اطمئنان لبناني لإلزام واشنطن إسرائيل بالانسحاب
تاريخ النشر: 12th, February 2025 GMT
يقف لبنان على مشارف عودة الاستقرار إلى جنوبه بانسحاب إسرائيل من البلدات التي تحتلها فور انتهاء مهلة التمديد الأول للهدنة في 18 شباط الحالي. ويراهن لبنان في هذا المجال على التزام نائبة المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط مورغان أورتاغوس، بتعهدها أمام الرؤساء الثلاثة بأن الانسحاب الإسرائيلي حاصل في موعده، رغم أن هناك من يخشى أنها يمكن أن تسعى من جديد إلى توفير غطاء سياسي لإسرائيل بطلبها تمديد الهدنة مرة ثانية.
ونقلت «الشرق الأوسط» عن مصادر وزارية أن نسبة التفاؤل لدى الرؤساء الثلاثة تتراوح بين التحفظ وبين الركون إلى التعهد الذي قطعته أورتاغوس أمامهم بأن لا تمديد للانسحاب الإسرائيلي. ويبدو أن سلام هو الأكثر تفاؤلاً، بحسب ما نقل عنه الذين التقوه في اليومين الأخيرين، إذ عد أن النبرة العالية التي استخدمتها المبعوثة الأميركية خلال تصريحاتها في لبنان لن تبدّل من إلزام واشنطن إسرائيل بالانسحاب فور انتهاء التمديد الأول للهدنة.
وقالت المصادر الوزارية إنه لا مبرر لعودة أورتاغوس إلى بيروت ما لم يكن في جعبتها تأكيد بأن الانسحاب الإسرائيلي حاصل في موعده. وأكدت أن عدم الانسحاب يعني، من وجهة نظر بيروت، وجود صعوبة بالانتقال بالبلد إلى مرحلة سياسية جديدة، وهو أمر يطرح سؤالاً عن مصير الضمانات التي تقدمها الإدارة الأميركية.
ولفتت المصادر نفسها إلى أنه لا مجال أمام واشنطن للتذرع، بالإنابة عن إسرائيل، بأن تباطؤ انتشار الجيش اللبناني يؤخر انسحابها. وقالت إن الجيش أكمل جهوزيته، باعتراف رئيس لجنة الرقابة الدولية الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز، مضيفة أن ثمة مخاوف، في حال استمر الاحتلال، من دخول أطراف على الخط لمقاومة الاحتلال ما يؤدي إلى عودة الوضع في الجنوب إلى المربع الأول.
وأكدت أن استقرار الوضع يبدأ من البوابة الجنوبية على قاعدة التزام لبنان بتطبيق القرار «1701» بكل مندرجاته، وأولها حصر السلاح بالشرعية اللبنانية، ولا مكان لأي سلاح آخر، خصوصاً أن الدخول في مرحلة جديدة يعني حكماً أن الطريق معبدة أمام إعادة الاعتبار لاستكمال تطبيق «اتفاق الطائف»، وتنقيته من الشوائب الناجمة عن سوء تطبيقه. وتابعت أن إحياء «اتفاق الطائف» باستكمال تطبيقه يلغي مفاعيل «اتفاق الدوحة» الذي خص «حزب الله»، ولو بطريقة غير مباشرة، بالثلث الضامن في الحكومة، وهو أمر كان وراء تعطيل الوزارات المتعاقبة منذ التوصل إليه عام 2008.
وتابعت المصادر أن «اتفاق الطائف» يضع الأطراف أمام مسؤولياتها، وتحديداً «حزب الله» الذي لا يترك مناسبة إلا ويؤكد التزامه بهذا الاتفاق، وهذا ما يشكّل له إحراجاً في حال أصر على التمسك بثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة» (في البيان الوزاري). وقالت إن البيان الوزاري للحكومة العتيدة لن يأتي على ذكر الثلاثية أسوة ببيان الحكومة السابقة التي غيّبته بالكامل.
وزادت المصادر أنه لم يعد من خيار أمام «حزب الله» سوى التموضع تحت السقف السياسي لخطاب القسم للرئيس عون ليكون في وسع الحكومة الانتقال بلبنان إلى المرحلة السياسية الجديدة، ووقف انهيار البلد، وهذا أمر يتوقف أيضاً على مدى التزام واشنطن بتعهدها إلزام إسرائيل بالانسحاب من الجنوب.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
بعد غزة.. هذه خطة ترامب للبنان!
أسبوع مر كان حافلاً بالمواقف الأميركية الخاصة بغزة ولبنان. البداية كانت من الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي أعلن صراحة وجهاراً قبل أيام عن مخططه لقطاع غزة الفلسطيني، مشيراً إلى أنه يجب تحويله بعد الحرب إلى "ريفييرا الشرق الأوسط" من خلال تهجير سكانه إلى دول أخرى واستثماره في إطار مشاريع مختلفة وبالتالي إنهاء نفوذ حركة "حماس" هناك.
