أمة واحدة في وجه التحديات: مصر والسعودية والإمارات.. شراكة تصنع المستقبل
تاريخ النشر: 12th, February 2025 GMT
تواجه منطقتنا العربية تحديات جمة في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخها، تحديات تتطلب منا جميعًا التكاتف والتعاون لمواجهتها والتغلب عليها. وفي خضم هذه التحديات، تبرز أهمية الشراكة الاستراتيجية بين مصر والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، كقوى محورية في العالم العربي، وقائدة قادرة على توجيه المنطقة نحو الاستقرار والازدهار.
إن العلاقات بين هذه الدول ليست مجرد علاقات ثنائية أو ثلاثية عادية، بل هي علاقات تاريخية عميقة الجذور، تقوم على أسس راسخة من الأخوة والتضامن والتفاهم المشترك. وقد أثبتت التجارب والأزمات عبر التاريخ أن هذه العلاقة هي صمام الأمان للمنطقة، ودرعها الواقي في وجه التحديات والأخطار.
دور الشعوب الشقيقة:
لا تقتصر أهمية هذه العلاقة على القيادات السياسية فقط، بل تمتد لتشمل الشعوب الشقيقة، التي يجمعها تاريخ مشترك، وثقافة متقاربة، ومصير واحد.فالشعب المصري والشعب السعودي والشعب الإماراتي، هم عمق هذه العلاقة، وهم وقودها الذي يدفعها إلى الأمام.
إن الشعب المصري، بشخصيته العريقة، وحضارته الخالدة، يساهم بشكل كبير في تعزيز هذه العلاقة، من خلال ما يتمتع به من كفاءات وقدرات في مختلف المجالات. كما أن الشعب السعودي، بكرمه ونخوته، يحرص على دعم إخوانه في مصر والإمارات، والوقوف إلى جانبهم في كل الظروف. ولا ينسى أحد الدور المحوري الذي تقوم به دولة الإمارات العربية المتحدة، قيادةً وشعباً، في دعم قضايا الأمة العربية، ومد يد العون والمساعدة لكل محتاج، ومد جسور التواصل والمحبة مع الجميع.
قيادة حكيمة ورؤية مشتركة:
إن المملكة العربية السعودية، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، تلعب دورًا محوريًا في المنطقة، من خلال مواقفها الثابتة ودعمها المستمر للقضايا العربية العادلة. كما أن المملكة، بفضل رؤيتها الطموحة "2030"، تسعى جاهدة لتحقيق التنمية المستدامة والازدهار الاقتصادي ليس فقط للمملكة، بل للمنطقة بأسرها.
كما أن دولة الإمارات العربية المتحدة، بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، وتسعى جاهدة لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، ودعم الجهود الرامية إلى تحقيق السلام والازدهار.
وفي هذا السياق، تأتي الشراكة بين مصر والسعودية والإمارات كعامل حاسم في تحقيق هذه الأهداف، حيث تجمع بين قوة مصر التاريخية وثقلها السياسي والثقافي، وبين إمكانات المملكة الاقتصادية وموقعها الاستراتيجي، وبين رؤية الإمارات الطموحة وقيادتها الحكيمة. هذه الشراكة تمثل قوة دفع هائلة للمنطقة، وقادرة على تحقيق الاستقرار والسلام والازدهار.
تحديات مشتركة ومستقبل واعد:
إن التحديات التي تواجهنا اليوم، سواء كانت تحديات اقتصادية أو سياسية أو أمنية، تتطلب منا جميعًا العمل المشترك والتنسيق المستمر. ومصر والسعودية والإمارات، من خلال قيادتها الحكيمة، تعمل على تعزيز هذا التعاون والتنسيق، من خلال تبادل وجهات النظر وتوحيد المواقف، والعمل المشترك على حل النزاعات والأزمات في المنطقة.
إننا على ثقة بأن هذه الشراكة الاستراتيجية بين مصر والسعودية والإمارات، ستظل صمام الأمان للمنطقة، وستقودنا نحو مستقبل أفضل، يسوده الأمن والسلام والازدهار، بفضل تكاتف الشعوب الشقيقة، والقيادة الحكيمة في هذه الدول.
اقرأ أيضاًماكرون يرفض مقترح «ترامب» بتهجير الفلسطينيين من غزة
الولايات المتحدة والإمارات تناقشان وقف إطلاق النار في غزة ولبنان
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: السعودية الإمارات فلسطين الأردن غزة التهجير مخطط التهجير مصر والسعودیة والإمارات هذه العلاقة من خلال
إقرأ أيضاً:
السودان والإمارات أمام محكمة العدل الدوليةمعركة القانون كمرآة لصراع الهيمنة الإقليمية
الخرطوم – العدل الدولية – الإمارات
رفعت الحكومة السودانية شكوى رسمية أمام محكمة العدل الدولية تتهم فيها الإمارات بدعم قوات "الدعم السريع" في الحرب الأهلية الدائرة منذ عام 2023، وهو تطور غير مسبوق في العلاقات بين بلدين لطالما تداخلت مصالحهما في الأمن والاستثمار والنفوذ الإقليمي. لكن هذه الخطوة، من الناحية الفعلية، لا يمكن اختزالها في بعدها القانوني فقط، بل تمثل نقلة استراتيجية كبرى تُعيد رسم خرائط التحالفات والمواجهات في منطقة تمور بالتغيرات.
