تقف التحديات الهيكلية التي تواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عائقا رئيسيا أمام تحقيق التنمية المستدامة وتوفير فرص العمل الملائمة، مما يتطلب استراتيجيات مدروسة وطويلة الأجل للتصدي لهذه العقبات. وفي ظل وضع اقتصادي متقلب، يصبح من الضروري إضفاء الطابع النظامي على القطاع غير الرسمي وتطوير القطاع الخاص عبر تقديم حوافز مالية وتشريعات تتناسب مع متطلبات السوق، كما أن تحسين التعليم والتدريب ليواكب احتياجات سوق العمل يُعد مهما للتغلب على الفجوات الحالية في المهارات.

ويحتاج تعزيز آليات التوظيف والتشغيل إلى تعاون بين القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني، إذ يمكن من خلال التركيز على تطوير المهارات وتعزيز الابتكار والمساواة بين الجنسين، تحويل التحديات الاقتصادية والاجتماعية إلى فرص حقيقية. إن الحكومات مطالبة بتبني سياسات شاملة تستهدف جميع جوانب الاقتصاد، من التعليم إلى دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، مع تعزيز دور القطاع الخاص في توفير فرص العمل.

وعلى الرغم من أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تمتازان بثروات بشرية وطبيعية هائلة، إلا أنهما تواجهان تحديات اقتصادية واجتماعية تتطلب استراتيجيات مبتكرة. ومع التحولات العالمية السريعة، تصبح الحاجة إلى فرص عمل مستدامة ومؤهلة أكثر إلحاحا من أي وقت مضى. لذا، فإن إعادة التفكير في نماذج التوظيف والتدريب، خاصة في ظل الاعتماد المتزايد على الأيدي العاملة الوافدة، يمثل خطوة أساسية نحو تحقيق تنمية شاملة. وتكشف التقارير الصادرة عن صندوق النقد الدولي ومنظمة العمل الدولية عن الصورة العامة لهذه التحديات، وتسليط الضوء على ضرورة تبني استراتيجيات فعّالة للتوظيف والتشغيل، لا سيما بين الشباب والنساء.

الوضع المحلي

وأكد تقرير صندوق النقد الدولي على حاجة سلطنة عُمان إلى توفير أكثر من 220 ألف فرصة عمل لمواطنيها بحلول عام 2032 لاستيعاب الزيادة الكبيرة في عدد سكانها في سن العمل. وفقًا لتقرير القضايا المختارة الذي أصدره الصندوق مؤخرًا عن سلطنة عُمان، من المتوقع أن يدخل حوالي 550 ألف عُماني سن العمل خلال السنوات الثماني المقبلة، مما يستلزم تعزيز فرص العمل، وخاصة في القطاع الخاص.

ويشير التقرير إلى أن سلطنة عُمان قد تواجه تحديا في حالة الاستمرار في الاعتماد على القطاع العام باعتباره صاحب العمل الأساسي بسبب مخاوف الاستدامة المالية والجهود المبذولة للحد من الاعتماد على عائدات النفطية. وبينما توسع القطاع الخاص، فإنه لا يزال يعتمد بشكل كبير على الأيدي العاملة الوافدة منخفضة التكلفة، وخاصة من جنوب آسيا. ويشكل المغتربون حاليا 86% من وظائف القطاع الخاص ويهيمنون على الأدوار في البناء والعمل المحلي والتجارة، مما أدى إلى خفض تكاليف العمالة وتعزيز القدرة التنافسية في القطاعات الواعدة.

وأوضح صندوق النقد الدولي أن معظم الوظائف في القطاع الخاص التي تم إنشاؤها للعمانيين في العقد الماضي كانت مركزة في الأدوار منخفضة الأجر في البناء والتصنيع والدعم الإداري، كما ذكر التقرير. كما يسلط الضوء على التفاوت المستمر بين الجنسين في سوق العمل، حيث تبلغ مشاركة الإناث 32% فقط في عام 2023.

ويقترح خبراء الصندوق تدابير مثل الاستثمار في تعليم الطفولة المبكرة، وتوسيع برامج القيادة للنساء وتحسين الوصول إلى التمويل لرائدات الأعمال لتشجيع المزيد من المشاركة. وأضاف التقرير أن اتجاهات سوق العمل المؤيدة لتوظيف القطاع الخاص وزيادة مشاركة الإناث استمرت بعد كوفيد-19، مع اختلافات ملحوظة فقد نمت الأيدي العاملة الوافدة بأكثر من ضعف سرعة نمو الأيدي العاملة الوطنية. ومن بين العمانيين، ارتفعت العمالة في القطاع الخاص بنسبة 18٪، أي أكثر من ضعف النمو البالغ 8٪ في القطاع العام. وشهد توظيف النساء العمانيات أسرع نموا، حيث ارتفع بنسبة 23٪ بين عامي 2020 و2023، وهو ضعف معدل الرجال عند 10٪.

