كيف يمكن للذكاء الاصطناعي إعادة تشكيل الحكومة الأمريكية في عهد ترامب وماسك؟
تاريخ النشر: 12th, February 2025 GMT
تشهد الحكومة الأمريكية تحولًا جذريًا في طريقة إدارتها للموارد والموظفين، مع تصاعد دور الذكاء الاصطناعي في عمليات صنع القرار.
في ظل التوجهات التي يقودها الرئيس السابق دونالد ترامب والملياردير إيلون ماسك، يبدو أن الإدارة الحكومية تتجه نحو أتمتة واسعة قد تؤثر بشكل غير مسبوق على الوظائف الحكومية وآليات تنفيذ القوانين.
وفقًا لتقرير نشرته واشنطن بوست، يعمل فريق تابع لماسك، تحت مظلة "وزارة كفاءة الحكومة" (DOGE)، على تحليل بيانات حساسة باستخدام الذكاء الاصطناعي، بهدف تقليص الإنفاق الحكومي وتحديد المجالات التي يمكن الاستغناء عن العاملين فيها لصالح الأتمتة. ويبدو أن الهدف النهائي لهذا المشروع يتمثل في استبدال عدد كبير من الموظفين الفيدراليين بأنظمة ذكاء اصطناعي قادرة على اتخاذ القرارات بشكل أسرع وأكثر كفاءة.
لكن هذا التوجه يثير قلق العديد من الخبراء والمسؤولين الحكوميين الذين يخشون أن يؤدي الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي إلى إضعاف آليات الرقابة، ومنح سلطات تنفيذية غير مسبوقة لرؤساء الحكومات، ما قد يعزز من احتمالات التوجهات الاستبدادية.
لطالما سعت الحكومات إلى تحسين كفاءتها عبر التقنيات الحديثة، حيث كشفت إدارة الرئيس جو بايدن سابقًا عن أكثر من 2000 مشروع للذكاء الاصطناعي قيد التطوير داخل المؤسسات الفيدرالية. تشمل هذه المشاريع أنظمة لمكافحة الاحتيال في قطاع الرعاية الصحية، وتحليل أضرار الكوارث الطبيعية بشكل أسرع.
لكن الفرق الجوهري في نهج ترامب وماسك هو إمكانية استغلال الذكاء الاصطناعي ليس فقط لأغراض تحسين الأداء، ولكن أيضًا لإعادة هيكلة الحكومة بطريقة قد تقلص من دور المؤسسات الرقابية.
إذ يمكن للرئيس القادم، من خلال التحكم في هذه الأنظمة، إجراء تغييرات جذرية في سياسات الهجرة، والبرامج الاجتماعية، والرقابة على الشركات، بلمسة زر واحدة، مما قد يؤدي إلى اضطراب كبير في النظام السياسي الأمريكي.
هل يمكن ضبط استخدام الذكاء الاصطناعي في الحكومات؟رغم المخاوف المتزايدة، فإن هناك نماذج دولية يمكن أن تقدم حلولًا أكثر توازنًا لاستخدام الذكاء الاصطناعي في إدارة الحكومات. فعلى سبيل المثال:
تايوان: طورت أنظمة ذكاء اصطناعي تعزز من المشاركة الديمقراطية من خلال استقصاء آراء المواطنين حول السياسات العامة.
سنغافورة: تستخدم نماذج ذكاء اصطناعي مفتوحة المصدر ومخصصة للخدمات العامة، لضمان الشفافية.
كندا: وضعت ضوابط تفرض الإفصاح عن أي استخدام للذكاء الاصطناعي في العمليات الحكومية، مع إشراك الجمهور في القرارات المتعلقة بتوظيف هذه التقنيات.
في المقابل، لم تتضح بعد معالم خطة ترامب وماسك لتوظيف الذكاء الاصطناعي في الإدارة الأمريكية، وما إذا كانت ستتبع نهجًا شفافًا أم ستتحول إلى أداة لتعزيز السيطرة المركزية.
المستقبل: حكومة ذكية أم سلطة مطلقة؟مع استمرار التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، تظل التساؤلات قائمة حول كيفية تأثير هذه التقنية على الديمقراطيات الحديثة.
فبينما يمكن أن تسهم الأتمتة في تحسين كفاءة الخدمات العامة، فإنها قد تتحول أيضًا إلى أداة خطيرة تُستخدم لإضعاف الضوابط المؤسسية، مما يعزز من هيمنة السلطة التنفيذية.
لذلك، يحتاج صناع القرار والمجتمع المدني إلى مراقبة هذا التحول عن كثب، لضمان أن يبقى الذكاء الاصطناعي أداة لخدمة المواطنين، وليس وسيلة لتركيز السلطة في يد القلة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: ترامب الحكومة الأمريكية الذكاء الاصطناعي المزيد الذکاء الاصطناعی فی للذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
رمضان ومطبخ الذكاء الاصطناعي
بعد أن جرى استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل جزئي فـي مسلسلات رمضان الماضي كمشاهد الحرب والديكورات الفخمة والمؤثرات السمعية والبصرية، هل سيتغلغل الذكاء الاصطناعي أكثر، ويوسّع دائرته، ليصبح عنصرا أكثر فاعلية فـي الدراما؟
الإجابة واضحة، ومتوقّعة، فاستعانة مخرج مسلسل (الحشّاشين) بيتر ميمي، بالذكاء الاصطناعي لتقليل التكلفة الإنتاجية، لقيت قبولا من الجمهور، فالتطورات سريعة، والطوفان الذي انطلق قبل سنوات لا يمكن إيقافه، فضلا عن أنّ مواكبة التطوّرات مطلوبة، كما أنّ توظيف التكنولوجيا الحديثة فـي الدراما صارت واقعا.