أولًا- خلفيات الشكوى – من الحليف إلى المتهم
الإمارات كانت حتى وقت قريب أحد أبرز الداعمين للسلطة العسكرية في السودان، وساهمت عبر دعمها المالي والسياسي في تثبيت أركان الحكم الانتقالي منذ 2019. غير أن انزلاق الحرب بين الجيش السوداني بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، كشف عن مسارات جديدة للتدخلات الخارجية.
تشير تقارير استخباراتية وتقارير أممية إلى أن الإمارات قدمت، أو سهلت، دعمًا عسكريًا وماليًا كبيرًا لقوات الدعم السريع عبر وسطاء في ليبيا وتشاد، وهو ما تراه الحكومة السودانية انتهاكًا لسيادتها ولقواعد القانون الدولي.
ثانيًا- لماذا الآن؟ لحظة التحول السياسي داخليًا
تأتي الشكوى في توقيت حساس داخليًا:
البرهان وإعادة تشكيل صورته- بعد أشهر من الاتهامات بتمرير سياسات خارجية على حساب المصلحة الوطنية، يسعى البرهان إلى استعادة زمام المبادرة بتقديم نفسه كـ"مدافع عن السيادة الوطنية"، متحديًا أحد أقوى حلفائه السابقين.
الضغط على المشهد الدولي: وسط انشغال الغرب بالحرب في أوكرانيا والمأساة الإنسانية في غزة، تحاول الخرطوم كسر حالة التعتيم الدولي على مأساتها عبر اللجوء إلى أدوات القانون الدولي.
ثالثًا- أبعاد الصراع – الإمارات، النفوذ، والاحتواء
الإمارات التي بنت منظومة نفوذ متداخلة في شرق إفريقيا، تجد نفسها اليوم في موقع "المدعى عليه"، لا بسبب نشاط مباشر بالضرورة، ولكن بسبب هندستها لتحالفات مع قوى محلية كـ"الدعم السريع". شكوى السودان قد تفتح الباب لتدقيق أوسع في أدوارها في ليبيا، اليمن، إريتريا، وحتى الصومال.
كما أن الخطوة ترسل إشارات ضمنية إلى تركيا وقطر وإيران بأن السودان لن يبقى حقل اختبار للصراعات بالوكالة، بل سيسعى لفرض خطوط حمراء جديدة.
رابعًا- من القضاء إلى الفعل السياسي – تعقيدات الإثبات واستراتيجيات المواجهة
القضية أمام المحكمة ستصطدم بعقبات إثبات كبيرة، منها:
صعوبة تقديم أدلة علنية قابلة للفحص القانوني دون كشف مصادر استخباراتية.
احتمال لجوء الإمارات إلى استراتيجية "الإنكار الكامل" أو تحويل الشحنات إلى "مساعدات إنسانية".
احتمال استغلال البطء القضائي لتحقيق مكاسب سياسية دون انتظار نتائج نهائية.
لكن، حتى مع ذلك، فإن مجرد قبول المحكمة النظر في الشكوى قد يُعتبر نصرًا معنويًا للسودان ورسالة سياسية مدوّية.
خامسًا- ردود الفعل الدولية – صمت حذر ومواقف مرتقبة
حتى الآن، لم تُصدر دول كبرى كأمريكا، فرنسا، أو بريطانيا موقفًا رسميًا من الخطوة السودانية. لكن مراقبين يتوقعون:
أن تُعزز تركيا وقطر موقف السودان، خاصة إن فُتحت ملفات الدعم الإماراتي لحفتر أيضًا.
أن تدفع السعودية باتجاه التهدئة، تفاديًا لانقسام التحالف الإقليمي الذي كانت جزءًا منه.
أن تستغل روسيا والصين الوضع للحديث عن "ازدواجية المعايير" في مجلس الأمن إذا طُرحت القضية هناك.
سادسًا- سيناريوهات المستقبل – من التسويات السرية إلى التصعيد العسكري
السيناريو الأكثر هدوءًا: تسوية غير معلنة تُفضي إلى استثمارات إماراتية في مناطق تحت سيطرة الحكومة، مقابل سحب الشكوى.
سيناريو التصعيد غير المباشر- دعم إماراتي متزايد عبر وسطاء، مما يؤدي لإطالة أمد الحرب وتعقيد جهود التسوية.
سيناريو التحوّل الجيوسياسي- انجذاب السودان إلى محور إيران-تركيا-قطر كردّ فعل على العزلة الخليجية، وهو ما قد يُغيّر كليًا خريطة البحر الأحمر.
حين تصبح المحاكم ساحة صراع لا تقل خطورة عن ساحات المعركة
ما يحدث هو ترجمة فعلية لتحول نوعي في أدوات المواجهة الإقليمية: من السلاح والميدان إلى القانون والمحاكم. وهذا يؤكد أن القانون الدولي لم يعد أداة محايدة بقدر ما أصبح ساحة تكميلية لمعركة النفوذ.
zuhair.osman@aol.com