ولمعالجة هذه التحديات، يؤكد الصندوق على أهمية التنويع الاقتصادي المستمر تماشيا مع «رؤية عمان 2040»، والتي يمكن أن تولد فرص عمل عالية المهارة للمواطنين. ومع ذلك، يؤكد التقرير أن نجاح هذه المبادرات يعتمد على رفع مهارات القوى العاملة العمانية وإعادة تأهيلها. كما يوصي بالحفاظ على التوازن بين دمج العمانيين في القطاع الخاص وضمان بقاء سوق العمل مرنة بما يكفي لجذب الاستثمار الأجنبي والمغتربين المهرة.

الوضع الإقليمي

على مستوى أوسع، تواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحديات اقتصادية واجتماعية عديدة، فعلى مدى العقدين الماضيين، شهدت المنطقة تحولات جذرية، بدءًا من ثورات الربيع العربي وصولاً إلى الأزمات الاقتصادية المستمرة التي فرضتها الظروف العالمية والمحلية. وفقًا لتقارير صندوق النقد الدولي ومنظمة العمل الدولية، تعاني المنطقة من ارتفاع معدلات البحث عن العمل، خاصة بين الشباب والنساء، بالإضافة إلى قضايا تتعلق بالديون والتضخم. لذا يصبح من الضروري اعتماد استراتيجيات فعّالة للتوظيف والتشغيل وتطوير المهارات لضمان تحقيق نمو اقتصادي يتواكب مع المتغيرات العالمية.

وتشير الإحصائيات إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تُسجل معدلات بحث عن العمل أعلى مقارنة ببقية العالم، حيث يعاني الشباب من نقص حاد في الفرص الوظيفية. وحسب صندوق النقد الدولي، وصلت نسبة البحث عن العمل بين الشباب في بعض الدول إلى 30%. ورغم الزيادة الطفيفة في نسبة مشاركة النساء في القوى العاملة، التي بلغت 2.76% بين عامي 2000 و2020، فإن معدلات البحث عن العمل بين النساء ارتفعت بنسبة 3.4%. وتُظهر البيانات أيضًا أن 64% من العمالة في المنطقة تعمل في القطاع غير الرسمي، مما يعرضهم لظروف عمل غير مستقرة ومخاطر اقتصادية واجتماعية جسيمة.

وبحسب منظمة العمل الدولية، يحذر تقريرها بعنوان «اتجاهات التوظيف العالمية للشباب 2024» من أن عدد الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً غير الملتحقين بالعمل أو التعليم أو التدريب مقلق، وأن الانتعاش في التوظيف بعد جائحة كوفيد-19 لم يكن شاملا. فالشباب في بعض المناطق والعديد من الشابات لا يرون فوائد الانتعاش الاقتصادي.

تغيير نموذج النمو

تستدعي التحديات الاقتصادية الحالية ومنها معدلات البحث عن العمل المرتفعة تغيير نموذج النمو في الدول، مما يستدعي تطوير سياسات وتشريعات تلبي احتياجاتهم، ويتطلب ذلك من الحكومات أن تكون أكثر استجابة للتغيرات الاقتصادية والاجتماعية، مع تعزيز دور القطاع الخاص. وأشار صندوق النقد الدولي في تقريره الصادر في أبريل 2024 بعنوان «الصراع والديون في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا» إلى أن المنطقة تتسم بتباين كبير في مستويات الدين العام بين البلدان المستوردة للنفط والبلدان المصدرة له. وفي المتوسط، كانت نسبة الدين إلى إجمالي الناتج المحلي في البلدان المستوردة للنفط أعلى بنحو ثلاثة أضعاف منها في البلدان المصدرة للنفط في المنطقة، وأعلى بنسبة 50% من المتوسط السائد في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية في عام 2023.

