عربي21:
2025-02-12@03:03:20 GMT

وعد ترامب.. كيف يمكن للعرب أن يُفشلوا بلفور الثاني؟

تاريخ النشر: 12th, February 2025 GMT

عندما أعلن ترامب عن خُطَّته التي تعد مرحلة مفصلية مصيرية للمنطقة، كان لا بد من ربط تاريخي قد يساعدنا في فهم ديناميات المرحلة. هذا الربط التاريخي عاد بنا إلى وعد بلفور، الذي عُدّ كواحد من أهم المحطات في تاريخ الشرق الأوسط، حين أعلنت بريطانيا -القوة العظمى في ذلك الوقت- دعمها لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.



وعد بلفور صدر في 2 تشرين الثاني/ نوفمبر 1917. بعد ذلك، استمر التخطيط والترتيب من قبل التحالف الاستعماري والحركة الصهيونية لتحقيق هذا الهدف.

وفي 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 1947، أصدرت الأمم المتحدة قرار تقسيم فلسطين (القرار 181)، الذي أوصى بإنشاء دولتين: واحدة يهودية وأخرى عربية. وفي 14 أيار/ مايو 1948، أعلن ديفيد بن غوريون قيام دولة "إسرائيل".

ثلاثون عاما بين وعد بلفور وإعلان قيام دولة إسرائيل، وهذا يعني فيما يعني، أن التحالف الاستعماري لديه طول نفس، ومدعّم بكل أسباب القوة والمنعة، ما يجعل من عامل الوقت لمصلحته.

مقترحات أو أفكار ترامب، هي نفسها التي ظهرت في فترة رئاسته الأولى وسميت "صفقة القرن"، التي تضمنت خططا لإعادة ترسيم الحدود وتهجير الفلسطينيين، الأمر الذي لا يدع مجالا للشك بأن الخُطَّة هي استراتيجية وليست ردة فعل على الطوفان، كما ردد البعض
بعد أكثر من مئة عام على وعد بلفور، أعلن ترامب رئيس القوة العظمى في العالم حاليا، عن خطَّته أو أفكاره لتهجير الفلسطينيين إلى دول الجوار. مقترحات أو أفكار ترامب، هي نفسها التي ظهرت في فترة رئاسته الأولى وسميت "صفقة القرن"، التي تضمنت خططا لإعادة ترسيم الحدود وتهجير الفلسطينيين، الأمر الذي لا يدع مجالا للشك بأن الخُطَّة هي استراتيجية وليست ردة فعل على الطوفان، كما ردد البعض، قافزين بذلك عن وجود الاحتلال وممارساته كسبب مباشر للطوفان، بل راحوا يشيرون إلى المقاومة محملين إياها مسؤولية إجراءات ترامب وأفكاره.

التحالف الاستعماري العالمي وفي مقدمته أمريكا التي يحكمها لوبي رأسمالي وصهيوني قرر الانتقال للمحطة التالية، بعد أن انتهى من تقسيم جغرافي استعماري، وإنشاء كيان وظيفي بدأ من وعد بلفور. ويمكن القول إن وعد بلفور وخُطَّة ترامب، محطتان وإن كانتا بعيدتين عن بعضهما إلا أنهما على نفس الخط الذي يسير عليه قطار العالم العميق، ونستطيع أن نطلق على خُطَّة ترامب "وعد بلفور الثاني".

على الرغم مما أوردناه وما سيخلفه من بعض إحساس بالخيبة والفزع، إلا أن هناك عوامل عدّة كافية لإفشال خطط ترامب ومنع قطار بلفور من الوصول إلى محطته الثانية، ومن أهم تلك العوامل، جدية الرفض العربي، على أن يتجاوز الرفض حدود الترتيبات التي تتم بسقوف الهيمنة الأمريكية وضغطها، وعدم اجترار ذات الحل الذي يمنح للكيان أمنه من خلال مطالبات بتسليم غزة لسلطة عاجزة تتبنى التفاوض الأبدي، ما يعني مزيدا من الاستيطان والتهجير الناعم.

