاع السيارات، وأي فرض تعريفات جمركية جديدة قد يضغط على أداء الشركات الألمانية، ما قد يدفعها إلى البحث عن أسواق جديدة لتعويض السوق الأمريكي، وهو أمر ليس سهلا.
وبالنسبة للصين، يسعى ترامب إلى تقليص العجز التجاري الكبير بين البلدين، بينما تواجه بكين تحديات اقتصادية خاصة في قطاع العقارات، الذي لا يزال في مرحلة إعادة الهيكلة.
إضافة إلى ذلك، تواجه شركات الذكاء الاصطناعي الأمريكية، التي تُقدّر قيمتها السوقية بمئات المليارات، منافسة شرسة، لا سيما بعد أزمة شركة ديب سيك، التي أدت إلى ما يُعرف بـ«الاثنين الأسود» لقطاع الذكاء الاصطناعي، حيث فقدت الأسواق المالية أكثر من 1 تريليون دولار، منها 600 مليار دولار خسرتها شركة إنفيديا وحدها، وهي أكبر خسارة يومية تُسجلها شركة أمريكية.
ولإدراك حجم هذه الخسارة، يكفي القول إنها تعادل القيمة السوقية لشركتي نتفليكس وأوراكل مجتمعتين. نتيجة لذلك، أصبحت شركات التكنولوجيا مطالبة بمراجعة خططها للنمو وتوضيح استراتيجياتها المستقبلية، لا سيما من حيث التوسع والتكاليف، التي ستكون محط أنظار المستثمرين.
لا شك أن المنافسة ستظل قوية، مما سيحفز الشركات على تحسين بيئات العمل وتقليل التكاليف، وهو ما سيعود بالفائدة على المستهلك في نهاية المطاف.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
الدولار يرتفع بعد قرار ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة
شهدت أسعار الدولار الأمريكي، ارتفاعًا مقابل العملات الأجنبية الاخرى خلال تعاملات اليوم الاثنين 10-2-2025، وذلك بعدما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عزمه فرض رسوم جمركية جديدة بنسبة 25 بالمئة على جميع واردات الصلب والألومنيوم، هذا القرار أدى إلى ضغوط على اليورو، إضافة إلى تراجع الدولار الأسترالي والنيوزيلندي، المرتبطين بأسواق السلع.
وقال ترامب أيضا إنه سيعلن عن رسوم جمركية متبادلة يوم الثلاثاء أو الأربعاء، وتطبيقها على جميع الدول ومطابقة معدلات الرسوم الجمركية التي تفرضها كل دولة. وتزيد هذه الخطوة من التوترات بشأن حرب تجارية عالمية، حيث من المقرر أن تدخل الرسوم الجمركية الانتقامية التي تفرضها الصين على السلع الأميركية حيز التنفيذ اليوم الاثنين.
وبحسب بيانات وكالة "رويترز"، انخفض اليورو 0.1 بالمئة إلى 1.0317 دولار في التعاملات المبكرة، ليقترب من أدنى مستوى في أكثر من عامين عند 1.0125 دولار الذي لامسه الأسبوع الماضي وذلك مع تأهب المستثمرين للرسوم الجمركية التي هدد ترامب مرارا وتكرارا بفرضها على أوروبا.
وهبط الدولار الأسترالي 0.21 بالمئة إلى 0.6264 دولار، ليحوم بالقرب من أدنى مستوى في خمس سنوات والذي لامسه الأسبوع الماضي، في حين تراجع الدولار النيوزيلندي 0.12 بالمئة إلى 0.5649 دولار.
وتراجع الدولار الكندي بأكثر من 0.2 بالمئة حيث تعد كندا أكبر مورد للمعدن الأولي للألومنيوم إلى الولايات المتحدة.
قالت تشارو تشانانا، رئيسة استراتيجيات الاستثمار في ساكسو، إنه لم يعد من الممكن استخدام الاستراتيجيات القديمة لأن الصين لم تعد موردا مهمًا للصلب إلى الولايات المتحدة بعد الرسوم الجمركية لعام 2018.
وأضافت "ومع ذلك، قد لا يكون القلق الفوري هو التضخم، لأنه قد تكون هناك تأثيرات مضادة مثل تباطؤ الطلب. القلق الأكبر يتمثل في حالة عدم اليقين والتحول نحو عالم أكثر حماية".
وبعيدا عن ترامب، سينصب تركيز المستثمرين على بيانات التضخم الأميركية الأربعاء وظهور رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول أمام مجلس النواب يومي الثلاثاء والأربعاء، مع احتمال أن تكون الرسوم الجمركية في دائرة الضوء.قال المحللون إن الرسوم الجمركية قد تكون تضخمية وتضع المزيد من الضغوط على مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) للإبقاء على ارتفاع أسعار الفائدة. وتتوقع الأسواق خفض أسعار الفائدة بمقدار 36 نقطة أساس هذا العام، هبوطا من 42 نقطة أساس بعد تقرير الرواتب المتفائل يوم الجمعة.
قال خبراء الاستراتيجيات في شركة ماكواري للخدمات المالية والاستثمارية إن تقرير التوظيف لشهر يناير يرسل رسالة متفائلة بشأن سوق العمل والنمو الاقتصادي الإجمالي، لكن حالة عدم اليقين المرتفعة دفعت الشركة إلى تغيير وجهة نظرها بشأن مسار سياسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي هذا العام.
أضاف الخبراء "وجهة نظرنا المحدثة هي عدم تغيير سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية خلال عام 2025، ومن المرجح أن يظل في نطاق 4.25 إلى 4.5 بالمئة. في السابق، اقترحنا أنه سيكون هناك خفض آخر بمقدار 25 نقطة أساس إما في مارس أو مايو".
واستقر مؤشر الدولار، الذي يقيس العملة الأميركية مقابل ست عملات رئيسية أخرى، عند 108.23 في التعاملات المبكرة. لم يطرأ أي تغير يذكر على الجنيه الإسترليني واستقر عند 1.23915 دولار.
ونزل الين الياباني 0.4 بالمئة إلى حوالي 152 ينا مقابل الدولار، لكنه ظل قريبا من أعلى مستوى له في شهر واحد والذي لامسه الجمعة وسط تزايد التوقعات برفع بنك اليابان أسعار الفائدة هذا العام.