وتتطلب التحديات المتعلقة بالديون في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا استراتيجيات وإصلاحات هيكلية لتحسين الشفافية المالية وتعزيز القدرة الاقتصادية، حيث ينبغي على الدول المستوردة للنفط معالجة أعباء الديون من خلال تحسين إدارة المالية العامة، وتعزيز الشفافية، وتطبيق سياسات اقتصادية تهدف إلى تحقيق النمو المستدام، بينما يجب على الدول المصدرة للنفط التفكير في كيفية تنويع اقتصاداتها وإيراداتها في ظل التغيرات الهيكلية في أسواق الطاقة العالمية.

وتتضمن توصيات منظمة العمل الدولية تعزيز فرص العمل من خلال تشجيع الاستثمارات في القطاعات الحيوية، وتحسين التعليم عبر إصلاح المناهج الدراسية، وتطوير مهارات الشباب لتتناسب مع احتياجات سوق العمل. كما يتعين تحسين الظروف المعيشية وتوفير الحماية الاجتماعية.

التعليم والتدريب

تعد مسألة عدم تطابق المهارات بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل إحدى المسائل الأساسية التي تعيق التوظيف، وتؤكد تقديرات صندوق النقد الدولي إلى ضرورة إيجاد 33.3 مليون وظيفة جديدة بين عامي 2020 و2030 لخفض معدلات البحث عن العمل إلى 5%، مما يستدعي ذلك مراجعة شاملة للسياسات واحتياجات سوق العمل وإجراء إصلاحات جذرية في نظم التعليم والتدريب لضمان تزويد الشباب بالمهارات اللازمة لدخول سوق العمل، حيث تفتقر العديد من أنظمة التعليم إلى التركيز على المهارات العملية والتطبيقية، مما يجعل الخريجين غير مستعدين لمواجهة تحديات سوق العمل.

ويعد التعليم الفني والتدريب المهني من الأدوات المهمة في تمكين القدرة التنافسية للقوى العاملة، لذا ينبغي أن يكون هناك تركيز على تطوير برامج التعليم الفني والتدريب المهني لتلبية احتياجات سوق العمل، ويتعين على القطاعين العام والخاص العمل معا لتصميم برامج تدريبية تتماشى مع متطلبات سوق العمل.

وتحتاج الدول أيضا إلى تنمية المهارات الرقمية لدى الشباب من خلال برامج تدريبية متخصصة، وفي ظل التحول الرقمي المتسارع، فإن الاستثمار في التعليم الرقمي وتطوير المهارات يعدان أمرا ملحا لدخول الشباب في سوق العمل المتنامي في مجالات التقنية الحديثة. وأشارت التقارير الدولية إلى أن أغلب الوظائف الجديدة ستتطلب مهارات رقمية خلال الفترة المقبلة.

المحرك الرئيسي

وتشير التقارير إلى أن القطاع الخاص هو المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي، حيث بإمكانه توفير نسبة كبيرة من الوظائف في الدول النامية. ولتحقيق النمو المطلوب، يتطلب من الدول توفير بيئة تشجع على الابتكار وريادة الأعمال، مما يسهم في تحسين القدرة التنافسية للقطاع الخاص.

وأثبتت الدراسات الحديثة مدى أهمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في اقتصاديات الدول لمساهمتها الفاعلة في الناتج المحلي الإجمالي وتوفير فرص عمل. ويعد دعم رواد الأعمال من خلال توفير حوافز مالية، مثل المنح والقروض الميسرة، أمرا ضروريا، وينبغي إنشاء حاضنات أعمال لتقديم الدعم الفني والإداري، مما يسهم في توفير فرص عمل جديدة. وأكد البنك الدولي في دراسة أجراها على أهمية دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، حيث تمثل هذه المشاريع نسبة كبيرة ومتنامية من إجمالي الشركات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتساهم بشكل كبير في توفير فرص العمل.

بيئة العمل

ويعد تحسين بيئة العمل أمرا بالغ الأهمية في تعزيز التوظيف، لذا يجب على الحكومات توفير بيئة تمكينية تدعم نشاط القطاع الخاص، كتطوير البنية الأساسية والخدمات اللوجستية والتقنية الحديثة، وتقديم الدعم المالي عبر ضمانات الائتمان والقروض بفائدة صفرية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وفقًا لتقرير صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس»، فإن تحسين بيئة الأعمال يمكن أن يزيد من فرص الاستثمار ويساهم في توفير المزيد من الوظائف.