المشكلة أن الذكاء الاصطناعي بإمكانه أن يكتب، ويخرج ويمثّل ويصمم ويلحن ويغني «ويفعل ما يشاء، هو لا مخيّر ولا مسير، هو لا يؤمن إلّا بقدرته وأقداره» كما يقول الباحث السوداني يوسف عايدابي.
وخلال حضوري المؤتمر الفكري المصاحب لفعاليات مهرجان المسرح العربي، شاهدت تجربة مسرحية سورية، عُرضت بواسطة الفـيديو، ونفّذت بطريقة الذكاء الاصطناعي حملت عنوان (كونتراست) للمخرج أدهم سفر وقد بلغت مدة عرضها (17) دقيقة كانت مزيجا من الرقص التعبيري والباليه، وقد حضر الإبهار لكن غاب الإحساس، والمسرح الذي ألفناه، وتربينا عليه، وعلى عناصره التي يمكن إجمالها، بالحوار والسرد والبناء الدرامي، والرسالة، فقد حضرت التكنولوجيا بقوّة، لتزيح بعضا من تلك العناصر، عبر التركيز على الأداء الجماعي، والمشاهد البصرية، والأمر نفسه بالنسبة للدراما التلفزيونية، خصوصا أنّ المخرج محمد عبدالعزيز خاض قبل عامين تجربة من هذا النوع فـي مسلسله (البوابات السبع) فقدّم صناعة درامية كاملة لأعمال من الذكاء الاصطناعي، وبكلّ ثقة قال: «فـي المستقبل القريب لن نكون بشرا لوحدنا، بل سنندمج مع الذكاء الاصطناعي ونصبح طرفا واحدا، نحن هنا على مشارف نهاية هذا الإنسان والبدء برحلة جديدة للإنسان المندمج مع التطبيقات الذكية».
وإذا كان الممثل الأمريكي توم هانكس يتوقّع أنّه سيستمر بالتمثيل حتى بعد رحيله عن هذا العالم بفضل الذكاء الاصطناعي، فهذا الأمر حصل بالفعل مع الممثل المصري طارق عبدالعزيز الذي وافته المنية قبل استكمال تصوير مشاهده فـي مسلسل (بقينا اثنين)، فلجأ المخرج إلى تقنية الذكاء الاصطناعي ليستكمل تصوير مشاهده المتبقية، وبذلك قلّلت، هذه التقنية، من مخاوف المخرجين من رحيل أحد الممثلين قبل استكمال تصوير مشاهده، كما حصل مع الفنان رشدي أباظة عندما توفّي عام 1982 أثناء تصوير فـيلمه الأخير (الأقوياء)، فجاء المخرج أشرف فهمي ببديل هو صلاح نظمي، وكانت معظم المشاهد التي صوّرها للممثل البديل جانبية لإيهام الجمهور أنّ الذي يقف أمام عدسة الكاميرا هو رشدي أباظة، وهذه (الخدعة) لم تنطلِ على الجمهور، وغاب الفعل الدرامي، فكان نقطة ضعف فـي الفـيلم.
ومع هذه المحاسن، سيواجه هذا النوع من الدراما معارضة فـي بادئ الأمر، من قبل المشتغلين بصناعة الدراما والسينما، لأن الذكاء الاصطناعي سيجعل المنتجين يستغنون عن خدمات الكثير من العاملين فـي هذا القطاع، وهو ما جعل العاملين فـي استوديوهات هوليوود يضربون عن العمل مطالبين نقابة الممثلين بتوفـير حماية لهم من هذا الخطر الذي هدّدهم برزقهم! أما بالنسبة للجمهور فسيتقبلها تدريجيا، ويعتاد عليها مثلما تقبل مشاهدة اللقطات التي جرى تصويرها رقميا فـي أعماق البحر بفـيلم (تيتانك)، للمخرج جيمس كاميرون (إنتاج 1997)، وأظهر السفـينة بحجمها الكامل فـي تجربة رائدة فـي التصوير الرقمي، سينمائيا، وزاد ذلك فـي رفع وتيرة المؤثرات، والإبهار وأضاف، رقميا، الكثير من الماء والدخان، فنجح الفـيلم نجاحا كبيرا، وكان الإبهار الذي صنعه التصوير الرقمي من عوامل النجاح، تبعا لهذا، يمكننا تقبّل دخول الذكاء الاصطناعي فـي حقل الدراما إذا لعب الذكاء الاصطناعي دورا تكميليّا، كما قال د. خليفة الهاجري خلال حديثه عن التصميم المسرحي والذكاء الاصطناعي، فهو «ليس بديلًا للمصمّم البشري، بل أداة تكميليّة يمكن أن تعزّز الإبداع، والابتكار فقط» وعلينا أن نضع فـي الاعتبار احتمالية الاستغناء عن الكومبارس والإبقاء على الممثلين الرئيسيين لأسباب تسويقية، والمخيف حتّى هؤلاء سيطالهم الاستغناء، وينسحبون تدريجيا ليصيروا ضيوف شرف على مائدة دراميّة تعدّ بالكامل فـي مطبخ الذكاء الاصطناعي !!