بعد الاعلان عن خطة ترامب لغزة، اتجهت الأنظار إلى تصريح آخر لمبعوثة الرئيس الأميركي إلى لبنان مورغان أورتاغوس يوم الجمعة، حيث قالت من قصر بعبدا إن "حزب الله قد هُزم"، مشيرة إلى أنه لا يجب للأخير أن يشارك في الحكومة الجديدة التي تم تشكيلها يوم السبت الماضي وبمشاركة وزراء طرحهم "الثنائي الشيعي".
بين غزة ولبنان، يبدو أن "الخطة الترامبية" قد وضعت ثقلها في المنطقة، وما يظهر هو أنّ هناك مساعٍ لاستثمار نتائج الحرب الأخيرة بين لبنان وإسرائيل من جهة وإسرائيل وحركة "حماس" من جهة أخرى لتكريس نفوذ أميركيّ جديد في المنطقة.. فكيف سيتجلى ذلك من خلال غزة؟ وما هي خطة ترامب الفعلية للبنان؟
إنهاءٌ لـ"أدوات إيران"
تعتبر مصادر معنية بالشأن العسكريّ أنَّ أميركا تسعى اليوم لإرساء خطة جديدة أساسها إنهاء نفوذ أدوات محور إيران في المنطقة لاسيما حركة "حماس" في غزة و"حزب الله" في لبنان.
فعلياً، فإن ما يظهر هو أنّ أميركا تريدُ تحجيم "حماس" أكثر من خلال خطة ترامب، وفي حال حصل التهجير الذي كان يلوح في الأفق منذ زمن، عندها فإنّ أميركا ستكون قد وضعت يدها على جانب مهم في البحر الأبيض المتوسط وبالتالي سلب النفوذ الشعبي من يد "حماس".
السيناريو هذا هو الأكثر وروداً من خلال خطة ترامب، لكن المصادر ترى أن تحقيقه صعب المنال لاسيما أنه قد يساهم في فتح حرب جديدة قد تكون "حماس" مستعدة لخوضها بما تبقى لها من قوّة.
أما في لبنان، فإن الأمر لا يختلف كثيراً عن غزة، وما يظهر هو أن خطة ترامب تسعى لتحجيم "حزب الله" سياسياً أكثر بعدما وجدت أنه تم إضعافه عسكرياً.
وتقول المصادر إن صورة المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس وهي تحمل صاروخاً إيراني الصنع، كان بمثابة رسالة إلى أن الأميركيين سيطروا على أسلحة "حزب الله" في لبنان، معتبرة أن واقع الحال الآن اختلف تماماً عن السابق، وبات "حزب الله" مطوقاً عسكرياً ودولياً.
وعليه، فإن "حزب الله" أصبح مرهوناً بالرقابة الأميركية، وفق المصادر، ما يضعه ولبنان تحت خانة الاستطلاع الدائم، وأضافت: "الحزب بات مراقباً اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى، وعليه فإن الأميركيين يحاولون تطويق نفوذه أكثر فأكثر داخل لبنان وليس بالضرورة فقط على الصعيد العسكري".
انتفاضة "حزب الله" في الشارع.. هل هي واردة؟
الضغط الذي يتعرض له "حزب الله" بين الحين والآخر لا يصطدم حتى الآن بدعوات للتحرك في الشارع كما كان يحصل سابقاً.
المصادر قالت إنّ "حزب الله" لم يصدر أي قرار حتى الآن بالتحرك ضمن الشارع، والدليل الأكبر على ذلك هو تحرك طريق المطار يوم الجمعة إثر تصريحات مورغان الأخيرة، وتردف: "الأعداد لم تكن كثيفة. لو كان الحزب هو من دعا لكان المشهد مختلفاً نوعا ما".
أيضاً، تعتبر المصادر أنّ لجوء "حزب الله" إلى "ورقة الشارع" إنما يفتح الباب أمام مسار تصادميّ داخلي، لكن السؤال الذي يفرض مضمونه هو: "ضدّ من سيكون هذا المسار؟ من سيقاتل حزب الله في حال لم يُقاتله أحد؟".
وفق المصادر، فإن ما قد يفعله "حزب الله" هو التزام الهدوء أكثر خلال المرحلة المقبلة، وهذا السيناريو "الأكثر ترجيحاً" لعدم الدخول في صدام داخلي يزيد من عزلته أكثر، وتتابع: "في السابق، كان حزب الله يقاتل بأوراق قوة مختلفة، أما اليوم فهناك خسائر عليه التعامل معها، وورقة إعمار الجنوب هي الأكثر إيلاماً له. لذلك، عليه الاستفادة من المثل القائل (بدنا ناكل عنب ما بدنا نقتل الناطور) وبالتالي الاستفادة من الدعم الدولي لإعمار الجنوب وعندها لكل حادث حديث". المصدر: خاص "لبنان 24"