مشاركة النساء

وتظل مشاركة النساء في القوى العاملة في المنطقة أقل من المتوسط العالمي، مما يتطلب سياسات واضحة لتعزيز المساواة بين الجنسين. وتوصي البحوث العالمية إلى إزالة الحواجز القانونية التي تعيق مشاركة النساء في سوق العمل وتقديم الدعم من خلال برامج التدريب المهني والمشورة الوظيفية. وبحسب إندرميت جيل رئيس الخبراء الاقتصاديين بمجموعة البنك الدولي والنائب الأول للرئيس لشؤون اقتصاديات التنمية أنه لدى المرأة القدرة على تعزيز الاقتصاد العالمي، ويمكن أن يؤدي سد الفجوة بين الجنسين في الفرص الوظيفية إلى زيادة إجمالي الناتج المحلي العالمي بأكثر من 20%، وهذا يضاعف بشكل أساسي معدل النمو العالمي على مدى السنوات العشر القادمة، واصفا أن الإجراءات اللازمة في هذا الصدد تسير بسرعة السلحفاة، مشيرا إلى تقرير المرأة وأنشطة الأعمال وقانون 2024 الذي يحدد ما يمكن للحكومات القيام به لتسريع وتيرة التقدم نحو تحقيق المساواة بين الجنسين في أنشطة الأعمال والقانون.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: منطقة الشرق الأوسط وشمال إفریقیا صندوق النقد الدولی الصغیرة والمتوسطة فی القطاع الخاص الأیدی العاملة مشارکة النساء العمل الدولیة بین الجنسین العمل الدول توفیر فرص فرص العمل فی توفیر من خلال فرص عمل أکثر من إلى أن

إقرأ أيضاً:

"البيئة": نسعى الى نشر فرص الاستثمار في التصميمات الصديقة للبيئة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

التقت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة وفد جمعية أرباب رجال الأعمال الفرنسية "ميديف الدولية" MEDEF والذى يضم عددا من كبرى الشركات الفرنسية التي تسعى لتوسيع استثماراتها في مصر، لمناقشة فرص التعاون في تعزيز الاستثمارات الداعمة للتحول الأخضر في مصر من خلال مشروعات بيئية ومناخية متنوعة، برئاسة السيد ووتر فان ويرش نائب الرئيس التنفيذى لشركة "ايرباص" AIRBUS ورئيس البعثة الفرنسية لرجال الأعمال، وذلك في إطار الزيارة  الرسمية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للقاهرة.

وثمنت وزيرة البيئة التعاون الممتد مع الجانب الفرنسي على المستوى الثنائي ومتعدد الأطراف، وعلاقة التعاون المميزة في مجال البيئة، وايضاً ملف المناخ حيث قادت مصر المجموعة الأفريقية في اتفاق باريس عام 2015، وفي ملف التنوع البيولوجي والذي لعبت مصر دورا محوريا خلال استضافتها لمؤتمر التنوع البيولوجي COP14، والذي ساهم في رسم خارطة الطريق للإطار العالمي للتنوع البيولوجي، وتسليط الضوء على الرابطة بين التنوع البيولوجي والقطاعات المختلفة وخاصة قطاع المال والأعمال.

واستعرضت وزيرة البيئة، في بيان لها اليوم، رحلة تغيير النظرة تجاه البيئة التي خاضتها مصر خلال السنوات الماضية وتؤسس بها لمسار التحول الأخضر، وذلك من خلال تغيير الحوار حول البيئة وربطها بالمسارات الاقتصادية والاجتماعية للدولة، ففي عام 2019 اصدر مجلس الوزراء اعتماد معايير الاستدامة البيئية في الخطة الاستثمارية للدولة بهدف طموح للوصول إلى نسبة 100% مشروعات خضراء في الموازنة العامة بحلول عام 2030، من خلال عملية طوعية تدريجية.

واضافت ان تزايد أهمية قضية تغير المناخ دفع الحكومة المصرية لتعديل وضع المجلس الوطني للتغيرات المناخية ليصبح تحت رئاسة السيد رئيس مجلس الوزراء وبعضوية مختلف الوزارات، وكان من اهم ثماره اعداد الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ ٢٠٥٠، وتحديث خطة المساهمات الوطنية ٢٠٣٠ اكثر من مرة، حيث سيتضمن التحديث الأخير ادراج الحلول القائمة على الطبيعة والحفاظ على الشعاب المرجانية، انطلاقا من المبادرة التي اطلقها فخامة الرئيس عام ٢٠١٨ بالدعوة للتآزر بين اتفاقيات ريو الثلاث ( المناخ، التنوع البيولوجي، التصحر) كمدخل متكامل لتحقيق الاستدامة.