التحالف الاستعماري أو العالم العميق -سمه ما شئت- الذي أدار منطقتنا بالنظام المالي وبالترهيب والاستبداد والاستغلال والابتزاز، يتهيأ إلى إدارتها بالاستيطان والإحلال الديموغرافي، أي انتزاع الأرض، ما يعني تقويضا لأنظمة الحكم فيها. ولأن خُطَّة ترامب أو المحطة التالية لوعد بلفور الجديد، جاءت دون الحد الأدنى دبلوماسيا، ولم تترك للنظام الرسمي العربي منفذا للمناورة، كان لا بد وأن تُرفض، مع توقعات بأن يتمسك الرسمي العربي بالرفض لأقصى مدى، وهذا يتطلب مساندة شعبية قوية وكثيفة لمؤسسات الحكم ومساعدتها على الصمود.

لأن خُطَّة ترامب أو المحطة التالية لوعد بلفور الجديد، جاءت دون الحد الأدنى دبلوماسيا، ولم تترك للنظام الرسمي العربي منفذا للمناورة، كان لا بد وأن تُرفض، مع توقعات بأن يتمسك الرسمي العربي بالرفض لأقصى مدى، وهذا يتطلب مساندة شعبية قوية وكثيفة لمؤسسات الحكم ومساعدتها على الصمود
العامل المهم الآخر، وقد يوازي عامل رفض الرسمي العربي بالأهمية في إفشال المخططات، هو المقاومة التي أثبتت أن لها خطوط دنيا لن تنزل تحتها، وأن الضغوط مهما بلغت لن تذهب بها إلى "الواقعية والبراغماتية" بل سيرفع سقوف المقاوم برغم الصعوبات التي تحيط به.

ففي اليوم التالي للطوفان شن جيش الكيان حربه الضروس -لا أظن أن الأرض شهدت مثل شراستها- وجعلت دولة الاحتلال لحربها أهدافا صريحة وأخرى مضمَرة.. وراح جيشها يدك التجمعات السكانية، ولم يترك سلاحا صنعته دولة من دول الأرض دعمته به، إلا جربه على شعب غزة. لقد أراد الاحتلال أن يقلب الطوفان، بنيران القصف التي يمتلكها جوا وبرا وبحرا، وفي ظهره قِوَى التحالف الاستعماري وعلى رأسهم أمريكا. ووقفت غزة تدفع كل هؤلاء عنها وحدها بلا ظهير، إلا من إسناد محمود مشكور لم يُسعف أصحابَه بالربط العضوي مع استراتيجيّة الطوفان نتيجة الارتهان إلى استراتيجية موازية أملت "قواعد اشتباك".

ظلت المقاومة الإعجازية صامدة تقاوم وتثخن في جيش الاحتلال، ولم تنثن، ولم تفتر، ولم تنحن، ولم تختف ولم تتخل أو تستسلم، حتى جاء يوم توقيع وقف إطلاق النار، الذي لم توقعه مع الكيان فحسب، بل وقعت مع كل الشركاء في جريمة الإبادة.

خُطَّة ترامب ليست قدرا، والاحتلال ليس قدرا، وهذه نتيجة مباشرة للمعركة التاريخية التي شهد العالم أطوارها لحظة بلحظة، والتي أصبح الكيان بها مهددا وجوديا لأول مرة منذ إنشائه، ولا "يوم تاليا" إلا يوم غزة ومقاومتها، ولا تسليم ببقاء الاحتلال وذلك باستمرارية المقاومة والتواصل معها ودعمها، إضافة إلى عنوان سياسي فلسطيني جامع على قاعدة المقاومة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ترامب بلفور فلسطين عربية غزة فلسطين غزة تهجير عرب بلفور مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الرسمی العربی وعد بلفور ة ترامب

إقرأ أيضاً:

أحمد الشرع: هذا هو الدرس الذي تعلمته الأجيال من فلسطين

علق الرئيس السوري أحمد الشرع على دعوات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن تهجير أهالي قطاع غزة إلى دول عربية، بينما ستفرض الولايات المتحدة سيطرتها على القطاع وتتعامل معه على أنه"مشروع عقاري".