وأوضحت الدكتورة ياسمين فؤاد  ان مصر باعتبارها دولة لا تتعدى انبعاثاتها 1٪؜، يعد التكيف اولوية لها خاصة مع تحديات الأمن الغذائي وندرة المياه، تم اعداد استراتيجية وطنية لاستثمار المناخ تركز على قطاعات المياه والزراعة بالشراكة مع القطاع الخاص، وتشجيع القطاع المصرفي على التدخل لتقليل مخاطر الاستثمار للقطاع الخاص، كما يتم العمل حاليا على وثيقتين هامتين هما الاستراتيجية الوطنية للاقتصاد الدائري، والاستراتيجية الوطنية للاقتصاد الأزرق، خاصة مع استضافة مصر في نهاية العام لمؤتمر اتفاقية برشلونة لمكافحة التلوث في البحر المتوسط، والذي سيكون احد محاوره التركيز على آليات اشراك القطاع الخاص لحماية البيئة البحرية وتعزيز الاقتصاد الأزرق.

ولفتت الوزيرة إلى ان جزء من الدخل القومي يعتمد على قطاع السياحة، مما تطلب إطلاق عدد من المبادرات التي تحقق صون الموارد الطبيعية في السواحل لحماية البيئة البحرية ومنها مبادرة الحفاظ على الشعاب المرجانية بالتعاون مع القطاع الخاص، بما يعزز السياحة المستدامة، ويتم العمل على تأسيس صندوق الطبيعة بالتعاون مع احد البنوك الوطنية وشركاء التنمية لتقليل مخاطر رأس المال للقطاع الخاص للاستثمار في تنفيذ أنشطة السياحة البيئية، واتاحة الفرصة للقطاع الخاص لتنفيذ أنشطة في المحميات الطبيعية، حيث عملت وزارة البيئة على خلق سوق متكامل لمنتج السياحة البيئية وتشجيع الاستثمار في الطبيعة.

وفي قطاع ادارة المخلفات، اشارت وزيرة البيئة إلى ان مصر حققت إنجاز كبير بإصدار اول قانون لتنظيم ادارة المخلفات الذي يقوم على فكر الاقتصاد الدوار وإشراك القطاع الخاص، كما يقوم جهاز تنظيم ادارة المخلفات التابع للوزارة بوضع الاجراءات المنظمة واعداد عقود التشغيل واستنباط التكنولوجيات المناسبة، واتاحة فرص الاستثمار ونماذج الأعمال، وتم الانتهاء من البنية التحتية لإدارة المخلفات لاتاحة فرص ادارتها للقطاع الخاص، وقصة النجاح الملهمة لاقناع شركات الإسمنت بالاعتماد على الوقود البديل ضمن خليط الطاقة بها لتقليل الاعتماد على الفحم، مما شجع عدد من مصانع الإسمنت على إنشاء آليات انتاج الوقود البديل.

انتاج وقود الطائرات

وتحدثت عن فرص التعاون في الاستثمار في انتاج وقود الطائرات المستدام SAF، حيث أعدت وزارات البيئة والبترول والطيران المدني دراسة متكاملة لإنتاج هذا النوع من الوقود من زيوت الطعام المستعملة.

ولفتت إلى تغيير النظرة للعلاقة بين الصناعة والبيئة خلال السنوات الماضية، حيث قدم برنامج التحكم في التلوث الصناعي التابع لوزارة البيئة الدعم للعديد منّ المنشآت الصناعية لتوفيق أوضاعها البيئية، لتوفر من خلال المرحلة الجديدة من البرنامج تحت عنوان الصناعة الخضراء المستدامة GSI قروض ميسرة للقطاع الخاص ليس فقط للمنشآت الملوثة ولكن أيضاً المنشآت التي تسعى لاتخاذ خطوات اكبر نحو الاستدامة، بما يدفع مسار التحول الأخضر في مصر.

واستعرضت د. ياسمين فؤاد ايضا عدد من فرص التعاون المشتركة، ومنها انتاج مواد خام من مخلفات البناء والهدم، في الاستراتيجية الوطنية لمخلفات البناء والهدم، والتي تم تنفيذ اول مشروع رائد لها بالتعاون مع القطاع الخاص في القاهرة الجديدة، وتنفيذ اكبر مدينة لادارة المخلفات بالتعاون مع البنك الدولي في العاشر من رمضان، لادارة مخلفات شرق القاهرة والقليوبية وذلك لمخلفات البلدية والطبية والصناعية والبناء والهدم، والذي تولت الحكومة مع البنك مهمة إنشاء البنية التحتية له، ويتم إتاحة تشغيله من خلال القطاع الخاص.