اقرأ ايضاًترامب يدعو إلى إلغاء وقف إطلاق النار في غزة ويتوعد بالـ"جحيم"

وقال الشرع، خلال مقابلة إذاعية أجريت في دمشق مع أليستر كامبل،في برنامج " بودكاست" إنه "ليس من الأخلاق البشرية ولا السياسية أن يتصدر ترامب لإخراج الفلسطينيين من أرضهم".

وأضاف الشرع: "لا يوجد هناك أي قوة تستطيع أن تجبر أهل الأرض أن يهجروا من أرضهم"، وذكر أن تلك "جريمة كبيرة جدا، لا يمكن أن تحدث، ولا أعتقد أنها ستنجح".

وتابع: "العديد من الدول حاولت القيام بذلك، لكنها جميعا فشلت"، وذكر أنه "خاصة خلال الحرب الأخيرة على غزة، تحمل الناس على مدار العام ونصف العام، الألم والقتل والدمار، ولم يقبلوا الخروج من أرضهم".

وأردف: "على مدى أكثر من 80 عاماً من هذا الصراع،  من خرج  ندم، وهناك درس فلسطيني تعرفت عليه كل الأجيال وهو التمسك بأرضهم".

اقرأ ايضاًقبيل لقاءه بالعاهل الأردني..ترامب يهدد بقطع المساعدات عن الأردن ومصر

يذكر أن الرئيس الأمريكي قال في مقابلة مع شبكة فوكس نيوز الأمريكية عن قطاع غزة : "أود أن أمتلك هذه الأرض... وأعتبرها مشروعًا عقاريًا للمستقبل... ستكون قطعة أرض جميلة".

وأكد ترامب أنه يسعى إلى "إبرام اتفاق" مع الأردن ومصر لاستقبال الفلسطينيين من غزة، قائلا: "نحن نعطيهم مليارات ومليارات الدولارات سنويًا"، مهدداً الدولتين بقطع المساعدات بشكل نهائي إذ ما رفضا "الصفقة".

من جانبهما أكدت دولتا الأردن ومصر رفضهم القاطع لمشاريع التهجير التي تقوض حق الشعب الفلسطيني بأرضه ودولته المستقلة.


© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

محرر البوابة

يتابع طاقم تحرير البوابة أحدث الأخبار العالمية والإقليمية على مدار الساعة بتغطية موضوعية وشاملة

الأحدثترند أحمد الشرع: هذا هو الدرس الذي تعلمته الأجيال من فلسطين تشكيلة باريس سان جيرمان المتوقعة اليوم ضد بريست في دوري أبطال أوروبا 2024-25 قبيل لقاءه بالعاهل الأردني..ترامب يهدد بقطع المساعدات عن الأردن ومصر ريتا حرب تشارك في ترند "هش هش" الشهير إلى جانب صاحبة الترند زينة خوري الذكاء الاصطناعي يتوقع نتيجة مباراة ريال مدريد ومانشستر سيتي في دوري أبطال أوروبا 2024-25 Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • باحث: الأمن القومي العربي خط أحمر ولا يمكن التعدي عليه
  • من وعد بلفور إلى وعد ترامب
  • أحمد الشرع: هذا هو الدرس الذي تعلمته الأجيال من فلسطين
  • روبيو: الوحيد الذي قال إنه سيساعد غزة هو ترامب
  • «أبوظبي للمحاسبة» يوضح أنواع المخالفات التي يمكن الإبلاغ عنها
  • محلل سياسي فلسطيني: الموقف العربي الموحد مهم والبيانات التي تصدر «ذكية»
  • سياسي أميركي: هذا ليس هو ترامب الذي انتخبته أميركا
  • ما كمية الشاي التي يمكن تناولها في اليوم؟
  • الكشف عن أبرز البنود التي تحوي المشروع الوطني الذي قدمته القوى السياسية