كما اشارت وزيرة البيئة الى فرص الاستثمار في التصميمات الصديقة للبيئة والتي تسعى مصر للتوسع فيها، وايضا مبادرة المنسوجات المستدامة وهى مبادرة waste to good taste التي تم اطلاقها في مؤتمر المناخ COP27، لإعادة تصميم واستخدام الملابس والأقمشة المستعملة، وايضا في مجال الاستشارات البيئية ودراسات تقييم الأثر البيئي الإستراتيجى خاصة في منطقة جنوب ساحل البحر الأحمر والساحل الشمالى ، وفي مجال الحياد الكربوني في صناعة السيارات مصر لديها خطة طموحة للتصنيع المحلي للسيارات العادية والكهربائية، واستخدام الوقود منخفض الانبعاثات، وايضاً تشجيع النقل الجماعي الكهربي من خلال العديد من المشروعات القومية، حيث حقق قطاع النقل معدلات اعلى من المستهدف لخفض الانبعاثات في خطة المساهمات الوطنية.

واشارت ايضا الى البرنامج الطموح للبنك المركزي لتشجيع القطاع المصرفي على تبني مشروعات وسياسات المناخ، وتحقيق التحول الأخضر، وتمويل مشروعات المناخ في التخفيف والتكيف، واصبحت البنوك الوطنية مطالبة بتأسيس وحدات الاستدامة، وذلك ليتوافق النظام التمويلي للبنوك مع توجهات الدولة نحو التحول الأخضر، بالإضافة إلى تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للاقتصاد الحيوي لتوفير مواد خام للصناعة من المواد الحيوية، وايضاً تقليل استخدام الأكياس البلاستيكية احادية الاستخدام والعمل على تطبيق المسئولية الممتدة للمنتج.

أسواق جديدة في مصر

من جانبه، اكد رئيس وفد الشركات الفرنسية على الاهتمام بفتح أسواق جديدة في مصر من خلال الاستثمار في مشروعات تدعم التحول الأخضر في مصر، مشيدا بالفرصة الجيدة التي أتاحتها القيادة السياسية المصرية لتبادل الرؤى وتعزيز التعاون المشترك، والتعاون لتحقيق الاستدامة من خلال العديد من المجالات كالهيدروجين الاخضر والحياد الكربوني وتوازن النظام البيئي.

كما ثمن الوفد الفرنسي الجهود المبذولة من الجانب المصري لتهيئة المناخ الداعم للاستثمارات الخضراء، وتمهيد الطريق نحو التحول الأخضر، والتطلع لإقامة شراكات فرنسية مصرية في مجال استثمارات البيئة والمناخ.

وتم الاتفاق على عقد عدد من اللقاءات الافتراضية مع الشركات الفرنسية لصياغة فرص التعاون الاستثماري بين الجانبين في عدد من المشروعات البيئية.

جدير بالذكر أن وفد الشركات الفرنسية ضم شركات عاملة في مجالات البناء الصديق للبيئة واستخدام مواد بناء منخفضة الكربون، والاستشارات والدراسات البيئية، والمطارات الصديقة للبيئة، وصناعات التدوير، والطاقة الخضراء.

مقالات مشابهة

  • المشاط تستعرض مبادرات تمكين المرأة اقتصاديًا واجتماعيًا وتحفيز رائدات الأعمال
  • المشاط تبحث مع مدير صندوق «أوبك» للتنمية التوسع في تمويل القطاع الخاص
  • «المشاط» تبحث مع مدير صندوق «أوبك» التوسع في تمويل القطاع الخاص
  • شركات السفر والسياحة (صدفة أم ضرورة )
  • 8 مهن ومجالات عمل يشغلها المواطنون في القطاع الخاص
  • مستقبل التعليم بمصر من خلال التكنولوجيا الذكية.. مؤتمر لجامعه المنصورة الجديدة
  • تعرف على ضوابط عمل الأجانب في مصر وفقًا لقانون العمل الجديد
  • التعليم العالي: الدمج مع القطاع الخاص ضرورة حتمية لمواكبة الثورة الصناعية الرابعة
  • "البيئة": نسعى الى نشر فرص الاستثمار في التصميمات الصديقة للبيئة
  • الاثنين المُقبل.. سلطنة عُمان تستضيف حلقة العمل المشتركة مع مجموعة البنك الدولي